الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فرانكفورت مدينة.. وثلاثة وجوه

فرانكفورت مدينة.. وثلاثة وجوه
فرانكفورت مدينة.. وثلاثة وجوه


صورة خلابة من الطبيعة الأخاذة والمساحات الخضراء الشاسعة تراها من فوق السحاب لألمانيا تريح عينيك وتشعرك بسعادة وكأنك تهبط على الجنة حيث الخضرة والأنهار ولعل هذا ما جعلها تحتل المرتبة السابعة فى قائمة الدول السياحية على مستوى العالم حسب البيانات التى أصدرتها منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.. وعندما تقترب الطائرة فى الهبوط لفرانكفورت ترى كيف أن هذه المدينة محاطة بحزام أخضر يشمل الحدائق والغابات ويمتد بطول 80 كم على ضفاف نهر «ماين» أما فى شمال شرق «فرانكفورت» فيجرى نهر «نيدا» ببطء حيث الأراضى الزراعية الشاسعة.
 أما على أرض الواقع وبعيدا عن الأساطير فقد حصلت فرانكفورت على تكريم الأمم المتحدة باعتبارها حركة التطور المدنية الوحيدة الباقية بفضل ما تحويه المدينة من غابات وحدائق ومراعٍ ومزارع وجداول مائية وبرك ومساحاتواسعة تصلح لحياة الحيوان والنباتات.
 
∎بلد وثلاثة وجوه
 
ما أن تهبط وتصل لصالة مطار فرانكفورت الدولى ثانى أكبر مطار فى أوروبا إلا وتشعر وكأنك فى يوم الحشر، فالأعداد كبيرة جدا وصالات كثيرة ويمكن للمسافرين أن يختاروا ما بين 134شركة طيران ليسافروا من فرانكفورت إلى 300 وجهة فى العالم سلالم عديدة طويلة بالكهرباء ونظراً لارتفاع عدد المسافرين فإن المواصلات التى تربط مطار فرانكفورت أيضا كثيرة للغاية والمطار به محطة القطار السريع «إنتر سيتى إكسبريس» ومحطة قطار إقليمى فى مبنى الركاب ويقوم حوالى 170 قطارا سريعا يومياً بنقل الركاب وكذلك هناك محطة للاتوبيسات وتقدم هناك خدمة المعلومات للركاب من خلال مركز معلومات الانتقال. وهذا فى رأيى من أهم الأشياء التى تشعر السائح بالاطمئنان.
 
وعند خروجك تبدأ رحلة الجمال من موقف السيارات فى المطار «والتى بالمناسبة كلها ماركات ألمانية» يتخلله الحشائش والأزهار بتنسيق يجعلك تراه وكأنه حديقة وأزهارها هى السيارات، حيث تظهر من حولها الحشائش الخضراء وقبل خروجك من المطار ترى الأشجار تزين جانبى الطريق داخل المطار وبحيرة صغيرة محاطة بالأشجار القصيرة وكأنها تودعك عند خروجك أو أنها تعدك بما ستبدأ فى رؤيته من جمال للطبيعة.. وبعد خروجك على الطريق السريع ترى الأشجار الضخمة تصطف على الجانبين والشوارع فى منتهى النظافة والنظام والسيارات سريعة، ولكن ملتزمة بحاراتها، وعند دخولك فرانكفورت تكتشف كيف أنها بلد التناقضات فلها أوجه عديدة أولها الوجه الذى أسرنى وهو المساحات الطبيعية الخضراء والحدائق المنتشرة والبحيرات التى يصل عددها لخمسين بحيرة المشهد الرائع أيضا هو الورود التى تزين كل شرفات البيوت فتمثل التفاصيل الصغيرة التى تضفى جمالا على الصورة الكلية.
 
أما الوجه الثانى فهو كما تعرف فرانكفورت بمنهاتن أوروبا حيث ناطحات السحاب والأبراج الشاهقة وحيث تعرف بمدينة المال والبورصة فى ألمانيا حيث ترى فى حى البنوك والبورصة الفن المعمارى والهندسى المعاصر فى أبدع صوره وأكثره إبهارا.
 
وعلى مقربة من الأبنية الحديثة الشاهقة تقبع المعالم التاريخية التى تمثل الوجه الثالث لفرانكفورت.. حيث توجهت فى نفس اليوم ليلا إلى الحى القديم وبالتحديد إلى ساحة أروميربرغب المحاطة بالمبانى التى تشعرك بدفء العصور الوسطى فى القسم الشرقى من الساحة تصطف سلسلة من ستة مبان نصف خشبية، أعيد بناؤها خلال القرن الثامن عشر، بمواصفات القرنين الخامس عشر والسادس عشر للمحافظة على طابعها الأصلى. وفى الساحة أيضاً مبنى دار البلدية المعروف بـ «أرومرب» وقد شهد خلال تاريخه الطويل مناسبات سعيدة كتتويج أباطرة الإمبراطورية الرومانية. كما لايزال يستخدم اليوم لتسجيل مراسم الزواج المدنى. وتكثر هناك المطاعم التى ذكرتنى بجو شرم الشيخليلا.
 
∎فرانكفورت والشوبنج
 
فى اليوم التالى ذهبت لشارع زايل أشهر شارع تجارى بفرانكفورت ملىء بالمحلات فى كل محل هناك جزء عليه تخفيضات أمتع شىء لا يمر به سيارات وتنتشر به الكافيهات ومطاعم الوجبات السريعة لم أشعر بنفسى من كثرة اللف والشراء إلا عندما وقفت فى آخر محل معى فى يد الفلوس وفى الأخرى ما اشتريته من ملابس ولكن الفتاة على الكاشير اعتذرت لأن الساعة دقت السابعة ويجب إغلاق المحل أخبرتها أن الفلوس جاهزة والأمر لن يتعدى دقائق ولكنها اعتذرت يجب أن تغلق المحلات الآن.. عندما جلست فى أحد الكافيهات وجدت طابورا طويلا أما أحد الملاهى الليلية فى الشارع وعرفت أنه مشهد عادى بعد مواعيد العمل أن تجد الشباب يخرجون ويتقابلون فى مثل هذه البارات أو الملاهى ويقفون فى الطابور أوقاتا طويلة للدخول مع أنها ليست أيام الإجازات فهم كما يعملون كثيرا يهتمون بالترفيه كثيرا.. ما لاحظتهأيضا انتشار الشحاتين بصورة كبيرة هناك يحملون كوبا ويتكلمون بالألمانية لاستعطافك، وهناك العديد أيضا من الذين يمشون منكوشين بثياب بالية يكلمون أنفسهم كالذين نراهم فى الشارع ونبعد عنهم لأنهم يعانون متاعب نفسية أما الجانب الأظرف فهم «الشحاتين» الشيك الذين يكونون فرقا موسيقية تعزف ويضعون الكوب على الأرض.
 
∎ثروة من نوع جديد
 
أهم ما لاحظته هناك اهتمامهم فى ألمانيا بالتدوير «ريسايكلنج» فعندما رميت فى سلة المترو (الاند جراوند) زجاجة ماء بلاستيكية وجدت سيدة شيك جدا ترفعها من السلة وتضعها فى حقيبتها، ثم تكرر هذا التصرف من ألمان فى أماكن مختلفة وعلمت بالصدفة من صاحب السوبرماركت بجانب الفندق الذى كنت أشترى منه بعض طلباتى قال لى: إنه نظام معمول به فى أى سوبر ماركت وهو إعادتك لعلب عصائر ومياه معدنية مقابل مبلغ 25سنتا ضمانة على العلبة، يستعيدها المواطن بعد إعادة العلب إلى منتجيها مما أدى إلى تقليص إنتاج الصفيح المستخدم فى التعبئة وهو ما أدى إلى تقليل استخدام الصفيح بالفعل إلى أقل من النصف خلال سنوات. الطريقة التى فرضها حزب الخضر الألمانى أثبتت فائدتها فى زيادة نسبة تدوير العلب، وفى تقليص إنتاجها، وفى وضع ألمانيا فى قمة الدول الأوروبية التى تدور العلب المعدنية ووجدت أن الإحصائية التى نشرها الاتحاد منتجو الألمونيوم سنة 2010 أن الصناعة الألمانية دورت نسبة 96 فى المائة من علب الصفيح التى يشكل الألمنيوم الجزء الأكبر منها. وذكرها المركز الألمانى للإعلام فقلت فى نفسى «عقبالنا» فلم تحتج ألمانيا سوى بضعة أرطال من القمامة بما فيها من صفائح وملابس وأوراق قديمة، لتصنع طفرة فى مجال إعادة التدوير، فألمانيا كان أمامها مثل أى بلد، إما تصرف الدولة الملايين للتخلص من هذه الفضلات، أو تستثمرها وتعيد تصنيعها، وبالفعل اختارت ألمانيا الحل الثانى والذى يوفر لها سنوياً مليارات اليوروهات، وعلى هذا النحو أنشأت صناعة كاملة معتمدة على إعادة تصنيع النفايات. ويتطلب هذا الأمر أن تصنع العبوات والمنتجات منذ البداية بطريقة تسمح بإعادة تصنيعها، وهذه العبوات تحمل علامة خضراء مميزة. ولكن هذا المشروع لا يمكن إتمامه بدون مشاركة من كل فرد فى المجتمع لذا كل الناس اشتركت فى هذا الهدف فبداية من إلقاء الفضلات والفوارغ كل حسب لون القمامة وصولا بالزجاج الذى له صناديق خاصة، ويتم فرزه حسب اللون، الزجاج الأبيض وحده والبنى فى مكان آخر والأخضر فى مكان ثالث.
 
اما الفضلات الكبرى كقطع الأثاث، أو الأجهزة الكهربائية فهى تترك فى الشارع فى «مواعيد التخلص من النفايات الكبرى». وهذه المواعيد على كل أسرة، لتعرف هذا الموعد الذى تنتظره أحياناً بفارغ الصبر لتتخلص من الأشياء المزعجة بالمنزل. ولكن، أحياناً ما تكون هذه الأشياء فى حالة جيدة جداً! ولذلك فهذه «الفضلات» تترك على الأرصفة لمدة يوم كامل، لتتاح الفرصة لمن يرغب فى أخذ ما يحتاجه منها، أما فى المهرجانات الكبرى حيث يتجمع مئات الآلاف من الأشخاص، فلا يمكن مطالبة كل شخص بالاحتفاظ بالقمامة فى يده حتى يصل إلى صندوق القمامة.
 
لذلك تعتبر هذه الاحتفالات فترات استثنائية يمكن إلقاء الفضلات فيها فى الشارع «الحمد لله السنة عندنا كلها مهرجانات» المهم تأتى العربات الخاصة بعد نهاية المهرجان لتنظيف المكان.
 
∎ كله بتمنه  فى السوبرماركت
 
وفى السوبر ماركت عندما تعبئ ما تشتريه ليس لك سوى عدد محدود من أكياس البلاستيك الصغيرة الرقيقة، أما إذا أردت أكياس أكبر وأقوى من الورق فعليك دفع ثمنها وحتى المحلات هناك تدقيق شديد على عدد الأكياس التى توضع فيها مشترواتك من الملابس فليس كل قطعة فى كيس وإنما أكبر قدر من الملابس فى الكيس الواحد.