الإثنين 24 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ثالوث شيطنة التيار الإسلامى

ثالوث شيطنة التيار الإسلامى
ثالوث شيطنة التيار الإسلامى


منهج واحد وإن اختلفت لغة الحوار.. هكذا كان أبناء التيار الإسلامى من الإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية الذين جمعهم على حد قولهم فكرة المشروع الإسلامى فحملوا لواءه ثم صاروا يتقاتلون به عندما سقطوا فى دائرة السياسة، وقادت جماعة الإخوان منفردة محرقة التيار الإسلامى بكامله فى الوزارات وتحت قبة البرلمانات، بل تستمر فى فكرها حتى هذه اللحظات من أسلمة الحرب على العنف والإرهاب بعد أسلمة الصفقات السياسية سابقا والنتيجة أثبتت فشل كل منهما بعد أن كانت أحزابهم مجرد صك للدخول إلى عالم السياسة، وعلى الشأن العام المصرى أن ينحى هذه الجماعات والتيارات إلى أن تعلن مدنيتها فى عالم السياسة وعليها من جانب آخر الاعتراف بأخطائها، بل خطيئتها فى حق الإسلام والمشروع الإسلامى قبل أن تجنى على أجيال بكاملها مقبلة من أبناء التيار الإسلامى، بإثارة نزعة الثأر لديهم بدلاً من إثارةوطنيتهم.
 
 
فعندما وصل الإخوان إلى مشارف الحكم كانوا قد أجادوا تطويع الدين فى خدمة السياسية وإن كان هذا التطويع أحيانا ما كان يتم بصورة غير لائقة ولا سيما عندما وصلت إلى الحكم وما تحدثه من الطائفية السياسية، حيث محاولات صبغ الدولة بتلك الهوية مثل محاولات أخونة الدولة والسيطرة على مفاصلها وإثارة أزمات مع مختلف قطاعاتها، كذلك إصدار الرئيس لإعلان دستورى لتحصين نفسه وإعطائه بموجبه صلاحيات لا يجوز فيها الطعن على قراراته ليصبح الاستبداد باسم الدين هو شعار هذه المرحلة.. فقالوا الإسلام هو الحل عندما كانوا يعقدون صفقات مع نواب الحزب الوطنى وكانوا لا يؤمنون بفكرة الأحزاب ولكن عندما دعت الحاجة لذلك، أسسوا أحزابا تحركها جماعاتهم وانتماءاتهم بما يخالف العرف السياسى إلا أنهم رغم ذلك لم ينجحوا فى استيعاب القوى السياسية المعارضة الموجودة، بل احتدم الصراع بينهم ووصل إلى تهديد الإسلاميين لكل من يعارضهم سواء من الأشخاص - والتى كان منها فتوى قتل رموز الإنقاذ- أو مع مؤسسات الدولة والتى كان منها الإعلام والذى وصفوه بالمضلل ثم قاموا بحصار مدينة الإنتاج الإعلامى لأكثر من مرة ولعل أشهر هذه التجاوزات هو اعتصام حركة حازمون أمام مدينة الإنتاج الإعلامى وما فعلوه من ممارسات قد أساءت إليهم أولا، كما عادوا المؤسسة القضائية بالأقوال والأفعال، حيث قاموا أيضا بحصار المحكمة الدستورية العليا وعندما كثرت أخطاؤهم وبدأت أصابع الاتهام بالفشل تحاصرهم تحدثوا عنها بأنها حرب على الإسلام.
 
والحديث عن أن «جهادهم» هو من أجل الشرعية وليس من أجل مرسى والإخوان، لكى نعود من جديد إلى إثارة الكراهية والعنف للدولة، إضافة إلى عقدة الاضطهاد التى كانت تلازم تلك التيارات لسنوات وها هى تعود لتظهر من جديد.
 
وإن كان لم يتوقف هذا الصراع وهذه الأزمات على المعارضة فقط، إنما تناحر أبناء التيار الإسلامى نفسه وكان أكثرها قوة أزمة حزبى النور والحرية والعدالة على خلفية إقالة المستشار «خالد علم الدين» - مستشار الرئيس لشئون البيئة - من مؤسسة الرئاسة.. إلا أن التيار السلفى نفسه سئم من دور «الدوبلير» الذى كان قد وضعه فيه الإخوان ففرض نفسه مؤخرا على الساحة السياسية كبديل عن الجماعة، كما تبرأ من مساندتها معللا ما حدث لها نتيجة أخطاء اقترفتها الفترات السابقة - كما جاء على لسان المتحدث الإعلامى للحزب، ورغم ذلك فلايزال حزب النور يصر على استخدام نفس أدوات الإخوان فى اللعبة السياسية من إجادة الحديث بكل اللغات ومع كل الفصائل وإن كان قد وعى قليلا من الدرس ويدافع عن مدنية الدولة وأنه حزب سياسى وليست له علاقة بالدعوة السلفية إلا كانتماء نسبى فقط وليس مرجعية لها، ولكن لا ننسى استقواءحزب النور بشيوخ وقيادات الدعوة السلفية ودعوتهم بالنزول إلى مليونيات حماية الشريعة عندما شرعوا فى إعداد الدستور، ولا ننسى مليونيات «قندهار» للرد على المعارضة ولا الأذان تحت قبة البرلمان وترك الجلسة لأداء الصلاة دون انتظار رفعها أو الصلاة فى أوقات الاستراحة ووصف المعارضين بالكفرة ومزج الدين فى المناقشات السياسية داخل وخارج البرلمان.
 
أما عن الجماعات الإسلامية والتكفيرية فحدث ولا حرج فمن الحديث عن نبذ العنف إلى ممارسة العنف علانية من العنف اللفظى إلى التلويح باستخدامه صراحة فى أحداث اعتصام رابعة وتصريحات عاصم عبدالماجد القيادى بالجماعة الإسلامية عن إبادة من يخالف الشرعية وتجهيز جيوش من الصعيد لمساندة الرئيس المعزول وغيره من نبرات العنف والتحريض التى تحدث بها قيادات الجماعة أكثر من أعضاء الحزب.
 
* خلط الدين بالسياسة يؤدى إلى التطرف
 
لست مع إقصاء أى فصيل إلا إذا عدل عن المتاجرة بالدين هكذا يرى الدكتور عبد الله المغازى عضو البرلمان السابق وأستاذ القانون الدستورى، مضيفا ممارسة العمل السياسى ليست قاصرة على فصيل دون غيره، ولكن لابد من الفصل بين التعامل بالدين وبين ممارسة السياسة لأن الخلط بينهما يؤدى إلى التطرف الشديد، لذلك على القوى الديمقراطية والشعبية أن تناضل لا فحسب من أجل من أجل دستور مدنى لا يجيز إنشاء الأحزاب على أساس دينى أو مرجعية دينية ومن يريد أن يدخل عليهم السياسة فليتعامل بها وليجعل خلقه القرآن، كما أن الدستور ينص على أن الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع قبل أن يأتى هذه التيارات إلى الحكم بمعنى أن الدولة ليست بالكافرة وليست فى حاجة ليأتى مثل هؤلاء الأشخاص ويقول جئت لأحكم بالدين لأن هذا متاجرة ليس بها أى دين، ولو خاض الإسلاميون الانتخابات القادمة فلنيستطيعوا استخدام شعارات دينية مرة أخرى لأنها ستكون محظورة ولن يحصلوا على ما كانوا ينجحون فيه من قبل وأنصح أصحاب التيار الإسلامى يقوموا بالبناء من جديد بمراجعة أفكارهم وتصحيح مسارهم.
 
* الاختيار بين الدعوة  أو السياسة
 
يرى الدكتور جمال زهران -أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس- سقوط جماعة الإخوان المسلمين لا يعنى سقوط الإسلام كما نجح هؤلاء فى تصدير هذه الفكرة لبعض فئات الشعب البسيط ولبعض الوقت أيضا لأن الإسلام قائم ولن يتأثر بمثل هذه التغييرات السياسية الطبيعية لدى كل شعوب العالم، ولكن من عليه أن يخشى القادم هو فلول الجماعات المتأسلمة من أحزاب النور والوسط والبناء والتنمية وإن كانوا يحاولون فى هرولة أن يؤكدوا مدنيتهم دون أن تكون لهم مرجعية دينية مؤثرة فى انتمائهم الحزبى، كما أن المطالبات التى تنادى الآن بإلغاء الأحزاب الدينية هى ليست بالتأكيد دعوات معادية للدين، وإنما هو إعلاء لقيمة الدين واحتراما له بإبعاده عن حلقة الصراع السياسى بعد أن ثبت بالتجربة العملية لثلاث سنوات عدم نجاح الأحزاب الدينية فى إدارة العملية السياسية بحيادية، لذلك هذه الأحزاب أمامها الآن طريقان، إما اللجوء إلى تعديل وضعيتها من خلال تغيير لائحتها الداخلية لتنص صريحة على أنها لا تقوم على أساس دينى، كما أن الأعضاء المنتمين إليها أو الجدد لا يتم قبولهم على أساس دينى أو عقائدى، إنما على أساس أنها أحزابا سياسية مدنية بحتة أو أن تعود قيادات هذه الأحزاب إلى انتمائها الدينى ممارسة للدعوة بشكل طبيعى بعيدة عن السياسة.. والآن بعد أن ثبت إخفاق هذا التيار فى حكم مصر، بقيادة جماعة الإخوان المسلمين والتى كانت تعد السلطة التنفيذية إلى جانب مجموعة الأحزاب والفصائل الإسلامية الأخرى من السلفيين والجماعات الإسلامية والتى شاركت بقوة فى الحياة التشريعية بمجلسى الشعب والشورى كان لابد من فهم الدرس جيدا وهو أن الدين أسمى من أن يزج به فى صراع سياسى لا تحكمه قوانين وعلى من يريد العمل بداخله أن يخلع عباءته الدينية ليتعامل وفق مبادئ مدنية فقط.
 
* تجريم تأسيس أحزاب ذات صفة دينية
 
عبد الغفار شكر عضو جبهة الإنقاذ يرى أن الفترة الراهنة تستلزم حل جميع الأحزاب الدينية لأنها تحمل جميعا نفس الصفة مع اختلاف مسمياتها الحزبية كذلك تجريم تأسيس أحزاب ذات صفة دينية.
 
والإخوان هم من يملكون الآن طوق نجاتهم خاصة بعد محاسبة القيادات وإعطاء الفرصة للكوادر الإخوانية بأن تختار بين الاعتذار للشعب وتقديم مراجعات لأفكارهم والانضمام لأحزاب سياسية مستقلة أو اختيار الدعوة والعمل الدعوى من خلال جمعيات مشهرة تعمل فى نطاق الدولة ولا مجال لعودة الجماعات ذات العمل السرى مجددا.؟