الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الخوف من بقايا الإخوان وعودة الفلول

الخوف من بقايا الإخوان وعودة الفلول
الخوف من بقايا الإخوان وعودة الفلول



 
الرهاب أو الفوبيا هو مرض نفسى يعرف بأنه خوف متواصل من مواقف أو نشاطات أو أجسام معينة أو أشخاص. هذا الخوف الشديد والمتواصل يجعل الشخص المصاب عادة يعيش فى ضيق وضجر. ويكون المريض غالباً مدركاً تماماً بأن الخوف الذى يصيبه غير منطقى ولكنه لا يستطيع التخلص منه.كان هذا هو التعريف العلمى لكلمة فوبيا.
 
 إلا أن هناك تعريفات أخرى أفضل أن أوصفها بالشعبية نظرا لانتشارها فى جميع أجوائنا الحياتية وخاصة السياسية فظهرت مصطلحات جديدة كالإسلاموفوبيا وفوبيا الشرعية «لأنصار الرئيس المعزول مرسى». ولذلك بعد أن انتقلت عدوى الفوبيا من الأماكن المغلقة إلى الخوف من الحاكم ونظامه وحاشيته كان لا بد من البحث والتحقيق فى آلام الفوبيا التى تؤرق نفوس وعقول المصريين حيث إننا استيقظنا بعد الثورة من الأحلام الوردية إلى أرض الواقع الأليم حيث انتشار حالة مترددة من الإحباط واليأس المصحوب بالاكتئاب والقلق.. وهذا ما ذكرته أحدث دراسات الأستاذ الدكتور «محمد غانم» أستاذ ورئيس قسم الأمراض النفسية والعصبية ورئيس مركز الطب النفسى والعصبى بجامعة عين شمس الذي أكد من خلالها إصابة أكثر من 71٪ من المصريين باضطرابات نفسية بل إن 10٪ مصابون بالوساوس والسبب هو إصابة تلك الفئات المهمشة بالإحباط، إذ توقعت حدوث انتعاشة بعد الثورة مباشرة مصحوبة بتحسن معيشتها سواء من إيجاد فرص عمل أم زواج أم ارتفاع الدخول، ولكن اكتشف الجميع أنه لا شىء تغير ليعود الإحباط هو سيد الموقف مرة أخرى.وبالتالى كان الحديث مع علماء اجتماع لمعرفة حقيقة ما يحدث داخل المجتمع المصرى خاصة فى ظل سقوط أنظمة وقيام أخرى بينما يظل الصراع بين مناصرى كل نظام إلى حد الموت فى سبيله
 
∎الشعب ترمومتر الدولة
 
الشعوب عقب الثورات تكون فى حالة عقلية غير طبيعية هكذا تؤكد الدكتورة ثريا عبد الجواد استاذ علم الاجتماع جامعة المنوفية بأنه دائما ما يعقب الثورات لحظات مضطربة يسودها الخوف والقلق نتيجة وجود قوى مضادة تسعى لإسقاط وتحطيم ما حققته تلك الإرادة الشعبية وتكون هناك أيضا حالة من عدم اليقين فى الاستقرار الاجتماعى.وبالتالى يتضح لنا الآن فى سلوك المصريين ما بين الخوف من بقايا الإخوان بعد الثورة على هذا النظام وإسقاطه ثم تعود الكرة ليخشى بعد اسقاط الإخوان عودة فلول النظام السابق الذى أسقطه هو الآخر ثم تأتى فئة أخرى تخشى عودة حكم العسكر مجددا وما يترتب عليه من ارتباك العلاقة بين القوى المدنية والعسكرية.بمعنى أن الفكرة تتمثل فى خوف هذا المواطن من عودة أى نمط للحكم كان قد ثار عليه سابقا كذلك الخوف على استحقاقات الثورة ولكن رغم هذا الارتباك الفكرى فقد نجح المصريون فى كسر قاعدة «القبول بالأمر الواقع» وأصبح كالترمومتر يقيس باستمرار حالة الدولة ويتفاعل معها ليس هناك ما يسمى بالثورة البيضاء.
 
ما يحدث لدى الشعب الآن هى ليست فوبيا بقدر ما هى خيبة أمل.«كان هذا وصفاً مجملاً للدكتورة سميرة أبو الحسن أستاذ ورئيس قسم التربية الخاصة وأستاذ الإرشاد النفسى بمعهد الدراسات التربوية جامعة القاهرة مضيفة قائلة أن الفوبيا فيها نوع من اللا وعى مثل الخوف من الأماكن المظلمة أو المغلقة ولكن إذا أطلقنا على ما يعانيه الشعب الآن من ارتباك وتشوش بأنه فوبيا فقد تكون شبيهة بذلك ولكنها فوبيا ناتجة عن خبرة مبررة ومتوقعة لأن خبرة الشعب أصبحت مريرة خاصة بعد أن خرجت على نظام مبارك بعدما عانت فيه من القهر والجهل فقامت بالثورة عليه للتطلع للأفضل ثم جاء حكم الإخوان وكان أسوأ وعلى غير المتوقع فأصبح الشعب يترحم مثلا على الأمان فى عهد مبارك وليس على النظام نفسه.
 
وأنا لا أندهش كثيرا من الحالة التى يعيشها المجتمع المصرى الآن لأن بعد الثورة لا بد وأن تكون هناك فترة من عدم الاتزان والتشوش لأن ليس هناك ما يسمى بالثورة البيضاء إنما لكل تغيير ثمنه والذى يتخلله حالة من اختلاف الرؤى والصراع والتحدى حتى يكون فى النهاية البقاء للأصلح.وإن كانت هناك تجربة مهمة تعلمها المصريين فى إطار الخوف من جميع الأنظمة الحاكمة وهو أنها أصبحت على يقين أنها قادرة على التغيير مهما ساء الوضع أو توحش النظام.
 
وعن سؤالى بموقف الإخوان وباقى أبناء التيار الإسلامى من عدم الاستسلام للواقع بل ومقاومته بشتى الطرق تقول أبو الحسن: الإخوان أساسا ليسوا كياناً سياسياً بقدر ما هو دعوى وتربوى وقد تربى منذ الصغر على أفكار يعتنقها وينفذها دون تفكير خاصة بعد أن شاب عليها فأصبحت لديه فكرة الموت فى سبيل الحفاظ على هذا الكيان هى شهادة فى سبيل الله.
 
∎هناك من يخشى الاستقرار
 
ترى الدكتورة هالة منصور استاذ علم الاجتماع أن الشعب الآن أصبح لديه حالة رعب من استقرار أى نظام لذلك نرى عمليات التغيير السريع من حكومات ومناصب لا تتوافق مع الرغبة الشعبية العامة وهو الذى من الصعب أصلا تحقيقه. كما كان عدم وجود ثوابت لأنظمة الحكم لدينا ما ساهم أيضا فى هذا التشوش، بالإضافة إلى أن معظم المصادر المعلوماتية للمواطن تأتى عبر برامج التوك شو والتى ينفعل معها تلقائيا ويصبح فكره لا اراديا موجها حسب طبيعة مقدم البرنامج او الضيوف انفسهم.
 
أما إذا بحثنا فى حالة المواطن بشكل حقيقى فنجد أنه أحيانا ما يميل إلى عدم الاستقرار خوفا من عودة نظام مستبد يقهره لسنوات وسنوات أخرى وهذا الشعور الذى تولد عقب الثورة ومن الخطأ عدم الاعتراف به وتحليله وفقا لطبيعة الأحوال بأن الشرعية الآن أصبحت للشارع ولم يعد هناك الآن ما يسمى الشرعية السياسية.