الفنان أحمد كمال: رفضت تمثيل دور الإرهابى فى هوليوود!

عبير صلاح الدين وريشة عصام طه
هو فتحى مدرس اللغة العربية الذى استطاع أن يجذب الكثيرين، ليتابعوا مواقفه اليومية مع عائلة «ليلى»، فى مسلسل فرح ليلى، الذى يذاع الآن.. وتوقف المشاهدون طويلا عند مشهد سعد والد ذات، فى مسلسل بنت اسمها ذات، عندما كان التليفزيون ينقل زيارة الرئيس السادات للقدس، بعد انتصار أكتوبر وسنوات حرب الاستنزاف الطويلة.. إنه الفنان أحمد كمال، الذى زارنا فى «صباح الخير»، وامتد بنا الحديث من الفن والمظاهرات والسياسة، إلى ابنتيه زينب وفاطمة، ووالدتهما الفنانة عبلة كامل
أثناء صعوده إلى مبنى روزاليوسف، قال الفنان أحمد كمال: أحب مبنى روزاليوسف ومجلة صباح الخير وذكرياتى هنا، فقد مثلت فى مسلسل «الحياة مرة أخرى» عام 1986 من تأليف الأستاذ رءوف توفيق، وإخراج سامى محمد على، وكان من بطولة سناء جميل زوجة أستاذ لويس جريس، وتأثرت بمدرسة جمال كامل، وصلاح جاهين فى الفن.
يتذكر أحمد بداية تكوينه الفنى قائلا: أنا خريج قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، وابن لمسرح الجامعة، ضمن فرق الهواة الجامعية، التى كان زميلى فيها الأستاذ محمد هيبة، رئيس تحرير صباح الخير الآن، واستفدت من الأنشطة الفنية التى كانت تقيمها المراكز الثقافية الأجنبية فى مصر، كالمركز الثقافى الفرنسى والمعهد البريطانى، والمعهد الإيطالى.
يتابع: تعلمت من فكرة الورشة المسرحية على يد الأستاذ حسن الجريتلى، ود.نبيل منيب رئيس قسم المسرح فى معهد الفنون المسرحية، الذى تدربنا على يديه لمدة 7 سنوات، ثم السينما المستقلة، مع السفر للخارج لمدة 8 سنوات متقطعة.
كان نفسى أشوف الفن فى الخارج وأدرسه، فى الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وألمانيا، وسهل لى الأمر أنه كان لدى أصدقاء هناك.
∎هل شاركت فى التمثيل فى أفلام هناك؟
- التمثيل فى الخارج أمر صعب، ولابد أن تكون هناك مؤسسة ضخمة تدعم الممثل العربى، وأن يكون ذا توجه سياسى معين، بالإضافة إلى أنه من الصعب للممثل العربى التعبير عن مجتمع آخر.
والأدوار التى تعرض على الممثل العربى، لا تخرج عن دور الإرهابى، وعندما عرض على مثل هذا الدور، وطلبت باقى سيناريو الفيلم، رفضوا وقالوا لى اطلع فقط على دورك، فرفضت كل ما عرض على، وإن كان البعض يقبل هذه العروض، للفرصة أو المكسب، لأن الكثير من هذه الأفلام تمول، لتشويه صورة العرب.
∎لماذا اخترت أن تجسد دور سعد فى مسلسل بنت اسمها ذات، رغم اختفائه بعد ثلث المسلسل تقريبا؟
- لم أختر الدور، بل عرضته على المخرجة كاملة أبو ذكرى صديقتى، وأخذت تقنعنى بأهميته، وبأنى أنا من يستطيع تجسيد انهيار الحلم المصرى بعد كامب ديفيد، فقلت لها خلاص موافق.
أشعر بالفخر لمشاركتى فى هذا المسلسل، الذى يعد وثيقة لتاريخ مصر الحديث، المسلسل بيقول احنا مين، بدأ المسلسل من الخمسينيات مع الثورة، لهذا سماها ذات، من ذات الهمة، والهمة التى حدثت فى ثورة يوليو، ويستمر حتى وقتنا هذا، ونرى من خلالها تطور دور المرأة المصرية، من الخمسينيات حتى الآن.
∎ما المشاهد التى كانت أكثر صعوبة فى المسلسل؟
- الديكور الأساسى فى شقة بالمنيل، والثانى فى شقة فى مصر الجديدة، بالإضافة إلى المشاهد الخارجية، التى كانت أكثر صعوبة لأن التصوير كان يقتضى أن يكون كل شىء فى الشارع، متناسبا مع المرحلة التاريخية التى تعبر عن الحدث، ومن أكثر المشاهد صعوبة هو تصوير شاطىء الإسكندرية فى الخمسينيات، بما فى ذلك شكل الشماسى، والبائعين، وموضة المايوهات وغيرها من التفاصيل الصعبة.
والكثير من المشاهد كان يلغى فيها التصوير بسبب بدء ازدحام الشارع فى الصباح، أو مرور سيارة بطراز حديث فى خلفية المشهد، وكان هدف المخرجة أن تكون كل المشاهد واقعية.
صعوبات أخرى غير متوقعة كانت تصادفنا أيضا، فعندما كنا نصور مشاهد الجامعة فى الستينيات، وكان يجب أن تظهر الفتيات بملابس الستينيات، فاعترضنا بعض الطلاب المنتمين إلى تيار الإسلام السياسى، وقال لنا عميد الكلية التى كنا نصور فيها بجامعة عين شمس، لن أتدخل ومن الأفضل أن تنصرفوا.
كما ألغى التصوير فى فرح ليلى من حوالى شهر فى المنيل، بسبب هجوم البلطجية علينا واعتدائهم على سيارات التصوير، وحاولوا اقتحام العمارة التى كنا نصور فيها، لكن الحمد لله لم تحدث خسائر بشرية.
∎كيف استطعتم نقل أجواء الخمسينيات والستينيات وحتى الآن فى تفاصيل الحياة اليومية؟
- بدأنا بروفات 2010 قبل الثورة بأسبوعين، وبقينا لفترات فى نقاش حول الأحداث، وتوقف التصوير أكثر من مرة، بسبب الظروف السياسية والأمنية التى مرت بها مصر، خلال العامين السابقين.
البروفات كانت فى مكتب يوسف شاهين، المكان نفسه موح ورائع، وكان النقاش يدور حول بعض تفاصيل الأحداث خاصة فى الخمسينيات والستينيات، وكنا نسأل أحيانا بعض المؤرخين والسياسيين، واتصلت بمسئولين فى هيئة قناة السويس لأسأل عن بعض المعلومات، لأن سعد «والد ذات» موظف فى قناة السويس.
كل شىء كان يستدعى عملا وبحثا كبيرا، لم نعتد عليه فى الدراما المصرية عامة، فيما يخص الملابس التى تخصصت فيها مونيا فتح الله، ومحمد عشوب للشعر، وكنا نرجع لكتب فى الديكورات والملابس والموضة والشعر وغيرها، كل هذا فى توقيت صعب فيه أن يغامر أى منتج بكل هذه التكاليف.
∎هل كان يجب أن يمتد المسلسل ليرصد ماحدث بعد 25 يناير وحتى الآن؟
- من السابق الآن أن تتناول الدراما ثورة يناير وما بعدها حتى 30 يونيو، فالأمر يحتاج إلى وقت لاستيعاب ما حدث، فلم ندرك بعد الصورة الكاملة لماحدث فى مصر، ومازال يحدث، صعب أن نكتب عن حدث مازال يحدث، لكن يمكن رصد التأثير العصبى والنفسى، وانعكاس العلاقات بين الناس، كما فعلنا هذا فى مسلسل فرح ليلى، عدم الأمان، أزمة البنزين، فنانى الجرافيتى وغيرها، ولم ندخل فى التفاصيل السياسية.
∎هل هناك ما يجمع بين سعد فى مسلسل ذات وفتحى فى فرح ليلى؟
- المسلسل كان أصلا فيلماً، وكان فى ذهن المؤلف أن أقوم أنا بدور فتحى منذ 2005 وليلى علوى بدور ليلى، ووالدها فؤاد المهندس، ووافق على الدور فؤاد المهندس بالفعل، لكن حالت ظروف إنتاجية دون خروج العمل للنور.
ثم تحول الفيلم إلى مسلسل، وشخصية فتحى، شخصية أرنبية، تحب أن تعيش فى جحر بمفردها، وعنده هوس الحب بليلى، وهذا يحدث لأناس كثيرين، لكنه يشبه سعد فى مسلسل ذات بأنه شخصية أصيلة تحب أن تعيش وتموت فى مصر.
∎هل ترضى عن صورة المدرس فى الدراما المصرية؟
- الوضع العام لا يسمح بالتعاطف مهنيا مع المعلمين، لكن يمكن أن نتناولهم إنسانيا، فتحى مدرس اللغة العربية لا يعطى دروسا خصوصية، مثل كثير من المعلمين الذين أعرفهم، ويفضلون أن يزيدوا دخلهم بأعمال أخرى، لأنهم يرفضون مبدأ الدروس الخصوصية، التى أفسدت تعليمنا فى مصر، للدرجة التى نرى فيها من يقول للطلاب لماذا جئتم إلى المدرسة، لأن البيت أصبح هو المدرسة، وفى هذا الوضع يجد فتحى نفسه مضطرا إلى ضرب أحد طلابه، ثم يعتذر له.
∎ما الذى جذبك لتجسيد شخصية فتحى؟
- الممثل يجب أن يؤدى كل الأدوار، الشريرة أو الطيبة، أو التاريخية، لكن يجب أن يحب الشخصية ويقتنع بها، ليستمتع وهو يؤديها، ولهذا كنت أرفض الكثير من الأدوار التى كانت تعرض على لسنوات طويلة، وفضلت أن أظل فترات طويلة دون عمل، فى انتظار دور يغرينى بتمثيله.
فتحى إنسان طيب وبسيط ودمه خفيف، لديه عالمه الداخلى، يحب أن يستمع إلى الأغانى الرومانسية لعبدالوهاب وشادية وليلى مراد وغيرهم، وعلاقته لطيفة بالجيران، فهو يحب والد ليلى، وإن كان أحيانا «يعك الدنيا» لكنه مستقيم وبرىء.
∎بماذا تعمل إذن حين لا تمثل؟
- أنا مدرب تمثيل فى استديو خاص بى، منذ ما يقرب من 17 سنة، وتدرب معى الكثير من الشباب الذين أصبحوا ممثلين مشهورين الآن، مثل نيللى كريم، وباسم سمرة، اللذين أمثل معهما الآن فى ذات.
تعلمت التدريب على التمثيل من أستاذى د.نبيل منيب، ودربنى من مصر والبلاد العربية وأمريكا وأوروبا، وهو بالنسبة لى ممتع جدا، وأغلب من يتدربون هواة فى السن من 20- 25عاما، وبعضهم لا يريد أن يعمل بالتمثيل، لكن جاء ليكسر خجله، ويتعلم كيف يعبر عن نفسه ويدرب خياله، فالتدرب على التمثيل، يساعد أى شخص على التعبير عن نفسه، والإحساس بجسده، وعلى العمل الجماعى، وكلها أشياء لا يتعلمها الأطفال أو الشباب الآن، لا فى المدرسة، ولا فى البيت، لأن طريقة التربية والتعليم عندنا، لا تسمح للطفل بالتعبير عن نفسه، ولهذا يجدون فى استديو التدريب مكانا يعبرون فيه عن أنفسهم.
وعموما الفرق المسرحية الجديدة مبشرة، وكل حركة المسرح المستقل، والسينما المستقلة، مليئة بالتجارب الجيدة.
∎ماذا عن الحياة الشخصية لأحمد كمال؟
- طفولتى كانت فى منطقة العجوزة والكيت كات، تلك المنطقة التى نقلها فيلم الكيت كات، الذى شاركت فيه، كما فى أغلب أعمال المخرج داود عبدالسيد، ومخرجين آخرين، وعندما انهارت السينما، واتجه بعض مخريجيها للفيديو، عملت معهم أمثال كاملة أبوذكرى، وخالد الحجر.
لدى بنتان، زينب وفاطمة، أنهيتا دراستهما الجامعية قريبا، ويحبان الرسم والموضة، واختارت اسمهما والدتهما الفنانة عبلة كامل، وعندما كبرتا قليلا استغربتا اسميهما، لكن عندما نضجتا، أحبتا الاسمين لأنها أسماء من روح الشعب المصرى.
معظم أوقاتى أقضيها فى القراءة والعمل، وأنزل يوميا من المريوطية حيث أسكن، إلى منطقة وسط البلد لأجلس مع مجموعة من أصدقائى الفنانين، ومعظمهم فنانون تشكيليون، الذين أرتبط بهم منذ نحو 30 عاما، ونشارك معا فى كل المظاهرات، كغالبية الشعب المصرى.
∎إلى أين ترى الأمور السياسية ستسير خلال الفترة القادمة؟
- الشعب المصرى سيبنى نظاما سياسيا خاصا به، لن يكون اشتراكيا خالصا، ولا رأسماليا خالصا، سيخلق نموذج دولة مختلفة، لأنه دائما يعود لهويته، فالمظاهرات عندنا مختلفة عن أى مكان آخر، فهى أشبه باحتفال المولد، والغرب يخاف دائما أن يعود الشعب المصرى لهويته.
الشباب الصغير الآن بدأ يدرك ما معنى هويته، تدينا وإسلامنا جزء من هويتنا، لكنه ليس الإسلام الوهابى أو الإرهابى، ولهذا كنت أتوقع أن يلفظ الشعب المصرى، حكم الإخوان بعد 4 سنوات، لكن ما عجل ذلك كان فشلهم الذريع.
الجينات المصرية تعودت منذ مئات السنين أن تدافع عن نفسها، ولا تتأثر بالغرب المستعمر، وتتميز بالذكاء والطيبة والبهلوانية، وتستطيع أن تكشف النصابين بسرعة، هكذا تعلمت من الاحتلال، والإخوان كانوا احتلالا، رغم أنهم مصريون، لكنهم يتبعون نظاما دوليا، غير معلوم التمويل، ولا تعنيه الهوية المصرية، فهى بالنسبة لهم أرض، وليست وطنا، كما فى المنظمات العالمية والمافيا.
ويتابع: أرى قيادات الإخوان لابد من محاكمتهم، أما باقى المتعاطفين معهم وعائلاتهم، فعليهم أن يدركوا أن مكانهم هو حضن الشعب المصرى، الذى سيستوعبهم ويحيمهم، كما فعلنا فى نقابة المهن التمثيلية فى شارع البحر الأعظم، عندما حدثت مشادات بين مجموعة من الإخوان وأهالى المنطقة، وأدخلنا مجموعة من المصابين منهم إلى داخل النقابة، وتلقوا الإسعافات اللازمة، وكانوا متعجبين أننا تركناهم ينصرفون بعد ذلك، دون أى إجراء.