الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

وداعاً للطفولة البريئـــة

وداعاً للطفولة البريئـــة
وداعاً للطفولة البريئـــة


هل هى نهاية العالم عندما تختفى ملامح أطفالنا البريئة التى تنطق بالأمل والتفاؤل والنظرة للمستقبل تحت أوشحة من السواد والتشاؤم؟؟ فعندما يلبس الطفل كفنه ويحمل نعشه ويرفع شعار «مشروع شهيد» فأى أب وأى أم هى التى تدفع بأطفالها ليعلنوا الرغبة فى إنهاء حياتهم ولأجل أى هدف يقحمون أولادهم فى هذا المشهد العبثى إن ما فعله معتصمو رابعة من مسيرات لأطفالهم لابسين أكفانهم لا يمت للدين بصلة ولا تقره الإنسانية وأى أمل فى استعطاف العالم الخارجى أو جعل الصورة على أنها الرغبة فى التضحية بأى شىء لأجل قناعاتهم لن تجلب عليه سوى الاستياء من العالم كله وتدمير نفسية أطفالهم..
 
وقد أصدر المجلس القومى للطفولة والأمومة، بياناً أكد فيه استنكاره لاستمرار مسلسل استغلال الأطفال من قبل جماعة الإخوان، كما تقدم المجلس ببلاغ رسمى للنائب العام لمناشدته باتخاذاللازم نحو الخروج الجبرى للأطفال من منطقة رابعة العدوية، حيث تفاقمت هذه الظاهرة مهددة منظومة حقوق الطفل فى مصر، ومضاعفة من أعداد الأطفال المعرضين للمخاطر الصحية، والأمنية والأخلاقية وهو ما يجرمه قانون الطفل.
 
كان من الضرورى أن نستفهم تأثير ما يحدث لمثل هذا الطفل الذى يحمل كفنه وهو لا يزال لا يفهم معنى الموت أو الشهادة وماذا سيكون عليه هذا الطفل فى المستقبل وكيف يمكن إدماجه فى مجتمع اعتقد خطأ بسبب ما يلقن أنه يعاديه وأرغم على حمل كفنه ليواجهه دون أن يكون طرفا فى نزاع؟!!
 
الطب النفسى يحلل
 
الدكتور عمرو سليمان استشارى الطب النفسى يحلل نفسية الطفل والتأثير طويل المدى على سلوكه وقناعاته فى الحياة عند تواجده فى المظاهرات أو الاعتصامات عامة فيقول : «الطفل فى هذه المرحلة المبكرة لم يصل للتفكير المنطقى يتصرف بما تمليه عليه مشاعره ورد فعله يكون مثلا بالدبدبة فلا يجيد التعبير عما يريده وعندما يتم إدخاله فى الجموع الكبيرة يتولد لديه ما يعرف «الضمير أو الروح الجمعى» فأى إنسان يدخل وسط الجموع تتولد لديه الحماسة الناتجة من اندفاع الأدرينالين فى جسمه   ويكون حماسيا ومتأثرًا بالفريق الذى ينتمى إليه ويتضاعف هذا الإحساس لدى الطفل لأنه يرى ذلك كأنه جزء من لعبة حلوة الناس متحمسة وتشجعه مما يؤدى لارتباطه أكثر بالموضوع دون أن يفهم شيئا لأنه فى هذه المرحلة كل ما يتعلمه وكل تصرفاته تحت بند «boy good boy or bad » النمو الأخلاقى الذى يتكون إذا كان جيدًا أو سيئًا بدون منطق وبدون البحث فى الأسباب لماذا هو جيد أو سيئ خاصة أنه يكافأ على هذا التصرف» وعن اعتصام الأطفال فى رابعة العدوية بالخصوص يكمل الدكتور عمرو سليمان : «بعد ما تكلمنا عنه وتأثيره على نفسية الطفل عامة فى أى اعتصام إذا نظرنا للطفل فى رابعة العدوية الذى يحمل شعار أنا مشروع شهيد أويلبس كفنه وهو غير فاهم من الأساس ويجد الناس حوله تشجعه بل وتكافئه يتولد شىء خطير هو مبدأ «السمع والطاعة والخلايا والخيوط الإخوانية كلها تعتمد على هذا المبدأ لذا نراهم يبعثون بأولادهم فى هذه السن المبكرة للدروس التى توجههم لمبادئهم وهو ما يسمى «?gninoitidnoc?» وهو عبارة عن «الضغط الجمعى لتوجيه سلوكهم» وهذا يفسره ما قام به عالم نفسى اسمه «بافلوف» عندما قرن تقديم الطعام لكلب بصوت الجرس فأصبح كلما دق الجرس قدم طعاما مما جعله بعد ذلك بمجرد ضرب الجرس يسيل لعاب الكلب حتى دون تقديم الطعام «لذا فالإخوان بما يفعلونه من ربط سلوك الأولاد فى رابعة أو فى أى تصرف به سمع وطاعة بالمكافأة مما يعزز أى سلوك ولو خاطئاً يأمرونهم به ويطيعون الأوامر كالحيوانات فى نظرية بافلوف مما يجعل هذا الجيل الصغير الملقن أشبه بقنابل موقوتة تنتظر أوامر أصحابها لأنهم تلقوهم فى هذه السن المبكرةالسهل التطويع مع ما مثله ذلك من إساءة للطفل ولكن هذا للسيطرة التامة عليهم فى المستقبل».
 
الحل فى الـ«gninoitidnoced​»
 
عندما سألت الدكتور عمرو سليمان حول مستقبل هؤلاء الأطفال وكيفية إدماج هذا الجيل كجزء من المجتمع المصرى وصعوبة ذلك فى المستقبل أجاب: «بالطبع لن نستطيع لفظ هؤلاء المصريين فهم جزء من النسيج المصرى ومطالبون بدمجهم ولكن ذلك لن يتأتى سوى بإنشاء جمعيات خدمية شبيهة بما فعله الإخوان تشبه توجههم الخدمى فما فعلوه من توغل خدمى استولوا به على عقول وقلوب الكثيرين من أتباعهم ثانيا يجب أن يعزز ويقوى دور الشباب فى احتضان هؤلاء الأطفال واندماجهم بهم عن طريق برامج تعليمية وتأهيلية مختلفة كاليوسى ماس وغيره من البرامج التعليمية وأن يكافئهم المجتمع على الأسلوب الذى يتناقض مع ما تعلموه، فعندما يمنع الاشتراط ويكافىء فعلا آخر هذا ما يسمى بالـ«?gninoitidnoced?» لنعالج مازرعه فيهم الإخوان باتباع الأسلوب العكسى».
 
∎كيف يفكر الطفل الذى يحمل كفنه؟
 
نحن نرى كل ما يدور حول الطفل فى الاعتصام ونراه وهو يلبس الكفن أو يحمل كفنه ولكننا لا نعرف كيف يفكر وبماذا يشعر هذا الطفل وهل يعى ما يفعله وما هو التأثير النفسى عليه من جراء كل هذا؟؟ هذه الأسئلة عرضتها على الدكتورة ليلى كرم أستاذ علم نفس الطفل بمعهد الدراسات العليا للطفولة ومدير مركز دراسات الطفولة، جامعة عين شمس فأجابت : «كل ما نراه من استخدام للأطفال واستغلالهم سواء فى أى عمل أو فى اعتصام هو نوع من إساءة معاملة وتقع تحت العنف ضد الأطفال وهو ما يتعارض مع حقوقه ولو أردنا أن نتصور تأثير أن يخرج طفل حاملا كفنه وحاملا يافطة مكتوباً عليها «مشروع شهيد» فيجب أن نعلم أن الطفل فى هذه السن المبكرة لا يفهم معنى الموت أو الشهادة وعندما يتعرض لموقف الوفاة لأحد عزيز عليه فيبدأ فى فهم أنه فقد الاتصال بهذا الشخص ومعرفة عدم قدرته على رؤيته مرة أخرى ويصبح لهذا وقع مخيف عليه ومقلق غيرنا نحن ككبار متدينين وراضين بقضاء الله وقدره ويعيش حالة حزن، كل هذا عندما يكتشف فقط الموت فى سن صغيرة، أما وقد وضعه هؤلاء فى هذا الموقف فإن الأعراض الاكتئابية والحزن والقلق والتوتر قد تلازم هذا الطفل وتؤثر عليه لأن فى علم النفس يميل الصغار للتوحد مع من يحيطون بهم حتى ولو المعتدى عليهم وتتسرب لهم الروح الهمجية والنظرة السوداوية والقلق والنظرة والتشاؤم فهو يحمل كفنه فأين الأمل وأين التفاؤل وحب الحياة؟؟؟» وتطرح الدكتورة ليلى سؤالا «ماهو الهدف من هذا المنظر بأن يرغم الطفل على القيام بحمل كفنه وطلب الموت؟؟؟؟ حتى الهدف غير موجود فهو مجرد إثارة مشاعر وتعاطف وهو فى حقيقته تدمير لهذا الطفل وتدمير لرؤيته للمستقبل ولرغبته فى الحياة ولكنى واثقة وكلى أمل أن مصر دائما ربنا حافظها وسينفض هذهالأشكال المسيئة للاطفال من اعتصامات تستغلهم لانه كلما طالت المدة ترسخت فى نفسية الأطفال هذه السلوكيات وصعب تأهيلها فى المستقبل وهذا التأهيل يكون بإدماجهم بطريقة غير مباشرة مع المجتمع الصحى نفسيا بالحكايات وسماعهم لإخراج ما فى أذهانهم وتقويمه وهو ليس مستحيلا».
 
الشرع وصحيح الدين منهم براء
 
هل يتناقض رأى الشرع مع رأى علم النفس؟ هل بغض النظر عن صحة موقف أهالى هؤلاء الأطفال ورؤيتهم وإيمانهم بشخص أو بهدف يجوز أن نستخدم الأطفال فى الاعتصامات أو حتى فى حالات الحرب لجأت للشيخ الجليل الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر لمعرفة حكم الشرع فى ذلك فأجاب: «المقرر شرعا أن الأطفال والصبيان غير مكلفين وجوبا بالعبادات فقد قال رسولنا الكريم رفع القلم عن ثلاث منهم الصغير حتى يبلغ فإذاً هو غير مكلف بالمعاملات والتى منها «الجهاد المشروع» فقد كان رسول الله يرد الصبيان دون البلوغ فى أى معارك بين المسلمين وغيرهم كما فى أحد وبدر وهذا يدل على أن الإسلام يراعى الطفولة والصبا فى عدم تعريضهم أو ترويعهم لأى إيذاء، أما لجوء البعض إلى استخدامهم كدروع بشرية فهذا مخالف للإسلام لما فيه الاعتداء على الطفولة والتعذيب لأنه ما ذنب الطفل حتى يترك داره مع أسرة «متغابية» خرجت لنصرة الباطل وللتخريب ضمن تيارات سياسية يفترشون الأرض والأرصفة ويعيشون فى أجواء غير آدمية بالمرة هذا الطفل المفترض أن يلهو ويلعب وينام فى فراشه ويستمتع بوسائل الترفيه والترويح عن النفس وبدلا من ذلك فهو يسمع هتافات وطلقات نارية ودعاوى تحريضية ويعيش فى مناخ لا يتلاءم مع سنه ومداركه فيجب على المؤسسات الدعوية والعلمية والإعلام نبذ استخدام المعتصمين للأطفال لأنه استهانة بالإنسانية واعتداء على الآدمية وخروج عن الشريعة ويجب التحرك السريع لإنقاذ هؤلاء الاطفال من براثن المتاجرين بالدين والمزايدين بالدين، فصحيح الدين منهم براء قال تعالى: «وتلك حدود الله فلا تعتدوها»