الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

د. محمد الشحات الجندي: شعــار الإسـلام هو الحــل .. بداية تضليـل المجتمـع

د. محمد الشحات الجندي: شعــار الإسـلام هو الحــل .. بداية تضليـل المجتمـع
د. محمد الشحات الجندي: شعــار الإسـلام هو الحــل .. بداية تضليـل المجتمـع


ما بين الدين والسياسة وضعت جماعة الإخوان المسلمين أفخاخها.. فتفننت فى العزف على أوتار الدين حتى صارت أنغاما تراقصوا عليها فى نشوة الوصول إلى سدة الحكم، ولكن لم يدم العزف طويلاً حتى تمزقت أوتاره لنشوزه وشذوذه.. وهذا ما أكده محاورو الدكتور محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية وأستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة حلوان مضيفًا إن الإخوان لم يتركوا المنابر لدعوتها إنما وظفوها للحديث بلسانهم ولكنهم فشلوا فى تصدير أزماتهم نحو الأزهر حائط الصد الدينى فيئسوا حتى تحدثوا فى الغيبيات وأعلنوا الجهاد على إخوانهم المسلمين بما يخالف شرع الله ووعدوا بالشهادة فى سبيل الله التى هى فى حقيقتها كانت فى سبيل الجماعة.. وإلى نص الحوار:
 
∎ما رؤيتك حول الصراع القائم الآن فى الشارع المصرى؟
 
- المشهد الراهن يبعث على القلق، لأن الشارع المصرى فى حالة غليان وهناك من يطالب بالشرعية واستردادها مرة أخرى فى مواجهة أغلبية جموع الشعب الذين تبين لهم بعد تجربة عام كامل أن الحكم السابق لم يحقق لهم أى طموحات، ولم يحقق الأهداف التى قامت من أجلها ثورة يناير 2011، وبالتالى كان من الممكن أن يتم فهم كل هذه المعطيات الجديدة بأن يجلس كل الفرقاء السياسيين على مائدة واحدة ويتداولوا الرأى فيما بينهم وأن يخرجوا بصيغة من شأنها أن تخرج مصر من عنق الزجاجة خاصة فى هذه الآونة التى تمثل مرحلة انتقالية.
 
∎ وهل ترى من يساند هذه الدعوة بالجلوس على طاولة الحوار؟
 
- للأسف يبدو أن الأمور لا تسير بالشكل المطلوب ولا المتوقع، لأن كل طرف يصر على موقفه، فنجد الإخوان المسلمين يصعدون الأمر بشأن مساندة الشرعية وكأن الأمر يمثل قضية دينية وهى ليست كذلك إنما هى قضية سياسية، لذلك علينا فى هذا الصدد أن نفض الاشتباك بين القضية الدينية والقضية السياسية، بمعنى أن القضية السياسية فيها رأى ورأى آخر وليس فيها مقدس على عكس القضية الدينية، فمن الممكن أن يكون الشعب «صاحب الشرعية الأصلية» قد أعطى صوته للدكتور محمد مرسى الذى من حقه أن يكون رئيسًا للدولة لكن من حق الشعب الذى أعطى صوته له أن يقيم تجربة الحكم وأن يحاسب الحاكم بعد عام كامل، على أساس أن العقد الاجتماعى الذى عقد بين رئيس الدولة وجموع الشعب هل وفىَّ به الحاكم أم لا؟!
 
فإذا كان قد وفىَّ فمن حقه أن يقول «من حقى أن أستمر أربع سنوات»، ولكن القضية ليست هكذا لأننا نعلم أن المشكلة أن حزب الحرية والعدالة وهو الحزب الحاكم الذى كان يهيمن على سدة الحكم وعلى رأسه الدكتور مرسى كان قد أخفق فى تحقيق ما وعد به الشعب، فالرئيس مرسى من قال إن لديه مشروع نهضة ولكن اكتشفنا عدم صدق ذلك، كما شهدنا انقسام الشارع المصرى سياسيًا بصورة غير مألوفة فى الإعلان الدستورى وغيره، ونزاع الحكومة مع مؤسسات الدولة، وهذا غريب جدًا أن تكون مؤسسة الرئاسة فى خصومة مع القضاء أو الأزهر أو الإعلام، بالإضافة إلى الأزمات المتعددة التى فشلت الحكومة فى احتوائها والتى تمس حاجة المواطن البسيط.
 
∎هل مزج الدين بالسياسة قد أفسد كل منهما الآخر؟
 
- للأسف بالطريقة التى طبقها الإخوان هم أساءوا إلى الدين الإسلامى كما لم تحقق السياسة أغراضها، لأنه وفقا للشريعة الإسلامية هناك ما يسمى بالسياسة الشرعية، والتى تعنى تحقيق مصالح الناس عامة وإبعاد كل ما يضر بها.. وهذا لم يحدث، حيث اتبع الإخوان سياسة الجماعة وليس السياسة الشرعية، وبالتالى أساء الإخوان بهذا التطبيق الخاطئ باسم المرجعية الإسلامية إلى الإسلام.
 
∎هل يمكن اعتبار شعار «الإسلام هو الحل» بداية المزج غير السوى بين الدين والسياسة؟
 
- نعم، لأن «الإسلام هو الحل» شعار فضفاض براق ويستطيع أن يجذب أكبر قدر من الناس على الرغم من أن دلالته لم تكن كذلك، لأن الإخوان اكتفوا بطرحه كشعار دون طرح برامج حقيقية أو عملية تحد من الفقر أو الجوع أو البطالة.
 
∎معنى ذلك أن الدين كان الكارت الذى لعب به الإخوان للدخول إلى جنة الحكم؟
 
- نعم، للأسف فى كثير من الأحيان تم توظيف الإسلام من أجل تحقيق أهداف سياسية والتى تمثلت فى تمكين الجماعة للسيطرة على مفاصل الدولة، وهذا كان واضحًا فى الخطاب الدينى الذى استخدمه الإخوان فى الانتخابات بأن من يدلى بصوته للإسلاميين يدخل الجنة، وكذلك فى مظاهراتهم مع الليبراليين والتى قالوا فيها إن قتلاهم فى الجنة وقتلى الليبراليين فى النار وبأنهم المعسكر المؤمن وغيرهم المعسكر الكافر، وهذا أساء للدين كثيرًا الذى وصل الآن إلى مرحلة نفور البعض من مجرد الحديث فى الدين.
 
∎إعلان الجهاد بين معتصمى رابعة العدوية والنهضة ما صحته.. وهل يجوز الجهاد داخل الدولة المسلمة؟
 
- الجهاد بضوابطه هو قتال الأعداء الذين يهاجمون الدين والوطن من الخارج، ولكن داخل الدولة لا يتصور أن يكون هناك جهاد ضد مسلم. وإعلان الجهاد فى رابعة وغيرها هو تحريف وانحراف عن المفاهيم الصحيحة ومحاولة خداع البسطاء من الناس بدعوى مغلوطة وخاطئة لأن الله عز وجل يقول فى كتابه «يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم..»
 
فأين الكفار هنا الذين يجاهدهم الإخوان وإنما أنا أسميه حشدًا ونفيرًا واستنهاضًا واستنفارًا لكل مواطن خاصة فى النجوع والقرى من أجل العودة للسلطة من خلال كلمة الجهاد التى تدغدغ المشاعر بينما حقيقة الأمر سيتحملون نتيجة استخدام الكلمات والمصطلحات فى غير موضعها لأنهم بذلك يحرفون الكلم عن مواضعه.
 
∎إذا كان الجهاد شعارًا فكيف قرأت عبارة «مشروع شهيد» على صدور معتصمى رابعة؟
 
- مصطلح شهيد هو أيضا يستخدم للخداع النفسى والدين إجمالا مع ما يمارسه هؤلاء لتصدير فكرة أنك تساند الشرعية، فبالتالى أنت تجاهد فى سبيل الله وتكتمل الصورة بالموت شهيدا.
 
فالشهادة هنا يتبعونها للجهاد، وهذا هو خطاب القيادات لشباب ومعتصمى رابعة لمحاولة استقطابهم بعد إضفاء الصبغة الدينية على مشروعهن الذى كان جهادًا فى سبيل السلطة وليس فى سبيل الله.
 
∎وماذا عن رؤيا الرسول وهو يقدم مرسى لإمام المسلمين وغيرها من الرؤى والأحلام التى رواها مؤيدو الرئيس السابق؟
 
- يقول ضاحكا: هى مرحلة يأس نتيجة انهيار المشروع الإخوانى الذى يسير سريعا نحو الانتحار وهو ما دفعهم إلى الحديث عن الغيبيات وأمور قد تنطلى على البسطاء. وهو خطاب لا أدرى فى وصفه سوى أنه عبثى كما تجدهم يتحدثون عن جمعة غزوة بدر أو الفرقان وقريبا يوم 20 سيكون فتح مكة محاولين إضفاء حالة من الروحانية على موقفهم من خلال استغلال المناسبات الدينية فى هذا الشهر الكريم ولكن لا يخفى على أحد هذا التزييف والتدليس.
 
∎بصفتك عالمًا أزهريًا، ما المفاهيم المغلوطة لدى جماعة الإخوان المسلمين ؟
 
- فكرة الخلافة مثلا، والتى تبناها الإخوان كشكل وطقوس دون مضمون حقيقى، لأنه ليس من المنطقى فى القرن الحادى والعشرين أن نتحدث عن شخص يكون خليفة لكل الدول الإسلامية، فلا يوجد عمر بن الخطاب الآن ولا أبوبكر الصديق كذلك الفكرة المدمرة فى تقسيم المجتمع إلى معسكر إيمان وكفر. واحتكروا فهم الدين لهم وأنكروا ذلك على الآخرين.
 
∎صدام الإخوان مع الأزهر، كيف بدأ وما مظاهره؟
 
- الخلاف الحقيقى فى المنهج نفسه، لأن منهج الأزهر يختلف عن منهج الإخوان الذى يقوم على استخدام الدين وتفسيره بما يخدم الأهداف والطموحات السياسية الخاصة بهم واعتبروا أن الدين يؤخذ عنهم، وهنا كان مكمن الخطورة. بينما منهج الأزهر هو تطبيق الإسلام الوسطى الذى يحقق مصلحة الأمة ويبعد الضرر عنها، وهذا المنهج لا يعجب الإخوان ولا يحقق ما أرادوه من التمكين خاصة بعد أن حاولوا اختراق الأزهر وشق جبهته بوجود بعض الأشخاص ممن لديهم انتماء إخوانى والذين لا يرغبون بوجود شيخ الأزهر فقاموا بشق المؤسسة الدينية من خلال تعيين وزير أوقاف يحمل فكر الإخوان وما كان لذلك من تأثير - فى توظيف المنابر هى الأخرى بشكل سياسى ولم تكن تأخذ بخطاب الأزهر الذى تنبه إلى الخطوة التالية فى طرح الجماعة لمفتى ينتمى إليهم وهو الدكتور عبدالرحمن البر وإنما كان القرار الأخير بأن الاختيار سيكون وفق رأىهيئة كبار العلماء.
 
∎وما أبرز الضغوط التى مارسها الإخوان على الأزهر؟
 
- ضغوط الإخوان على الأزهر تمثلت فى رغبة الجماعة فى إصدار الأزهر لقرارات تدعمهم وتدعم حكمهم ومشروعهم، مثل قانون الصكوك الذى حاولوا تمريره ولكن موقف الأزهر أمامه واضح مما اضطرهم لتعديله، كذلك إثارة أزمة تسمم طلاب المدينة الجامعية بجامعة الأزهر وهى مفتعلة،
 
حيث كان الغرض منها إقالة شيخ الأزهر كما جاء على لسان شباب الأزهر المدفوعين من قبل قياداتهم بالإخوان.
 
وكانت النقطة الفاصلة عندما قال شيخ الأزهر إن من حق الجماهير الخروج السلمى على ولى الأمر الشرعى.
 
وأستطيع بذلك أن أؤكد أن الأزهر لم يناصر الإخوان ولم يستسلم لضغوطه إنما ظلت مؤسسة الأزهر شامخة ويتوارى معادوها.