القوى السياسية تحدد مبادئ دستور مابعد ثورة 30 يونيو

هايدي فاروق وريشة نسرين بهاء
الفرصة لا تأتى سوى مرة واحدة، لكن مصر التى حفظها الله تأتى لها الفرصة مرة أخرى كى تعبر من النفق المظلم الذى كانت تعيش فيه لما يقرب من عام فثورة 30 يونيو أعطت قبلة الحياة للجميع، خاصة أننا الآن قادرون على بناء نظام جديد ومصر جديدة، فعقب ثورة 25 يناير كان الأمل معلقا على دستور يحمى مدنية الدولة ويضمن الحريات والحقوق لنا وللأجيال من بعدنا، لكن سرعان ما تبدد الحلم نتيجة لوصول الإخوان للحكم ونتيجة لبعض الأخطاء التاريخية خلال المرحلة الانتقالية وبعد ثورة 30 يونيو تجدد الحلم من جديد ونادت بعض الأصوات بضرورة وضع دستور جديد يحدد ملامح الدولة ونظام الحكم بشكل واضح وقاطع ومختصر ويقضى على فوضى الأحزاب الدينية، ويضمن استقلالية القضاء ويحدد النظام الانتخابى، بينما رأى البعض الآخر أن دستور 2012 به بعض المواد الجيدة التى يمكن الإبقاء عليها وتغير المواد التى أثارت جدالاوالاكتفاء ببعض المواد المختصرة وأن يكون الدستور مجرد مواد تضع إطارا عاما للدولة وأى تفسيرات تكون من مهمة القوانين.
على جانب آخر كان هناك كلام عن اللجنة المشكلة حاليا والمنوط بها وضع تصور كامل للدستور خلال مدة الشهر التى تم تحديدها للتعديل، وأعضائها حيث رأى البعض أنها خلت من الأسماء اللامعة فى القانون الدستورى والشخصيات السياسية بينما رأى البعض الآخر أن هذا هو المقصود وأن اختيار شخصيات بعيدة عن السياسة سيضمن نزاهة اللجنة وبعدها عن اللغط السياسى والحسابات الحزبية والشخصية للشخصيات السياسية وأن الفقيه الدستورى الحقيقى لايهم أن يكون شخصية معروفة إعلاميا بقدر ما يجب أن يكون شخصية محايدة وأن اختيار المجلس الأعلى للجامعات والمجلس الأعلى للقضاء للشخصيات أعضاء اللجنة ليس محل مزايدة.
صباح الخير فتحت النقاش حول أهم المبادئ التى يجب أن يشتمل عليها الدستور سواء كان دستورا جديدا أو تعديل لدستور 2012 ورأى القوى السياسية فى اللجنة الفنية التى تعمل حاليا.
الدكتور محمد محيى الدين نائب رئيس حزب غد الثورة أبدى تعجبه الشديد من كم التصريحات التى انطلقت من العديد من القوى السياسية و الشخصيات العامة وللأسف منهم بعض أساتذة القانون الدستورى والذين يطالبون بدستور جديد ويرفضون إجراء تعديلات على 2012.. قائلا إن هؤلاء لم يقرءوا الدستور وأخذوا موقفا منه لمجرد أن حزب الحرية والعدالة كان مشاركا فيه، مشيرا إلى أن الدستور إجمالا جيد وبه باب للحقوق والحريات وصلاحيات رئيس الجمهورية محددة تماما، كما أن به بابا جديدا للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية ويتضمن استقلالا حقيقيا للقضاء وفصلا متميزا للقوات المسلحة والشرطة والدفاع والأمن القومى، وأنه يمكن تعديله فيوجد فقط 51 مادة هى التى تحتاج لتعديل.
وأكد محيى أن أهم التعديلات المطروحة هو إلغاء المادتين 3 و 219 وتهذيب مادة الأزهر ليصبح دور هيئة كبار العلماء هو الإفتاء لسلطات الدولة و هو ما يعنى عدم تدخل الهيئة بإبداء الرأى إلا إذا طلب منها الفتوى الشرعية، وتعديل المادة 48 لتأكيد حرية الصحافة، وحظر تصويت ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة وأعضاء الأجهزة الأمنية طوال مدة خدمتهم،
وقصر مشاركة المصريين فى الخارج على الانتخابات الرئاسية والاستفتاءات فقط، والتأكيد على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون، واختيار رئيس الوزراء من حزب أو ائتلاف الأغلبية،
ومنع حل مجلس النواب بسبب الفشل فى تشكيل حكومة وإعطاء السلطة للرئيس وقتها فى التكليف بتشكيل حكومة، وتعديل تشكيل المحكمة التى تحاكم الرؤساء ليرأسها رئيس المحكمة الدستورية، ومنعئرئيس الوزراء من أن يكون قد تجنس بجنسية أجنبية، وعودة اختصاصات المحكمة الدستورية فى تفسير التشريعات وتنازع الاختصاص بين الهيئات القضائية، وإعادة تشكيل مجلس الأمن القومى ليكون من التنفيذيين وإعطاء رئيس الجمهورية الحرية فى ضم من يشاء والتأكيد على دور المجلس كاستشارى للرئيس فى مجالات الأمن القومى، وعدم جواز عزل رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، وحذف نسبة العمال والفلاحين من تشكيل المجلس الاقتصادى والاجتماعى، وإعطاء سلطة البت فى طعون انتخابات الرئاسة للمحكمة الدستورية العليا، وإضافة مادة مستحدثة تعطى السلطة رئيس الجمهورية فى تعيين وعزل وزراء الدفاع والخارجية والداخلية والعدل بينمايقوم رئيس الوزراء باختيار باقى أعضاء حكومته.. وقال محيى الدين إن مقترحات غد الثورة فى الأحكام الانتقالية شديدة الأهمية، وأبرزها منع ترشح أى من الرؤساء السابقين، أو الرئيس المؤقت، أو أحد أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة فى 30 يونيو 2013 لانتخابات الرئاسة القادمة، وإلغاء العزل السياسى، وإلغاء نسبة العمال والفلاحين ونسبة الثلث والثلثين، وأن تكون انتخابات مجلس النواب بالقائمة المغلقة المنقوصة بما لا يقل عن 50٪ من عدد أعضاء القائمة وذلك للأحزاب والمستقلين، وأن تكون انتخابات الشورى بالنظام الفردى فى خلال عام من انتخاب مجلس النواب.
وحول تشكيل اللجنة أكد محيى أنهم كشخصيات أفراد محترمة ولا أستطيع أن أقول عنهم شيئا ولكن بشكل عام حول التشكيل فقد غاب عنهم العنصر السياسى وهو مهم ولا يمكن تجاهله فقد أثبتت التجارب أن فقهاء القانون والقضاة فقط لايمكنهم إصدار دستور متوازن ولا يجب إغفال القوى السياسة المختلفة.. ويرى محيى أن دستور 2012 حسم مسألة إنشاء أحزاب على أساس دينى، وأنه يجب إصدار قانون للأحزاب لحسم إنشاء الأحزاب على أساس دينى، فضلا عن أن تغيير نظام الدولة لنظام من رئاسى لبرلمانى لن يصلح فالنظام البرلمانى لايصلح لمصر ولا يتناسب معها فهو نظام يحتاج وجود أحزاب قوية ولها صلة بالشارع ويحتاج خبرة ومجالس قيادية قوية.
الدكتور ''جمال زهران'' أستاذ العلوم السياسية استنكر فكرة تشكيل لجنة لتعديل الدستور قائلاً: ذلك يضيف شرعية واعتراف بالدستور الحالى الذى وضعه الإخوان وأعوانهم مشدداً على أن الدستور باطل من أساسه لبطلان الوضع القانونى للجمعية التأسيسية لصياغة الدستور.. وشدد زهران على وجوب التعامل مع 30 يونيو على أنها ثورة شعبية يترتب عليها إسقاط الدستور وعدم إعطاء مشروعية له.
مطالباً بضرورة عمل دستور جديد للبلاد، موضحاً أن أى تعديل على دستور 2012 سيعود بنا إلى نقطة الصفر كما حدث بعد ثورة 25 يناير.. واستنكر زهران تعديل دستور صدر بشأنه حكم ببطلانه من قبل المحكمة الدستورية العليا مؤكدا أنه لا يجوز تعديل دستور الإخوان المبنى على نظرة متأسلمة.
نائب الشورى السابق ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل أكد على أن تشكيل اللجنة الفنية للدستور هو اقتراح من حزب الجيل، وأن التشكيل الحالى رائع ويختصر الوقت فقد بعد عن القوى السياسية لينجو بمصر من خلافات القوى السياسية الشخصية والحزبية وقفل الباب أمام الخلافات الحزبية.
وحول الشخصيات الذين تم اختيارهم أكد الشهابى أن من اختارهم هو المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية ومجلس الدولة وهى الجهات الأقدر على اختيار أفضل ما لديها مشيرا إلى أن أى انتقادات للجنة هى مزايدة لأن كل جهة اختارت أكفأ ما عندها.
وأوضح الشهابى أن دستور 2102 سقط بقيام ثورة 30 يونيو فضلا عن أن دستور 2012 صنعه فريق واحد وهو قوى الإسلام السياسى بعيدا عن التوافق المجتمعى ولا يعبر عن المصريين.. ويرى الشهابى أنه لابد للرجوع للمادة 2 من دستور 71 وعدم التوسع فى تشريعات أخرى مع ضرورة أن يراعى الدستور الجديد تحديد نظام للدولة بأن يكون نظامه شبه رئاسى، وأن يلزم رئيس الجمهورية الحزب ذا الأغلبية فى البرلمان بتشكيل الحكومة مع ضرورة الفصل مابين السلطات الثلاث وأن يكون النائب العام مستقلا وأن تكون للمحكمة الدستورية رقابة لاحقة على كل القوانين مع ضرورة حظر تأسيس الأحزاب على أساس دينى، فتجربة العامين الماضين تجربة مريرة على مصر مع ضرورة تحديد النظام الانتخابى.
النائب السابق البدرى فرغلى أكد على ضرورة كتابة دستور جديد للشعب المصرى، فلا يجوز أن يتم سجن الشعب المصرى فى زنزانة هو تمرد عليها فهذا الدستور لا يعبر عن الشعب هو دستور يعبر عن مجموعة بعينها باعت الشعب المصرى، فكل الدساتير التى لا تأتى بناء على رغبة الشعب تسحقها الشعوب، فالشعب الذى خرج لإبطال الدستور يستحق دستورا جديدا يعبر عن طموحه وأحلامه ورغبته الحقيقية فى بناء مصر الجديدة.. فدستور 2012 لم يوافق عليه سوى 20٪ من الشعب المصرى وليس 64٪ كما يزعمون فقد تم تزوير النتيجة، ومنع الناس من التصويت من خلال طوابير غير حقيقية.
وعن أهم المبادئ التى يشترط وجودها فى الدستور أضاف فرغلى أن الدستور يجب أن يحمل مبادئ عامة مختصرة وواضحة ولا تدخلنا فى لغط فنحن نريد دستورا يحمى الاقتصاد الوطنى ويحمى الحريات وأن نكتفى فقط بالمادة الثانية من دستور 71 دون الدخول فى توسعات لا معنى لها ودون الاستماع لآراء حزب ليس له تاريخ يملك حق الفيتو فى كل شىء أى حزب النور الذى يتدخل فى السياسة ويفسدها، فالدين لله والوطن للجميع مبدأ عام يجب أن يبنى عليه دستورنا، فضلا عن ضرورة تحديد الحد الأقصى والأدنى للأجور نريد دستورا يجرم تزوير الانتخابات ولا تسقط جرائم التزوير بالتقادم نريد أيضا دستورا يتحدث عن تداول السلطة ويحدد كيفية التعامل مع الثروات الطبيعية للبلد والاستفادة منها والأجهزة التى تراقبها فكيف يكون المواطن فى بلد يملك الغاز والبترول ومحروم من العلاج.
ويشير فرغلى على الرغم من أن الدولة تكفل العلاج للمواطنين، وهى الكلمة الموجودة فى الدساتير المصرية كلها، إلا أنها لحقت بكلمة فى حدود القانون وهى الكلمة التى تفقد الحريات والحقوق مضمونها فيأتى القانون لينسف مواد الدستور، فنحن نريد دستورا حقيقيا يتحدث عن حريات وحقوق بشكل حقيقى.
حسام الخولى السكرتير العام المساعد لحزب الوفد قال أنا مع تعديل دستور 2012، لأن الحديث عن وضع دستور جديد سيفتح بابا للمناقشات ويثير حزازيات بلا داعٍ، لذلك أنا مع اختصار المواد ووضع الدستور كمواد تضع إطارا عاما للدولة، وأن تكون التكملة فى القوانين، فيجب اختصار دستور 2012 من المواد المكررة فيجب تحديد اختصاصات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، كما أن حزب الوفد مع النظام البرلمانى رافضا ما يقال عن أن النظام البرلمانى لا يصلح لمصر لعدم وجود أحزاب قوية ومؤكدا أن الأحزاب لن تعمل بمفردها وستعمل فى صورة ائتلافات.
حول تشكيل اللجنة أكد الخولى أنها مناسبة للفترة الحالية فهى من أسماء لا علاقة لهم بالسياسة وبعيدون عن الشو الإعلامى ومحترفون.