السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

التغيرات الكونية... وأسرار يوم القيامة

التغيرات الكونية... وأسرار يوم القيامة
التغيرات الكونية... وأسرار يوم القيامة


المتأمل لأحوال المسلمين هذه الأيام يبكى ويحزن ويتحسر، فهم يقتلون بعضهم البعض وتشغلهم التوافه من الدنيا!! ويعبدون «الجهل» ويكفرون بالعلم ويدعوهم الله للتفكير فى خلق السموات والأرض ولكنهم معرضون، العلماء فى الغرب يدرسون ويبحثون فى «التغيرات الكونية» التى ذكرها القرآن الكريم كعلامات ليوم القيامة والذين يرونه قريبا، أما علماء المسلمين ففى غياهب القبور يغطون فى نوم عميق، وللأسف فإن الناس عندنا لا يشغلهم سوى النصف الأسفل من النساء والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة!! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 
هل جال بخاطرك يوما ما أن تفكر وتتأمل «التغيرات الكونية» التى ذكرها القرآن عن «يوم القيامة»؟ هل فكرت ماذا سيحدث للكون، الشمس، القمر، السماء، الأرض؟
 
هل تشعر بقرب الساعة أم تظن أن يوم القيامة بعيد؟ هل فكرت ولو للحظة فى هذه الآيةالكريمة «إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا» هل عملت للآخرة؟، أم أنك مشغول بالدنيا؟ إن الإسلام يدعو إلى التفكير والتأمل فى أسرار السموات والأرض وإدراك حقيقة الوجود الذى لم يخلق باطلا، «الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار»، لذلك من المهم جدا والضرورى الإلمام والاطلاع على العلم الحديث ليدرك الإنسان منا التوافق الجميل بين العقل والدين ويكفى هذه الآية القرآنية التى تبهرنا جميعا «لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون» صدق الله العظيم.
 
تمتد «قصة الكون» إلى ما وراء حدود أبصارنا فهى عالم ملىء بالأسرار الغامضة فالكون لا نهائى تبحر فيه أعداد هائلة من مليارات المجرات والكواكب والنجوم التى تسبح فى الفضاء، ولكن يعرف أن القرآن الكريم ليس «مرجعا علميا» بالمعنى المعروف ولكنأورد حقائق علمية تتناول قصة الخلق والنشأة الأولى والسموات والأرض وغير ذلك، وها هو عالم الفيزياء البريطانى الشهير «ستيفن هوكنج» يتساءل هل الكون لا نهائى أم أنه كبير جدا؟ هل هو أبدى أم أن له عمرا محددا؟ كيف يمكن لعقولنا المحدودة أن تفهم كونا لا نهائيا؟ حتى هذه اللحظة ليس لدينا صورة كاملة ولا إمكانات دقيقة تساعدنا على فهم الكون، هل يتغير الكون بمرور الزمان أم أنه أساسا ثابت فى الزمان؟ هل وجد الكون بالحالة التى نراها عليه الآن أم أنه تغير كثيرا منذ ملايين السنين التى مضت؟ العلماء يؤكدون أن الكون يتمدد؟ إذن نفترض أن هناك بداية للكون كيف حدثت هذه البداية؟ لا أحد يعرف حتى هذه اللحظة أى معلومات حول طبيعة هذه البداية؟
 
∎نحن نعيش على «ذرة من الغبار»
 
تشير الدراسات العلمية لعلم الكون والجيولوجيا الكونية أننا لكى نفهم «علم الكون» يتعين علينا أن نعرف بدقة موقع الإنسان منهذا الكون وعلاقته به، فالإنسان منذ أن وجد على الأرض وهو ينظر إلى السماء مندهشا مراقبا مدققا يريد أن يفهم أعماق هذا الكون، إلا أن أكبر صعوبة تواجهه هى اختلاف مادة الكون عن المادة التى يعرفها على الأرض فى كل خصائصها الفيزيائية والكيميائية، يقول «كارل ساجان» عالم الفلك الأمريكى: إن الكون هو كل ما هو موجود وما وجد وما سيوجد، إن حجم الكون وعمره خارج إدراك الإنسان العادى فما بين اتساع الفضاء وخلود الزمن يضيع كوكبنا المعروف بالأرض، وكلما حاول الإنسان دراسة ومعرفة الكون كلما اقترب من معرفة أعظم الأسرار، إن أبعاد الكون هى من الاتساع بحيث لا تجدى معها وحدات قياس المسافات العادية كالمتر والكيلو متر التى تستخدم عادة فى كرتنا الأرضية ويكفى أن نعرف أنه يوجد «100 مليار مجرة» وفى كل منها «100 مليار نجم» وهكذا يوجد فى كل المجرات وهناك احتمال أن يكون الكون زاخرا بالحياة لكننانحن البشر لا نعرف شيئا عن ذلك، فمثلا تحتوى مجرتنا المعروفة «بدرب اللبانة» على «400 مليار نجم» من كل الأنواع تتحرك فى تناسق معقد ومنتظم، والمثير للعجب والتأمل أن من كل هذه النجوم لا يعرف سكان كرتنا الأرضية حتى الآن سوى نجم واحد!! ويضيف «كارل ساجان» أن القدماء عرفوا أن عمر العالم قديم جدا، ونحن نعرف الآن أن الكون أقدم بكثير مما تصور القدماء، وقد قمنا بدراسة الكون فى الفضاء ورأينا أننا نعيش على «ذرة من الغبار» تدور حول نجم رتيب فى أبعد زاوية من مجرة مظلمة.
 
لا أقسم بيوم القيامة
 
قبل أن نتحدث عن الحقائق الكونية التى ذكرها القرآن الكريم عن «يوم القيامة» منذ أربعة عشر قرنا من الزمان، تعالوا نرى ونفكر معا كيف اهتم القرآن الكريم بيوم القيامة اهتماما يؤكد قدره، وذلك عندما أقسم سبحانه وتعالى قسما مؤكدا وعظيما، «لا أقسم بيوم القيامة» وخصص سورة كاملة باسمه هى «سورة القيامة»، وأطلق بعض أسمائه وصفاته على سور أخرى كثيرة مثل سورة «الواقعة»، «الزلزلة»، «القارعة»، وغيرها، وقد يتكرر لفظ يوم القيامة فى القرآن الكريم «70 مرة» ومعنى لفظ «القيامة» هو قيام الساعة وقيام الناس جميعا لرب العالمين «يوم يقوم الناس لرب العالمين» وصدق الله إذ يقول «الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لاريب فيه ومن أصدق من الله حديثا»، والمثير للتأمل والتفكر معا أنه لا تخلو سورة من القرآن الكريم إلا وتتحدث عن يوم القيامة أو تشير إليه أو تعرف به أو تذكر مظهرا أو صورة من حدوثه، وهو ما يؤكد دعوة القرآن للمؤمنين بدراسة وتأمل هذا اليوم العظيم، وصدق الله إذ يقول «قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لاريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون».
 
∎وكل فى فلك يسبحون
 
يظن كثير من الناس أن مظاهر الكون الكبرى لا أهمية لها كثيرا بالنسبة لحياتنا على الأرض لأنه إذا فنى كل شىء فى الوجود ماعدا «الشمس والأرض والقمر» فلن يضيرنا ذلك فى شىء، ولكن تشير البحوث والدراسات الكونية والفلكية إلى أن الحياة على الأرض لا يمكن أن تستمر كما هى لولا التوازن الموجود فى أجزاء الكون البعيدة فحركة الأرض حول محورها ودورانها حول الشمس والظروف المناخية المختلفة على سطحها وغلافها الجوى وغلافها المائى ما هو إلا بعض نتائج تأثر الأرض بهذه المجرات والكواكب والنجوم سواء القريبة منها أو البعيدة ليس هذا فقط بل إن كل جسم فى الكون يتحرك ويدور فى فلك معين وهو ما سبق وأن قررته آيات القرآن الكريم «وكل فى فلك يسبحون».
 
فهل تخيل الإنسان كيف سيكون يوم القيامة؟ كيف تكون صورته؟ وماذا سيحدث فيه؟ إن يوم القيامة من الغيب الذى طالبتنا الأديان جميعا بالإيمان به والعمل من أجله والاستعداد له ولقد ذكر القرآن الكريم فى كثير من آياته بعض الحقائق الكونية التى سيكون عليها يوم القيامة منها آية «إذا الشمس كورت، وإذا النجوم انكدرت» وآية «فإذا برق البصر وخسف القمر، وجمع الشمس والقمر، يقول الإنسان يومئذ أين المفر».
 
أدعوكم الأسبوع القادم بمشيئة الله تعالى للإبحار والتأمل والتفكر فى آيات الله الكونية.. والله المستعان.