الحيـاد .. تورط أم انسحاب؟
محمد حمدي القوصي وكاريكاتير ياسمين مأمون
مع اقتراب العد التنازلى ليوم التمرد، تزداد حالة الرعب داخل قلوب المصريين خوفا من استخدام العنف ضد المتظاهرين أو تكرار حالة الانفلات الأمنى التى أعقبت انسحاب الشرطة من الشوارع العام قبل الماضى، كما تزداد فى الوقت ذاته حالة التأهب القصوى داخل وزارة الداخلية للقيام بالمهام المنوطة بها، وما بين هذا وذاك يترقب الجميع فى حذر خطى وزارة الداخلية والمتظاهرين.
كشف المتحدث الرسمى باسم وزارة الداخلية اللواء عبدالفتاح عثمان عن انتهاء الوزارة من إعداد خطة أمنية موسعة لتأمين تظاهرات 03 يونيو، موضحا أن هذه الخطة تقوم على انتشار وتكثيف الدوريات الأمنية بجميع الشوارع والميادين والطرق الرئيسية المؤدية إلى تلك التظاهرات، واتخاذ جميع الاحتياطات والإجراءات لتأمين التظاهرات السلمية ما دامت لم تخرج عن قواعد الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأى، فضلا عن اتخاذ التدابير اللازمة لتأمين المنشآت المهمة والحيوية بالدولة.
وأكد التزام الوزارة بتأمين هذه التظاهرات حرصا على سلامة كل المشاركين فيها دون النظر لانتماءاتهم السياسية، مشددا على أن جهاز الشرطة لن يكون طرفا فى المعادلة السياسية الصعبة، ويقف على مسافة متساوية من جميع القوى السياسية والتيارات الحزبية والدينية.
وعن تزامن تشريع قانون تغليظ عقوبات الاعتداء على رجال الشرطة أثناء تأدية واجبهم مع تظاهرات 30 يونيو، أفاد المتحدث الرسمى أنه لا توجد علاقة بين مشروع القانون والتظاهرات، خاصة أن مجلس الشورى لم يوافق حتى الآن على مشروع القانون الذى يهدف بالأساس إلى ضمان أمن رجال الشرطة فى ظل تحديات وظروف غير عادية تواجههم خلال تلك المرحلة، منبها إلى أنه لا مجال للمزايدة على دور رجال الشرطة الذين لا يغفل تضحياتهم إلا الجهلاء.
∎شبح الانسحاب يطارد الداخلية
من جانبه، كشف مصدر أمنى مسئول بوزارة الداخلية عن ارتفاع عدد القوات المشاركة فى تأمين تظاهرات 30 يونيو إلى نحو 200 ألف شرطى، فضلا عن آلاف سيارات الشرطة، وإعلان حالة الاستنفار القصوى بإدارات شرطة الحماية المدنية.
وأضاف إنه تم إلغاء راحات الضباط والأفراد والجنود خلال الأسبوع الأخير من يونيو، والانتشار الأمنى بجميع الطرق والمحاور الرئيسية، بالإضافة إلى تكثيف الدوريات بكل محافظات مصر.
وتابع قائلا إن وزارة الداخلية قررت نقل العناصر الخطرة داخل الأقسام ومراكز الشرطة إلى السجون العمومية قبل تظاهرات 30 يونيو، تحسبا لمحاولات اقتحامها لتهريبهم.
ونوه المصدر بأنه لن يستطيع الإخوان إدخال الشرطة مرة أخرى كطرف فى معادلة سياسية لا علاقة للداخلية بها، لافتا الانتباه إلى أن التعليمات الواردة إلى الضباط والمجندين هى تأمين المنشآت العامة والأماكن الحيوية مثل السجون والبنوك فضلا عن عدم الدخول فى اشتباكات مع المتظاهرين.
وأوضح: «تعلمنا الدرس، ولو أتت تعليمات من رئيس الجمهورية نفسه بالتعامل بعنف من المتظاهرين لن ينفذ أى أحد هذه التعليمات حتى لا يقال إن الداخلية وراء قتل أو إصابة المتظاهرين».
وأعرب عن اعتقاده أن يوم 30 يونيو لن يمر مرور الكرام، لكن الداخلية لن تسمح بتكرار ما حدث يوم 25 يناير، من مهاجمة السجون والبنوك والمنشآت الحيوية والعامة.
وعن الزج بالداخلية فى اشتباكات مع متظاهرين وتأثيره السلبى عليها بما يجعلها تفضل الانسحاب، أكد المصدر الأمنى أن الداخلية لن تنسحب من مواقعها الشرطية مثلما حدث يوم 25 يناير ولن تقف متفرجة بل ستواجه العنف مهما كان نوعه، كاشفا النقاب عن اتجاه عدد كبير من الضباط وأفراد الأمن إلى توقيع استمارات «تمرد»، لكنه لا يعلم نية هؤلاء الضباط تجاه المشاركة فى يوم التمرد أم عدم المشاركة.
∎التورط فى العنف
وبشأن إمكانية تورطالداخلية فى أحداث عنف ضد المتظاهرين، قال المتحدث السابق باسم ائتلاف ضباط الشرطة أحمد رجب إن جهاز الشرطة كان يدخل طرفا أساسيا فى المعادلة السياسية، كما كان يستخدم أسلوب القهر والعنف ضد المتظاهرين مما أدى إلى إحالة الكثير من الضباط إلى المحاكمات، أما الآن فإننا نتحدث عن مرحلة مختلفة واستراتيجية جديدة انتهجتها وزارة الداخلية بالفعل لدرجة أنه أصبح هناك قطاع لحقوق الإنسان لم يكن موجودا فى الوزارة من قبل.
وأضاف إن القوة الفاعلة فى وزارة الداخلية بعيدة تماما عن أى أحزاب أو تكتلات سياسية أو ما شابه، ويرون أن الثورة مستمرة بما يتفق مع قواعد الديمقراطية وأسس ومبادئ حقوق الإنسان إضافة إلى قناعة الضباط أن الثوار هم أبناء الشعب المصرى، وبالتالى لن يكون هناك استخدام عنف ضدهم إطلاقا، ولن تكون هناك مواجهات دامية، وحتى لو استخدم بعض الثوار العنف ضد الشرطة فإنها ستلتزم بأقصىدرجات ضبط النفس ما دام ذلك لم يصل إلى حد الاعتداء على المنشآت الحيوية والسيادية بالدولة.
وتابع قائلا: إن وزارة الداخلية لن تقف مع حزب على حساب حزب آخر، ولن يملى رئيس الوزراء على وزير الداخلية أى تعليمات لأن ذلك يتنافى تماما مع الاستراتيجية الجديدة التى تنتهجها الوزارة الآن، أما إذا حدث عكس ذلك فإنه ستكون هناك علامة استفهام كبيرة ربما تشير إلى أننا مازلنا فى نفس المشهد المتردى قبل ثورة 25 يناير.
∎حماية المتظاهرين
من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة نادى ضباط الشرطة اللواء صلاح زيادة على عدم تدخل رجال الشرطة فى الحياة السياسية، موضحا أن مهمة الشرطة يوم 30 يونيو هى توفير الحماية الكاملة للمتظاهرين السلميين، وتشديد الإجراءات الأمنية على جميع المعابر بسيناء ومدن القناة لضمان عدم دخول أى عناصر أجنبية مندسة بين المتظاهرين
.
وفى السياق ذاته، قرر ضباط الشرطة المشاركون فىأول اجتماع مجالس إدارة أندية الشرطة المنتخبة الانحياز للشعب وثورته السلمية، مؤكدين تصديهم لمحاولة أى فصيل أو تيار سياسى الاعتداء على هؤلاء المتظاهرين السلميين.
وشددوا على تصديهم لأى محاولات لاقتحام مراكز وأقسام الشرطة أو اقتحام السجون، رافضين حماية مقار جماعة الإخوان المسلمين أو حزب الحرية والعدالة أو أى أحزاب أخرى خلال مظاهرات 30 يونيو.