السبت 5 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قصور الثقافة فى مصـر أصبحت خرابات

قصور الثقافة فى مصـر أصبحت خرابات
قصور الثقافة فى مصـر أصبحت خرابات


إحدى أهم المنشآت الثقافية وجزء من تاريخ ثقافى طويل مثله مثل منابر كثيرة  تواجه محاولات هدمها وردمها.. «قصر السينما» بجاردن سيتى الذى كان  مقصداً للكثير من الفنانين والمثقفين  على مر سنوات عديدة، والاهتمام بأنشطته الثقافية من ندوات ومهرجانات وإقامة عروض للأفلام  يواجه الآن الإهمال وتجميد أنشطته بحجج عديدة منها ترميمه ومنها قلة الإمكانيات وغيرهما من مبررات، توجهنا إلى المهتمين بالشأن الثقافى  وموظفى القصر لمناقشتهم حول ما يدور بالداخل وكيف سنواجه رياح الردم التى تجتاح النشاط الثقافى فى مصر؟!
 
 
الشاعر والسيناريست «سامى شاكر» يقول: سبب مشاكل القصر هو عدم وجود متخصصين للعمل فيه وإدارته  وأصبح مجرد مكان روتينى كأى منشأة حكومية وليس كمنشأة ثقافية تنويرية، وأصبح يعتمد فقط على دفاتر الحضور والانصراف، وبينما هناك بعض المتخصصين من العاملين ولكن الكارثة أن المدير نفسه ليس متخصصاً، فإدارة المكان تحتاج إلى علاقات عامة وجيدة سواء مع الفنانين أو الصحافة والمثقفين، و قصر السينما له دور شعبى ثقافى وتنويرى يجب أن تكون وظيفته عرض أفلام روائية وتسجيلية، ولكن فى نفس الوقت فالميزانية تتقلص، ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة السيد «سعد عبدالرحمن» يرى أنه مادام لا توجد أى خلافات أو مشاكل مثارة فى المكان فإن الأمور تسير على ما يرام، وهذا فى حد ذاته خطأ لأن كل ما يدور بالمكان ليس من  وظيفته فأين المهرجانات والندوات والدورات التى يجب أن يقدمها القصر، غياب كل هذه الأنشطة فى حد ذاته مشكلة، قد لا تكون الأوضاع فى عهد «تامر عبدالمنعم» أفضل بكثير مما نحن فيه  ولكن كان محترفاً إلى حد ما ولديه علاقات كثيرة، وبشكل عام فإن كل الأنشطة الثقافية فى مصر تم إهمالها بعد الثورة ولكن يجب ألا نركن إلى هذا ونستسلم له.
∎ موظفون فقط
السينمائى «وليد رشاد» يقول أنا أخصائى سينما وأعمل فى القصر منذ عام 6002  عندما كان تحت إدارة  تامر عبدالمنعم،  وقتها إلى حد ما كان هناك تواجد للفنانين فى أنشطة القصر وبعد الثورة وترك تامر لوظيفته أصبح هناك تخبط لفترة كبيرة وتولى إدارة القصر شخص غير متخصص،  وحدث برود فى أنشطة القصر بشكل واضح أنا حاولت وقدمنا العديد من الندوات كندوة الناقد رفيق الصبان، والأستاذ وحيد حامد وغيرهما على هامش سلسلة ندوات أثناء الهجمة الشرسة التى تعرض لها الفنانون والسينمائيون على  ضوء قضية  الفنان عادل إمام والهجمة عليه هو والكاتب وحيد حامد، وكان هدفنا فيها الدفاع عن حرية الإبداع، ولكن وقتها لم تحدث أى دعاية جيدة ولم يكن هناك ضيوف وترتيب جيد للندوات  وأثار هذا استياء الأستاذ وحيد حامد، والآن ومع مرور الوقت تم إلغاء العديد من الندوات التى كان فى نيتنا إقامتها بسبب تعنت الإدارة المبالغ فيه وغير المبرر، وعدم رغبتهم فى توفير أى إمكانيات ويسترسل قائلاً: ليس هذا فقط بل إن الكثير من إمكانيات  القصر بحاجة إلى التطوير والتحديث ولا حياة لمن تنادى، سواء الكاميرات أو وحدات المونتاج  والمايكات، وطالبنا كثيرا بإنشاء ستوديو صوت، بالإضافة إلى أن الكاميرا الوحيدة المتطورة الموجودة فى القصر تمت سرقتها بطريقة غريبة ولم يتم كسر أو تحطيم لأى باب من أبواب القصر، ولكنها اختفت فجأة  كاميرا يفوق ثمنها الـ09 ألف جنيه، غير هذا فالإهمال لم يتوقف، فهناك فساد إدارى واضح، لدرجة أن معظم إخصائيى السينما فى القصر الآن أصابهم الإحباط وبعضهم اضطر إلى أخذ إجازات بدون مرتب لأن إمكانياتهم غير مستثمرة، فالفنان غير الموظف. وفى المقابل تجدين موظفين يقيمون فى السعودية ومرتباتهم تصرف بشكل طبيعى ويوقع لهم حضور وانصراف..أضيفى إلى هذا تجديدات فى القصر ليس بحاجة إليها كتجديد الحمامات والأرضيات بدلا مثلا من توفير إمكانيات أخرى كوحدات الإضاءة والمايكات التى يحتاجها القصر، كل هذا أدى إلى انهيار  النشاط الفنى فى القصر وإذا سئل عن السبب كانت الإجابة جاهزة «بسبب ترميمات القصر».
∎ ظروف البلد
أستاذ  «أحمد عبدالنبى» موظف العلاقات العامة بقصر السينما: الموضوع وما فيه أن ظروف البلد الآن تعانى من أزمة بشكل عام، وأن اهتمام  الحكومة وتفعيل الأنشطة الثقافية متوقف بشكل ملحوظ وهذا قد يعود للحالة الأمنية التى نعانى منها الآن كما أن القصر كمكان متخصص يجب أن تتم إدارته من قبل شخص متخصص وإدارى لكى يستطيع خدمة جميع الأنشطة التى يقدمها القصر، وليس شخصاً يتعامل بفكر وظيفى روتينى لا يهمه سوى ما يتعلق بحضور وانصراف الموظفين، فهذا أثر سلبا على القصر وأنشطته التى انحصرت فقط فى احتفاليات تقليدية بعيدة عن مجاله كاحتفالية يوم اليتيم وغيرها، الشاعر «حسن رياض» المسئول عن الأنشطة فى القصر ومؤسس «خان قصر السينما»: أنا فى فترة من الفترات كنت مسئولاً عن النشاط فى قصر السينما أثناء إدارة تامر عبدالمنعم وكانت علاقاته كمدير تسمح بموافقات وتسهيلات لأنشطة عديدة بسبب علاقاته مع النجوم، ولكن من بعد الثورة اختلفت الأمور كثير.
 القصر به ما يقارب من المائة موظف ولكن العمل فيه أصبح ميتاً وأنا شخصيا وزملائى فقدنا حماسنا، وعموما أصبح هناك  تراجع بكل الأنشطة الثقافية فى  مصر وليس قصر السينما فقط  فالإقبال أصبح أقل والناس أصبحت  مهمومة الأحداث  السياسية، كان لدى مشروع بالقصر اسمه «خان قصر السينما» أخذت السطح وهو مقلب للزبالة، أقمت فيه مسرحاً وقدمنا عليه عروضاً مسرحية  وندوات واستضفنا  شعراء وفنانين ومثقفين ولكن كل هذا توقف الآن، هيئة قصور الثقافة الآن أصبحت «خرابة» ولا يوجد أحد يعمل فى مكانه وليس هناك تخصص وظيفى،إحدى موظفات القصر التى رفضت ذكر اسمها تقول «القصر أصبح يواجه فشلا إداريا فليس هناك توزيع إدارى جيد ولا تخصص فى العمل ونظامه،  فالمدير يقوم بأعمال ليست أعماله  والموظفون أصبح عملهم مختزلا بالحضور والانصراف، وقصر السينما يجب أن يديره  شخص «سينمائى» وهذا ليس ما حدث، لذلك فهو إدارى ليس ناجحا، حتى فى تنظيم الندوات  واستضافة الضيوف ودعوة الصحفيين والقنوات الفضائية وحتى الجمهور.
∎ منطقة قلق
الكاتب والناقد «وليد سيف» والمدير السابق لقصر السينما يقول:
 ويجب أن نعترف أن فترة التحول فى القصر  مرتبطة بالأنشطة الثقافية فى مصر عموما بعد الثورة ومرتبطة بأحوال البلد والحالة الأمنية، وقصر السينما  بجوار شارع قصر العينى وهى منطقة قلق واضطراب أمنى وقبل الثورة أنشطة القصر كان يغلب عليها الطابع الإعلانى وارتبط بتواجد النجوم  ويرجع هذا إلى أن لكل شخص  بصمته التى يتركها بالمكان، فأنا فى فترة إدارتى للقصر كنت حريصاً على العائد الثقافى أكثر ومناقشة القضايا السينمائية فلكل مرحلة أبعادها. وبغض النظر عن أى ظروف مادية  وما يتعلق بالإمكانيات يجب علينا جميعا كمثقفين أن نعمل فوق طاقتنا  ونواجه جميع المعوقات الروتينية والمادية.
وفى النهاية هناك سؤال يفرض نفسه.. ماذا بعد.. ماذا بعد ما قرأنا.. كيف سيكون مستقبل الثقافة فى مصر.. هل سترتدي النقاب وذلك بارتدائها السواد القاتم.