الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«أنا نفسى أروح بلدى».. لكن خايف!

«أنا نفسى أروح بلدى»..  لكن خايف!
«أنا نفسى أروح بلدى».. لكن خايف!


بريق الذهب يجذبك من بعيد.. وعندما تقترب تكتشف أنه ليس كل ما يلمع ذهبا، وبريق الهجرة سراب عندما تقترب منه يتبخر.. تستيقظ فجأة لتجده وهما، لكن بعد فوات الأوان.
 
كنا قد حذرنا فى العدد قبل السابق من دعوة إسرائيل، وأمريكا لهجرة أقباط مصر إليهما. وها نحن فى عددنا استطعنا التواصل مع أقباط مصريين هاجروا بالفعل إلى أمريكا هربا من اضطهاد الإخوان لهم، وخوفا على مستقبل أبنائهم.. نستعرض معهم مراحل رحلتهم من أرض الوطن.. إلى أرض الأحلام، ونسألهم: هل كان اختيارهم صائبا، أم ندموا؟.. هل وجدوا الحقيقة.. أم أنه كان سرابا؟
 
* عامل فى سوبر ماركت!!
 
يقول إيهاب ألفى -38سنة: سافرت أمريكا منذ شهرين بعد أن اشتدت تصرفات الإخوان علينا، وبعد أن ضايقنى صاحب الشركة التى كنت أعمل بها مبرمجا، فبدلا من أن يرقينى قام بترقية أحد الموظفين الإخوانيين، وقللمرتبى، وتغيرت المعاملة 180 درجة بالرغم من أننى أعمل عنده منذ سبع سنوات، لكنه لم يتغير إلا عندما تولى الإخوان الحكم.
 
والحقيقة أننى لم أكن أتخيل أن مصر مهد الأديان يحدث بها ذلك، فأنا من مواليد شبرا، وعشت وتربيت مع مسلمين كثر، وعن نفسى كنت أتضايق كثيرا عندما أسمع أحد الأقباط يدعى أن مصر بها فتن طائفية، وأن هناك تمييزا يحدث للمسلمين على حساب الأقباط، فلأول مرة أشعر أن هناك شيئا غريبا يحدث.
 
فقررت أن أهاجر مع عائلتى التى اقتنعت بصعوبة بالغة، فزوجتى لم تكن تريد الهجرة أبدا، ولم ترد ترك عائلتها، وتريد أن تدفن فى بلدها مصر، لكنى أقنعتها فى النهاية.
 
وعلى الفور قدمنا الأوراق المطلوبة للهجرة وتمت الموافقة فى سهولة ويسر، وسافرنا.
 
وعند هذه النقطة سألته عن أهم المواصفات التى لابد أن تنطبق على المتقدمين للهجرة، فقال لى: أن يكون متزوجا ومهاجرا مع عائلته، وأن يكون مقتدرا مادياويكون لديه رصيد فى البنك، ويكون أيضا حاصلا على مؤهل عال، ودرجات علمية عالية.
 
يستكمل ألفى قصته، فيقول: وهناك اصطدمت بالواقع المرير، فبعد أن كنت مبرمجا فى بلدى، ذهبت إلى الغربة لأكون عاملا فى سوبرماركت، فتارة أقف على الكاشير، وتارة أجمع القمامة.
 
يوميا أعد شنطة ملابسى، وأنوى الرجوع للوطن، لكن ما يستوقفنى هو مستقبل عائلتى، وخوفى عليهم من الممارسات التى تحدث ضد الأقباط.
 
* خائفة
 
أما كريستين نصيف -34سنة فتقول: أنا باحسدكم يا أولاد بلدى.. أنا وحشتنى رائحة تراب مصر، أريد أن أرجع لكن ما يستوقفنى هو مصير ابنتى، فأنا عندى طفلة أخاف عليها من الاضطهاد الذى يمارس ضد الأقباط وضد المرأة، لذا هاجرت إلى أمريكا.
 
هذا غير خوفى من التحرش والاضطهاد الذى يمارس ضد المرأة خاصة المرأة التى تمشى بشعرها، بالرغم من أننى أرتدى ملابس طويلة ومحتشمة، لكنى عندما كنت أرتدى الصليب كنت أتعرض لمضايقات جمة، لدرجة أن هناك بعض الأشخاص كانوا يهددوننى بدفع الجزية.
 
وحتى الهزار الذى كنت أتعرض له كان مثيرًا للضيق.
 
فكل ذلك جعلنى أخاف من أن أستمر فى البلد، وتتعرض ابنتى لما أتعرض له.
 
لكن الشىء الأكيد هو أننى أستطيع أن أبنى مستقبلى فى الخارج لكنى لا أستطيع بناءه فى مصر.
 
* حرمت أرجع
 
يقول إليوت سامى المهاجر إلى أمريكا: أنا مهندس كمبيوتر سافرت قبل الثورة، وعندما حدثت قررت الرجوع، وبدأت فى تجهيز أوراقى لكنى اصطدمت بالأسوأ.
 
فعندما قامت الثورة فرحت كثيرا، وشعرت بأن مصر ستعود كما كانت من جديد وستحتضن أبناءها مرة أخرى، فرجعت إجازة لأمهد لعودتى النهائية، فتفاجأت لما وجدته من ممارسات ضد الأقباط.
 
استخفاف بالأقباط، وسبهم والهجوم عليهم من شيوخ الفضائيات وشيوخ المساجد، إلى جانب تهجير الأقباط لأراضيهم وبيوتهم.
 
فعلى الفور تراجعت عن قرار العودة، وحزنت كثيرا، وللعلم أصبحت أكثر تشددا من قبل لكن رغما عنى، فإحساس صعب أن تريد أن تعود لأرض الوطن لكن هناك عائقا قويا يمنعك.
 
وأريد أن أقول شيئا مهما، وهو أن الوضع أصبح مزريا جدا، ولذا أرسلت لآخذ أمى تعيش معى، أما أخى فبعد أن كان رافضا لقرار الهجرة.. غير رأيه وهو الآن يجهز أوراقه للسفر معى.
 
* سأهاجر إلى كندا
 
تقول ريماد مايكل-22عاما، مهاجرة إلى كندا: لم نهاجر باختيارنا.. الظروف كانت أقوى منا، والضغط كان صعبا، ففجأة تغير الناس من حولنا.. بعد أن كنا واحدا نعيش معا.. أصبحت السياسة تفرق بيننا لأن الدين أصبح أساسها.
 
أنا فتاة من أسرة ميسورة الحال.. كنا نسكن بأحد شوارع المعادى فى عمارة يملكها شخص ينتمى لأحد التيارات الدينية، لكنه فى الحقيقة كان غير متشدد حتى تولى الرئيس مرسى حكم البلاد.
 
ومن يومها بدأ يتغير شيئا فشيئا، بدأ يعلق دعايات انتخابية ولافتات دينية مكتوبا عليها آيات قرآنية أمام بيتنا ثم وصلتإلى أنه علقها على باب شقتنا، وعندما تحدث معه أبى صرخ فى وجهه وتشاجر معه مشاجرة عنيفة.
 
ومن يومها بدأ يفتعل معنا المشاكل لنترك البيت، لدرجة أنه طلب منا بطريقة مباشرة أن نترك المنزل مقابل مبلغ مادى كبير.
 
وعندما رفض أبى بدأ يضايقنا كثيرا، ورفض أن يأخذ الإيجار لمدة ستة أشهر، ثم فوجئنا بمحضر يأتى إلينا ويسلمنا إنذارا بالإخلاء لأننا لم ندفع الإيجار، وبالمعنى الأدق (اتفضحنا) فى العمارة.
 
وفى هذه الأثناء كانت أختى تتعرض لمضايقات ومعاكسات فى عملها لدرجة أنها تلقت تهديدا فى التليفون بأنها إن لم تتحجب سيلقون على وجهها «مية نار».
 
فقررنا الهجرة إلى كندا عند خالى، وخاصة بعد أن ألح علينا فى ذلك.
 
وللأمانة تعاملوا معنا بطريقة جيدة من أول يوم نزلنا.
 
الحنين إلى الوطن إحساس يقتلنى، واكتشفت أننى لا أستطيع العيش خارج الوطن، لكنى فى نفس الوقت لا أستطيع الرجوع مرة أخرى للمضايقات.؟