الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«الصبوحة».. مدرسة فى مجلة!

إحساس خطير وجميل أن تكون جزءًا من تاريخ مطبوعة عريقة، كان لها تأثير كبير فى القارئ المصرى والعربى، وفى أسلوب تناول الصحافة المصرية - تحديدًا - لقضايا المجتمع منذ خروجها للنور قبل أكثر من ٦٠ عامًا، والتى لا تزال تؤدى دورها التنويرى إلى وقتنا الحالى. «صباح الخير».. تلك المدرسة المتفردة فى الصحافة المصرية والعربية ببساطتها وسياستها التحريرية التى يمكن أن نطلق عليها «السهل الممتنع» فى الوصول بأقصر الطرق إلى عقل وقلب القارىء... وباقترابى اليوم - داخل أروقة «الصبوحة»بأكثر من ربع قرن وفى مناسبة الاحتفال بعيد ميلادها، عدت بالذاكرة إلى الماضى البعيد عندما بدأت طالبًا فى مدرستها – حتى قبل أن أدخلها- عندما «اضطررت» لمتابعة المجلة وأنا طالب فى السنة الثالثة بقسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ضمن أحد المشاريع البحثية التى نجريها؛ وكان عنوان البحث على ما أذكر «دور رئيس التحرير فى تغيير السياسة التحريرية للمطبوعة: دراسة مقارنة بالتطبيق على مجلتى (صباح الخير) و(الشباب)». وبطبيعة الحال فإن البحث كان يقوم على المقارنة بين عهدى الأساتذة لويس جريس-رحمة الله عليه- ومفيد فوزى فى (صباح الخير)، وصلاح جلال وَعَبَد الوهاب مطاوع - رحمة الله عليهما - فى الشباب، لتبيان مدى الاختلاف ودور رئيس التحرير فى تعديل أو تغيير السياسة التحريرية للمطبوعة من خلال أسلوب أكاديمى بعيدًا عن الأهواء والانحيازات. المهم فى هذا البحث أننى خرجت بنتيجة مختلفة (غير علمية) لم أسجلها وقتها، وإن كانت حقيقة تأكدت منها فيما بعد بل إنها أثرت فى شخصيًا عندما التحقت بالعمل فى الصبوحة، فصحفى (صباح الخير) لابد أن تكون لديه حزمة من المعلومات العامة فى جميع المجالات، بل إنه يتحول تلقائيًا ليصبح كشكولًا جامعًا يكتب مستمتعًا فى كل المجالات؛ فلا مجال هنا للتخصص وتخصص التخصص.. العمل أقرب للهواية منه إلى الاحتراف، وإن كنت أختلف تماماً مع هذا التوجه، إلا أن أسلوب عمل محررى المجلة ورساميها كان مثار إعجاب ودهشة الآخرين، بل ربما غيرة وحسد البعض من زملائنا الصحفيين فى مؤسسات صحفية مختلفة، ولا أبالغ إذا قلت أن مطبوعات أخرى دخلت على الخط واقتبست من «صباح الخير» أسلوبها وطريقتها فى العرض، لكن تبقى «الصبوحة» الأصل وصاحبة الحق الحصرى فى ذلك. الدروس التى تلقيتها فى مدرسة «الصبوحة» كثيرة ومتنوعة ومختلفة، وربما كنت وجيلى محظوظين جدًا بالاقتراب والعمل مع جيل الرواد الذى لم يبخل علينا بمخزون خبراته المهنية والإنسانية التى شكلت وجداننا وشخصيتنا فى بلاط صاحبة الجلالة، ولعل فترة رئاسة تحرير الأب والمعلم الكبير رءوف توفيق (1994-2003)، كانت بمثابة تدشين لظهور جيل مهنى يملك أدواته وله أسلوبه المميز، الذى يعد امتدادًا لروح وسياسة «صباح الخير» التى نشأت عليها.. واليوم، أجدد الحلم الذى كنا قد نفذنا جزءًا كبيرًا منه فى فترة من الفترات وتحديدًا فى التسعينيات وحتى أوائل الألفية الجديدة بالإيمان أن التخصص فى العمل هو سمة الصحافة الحديثة مع ترك هامش لإبداع الصحفى لأن يكتب حول قضية أخرى فى غير تخصصه طالما أحس بها وكان قادراً على الإبداع فيها...فالتخصص يجعل الصحفى محددًا ملمًا بكل تفاصيل الجهة أو القضية التى يقضى سنوات فى متابعتها، مما يجعل لديه تراكما ت تعود على المجلة والقارئ بالنفع، من خلال  تقديم خدمة صحفية متميزة..وهى بالمناسبة ليست بدعة أو عجلة نخترعها ولكنها طريقة مجربة يستخدمها صحفيو العالم الأول والثالث على السواء. ربما تمرض «الصبوحة» وتضعف وتترنح ولكنها أبدًا لن تموت.. طالما ظل أبناؤها–جيلًا بعد جيل وعلى اختلاف ميولهم وأفكارهم، سائرين على نفس درب جيل الرواد الذى رسم منذ منتصف الخمسينيات سياسة تحريرية تقوم على دعم «القلوب الشابة والعقول المتحررة» والتى تصلح لكل زمان ومكان. كل سنة و«الصبوحة»..عروس الصحافة المصرية والعربية،متألقة مبهجة بجميع كوادرها وأجيالها..قادرة على تلبية احتياجات قارئها من الخليج إلى المحيط ببساطة وسلاسة ودون إسفاف أو ابتذال.