السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

احتفالات عيد القيامة وسط الأحزان

احتفالات عيد القيامة وسط الأحزان
احتفالات عيد القيامة وسط الأحزان


يحتفل المسيحيون فى مصر والعالم بعيد القيامة المجيد، وسط خضم من الأحداث الساخنة أو الملتهبة بما يمر به وطننا من ظروف عصيبة تهدد كيان الدولة المصرية وما بين ضحايا أو شهداء مدينة الخصوص بالقليوبية، وكذلك الاعتداء الآثم والغادر على الكاتدرائية الكبرى فى سابقة هي الأولى من نوعها، حيث المقر الباباوى لقداسة البابا تواضروس الثانى.. تلك الأمور المتلاحقة التى أغضبت جموع شعب مصر والتى خلفت بدورها لمسة من الحزن والقلق للمسلمين والمسيحيين على السواء.. وإن كانت هذه أول مرة يترأس فيها البابا تواضروس الصلاة فى عيد القيامة كبطريرك للأقباط الأرثوذكس منذ انتخابه من عدة شهور وقيادته للكنيسة.. غير أن مظاهر الاحتفال بالعيد لم تتغير ولم تختلف عما كانت عليه من قبل، ولأن العيد يرمز لقيامة السيد المسيح أو بما يعنى حياة ما بعد الموت فقدامتزجت مشاعر المسيحيين ما بين الفرحة والحزن معا فى هذا اليوم... أو يوم الاحتفال بعيد القيامة وإليكم التفاصيل.
وفى إطار الاحتفال بعيد القيامة المجيد قدم قداسة البابا تواضروس الثانى التهنئة للمصريين جميعا، قائلا: ربنا يكثر من أعيادنا ونلتقى دائما على خير ومودة ومحبة وتسامح دائم بين كل المصريين، فنحن جميعا أسرة مصرية يحتضنها الوطن دون تمييز أو تنوع بسبب الدين أو اللون أو الجنس.
 
وعن الاحتفال بيوم العيد قال: إن ذلك يبدأ بصلاة قداس عيد القيامة مساء يوم السبت ويستمر حتى ساعة متأخرة من الليل، ويقوم فى اليوم التالى باستقبال مهنئيه بالعيد من كبار المسئولين أو غيرهم من مختلف التوجهات، وعقب ذلك يتوجه قداسة البابا تواضروس الثانى إلى الدير للصلاة والاحتفال بيوم شم النسيم مع الآباء الرهبان والأساقفة وتناول الطعام معهم إلى جانب قضاء بعض من الوقت مع الأطفال اليتامى منهم الذين حرموا من الأبوين لسبب أو لآخر.
 
∎كلمات البابا
 
وقد علق قداسة البابا تواضروس الثانى بما تمر به مصر حاليا من مشاكل وانتكاسات بسبب غياب القانون الذى يتمنى تطبيقه على أرض الواقع، وليس على الورق فقط وألا يستثنى أحد من سلطان القانون بل يطبق على الجميع ودون استثناء، وفى نفس الوقت أكد أهمية التعليم ودوره فى تشكيل الإنسان أو المواطن فى مصر بشرط أن يكون هناك تعليم حقيقى لا ينحاز أو يميل لفئة دون غيرها أو لجهة ويبتعد عن الأخرى ويعتمد على الحوار وثقافة حب الآخر والبعد عن الشبهات أو التلقين ويكون للحرية قبل أن يكون للقهر، وكذلك هناك دور فى غاية الأهمية بالنسبة لضبط منظومة الإعلام وقد تكون ثقافة الكثير من أبناء المجتمع من خلال التليفزيون ومن ثم على جميع وسائل الإعلام توخى الحذر وإعلان الحقيقة دون تحيز وألا تنحرف لصالح فئة بعينها ولا تشوه الآخر وأيضا لابد أن تكون سلوكياتنا فى الاعتدال، فالتطرف - أيا كان نوعه، أو مصدره يقضى على الأخضر واليابس، فنحن ككنيسة نرفض أى تطاول أو تطرف من شخص إلى آخر أو من جهة إلى أخرى أو فئة إلي غيرها ولابد هنا أن نحتذى بالأزهر والكنيسة فى الاعتدال ولأن ذلك بمثابة الترياق الذى يحمى الوطن من سموم الأشرار والخطاة.
 
وفى إطار آخر، عبر قداسته من خلال محاضرته الأسبوعية بأننا لن ننسى أبناءنا أو إخواتنا الذين سقطوا فى الأحداث الأخيرة، والتى بدورها سببت لنا ألما شديدا وغضبا داخليا عبرنا عنه وكما سبق وقلت الحل فى تطبيق القانون، تفعيله لينال الجانى عقابه المستحق، وقال أيضا إن مثل هذه الأحداث تجعلنا نتوجه جميعا إلى حياة التوبة وكما يقول الكتاب «إن لم تتوبوا فجميعكم هكذا تهلكون» ونحن نقول عن كنيستنا القبطية بأنها أم الشهداء، وهذا سر جمالها وقوتها موضحا أن الله حاضر فى كل زمان ومكان يحتضن كل إنسان وهو القادر على كلشىء، كما أن السيد المسيح قال لنا «فى العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم» وهذا بالطبع يعبر عن صدق إيماننا بأنه سيكون لنا ضيق ولكن الله معنا ونعلم أيضا بأن الله يعطينا التعزية ويمنحنا الصبر ويحيط الإنسان بالرعاية، والمسيح يعلمنا «بصبركم تقتنون أنفسكم» ولن نجد تعزية أو صبرا إلا إلا عندما نرتمى عند أقدام المسيح فهو يقول «تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم».
 
وأخيرا قال قداسة البابا تواضروس الثانى: نصلى دائما من أجل الذين يسيئون إلينا ولكل إنسان فى منصب أو مسئولية ليدير شئون البلاد بكل حكمة وأن يحفظ الله مصر وشعبها على مدار الزمان ولأن المصريين عاشوا طوال حياتهم فى الاعتدال والمحبة والتسامح والأخوية وغير ذلك فهو من صنع الشيطان وحسد إبليس، ونحن أشقاء فى الحياة والوطن - مسلمين ومسيحيين - ولذا أدعو الكل للهدوء وإحكام العقل للحفاظعلى مصر من الفرقة والانقسام وسلامة الوطن والوحدة لمصرنا المحبة والسلام وحياة التسامح وليحفظ الله بلادنا مصر كما دون فى الأنجيل «مبارك شعبى مصر».
 
∎مواقف متباينة
 
وداخل سياق الاحتفال بعيد القيامة ارتدت الكاتدرائية ثياب الفرح أو العرس وسط الأحزان ودموع الذين سقطوا فى أحداث مدينة الخصوص، وكذلك على خلفية ما حدث فى الكاتدرائية أو خارجها وقد تم تشديد الإجراءات الأمنية على جميع المداخل والأبواب فى الوقت الذى أبدى فيه بعض الشباب المسيحى رفضه أن تقدم الدعوات لفئة بعينها، راغبين بأن تقتصر الاحتفالات بالعيد بالصلاة فقط دون أى مظاهر أخرى، ومطالبين بأن تكون التهنئة بالعيد صباح يوم الأحد بالمقر الباباوى فقط فى الوقت الذى تم التحذير فيه من عدم إلقاء أى هتافات داخل الكاتدرائية أو التصفيق فيها احتراما لقدسية المكان أو الكنيسة فى الوقت الذى عارض فيه البعض الآخر توجيه الدعوة خاصة للذين تخاذلوا أو تقاعسوا فى أحداث الاعتداء على الكاتدرائية مؤخرا، وحتى لا يتكرر سيناريو ما حدث من قبل بهتافات موجهة ضد مسئولين بأعينهم أو غير ذلك من الشخصيات الأخرى غير المرغوب فيها أو فى تواجدها داخل الكاتدرائية!
 

 
∎رأس الكنيسة
 
وفى إطار الاحتفال بعيد القيامة المجيد أيضا قال نيافة الحبر الجليل الأنبا مرقس - أسقف شبرا الخيمة وتوابعها: - هذه المرة الأولى التى نحتفل فيها مع قداسة البابا تواضروس الثانى، وهو على رأس الكنيسة بعد انتخابه بطريركا للكرازة المرقسية فى نوفمبر الماضى، ورغم الحالة التى نمر بها بسبب الأحداث الأخيرة فإن مشاعر الفرحة بالقيامة لم تتلاش أو تختف ، لأن قيامة السيد المسيح تبدد أى أحزان أو آلام ولأن الهنا هو رب البشرية كلها وإله الموت والحياة والكنيسة الأرثوذكسية فى مصر والعالم تلبس ثياب الفرح البيضاء الناصعة ولأن فى هذا رجاء دائما ومتجددا ننشده جميعا، فنحن نتطلع إلى الحياة الأفضل الأبدية التى لا تنتهى والتى لا موت بعدها، فيوم العيد هو القيامة وانتصار لكنيستنا للخير على الشر وللحب على الكراهية وللحياة على الموت وكذلك البر على الخطية وعلى هذا الأساس أصلى من أجل أن يحفظ الله مصرنا من كل سوء وينجينا من غواية إبليس ومؤامراته ضد الإنسان فى كل زمان أو مكان وأن يحفظ الله خليقته التى هى من صنع يديه ويقينا الشرور وينعم علينا كمصريين وفى كل العالم بالتسامح والمحبة والسلام.
 
∎حياة لا تنتهى
 
 
يقول أيضا القمص سرجيوس - وكيل عام الكاتدرائية الكبرى بالعباسية: احتفالنا بالعيد جاء كالمعتاد ولم يطرأ عليه أى تغيير، ووجهنا الدعوة للسيد رئيس الجمهورية لحضور قداس العيد ونحن نعلم أنه قد يحضر أو لا يحضر حسب ظروفه أو مشغولياته، نفس الشىء فعلناه مع السيد رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشورى ولهم مطلق الحرية فى الحضور من عدمه!
 
وفىسياق القيامة، أكد القمص سرجيوس أن قيامة السيد المسيح تعنى لنا الحياة التى لا تنتهى وانتصار الحياة على الموت بالجسد، فإن كانت حياتنا على الأرض وقتية أو سنوات معدودة أو أقل لكن بالموت الأرضى يفنى الإنسان ويهلك جسده ويتآكل ثم يتلاشى لكن تبقى روحه حية تموت وباقية لا تنتهى، فالله قدم لنا الحياة الأبدية بعيدا عن الأرض ومنحنا الرجاء فيها بأعمالنا، فلا شىء يؤثر على الإنسان الذى خلقه الله حتى لو كان هناك موت على الأرض ولأن لكل شىء تحت السماء وقتا كما أن المسيح أعطانا الرجاء وانتصر وحده على الموت، ولذلك فإن القيامة التى نحتفل بعيدها تذكرنا دوما بأن الموت هو الطريق إلى الحياة التى لا بعدها موت آخر وكل إنسان حسب أعماله.
 
∎من الظلمة إلى النور
 
كذلك يقول القمص سوريال حليم بكنيسة الملاك ميخائيل بالصحفيين: إن عيد القيامة الذى نحتفل به يمثل لنا الانتقال من الظلمة إلى النور ومن الموت إلى الحياة، ولأن الموت عندنا ليس موت الجسد أو الإنسان لكنه انتقال من عالم فان إلى آخر نحيا فيه مع السمائيين والأبرار ونمضى من معاشرة الأشرار إلى الأبرار.
 
وعلى هامش الأحداث الجارية قال القمص سوريال: إننا لا نتأثر بالأوضاع القائمة لأن مسيحنا يعطينا الحياة الممتدة إلى السماء، وهكذا أعطانا رجاء طوال حياتنا الجسدية على الأرض وحتى انقضاء الدهر، ومن جيل إلى جيل وهكذا يكون... فالقيامة تمثل لنا الفرح والمسيح قال لنا: «افرحوا فى كل حين وأقول لكم افرحوا فى الرب فنحن لا نعرف الحزن أبدا لأن إلهنا آله فرح ومحبة وسلام».
 
∎الشر والخطيئة
 
أيضا يقول القمص روليس عويضة بالكاتدرائية إن القيامة تمثل النصرة والغلبة على الشر والخطية، وكذلك قبول توبة الإنسان وغفران خطاياه من قبل الله لكى ما يبدأ الإنسان حياة جديدة مقدسة يحيا فيها بالإيمان بالسيد المسيح المنتصر بالقيامة من بين الأموات بإرادته وعلى هذا الأساس أقول: إن الاحتفال بعيد القيامة بعد الصوم المقدس قمة أفراحنا مهما كانت الأحزان التى تحيط بنا على الأرض.
 
∎نقطة الهداية
 
وفى ختام الاحتفالية بعيد القيامة يقول القمص تادروس يعقوب - كاهن بكنيسة مارجرجس سبورتنج بالإسكندرية - قيامة المسيح كانت نقطة بداية جديدة فى حياة البشرية كلها، إذ بدأ كل الملتصقين به يدركون سر تجسده على الأرض، صار كلمة الله آدم الثانى لكى يعالج ما حل بالبشر بسبب أبيهم آدم، وستبقى قيامته تكشف لنا الكثير من العطايا الآلهية حتى يوم لقائنا معه على السحاب.