الخميس 20 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

البطالة للجميـع!

البطالة  للجميـع!
البطالة للجميـع!


 تصريحات أدلى بها وزير الشباب الدكتور أسامة ياسين أثناء زيارته لإحدى الجامعات الخاصة ربما رآها البعض نوعا من المصارحة، بينما اعتبرها آخرون كلاما غير مسئول يبعث نوعا من الإحباط، وذلك حينما التقى وزير الشباب «بالشباب» الجامعى وقال لهم: «كلما حصل الشاب المصرى على شهادات ورفع من قدراته العلمية زادت فرصته فى البطالة»، مؤكداً أن الإحصائيات التى أجرتها الوزارة تؤكد أن نسبة الشباب الذين لديهم الاستعداد لخوض تجربة المخدرات، نتيجة البطالة بلغت 30٪ من منطلق الفضول، فى حين أن 34٪ من الشباب لديه الاستعداد لتعاطى المخدرات.
 
سألنا الشباب عن وقع هذه الكلمات عليهم فكانت هذه إجاباتهم:
 
حسام محمود (19 عاما) شاب طموح يدرس تكنولوجيا المعلومات بإحدى الجامعات الخاصة فور سماعه تصريحات وزير الشباب انتابته حالة شديدة من الإحباط وقال لى: أشعر بالتشاؤم الشديدوانعدام الثقة فى كل من حولى فى المجتمع، فلم أتخيل أن يخرج علينا وزير الشباب ويصرح بمثل هذه التصريحات، خاصة ونحن شباب فى مقتبل العمر نرى المستقبل بأعيننا ونخطط له كما نشاء.. فأنا أعرف جيدا ماذا أريد وأخطط من أجله وأظل دائما على أمل لتحقيقه ولكن الصراحة بعد هذه التصريحات قررت أن أعيد نظرى فيما كنت أنتوى فعله وأن أرتب أوراقى من جديد.. فسألته كيف؟ فأجابنى: «الهجرة هى الحل» والحمد لله أنا كنت مأخر هذا القرار حتى أحاول أن أبنى مستقبلى هنا فى بلدى وأعمرها ولكن الحمد لله شهد شاهد من أهلها وأفاد أن كل ما أنا أتعلم أكثر وأحصل على مؤهلات أكبر فرصتى فى البطالة بتكبر وكأنه عرض «البطالة للجميع».
 
∎طريقك مسدود يا ولدى
 
«الدنيا بالنسبة لى سواد سواد والوزير المبجل لم يضف لى جديدا» هكذا تحدثت هيام الوردانى (20 عاما) طالبة بالسنة النهائية بكلية طب جامعة القاهرة وكلها تشاؤم وإحباط ولما سألتها عن سبب هذه الحالة التى هى فيها أجابتنى قائلة: للأسف لم يعد لى سوى هذا الشعور وللمناسبة هذا الشعور ليس وليد اللحظة أو هذه الفترة وإنما هو منذ سنوات عدة، كنت أحلم منذ نعومة أظافرى بأن أصبح طبيبة وجراحة قلب أعالج أبناء المجتمع وأخدم أهل بلدى وبالفعل اجتهدت وذاكرت وواصلت الليل مع النهار حتى أحقق حلمى وأحصل على مجموع كبير يؤهلنى للاتحاق بجامعة حكومية أدرس بها تخصص الطب ومع دخولى الجامعة أفقت على كابوس كبير وهو أن البلد «عايشة بالواسطة والمحسوبية» اللى ليه ابن أخت هايشغله واللى له ابن هايوظفه لكن اللى مالهومش «ضهر» زينا صعب جدا يلاقوا شغل وحتى لو لقيت شغل فى أحد المستشفيات سأتقاضى أجرا ضئيلا لا يكفى حتى تكاليف مواصلاتى فى هذه الظروف الصعبة التى نعيشها الآن ولكن أحب أقول لسيادة الوزير أن الشباب اللى بيخاف ربنا ما بياخدش مخدرات ولا بيفكر فيها لأنهعنده قهاوى قد الدنيا يقعد عليها أو يشتغل شغل لا يتماشى مع مؤهله الدراسى مثل العمل كأفراد أمن أو «طيار دليفرى».
 
∎مافيش أمل
 
«يعنى احنا كنا ناقصين إحباط أو كآبة مش كفاية حال البلد»، هكذا علق غاضبا هشام تيسير (18 عاما) طالب بكلية إدارة الأعمال بجامعة 6 أكتوبر وأضاف: بدل ما سيادة الوزير يشوف حل لمشكلة البطالة يقوم يزيدنا اكتئاب فوق كآبتنا، أنا بجد مش مصدق نفسى وفى نفس الوقت مش لاقى حلول للخروج من الأزمة، هو إحنا نسيب البلد ولا نفضل نعافر فها ولا إيه بالظبط؟! أنا لا أريد أن أخفى عليك سرا أننى أعانى من حالة شديدة من التخبط والضيق.. حاسس أن كأننا بندور على الصندوق الأسود ومش لاقييه.. أقصد أننا بندور على الاستقرار والبداية الصحيحة عشان نبدأ نحل مشاكلنا لكن الحقيقة أننا أصبحنا نعطى العديد من المبررات مثل موضوع تعاطى المخدرات دون النظر أصلا إلى حل قضية البطالة سواء بتوفير فرص عمل أو دراسة قضية منح إعانة البطالة التى تقدمها مثلا الدول المتقدمة.. الحقيقة أنا محبط ومكتئب وشايف أنه مافيش أمل.
 
∎طفح الكيل
 
«كفانا إحباطات متتالية ومتلاحقة.. بجد طفح بنا الكيل!!!» هكذا استنكرت ندى شريف (20 عاما) - طالبة بكلية الألسن جامعة عين شمس- تصريحات الوزير واستطردت: «إحنا هانلاقيها منين ولا منين.. مش كفاية حال البلد وعدم الاستقرار..كمان يطلع علينا ويبشرنا اننا مش هنلاقى شغل كل ما نتعلم أكثر؟!!» أنا من وجهة نظرى أرى أنها تصريحات محبطة وتنم عن انعدام الاستراتيجية فى إدارة الحوار مع الطلاب فهو من المفترض أن يتحدث مع طلاب مفعمين بالحماس والحيوية والطموح وعندما يقول لهم هذا الكلام فما هدفه من وراء ذلك؟ أن يحبط الشباب وينال من عزيمتهم وطموحهم هذا كلام لا أفهمه و لا أعرفه.. ولكن أحب أن أقول له إن كلامك هذا لن يحبطنا ولن يمس إرادتنا بل سنجتهد حتىننال حقنا الذى يكفله لنا القانون والدستور!!
 
∎نيران الغضب
 
أما هشام منير (21 عاما) طالب بكلية الهندسة بإحدى الجامعات الخاصة فجاوبنى منفعلا: «بدل ما سيادة الوزير يتكلم عن انتشار البطالة والمخدرات المفروض يجد لنا حلا لهذه المشاكل المفصلية التى تؤرق البلد».. أنصحه قبل لقاء الطلاب أن يعى جيدا ماذا سيقول بدلاً من أن يؤجج نيران غضبهم وثورتهم على أداء الحكومة أكثر وأكثر.. الوضع أصبح غير محتمل والحياة أصبحت شبه مستحيلة مع انفصال الحكومة عن مشاكل المجتمع.. أرجوه إعادة النظر فى سياستهم واستراتيجيتهم فى إدارة الوزارة ومخاطبة الشباب!!.
 
∎التعليم وحدة لايكفى
 
دكتور عبدالمنعم عمارة وزير الشباب الأسبق يقول: «أنا لا أتصور أن وزير شباب من المفترض أن يكون رجلا مثقفا ومسئولا عن نهضة الشباب ودفعهم إلى الأمام أن يقول كلاما «يهبط» الشباب فأنا أشك أن يكون ذلك فى ذهنه وأعتقد أنه كانيود أن يقول إن التعليم لا يكفى بمعنى أنه على سبيل المثال لا يكفى أن يتخرج طالباً من كلية الهندسة فحسب إنما يجب أن يثقل دراسته النظرية بالدراسة العملية أى أن يحصل على التدريب الكافى حتى يؤهل لفرصة عمل جيدة.. لابد أن نتكلم فى قضية التعليم فى مصر ويجدر السؤال: هل لدينا تعليم فعلا؟ هل التعليم بالكم أم بالكيف أم بالعدد ولا بالكيفية.. هل نقدم تعليمًا يخرج أناسا تفهم وتفكر؟!.. دعنا على الأقل نفترض حُسن النية عند الرجل ونقول هل جانبه التوفيق؟ هل يقصد شيئًا من الذى قاله؟ هل يعقل أن وزير الشباب يريد بالشباب لأن يكونوا يائسين ولا يتعلمون؟! هل يعقل أن يفكر وزير الشباب فى هذا التفكير.
 
∎النقط على الحروف
 
أما د. سعيد اللاوندى الباحث فى مركز الأهرام الاستراتيجى والكاتب الصحفى فيقول: أعتقد أن وزير الشباب الحالى عندما يحذر الشباب فهو قد يضع النقاط على الحروف بدلا من أن يكذب ويقول أشياء لا أساس لها من الصحة ويجب أن يدرك الشاب فى أى من الكليات بأنه سيواجه بالبطالة فى أى مكان مثلما تعانى منها الدول الأخرى ولا ننسى أن دول العالم الثالث تعانى أكثر وأكثر حتى الدول المتقدمة تعانى منها ففى فرنسا مثلا وهى دولة متحضرة ومتقدمة عريقة تعانى من وجود أكثر من 3 ملايين عاطل صحيح أن هناك اتجاها فى هذه الدولة إلى إعطاء ما يسمى ببدل البطالة إلخ لكن هذا لا يعنى أن البطالة غير موجودة على أية حال مصر دولة تعانى من البطالة اليوم وغدا وبعد غد والمؤسف أنه حتى الآن لم يحاول البعض إعطاء حلول لهذه البطالة بقدر ما يضع مبررات لهذه البطالة وقدرة الشباب على مواجهتها.
 
∎مصارحة أم إحباط
 
أما الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية فيقول: هى تصريحات تكشف عن خلط من المصارحة والإحباط فى آن واحد.. هى طبعا مصارحة لأن البطالة فى مصر أصبحت 13.5 ٪ ومع الفتيات تضاعف الرقم إلى 26٪.. والاقتصاد بصورة عامة فى وضع سيئ وكان هناك ماكينات اقتصادية مهمة تستوعب العمالة مقفولة مثل السياحة كانت تأخذ 4 أو5 ملايين يعملون بها والوضع الأمنى لا يسمح بازدهار السياحة، وفى نفس الوقت لا يوجد وظائف جديدة أو أفكار جديدة أو استثمارات جديدة تجذب الناس مما سيشكل مشكلة للطلاب فى المستقبل.. بعض الطلاب الأغنياء يواصلون دراستهم العليا أى الماجيستير والدكتوراة للهروب من البطالة.. البعض الآخر يستطيع السفر إلى الدول العربية التى أقل بطالة منا وتصبح الفرصة فى الهجرة كبيرة.
 
ويضيف قائلا: إن هذه التصريحات تصف الحقيقة فكان من الممكن أن يتم تصوير الواقع لهم بصورة وردية ولكن هو أراد أن يصارحهم بحقيقة الأمر.. وهو أن واقع الصورة الاقتصادية فى مصر مشكلة كبيرة، فالسياحة على سبيل المثال تحتاج إلى 3 أو 4 سنوات حتى تعود على ما كانت عليه وكل ما يرتبط بها مثل الفندقة والشركات السياحية والإرشاد والصناعات لمرتبطة بالسياحة.