الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حلم الهجرة هروب الأقباط إلي جورجيا

حلم الهجرة هروب الأقباط إلي جورجيا
حلم الهجرة هروب الأقباط إلي جورجيا


 
 
على مدى أكثر من ثمانية أشهر، تردد اسم جمهورية جورجيا على ألسنة الجميع حتى بات السفر إلى تلك الدولة أملا يقارع حلم الهجرة إلى أمريكا أو أستراليا أو كندا.
 
والحقيقة أننى لم أضع فى اعتبارى أن أكتب عن رحلتى إلى جورجيا باعتبارها رحلة سياحية شأنها فى ذلك شأن دول سياحية زرتها، بعكس الحال بالنسبة لزيارات العمل التى هى حق للقارئ فى المعرفة.. إلا أن تطورات الأمور فى مصر، ومع انهمار الأسئلة على رأسى من الأقارب والأصدقاء والأحباء لمعرفة ماهية هذه الدولة وظروفها وأسلوب الحياة فيها وفرص العمل والاستثمار (المتوسط) بها .. كل ذلك جعلنى أعيد التفكير فى كتابة تجربتى لقارئ (صباح الخير )، والتى حرصت على أن أدعمها بالتطورات الجديدة التى قمت بتحقيقها بالقاهرة، إضافة إلى الحقائق والأحداث التى شهدتها فى تبليسى على مدى أربعة أيام.
ولعلى أبدأمن حيث ما انتهت إليه أخيراً السفارة الجورجية بالقاهرة بتأسيس شركة سياحة تابعة لها باسم (شركة انتركونتننتال) لتكون هناك رحلة مباشرة لجورجيا باستخدام طيران شارتر - عارض- شاملة الإقامة بالإفطار والجولات السياحية، وبذلك تكون السفارة قد حلت مشكلة الطيران المباشر بدلاً من استخدام الخطوط التركية أو الإيطالية التى كانت تعنى وجود فترة ترانزيت بمطار اسطنبول أو روما لمدة لا تقل عن أربع ساعات، ولذلك كان من الطبيعى ومع زيادة طلب السفر لجورجيا أن تدخل ثلاث شركات مصرية على الخط - بالتعاون مع الشركة الجورجية - لتنظيم رحلات أسبوعية بأسعار تتراوح بين 5700 جنيه و6500 جنيه شاملة التأشيرة والطيران والاقامة .. ولايفوتنى هنا أن أنوه أن رسم تأشيرة جورجيا كان 50 دولاراً أمريكيا توضع فى حساب للسفارة بالبنك التجارى الدولى CIB ويتم استخراج إيصال بالإيداع يسلم مع طلب الحصول على التأشيرة، وقد حصلت وقتها على التأشيرة بعد يومين فقط صالحة لمدة 3 شهور، ثم حجزت فندقاً بالإفطار عن طريق الإنترنت لمدة أربعة أيام بما يعادل 800 جنيه مصرى، أما ما يتعلق بالطيران فقد اخترت مضطراً - أنا وصديقى الذى صحبنى فى الرحلة- الخطوط الإيطالية لسببين، أولهما رخص ثمن التذكرة مقارنة بالخطوط التركية، وثانيهما قلة عدد ساعات الترانزيت فى مطار ليوناردو دافنشى بروما والتى وصلت إلى أربع ساعات، إلا أنه كان لاختيار (الإيطالية) بعض السلبيات التى اكتشفتها أثناء الرحلة، فعلى سبيل المثال أكد لى أصدقائى من العاملين فى مجال السياحة الخارجية ضرورة الحصول على الـ (الشنجن) أو تأشيرة دخول دول الاتحاد الأوروبى حتى لو لم نستخدمها، وهذا ما دفعنى للذهاب لمقر شركة الطيران الايطالية بجوار شيراتون الجزيرة للتأكد من هذا الأمر لأن الوقت الذى حددناه للسفر لم يكن يحتمل الانتظار لمدة 14 يوماًحتى نحصل على الـ (الشنجن)، وقد أخبرنى أحد العاملين بالشركة أننا لن نحتاج لهذه التأشيرة وإن كان ربما يسألنا ضابط الجوازات فى روما عما نحمله من عملات أجنبية - يورو أو دولار- ليتأكد أن ما معنا يكفى للقيام بالسياحة !!
 
∎ .. وفى مطار القاهرة أيضا!
 
الأعجب هو ما حدث وقتها فى مطار القاهرة - والذى لم يحدث لى من قبل- فأثناء قيامنا بعملية وزن الحقائب وحجز المقاعد على الطائرة، فوجئنا بالموظفة تسأل: «جورجيا .. عن طريق إيطاليا، هى فين جورجيا دى؟!».. بل إنها استدعت أحد المسئولين لتسأله عن هذا البلد مستطردة وهى تناوله جوازى سفرنا: « أنهما مسافران لجورجيا على ( الإيطالية) »، ثم كان القرار الأعجب (!) بتصوير جوازى السفر وهو إجراء لم أره من قبل، خاصة أن وظيفتى المثبتة على الجواز هى صحفى وبه العديد من التأشيرات ومنها (الشنجن) !!.. إلى هنا والأمر لم ينته مع الخطوط الإيطالية، فقد استمرت المفاجآت حتى بعد وصولنا لجورجيا ورحيلنا عنها ...فقد توقفت ضابطة الجوازات فى مطار تبليسى - وهو ما فهمته فيما بعد- بدهشة أمام نقطة بدت غريبة بالنسبة لها وهى كيف جئنا عبر روما وليس عبر اسطنبول - كما تعودوا - ولماذا لم نحصل على تأشيرة شنجن، وبعد ربع ساعة من الجدل بينها وبين آخر عبر الهاتف مستعرضة التأشيرات الموجودة أمامها على جواز سفرى، انتهى الأمر بوضع ختم الدخول !
 
.. وفى رحلة العودة للقاهرة تكرر الأمر بصورة أكثر فجاجة عندما سألنا أحد مسئولى مطار جورجيا : ما وجهتكما النهائية؟ فأجبته: القاهرة!..وهنا بدأ المسئول فى التجهم وأخذ جوازاتنا واتجه لموظفة أخرى ارتسمت الابتسامة على وجهها الملائكى، وقامت بإنهاء اجراءات حجز المقاعد ووزن الحقائب.. وهنا صاح ذلك الموظف- وعلى ما يبدو معترضا - لأن لديه شكوكا أننا سنطلب اللجوء لإيطاليا - مثلما فعل سابقون- وهو بالطبع ينم عن غباء عصامى لأننا لو كنا نريد الهرب لما وصلنا أساسا إلى جورجيا أثناء رحلة الذهاب، والهرب بمجرد نزولنا لإيطاليا!، لكن ما فهمته بعد ذلك أن هناك مصريين كثيرين خططوا لهذا الأمر، بل إن بعضهم نجح فى ذلك ودخلوا احدى دول الاتحاد الأوروبى بهذه الطريقة ولهذا الامر قصة عشتها فى جورجيا أعود إليها فى حينها.
 

 
∎الهدف .. سياحة دينية
 
ووفقا لأحد مسئولى السفارة الجورجية بالقاهرة، فان «تردد اسم بلاده على الألسنة كان مع أوائل عام 2012 مع إذاعة برنامج على قناة النيل للأخبارعن بعض الأماكن السياحية فى جورجيا»، وهو ما لفت الأنظار بشدة خاصة من جانب الأقباط الذين وجدوا فى هذه الدولة محطة لدخول أى من دول الاتحاد الأوروبى - رغم أنها خارج الاتحاد كما أن تأشيرتها لا تفيد للحصول على (الشنجن)، إلا أن وصول جماعة الإخوان وما تبع ذلك من التضييق عليهم ، أدى إلى إقبال الكثيرين من الشباب على خوض هذه المغامرة فى ظل ما تردد وقتها عن حصول الكثيرين على الإقامة لمدة عام وافتتاح مشاريع برأس مال صغير .. والطبيعى وفقاً للأعراف والتقاليد الدبلوماسية، فإن سفارة جورجيا بالقاهرة - وهى بالمناسبة تخدم مواطنى ثلاث دول هى مصر وسوريا وتونس- رفضت الإفصاح عن أعداد الأقباط الذين سافروا لجورجيا خلال العام الماضى وهو منطق يحترم لأسباب كثيرة، إلا أن ذلك لم يمنع ظهور إحصاءات غير رسمية من جهات مختلفة تشير إلى ان عدد الأقباط الذين سافروا لجورجيا بلغ حتى أوائل هذا العام حوالى 80 ألف شخص وأن النسبة الأكبر من المهاجرين كانت لرجال الأعمال وأطباء ومهندسين ومرة رجال دين وصل عددهم إلى 4 كهنة من الكنيسة الأرثوذكسية وأنجيلى ويرجع هذا إلى زيادة نسبة الأقباط هناك كما أن ما يشجع على هجرة الأقباط لها هو أن معظم سكانها مسيحيون ارثوذكس، حيث تصل نسبة المسيحيين من الكنيسة الأرثوذكسيةالجورجية (9,81٪).. عموماً أيا كانت الأرقام فإن الثابت أن جورجيا شكلت ملاذا للعمل والاستقرار للكثيرين .. ولكن هل الصورة وردية والأمور تسير كما خطط هؤلاء ؟!
 

 
- قناعتى أن جورجيا كدولة سياحية ينتظرها فعلا مستقبل مثمر من جميع النواحى، فهى بلد ناهض يتمتع بمعدلات عالية جداً من الأمن والاستقرار، والعاصمة تبليسى لديها بنية تحتية ممتازة، ولعل شبكة مترو الأنفاق تعد واحدة من أكبر شبكات الأنفاق فى معظم الدول التى انفصلت عن الاتحاد السوفيتى السابق وهو يربط أحياء المدينة ويسير بانضباط يوازى مترو باريس، كما أن الحكومة قامت أخيرا بتفعيل الكروت الممغنطة التى يمكن شحنها بأى مبلغ بدلاً من التذاكر الورقية، وهى تتيح لزائر المدينة التنقل لأى مكان بتكلفة لا تذكر تقريبا بعكس أوروبا، كما يوجد (تلفريك) يربط أجزاء من العاصمة خاصة الاماكن الأثرية ..أما تفاصيل حياة الشباب القبطى وظروف المشاريع المتاحة فى جورجيا والتى على أساسها خرج هؤلاء للاستقرار والاستثمار، فتعرضها فى حلقة جديدة الأسبوع المقبل إن كان فى العمر بقية.