حصار جامعة الأزهر بالانتخابات

ياسمين خلف وكاريكاتير ياسمين مأمون
«يسقط رئيس جامعة الأزهر».. «رئيس الجامعة القاتل».. «أسامة العبد باطل».. وعلى الناحية الأخرى مكتوب «يعيش أسامة العبد نحن معك».. «نحن ضد المؤامرة».. هذه الجمل كانت مكتوبة على جدران جامعة الأزهر.. التى شهدت حالات التسمم، وبسببها تقدم رئيس الجامعة الدكتور أسامة العبد باستقالته.. وجامعة الأزهر تتخذ إجراءات انتخابات لاختيار رئيس جديد يخلف الدكتور أسامة العبد.. مع العلم بأن هذه أول مرة فى تاريخ جامعة الأزهر يتم الانتخاب بين أشخاص لتولى منصب رئيس الجامعة.
ما بين مؤيد ومعارض لفكرة الانتخابات.. كان رأى أساتذة جامعة الأزهر مختلفا، فمنهم من كان يرى أن الوضع الآن لايحتمل فتح مجال للاختيار فى هذه الأجواء المتوترة.. ومنهم من رأى أن الفكرة مرحب بها وأن الأزهر لا يمكن أخونته حتى لو جاء من له ميول إخوانية.
يقول الشيخ سلامة عبدالقوى- المتحدث الرسمى باسم وزارة الأوقاف:
مايحدث الآن فى جامعة الأزهر أو فى أى مؤسسة دينية فى مصر من انتخاب كما حدث مع المفتى.. هذا فى حد ذاته نقلة كبيرة تتناسب مع حجم وروح وقوة ثورة 25 يناير.. لأن من المعروف فيما سبق أن كل القيادات يتم اختيارها.. ولأول مرة فى تاريخ جامعة الأزهر منذ 50 سنة يتم انتخاب رئيس الجامعات بعد انتخاب المفتى.. فأى شخص سيتولى هذا المنصب بهذه الكيفية سيكون مختلفًا تماما عن الذين تم تعيينهم فيما سبق.. سيكون فيه روح ثورة 25 يناير.. سيكون منتخبا انتخابا سليما ونزيها.. انتخابا من قبل الأساتذة المتخصصين، من قبل أعضاء هيئة التدريس فى جامعة الأزهر على مستوى مصر كلها.. وبالتالى ستكون روحه ووجوده مختلفين تماما.. ففى الحقيقة لا يعنينى الانتماء.. لأن الانتماء هو شىء خاص به.. لكن يعنينا أنه هل سيحافظ على مكانته وحجم جامعة الأزهر؟.. ويعود بها إلى الصدارة والريادة مرة أخرى.. وما يعنينا أيضا فى الحقيقة أن الشخص الذى سيتولى رئاسة جامعة الأزهر يكون أهلاً لهذا المنصب.. وأنا على يقين من أن أعضاء هيئة التدريس عندما يمنحون حق الانتخاب من المؤكد أنهم سينتخبون شخصًا يثقون فى علمه وفى أمانته وفى نزاهته وفى قيادته لجامعة الأزهر.. هذه الجامعة العريقة التى لا تعبر عن مصر فقط بل تعبر عن العالم الإسلامى ككل.. ولها قيمتها وقامتها فى العالم الإسلامى كله.. ففىالحقيقة لا أريد أن أختزل هذه التجربة الفريدة والقوية والعظيمة فى أن يكون الحوار عن انتماء الرئيس الذى سيأتى.. فهذا الكلام لا يصح لأن أى إنسان فى الدنيا سيكون من المؤكد له انتماء خاص به لكن فى النهاية يكون هناك انتماء عام وهو انتماء للوطن، انتماء للجامعة، انتماء للأزهر.. وكل أساتذه الأزهر لديهم انتماء لأزهريتهم للجامعة وللجامع.. أما اذا جاء أحد من الإخوان فيقول: الرؤساء السابقون كانت لهم انتماءات حزبية مثل الحزب الوطنى، من منهم من كانت لهم أحزاب دينية أخرى مثل التصوف .. وبالتالى لم يكن هناك كلام فى هذا الموضوع.. فأنا لا أقلل من شأن حزب وأرفع من شأن حزب آخر ولا أقلل من شأن جماعة وأرفع من شأن جماعة أخرى.. بل هناك ميزان هو الضابط لاختيار هذه المسألة.. الميزان هنا هو أن يكون أستاذا جامعيا يتميز ويتمتع بالكفاءة العلمية والكفاءة الإدارية لقيادة جامعة الأزهر.. أمابالنسبة لانتمائه الخاص فهى مسألة شخصية تتعلق به.
∎جديد علينا
بينما محمد فتحى- أستاذ المخ والأعصاب والعمود الفقرى بجامعة الأزهر- يقول:
هذه أول مرة تحدث فيها انتخابات لمنصب رئيس الجامعة داخل جامعة الأزهر .. وغالبا سيتم الانتخاب عن طريق العمداء والوكيل ومندوب أو أستاذ من كل كلية كى ينتخبوا رئيس الجامعة الذى من المفترض أن يكون أول رئيس جامعة منتخب فى تاريخ جامعة الأزهر.. فإن فكرة أنه توجد انتخابات بين أكثر من شخص هذا هو الجديد علينا.. وبالتالى لم يكن أحد من المدرسين والأساتذة مستعدا لهذه الانتخابات لأنها جاءت مفاجئة لكل الجهات الموجودة فى الجامعة.. فلأول مرة كأساتذة جامعة نركز فيمن سيرشح نفسه من سنختاره ومن سيكون الأفضل لرئاسة الجامعة؟!.... أما بالنسبة لمحاولة الإخوان السيطرة على الأزهر وترشيح الدكتور عبدالرحمن البر فيقول: فمن الصعب جدا أن يتم توجيه الرأى العام داخل الجامعة فى اتجاه معين، خصوصا أن الأزهر له اتجاهات مستقلة وليس منضمًا لنظام له فكر سلفى أو إخوانى أو متطرف.. فمعظمهم تفكيرهم منتظم والقليل منهم هو من ينتمى لتيار خاص.. فمن الصعب أن يقوم الإخوان بفرض شخص على الأزهر عن طريق انتخابات حرة ونزيهة.
أما الشيخ أحمد ترك- إمام مسجد مصطفى محمود وأحد دعاة الأزهر الشريف- فيقول:
قبل قانون الأزهر الجديد كان معروفًا أنه لا توجد انتخابات وكان رؤساء الأزهر يأتون بالتعيين.. سواء كانوا عمداء الكلية أو رئيس جامعة الأزهر.. وبعد ذلك بدأت تحدث انتخابات لعمداء الكلية وأسفرت عن نتائج طيبة وجاء علماء أفاضل وتولوا مسئولية الكليات.. وبالتالى كان شيئاً طيباً أن يتم انتخاب أيضا على مستوى رؤساء الجامعة.. لذلك أؤيد فكرة الانتخاب، فالشيخ أحمدالطيب هو صاحب مشروع الانتخاب وصاحب فكرة استقلال الأزهر.. فلا يوجد تعارض تماما.. لكنى ضد مسألة التحيز داخل الانتخابات من أجل توصيل شخص ينتمى لتيار معين.. يعنى لايصح أن ندفع بمال فى هذا الموضوع.. وأيضا لايصح أن ندفع بضغط من قبل الإخوان المسلمين.. ولا يصح أن ندفع بضغط من التيارات والأحزاب.. لذا دع الانتخابات تتم بكل بساطة وشفافية وتلقائية وموضوعية.. وهذا هو الحل الوحيد لإصلاح الأزهر.. لكن أن تدفع جماعة الإخوان المسلمين بأساليبها، سواء ما يعلم وما لايعلم من أجل توصيل أحد أبنائها الى منصب ما.. هذا أسلوب يتنافى تماما مع الشريعة الإسلامية.. و يتنافى تماما مع روح الأزهر الشريف .. ويعطى فرصة لتسييس الأزهر.. لأن التيارات والأحزاب الأخرى ستضطر إلى الدفع بأبنائها .. وهذا سيكون سببًا من أسباب تسييس الأزهر.. نحن مع الانتخابات لكن بعيدا عن التحسبات وبعيدا عن السياسة.. ثم يضيف قائلا: لقد تمت السيطرة على وزارة الأوقاف بالكامل .. وتم توظيفها لصالح النظام.. وزارة الأوقاف كانت تقوم بالتخديم على النظام السابق وأصبحت الآن تخدم على النظام الحالى.. أنا أرى أن هناك رغبة كبيرة حتى تكون جامعة الأزهر مثل نموذج لوزارة الأوقاف وحتى يكون الأزهر الشريف أيضا نموذجًا مثل وزارة الأوقاف.. أما بالنسبة لتسمم الطلاب فتم توظيفه بطريقة سياسية فى صورة أن رئيس الجمهورية يذهب لهؤلاء الطلاب فى حين أنه تغافل عن زيارة أهالى الأزهريين الذين ماتوا تحت عجلات القطار فى أسيوط.. فهذا الموضوع تم توظيفه سياسيًا على أعلى مستوى وهذه كانت إشارة واضحة من رئيس الجمهورية إلى جماعة الإخوان المسلمين وإلى عشيرته وأهله بالتخلص من الدكتور أحمد الطيب ومحاولة القضاء عليه.. لكن الموضوع فشل وواجه مقاومة شرسة من جموع الشعب المصرى وخرج الشارع المصرى ليقول إلا الأزهر الشريف.. فهناك توظيف ومحاولات، لكن الأزهر أكبر من جماعة الإخوان وأكبر من أى فصيل وأكبر من أى تيار والذى يفكر هذا التفكير يجب أن يراجع حساباته مرة أخرى.. يوضح ترك قائلا: كثير من المنابر الآن هى فى خدمة الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين ليست فى خدمة الدعوة الإسلامية.. وبالتالى وزارة الأوقاف بكل الحيل تقوم بنفى هذا والناس غير مصدقة.. والحق واضح فى هذا الموضوع.. فلو حدث وتمت السيطرة على الأزهر ستكون هذه كارثة كبيرة على الإسلام أكثر مما أن تكون على مصر وأكثر من أن تكون كارثة على الأزهريين.. لأن وزارة الأوقاف لا تعنيها الدعوة بقدر ما يعنيها النظام والتخديم عليه.. وهم يستخدمون القوانين واللوائح استخدامًا سيئًا أسوأ من استخدام أمن الدولة والحزب الوطنى.. لذلك أريد أن أقول لهم أين روح القانون وأين العقل ؟!!
الدكتور نبيل الطباخ- عميد طب الأزهر- يقول:
لست موافقا على فكرة الانتخابات الآن فى أى سلك جامعى .. لأننى أرى أن الانتخابات ليست الوسيلة المثلى لاختيار القيادات الجامعية.. اختيار القيادات الجامعية يجب أن يتم وفق معايير معروفة دوليًا من حيث الكفاءة ومن حيث القدرة على التعامل مع الآخر ومن حيث القدرات العلمية ومن حيث المهارات الإدارية وحل المشكلات .. وعلاقاته مع المجتمع الخارجى والعالم الخارجى ومع جامعات دول العالم والجامعات المصرية الأخرى.. أعتقد أن هذا الأمثل فى اختيار القيادات الجامعية.. فإن توقيت الانتخابات حاليا لن يكون فى مصلحتنا.. لأن المجتمع الآن غير قادر على الاختيار وقدراته على الاختيار غير موجودة.. كما أن قدرتنا نحن أيضا على الاختيار بحرية وبهدوء وبطمأنينة وسماع رأى الآخر فى الاختيار أعتقد أن هذا غير موجود أيضا بالمرة.. فأنا لا أوافق على أى انتخابات فى أى سلك جامعى حاليا فى هذا التوقيت..
بينما أضاف الدكتور أحمد عمر هاشم قائلا: إن هذه الطريقة هى طريقة جديدة للانتخابات وليست سيئة.. ويجب أن نختار من يصلح لرئاسة جامعة الأزهر .. كما من حق الدكتور أسامة العبد أن يرشح نفسه مرة ثانية.. خاصة أن القضاء لم يدنه بل قام بتبرئته.. لذلك ندعو الله أن يولى من يوفق ومن يصلح..