الخميس 22 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

متى يتناول طلاب المدن الجامعية غذاء آدمياً؟

متى يتناول طلاب المدن الجامعية غذاء آدمياً؟
متى يتناول طلاب المدن الجامعية غذاء آدمياً؟


وكأننا استشرفنا المستقبل عندما تناولنا مشاكل الطلاب سكان المدن الجامعية العدد قبل الماضى، ورغم الاستجابة الجزئية من رئيس جامعة القاهرة الدكتور حسام كامل لما نشر فى تحقيقنا من مطالب لهؤلاء الطلبة وذلك بتوفير سيارة إسعاف مجهزة لهم، إلا أن الوضع يبقى على ماهو عليه فى مسألة التغذية والخدمات، وإن كنا قد نوهنا فى تحقيقنا الماضى بأن المدن الجامعية التابعة لجامعة الأزهر أيضا تعانى من ويلات الإهمال، إلا أننا لم نخض فى التفاصيل بسبب لقاء شيخ الأزهر بممثلين من المدن الجامعية، ووعده لهمبتنفيذ جميع المطالب، لكن واقعة التسمم الأخيرة أثبتت أن طلاب المدن الجامعية على اختلافهم فى الهم سواء.
 
 وبفرض أن كانت حادثة التسمم مدبرة - كما أشيع - للإطاحة بشيخ الأزهر وتمهيد الطريق لقانون الصكوك، فإن الحقيقة التى لا تقبل مجالا للشكوالتى أجمع عليها جميع الطلبة والطالبات الأزهريين هى أن الخدمات سيئة للغاية داخل مدنهم الجامعية، والطعام لا يرقى لمستوى الغذاء الآدمى.
 
∎حادثة متكررة
 
«لم تكن هذه هى واقعة التسمم الوحيدة فقد سبقتها بأيام معدودة واقعة نزلات معوية جماعية داخل مدينة الطالبات» هكذا بدأت لمياء طالبة الصيدلة والمقيمة داخل المدينة حديثها، حيث تقول: عالجنا زميلاتنا بمطهرات معوية لكن ما حدث داخل مدينة البنين يوم التسمم فاق الحد حيث لم تفلح العلاجات التقليدية ووصلت درجة التسمم إلى التسبب فى فقدان وعى المصاب، مما يدل على أن الطعام كان شديد التلوث فأصيب الطلاب بأصعب حالات التسمم، لذا نحن نستبعد التعمد فى الواقعة حتى لو تم استغلالها سياسيا بعد ذلك، وقد تتعجب عزيزى القارئ من حديثى مع إحدى الطالبات رغم أن التسمم كان فى مدينة البنين، لكن ذلك يرجع السبب فيه إلى أن لمياء فى معرض حديثها قد كشفت لى عن كواليس ذلك اليوم حيث تقول: يأتى الطعام معمما على جميع المدن الجامعية بنين وبنات، وكان ذلك اليوم هو يوم الدجاج، ولكننا فوجئنا باستبداله ببيض وهو ما تكرر أيضا فى مدينة مبارك للبنين، حيث قدم لهم هذا اليوم تونة، وعندما سألنا قيل لنا إن الإدارة الطبية رفضت استلام حصة الدجاج اليوم لعدم صلاحيتها، أما فى مدينة «أ» بنين بمدينة نصر فقد قبل المسئول عن الإدارة الطبية استلام حصة الدجاج وقدمها للطلبة، ومن ثم حدثت الكارثة، مما يدل على نقطتين هامتين أولهما أن التسمم جاء نتيجة تواطؤ، أو على أقل تقدير: إهمال مشرف الإدارة الطبية بمدينة نصر، كما يدل على أن الدجاج بلغ حدا من السوء جعل الإدارات الطبية الأخرى ترفض دخوله من باب المدن الجامعية من الأساس، وهى من المرات النادرة رغم سوء أحوال الغذاء المقدم للطلاب بشكل عام، وهنا يلتقط محمد عبدالهادى أطراف الحديث، وهو أحد الطلاب المتعافين من التسسم حيث يقول: أستبعد تماما قصة المؤامرة، فالأجواء داخل المدينة الجامعية قد هدأت تماما بعد القرارات التى اتخذها الشيخ الطيب، كما أن إقالة رئيس الجامعة أسامة العبد الذى شهدت الجامعة فى عصره صنوفاً من الفساد كان مطلبا بعيد المنال لجميع الطلاب، وبتحقيقه شعرنا بأن حقوقنا ستعود، فأغلب الظن أنه هو الذى كان يقف فى طريق تنفيذ مطالبنا، وللعلم فإن الجامعة بعد إصدار شيخ الأزهر لتلك القرارات قد هدأت تماما بمن فيهم طلاب الإخوان.
 
∎حلول بديهية لا تٌفعَّل
 
يظل القرار الأهم على الإطلاق بالنسبة لطلاب المدن الجامعية هو تكليف إدارة الجامعة بالتعاقد مع شركة لإدارة المطاعم على أعلى مستوى، والتعاقد مع شركة نظافة للتطوير الصحى وتغيير موردى التغذية الذين يوردون أطعمة قليلة الجودة لتلك المدن، ولكن بعد اتخاذ فضيلة شيخ الأزهر لهذه القرارات تبادر إلى ذهنى سؤال مهم وهو لماذا لا يأكل طلاب المدن الجامعية لحوماً ودواجن طازجة من إنتاج مزارع الإنتاج الحيوانى بكليات الزراعة المختلفة على مستوى الجمهورية، أو الجمعيات التعاونية التى لها دور فعال فى إثراء سوق الدواجن واللحوم من جهة والتى تعمل على تسويق إنتاج الفلاح البسيط من جهة أخرى.
 
∎التوريد منفعة متبادلة
 
ومن جانبنا توجهنا إلى المهندس أشرف على عواجة مدير الجمعية المركزية للإصلاح الزراعى بالجيزة لنتبين منه حقيقة استعداد الجمعية لتوريد الأغذية للطلاب، وأسباب عزوف المسئولين عن التغذية داخل تلك المدن عن الاعتماد على المنتج المحلى، حيث يقول تعد الجمعية المركزية للإصلاح الزراعى بالجيزة هى قمة البنيان التعاونى وهى تتبع الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ونحن على استعداد لتوريد جميع منتجات الإنتاج الحيوانى للطلبة، حيث إن لدينا مشروع تسمين البدارة كل خمسة وأربعين يوما معتمدين فى ذلك على أجود أنواع الإعلاف والتحصينات، مما ينتج سبعين ألف طائر، وبما أننا نقوم بهذه العملية خمس مرات فى العام، فبالتالى يكون صافى إنتاجنا السنوى ثلاثمائة وخمسين ألف طائر سنويا، وبالتالى فنحن على أتم الاستعداد على أن نتعاقد مع المدن الجامعية ونقوم بمحاسبتهم طبقا للأسعار العالمية بالبورصة، وبخلاف أن منتجاتنا طازجة وصحية إلا أن عامل الوزن أيضا سيكون فى صالحنا، فبينما تزن الدجاجة المستوردة والمقدمة للطلبة 800 جرام كمتوسط، تزن الدجاجة المنتجة بمزارعنا 1600 جرام، وفضلا عن ذلك فإن الموردين الكبار الذين دائما ما ترسو مثل هذه المناقصات الكبيرة عليهم يستوردون تلك الصفقات قبل بداية العام الدراسى أى أن الدجاج يظل مخزنا ومجمدا على مدار عام كامل، رغم أن الفترة القصوى للتخزين لا تتجاوز الستة أشهر على أقصى تقدير، مشيرا إلى أن توريد الجمعية الأغذية للمدن الجامعية ستكون منفعة متبادلة، حيث يأكل الشباب طعاماً صحياً من جهة، ويستفيد صغار المستثمرين من العمال والفلاحين من جهة أخرى، لكن للأسف المسئولون فضلوا التخلى عن الإصلاح الزراعى.
 
∎التمويل هو العائق
 
وفى المقابل يرى دكتور محمد صلاح عياط رئيس قسم الإنتاج الحيوانى وأستاذ إنتاج ورعاية الحيوان بكلية الزراعة جامعة الزقازيق استحالة قدرة مزارع الإنتاج الحيوانى بكليات الزراعة المختلفة على تغذية المدن الجامعية خصوصا هذه الأيام، حيث تفتقر تلك المزارع إلى التمويل مما دفعها لبيع الحيوانات المنتجة لشراء علف لبقية الحيوانات، ويفجر دكتور عياط مفاجأة من العيار الثقيل حيث يقول: مشروع تغذية المدن الجامعية كان مطروحا من عدة سنوات وقد تقرر عمل مزرعة كبيرة برأس مال مليونى جنيه، وكانت جامعة الزقازيق بعلمائها وكفاءاتها ستشارك مشاركة فعالة فى إنجاح تلك الفكرة، والتى مع الأسف ظلت فكرة لم ترق إلى التنفيذ لغياب التمويل أيضا مع التأكيد على أنه لو تم تفعيل تلك الفكرة فسوف نستطيع الاستغناء عن اللحوم والدواجن المجمدة.