الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

صانع البهجة « محمود رضا» أنا أول من دون فى بطاقته" المهنة راقص "

هناك رواد يشار إليهم بالبنان ، لايذكر مجال عملهم إلا بذكرهم ، وقد أسس صانع البهجة محمود رضا مدرسته الرائدة فى فن الرقص الشعبى الفلكلوري، وحفر برقصات فرقته الشهيرة، فى الذاكرة المصرية والعربية أسماء لرقصات وموسيقى وكلمات تعيش فى وجدان كل العرب عابرة كل الأجيال ، فمن لا يذكر«الأقصر بلدنا والبت بيضا ويا مراكبى والنوبة وخمس فدادين والناى السحري؟» ومن لا يحب مشاهدة أفلام « غرام فى الكرنك وأجازة نص السنة » حتى ولو شاهدها من قبل عدة مرات ؟



نجح محمود رضا أن يغير نظرة المصريين للرقص الفلكلورى كفن وعلم، وأن يدون الراقصين فى بطاقات هوياتهم وجوازات سفرهم لأول مرة     «المهنة راقص»وفى عامه التاسع والثمانين وبعد أيام من عيد ميلاده ، فى الذكرى الستين لتأسيس فرقة رضا , انتشر فيديو لمحمود رضا كالنار فى الهشيم بين رواد « السوشيال ميديا»  ، وهو يعتلى المسرح مع فرقته راقصا معهم , وهو أيضا مازال محتفظا ببريقه وشغفه ورشاقته وحبه للحياة وقدرته على نشر البهجة بحضوره المميز.    «صباح الخير» حاورت المبهج الحاضر دائما محمود رضا لنعود معه لذاكرة أيام نعشقها وتعيش فينا ، ويجول بخاطره فى الشريط السينمائى لرحلته فى الفن والحياة خلال السطور التالية :

• عشقت الرقص فى مرحلة لم يكن فيها «الراقص» شخصا مهضوما فى المجتمع ورغم حصولك على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة احترفت الرقص .. لماذا؟

كنت هاويا  ولكن شغفى بالرقص بدأ منذ مشاهدتى لرقص أخى على رضا , كما أننى  كنت أذهب لمشاهدة  عروض الأوبرا  والأفلام الأمريكية  التى تحتوى  على رقصات واستعراضات  ... وما لا يعلمه  الكثيرون أن  ممارستى لرياضة الجمباز وتمثيل مصر فى الاوليمبياد عام 1952 جعلنا أتمتع  بلياقة بدنية  ساعدتنى على دخول هذا المجال   فى الوقت الذى لم يكن هناك  مدارس لتعليم فنون الرقص .. كنت أنظر إلى أى شئ فى الحياة  من منظور راقص , وكنت أذهب لمشاهدة مباريات التنس   وكرة القدم والاسكواش  وأنظر إلى خطوات أقدامهم  وأتخيلهم يرقصون  لكى التقط حركات  جديدة للرقص إلى أن استطعت  أن أكون لنفسى مرجعية  جيدة فى مجال الرقص  , وفى مجال تصميم الرقصات  اعتمدت فيه على مهاراتى  فقد كنت أجمع أصدقائى  فى النادى وأصمم لهم  رقصات لتقديمها أثناء الحفلات والمناسبات ،وعملت موظفا  فى المطار براتب شهرى لا يزيد عن 11 جنيها , وكنت أختار أوقات عملى من الثامنة مساءا حتى الثامنة صباحا , ثم أذهب إلى الكلية وغالبا النوم فى المحاضرة ومنه إلى النادى للتمرين  .

 

• ماذا عن مرحلة الاحتراف والتخطيط لإنشاء فرقة رضا ؟

 

كان هناك  فرقة أرجنتينية تعرض فنونها على مسرح فى شارع الهرم كل عام لمدة شهر أو شهرين , وذات مرة ذهبت للتعرف على أعضاء هذه الفرقة وقمت بأداء بعض الرقصات بعدها انضممت إليهم وقدمت معهم عروضا كثرة  فى الإسكندرية بفندق سان ستيفانو وفى وروما وباريس حيث تعلمت الباليه  وبعد ستة أشهر عدت إلى مصر وفى رأسى سؤال ,« أنا أرقص فلكلور أرجنتينى..  لماذا لا أرقص فلكلورا مصريا؟» , فكانت هذه هى بداية فكرة انشاء فرقة تهتم بالفلكلور المصرى ... ثم عملت بعد عودتى فى شركة بترول بالسويس لضمان وظيفة ثابتة براتب ثابت وتزوجت بابنة الدكتور حسن فهمى « نديدة » وهى شقيقة الفنانة فريدة فهمى لكن عملى فئ السويس كان سببا فى تعطيل تنفيذى لمشروع الفرقة عام 1955 حتى تم إنشائها عام 1959 ، وفى تلك الفترة كان هناك مشروع تابع لوزارة الإرشاد القومي،  ووزيرها آن ذاك كان فتحى رضوان ,وعرض على بطولة فيلم« يا ليل يا عين» مع نعيمة عاكف وأغانى كارم محمود وشهرزاد حيث قمت بتصميم رقصاته كما قمت بتجربة كل ما أريد من رقصات فلكلورية  فكان حجر الأساس للانطلاق بفرقتى .

• لماذا لم تعترض أسرتك على عملك كراقص ؟

 

أخى على رضا كان يكبرنى بخمس سنوات ، وبدأ الرقص قبلى فكان الاعتراض فقط من العائلة على إهماله الدراسة فى المدرسة«السعيدية الثانوية» حيث كان يترك المدرسة لمشاهدة مسابقات الرقص فى« جروبى» لذلك كان خوفهم فقط على الدراسة وليس اعتراضا على الرقص فى حد ذاته , أما بالنسبة لى لم يحدث أى اعتراض من أشقائى أو والدتى .

• ماهى المشاكل التى واجهت تكوين الفرقة؟

 

أهم المشكلات التى واجهتها ،هى إقناع الناس بأن يشارك أولادهم معنا ثم إقناعهم أصلا بمشاهدتنا إلى أن أصبح لنا جمهور كان غالبيته فى البداية من الرجال ، وبعد أن اكتسبنا ثقة هذا الجمهور أصبحنا نرى العائلات تحضر لمشاهدتنا وكان هذا مقياس نجاحنا , كما كنا أول من يكتب فى جوازالسفر المهنة « راقص »  وهذا لم حدث من قبل ويعنى بالتأكيد اننا تخطينا الحاجز المعنوى و العائق الأساسى لدى الناس حتى اعترفوا بفننا , أما بالنسبة للناحية المادية فكانت عائقا فى البداية خاصة بالنسبة للأجور الخاصة بأعضاء الفرقة ولكننا تخطينا ذلك .

• كيف تم اختيار أعضاء الفرقة ؟

الأمر فى البداية كان فى غاية الصعوبة لأننا لم نكن معروفين والناس تخشى مشاركة أبنائهم فى الفرقة لاستغرابهم فكرة الرقص بشكل عام , وفى البداية كنا سبعة شباب وسبعة بنات , وبالنسبة للشباب كان مقياس الاختيار هو اللياقة والبنيان الرياضى « محسن عفيفى » كان يلعب الزانة فى الجامعة و« محمد الجداوى » كان بطل غطس , أما الفتيات فكن يشتركن فى الفرقة من خلال الأصدقاء وبدون شروط معينة لأنه لم يكن هناك مجال للاختيار .

• ماذا عن الموسيقى  الخاصة باستعراضات الفرقة والأغانى التى استعنتم بها؟

كنا فى البداية نقوم ببعض البروفات والرقصات الأولية  على الطبلة فقط , ثم ذهبت إلى موسيقى مشهور ولكنه طلب منى مبلغا كبيرا فى وقت لم تكن تسمح ظروف الفرقة بذلك , فأخبرنى أخى على  بان هناك موسيقى جديد اسمه « على إسماعيل » يمكن أن يساعدنا فى وضع موسيقى خاصة بالفرقة وبالفعل حضر على  إسماعيل  البروفات ثم اختفى بعدها فعرفنا أن ابنه فى المستشفى فذهبنا إليه لنجد بجانب ابنه النوتة الموسيقية التى كان يعمل على إنهائها , والغريب انه رفض أن يأخذ أجره .

• كيف جمعتم من كل محافظة تراثها  لتعبرون عنه بالرقصات؟

هناك مخزون من الأفكار  والحركات  التى كنت أشاهدها فى الموالد وحلقات الذكر وبائعو العرقسوس وبنات البلد بالملاية اللف  فى حى السيدة زينب  الذى نشأت فيه  , وكل هذا كون لدى مرجعية استعنت بها فى تصميم رقصات الفرقة  وبعد أن نجحنا  وأحبنا الناس  قررنا الدراسة بشكل عملى  فسافرت بعدها إلى أسوان مع بعض أفراد الفرقة  وقمنا بعمل بحث  كامل عنها  والفلكلور الخاص بها  من ملابس وأغانى وكنا نستعين بالتصوير الفوتوغرافى  لرقصاتهم  وأغانيهم وأنشطتهم  اليومية مثل جنى القطن وجمع القصب ، وهكذا فى مناطق كثيرة  مثل سيوه والأقصر والمنيا  ومطروح ، وكل ذلك ساعدنى فى الإضافة لكل رقصة والتطويرمنها  وعدم الخروج عن الروح الأساسية للمكان .

 

• ماهى الرقصة الأقرب لقلب محمود رضا ؟

«رقصة العصاية »دائما ما كنت أحبها مع أغنيتها الشهيرة «البت بيضا »  وكذلك الجمهورأحبها كثيرا  وكذلك رقصات «الناى السحرى ورنة الخلخال وقطرالثورة وخمس فدادين» .

• كيف كانت علاقتكم بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر ؟

 الرئيس  جمال عبد الناصر كان يحب  الفرقة كثيرا  ،وكان هذا عاملا مشجعا لنا  وكان يطلبنا فى  احتفالات  وأعياد الثورة  أو عند استضافته  لرؤساء من دول أخرى  وأتذكر زيارة الرئيس « تيتو » رئيس يوغسلافيا وقتها كنا نعرض على مسرح نقابة المهندسين ، وبعد انتهاء  العرض صعدوا بأنفسهم إلى المسرح مع الوزراء  لتحية الفرقة  وهذا أسعدنا كثيرا  وشعرنا كفنانين بتقدير الدولة لنا .

• كيف كانت بداية  مشاركة فرقة رضا فى الأفلام السينمائية؟

عن طريق أخى على رضا الذى كان راقصا فى البداية ولكن عالم السينما جذبه فكان يرقص فى الأفلام ثم اتجه للإخراج السينمائى وبدأ كمساعد مخرج ثان ثم أول وأثناء عمله كمساعد مخرج أول اقترح علينا فكرة المشاركة فى السينما بعد الشهرة الواسعة التى حققتها الفرقة . ولأن أى جديد يجذب الناس ويحبون مشاهدته ورؤيته فقد أحب الناس أفلامنا , ولن أخفى أن الفضل يرجع إلى على رضا لاحتفاظ الفرقة بكيانها حتى الآن  وتوثيقها فى أفلام حفظ الجمهور أغنايها ورقصاتها .

• ماذا عن فريدة فهمى ؟

نحن أصدقاء تجمعنا ذكريات جميلة فأنا وفريدة تضمنا عائلة واحدة بعد أن تزوجها أخى على وتزوجت شقيقتها نديدة فهمى  وأصبحنا «عشرة عمر» .