السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

"المدرسة الأمريكية بأسيوط"

 



ذكريات المدرسة تبقى دائمًا محفورة فى الذاكرة مهما مرت سنوات، فرغم  انتهاء دراستى فى المدرسة الأمريكية بأسيوط مازلت قادرة على تذكُّر العديد من المواقف التى عشتها على مدار سنوات دراستى منذ الصف الرابع الابتدائي، وحتى تخرجى بعد أن حصلت على الشهادة التى تعادل الثانوية العامة.

«مدرستى هى نجمة المدارس فى الشرق الأوسط، فهى المدرسة الرائدة فى أسيوط من حيث أدائها ومظهرها، فمبناها الشامخ الفخم يملأ الطلاب بمشاعر الفخر والاعتزاز بأن هذه مدرستي، وكذلك مدرسوها والمسئولون عن بيت الطالبات أثروا فى تفكيرى وبناء شخصيتي».

عندما دخلت المدرسة وجدت المدرسات الأمريكان وكانت طريقتهن فى التعامل معنا قمة فى الاحترام والذوق والرقي، بالإضافة لذلك كن يهتممن بأناقة ورقى مظهرهن مع مراعاة أنهن فى محافظة من محافظات الصعيد، فكن يحرصن أن يكون مظهرهن متسقًا مع ثقافة المكان الذى يتواجدن فيه، وما زلت حتى الآن أتذكر وجوه 5 مدرسات، وأتذكر صوت المديرة فى طابور الصباح وهى تتكلم بأعلى صوتها «بنات استقمن واعتدلن»، فكان غير مقبول وجود أى همس أو انحناء أثناء الطابور.

الانضباط الذى كنا نعيشه فى اليوم الدراسى كان مستمرًا معى فى بيت الطالبات، فيوميًا كنت أقوم بترتيب سريرى ودولابى صباحًا، ثم تأتى المشرفة لتتأكد من نظافة البنات وترتيبهن لأدواتهن ووضع كل شىء فى ما مكانه حتى لا تثير الفوضى.

وبعد اليوم الدراسى يدق الجرس لموعد الغداء، وبعد تناول هذه الوجبة يسمح للطالبات بالاستمتاع بالحدائق الملحقة بالمدرسة وبيت الطالبات لمدة ساعتين كنوع من أنواع الترفيه، وبعدها يدق الجرس للدخول إلى الفصول المخصصة للدراسة اليومية، ويستمر اليوم فى هذه الغرفة إلى أن يدق آخر جرس فى اليوم فى تمام الثامنة مساءً للذهاب الى غرف النوم.

«كيف تكون إنسانًا جادًا متحضرًا» هى الحصة التى أثرت بشكل كبير فى شخصيتى، حيث كنا نتعلم كل يوم درسًا جديدًا فى فن الإتيكيت والإدارة والاقتصاد وغيرها، حتى أصبحت عند التخرج فى المدرسة قادرة على إعداد السفرة بشكل لائق وكيف أدبر أمور منزلى فى المستقبل، وكيف سأتعامل مع الناس فى الشارع وغيرها من التفاصيل الخاصة بتعاملى مع الآخرين.

منذ تخرجى فى المدرسة الأمريكية ولم تتغير ساعتى البيولوجية، فما زلت أنام وأستيقظ فى مواعيد المدرسة، وبسبب الالتزام بمواعيدى تمنيت أن أجد مضادًا حيويًا يعالجنى من ثقافة الالتزام التى تربيت عليها وأصبحت نادرة فى حياتنا.

«أنا كنت من المحظوظين فتعلمت وعشت فى مكان لا مثيل له الآن، ولا أبالغ إذا ذكرت أننى عشت فى العصر الذهبى لهذه المدرسة، وإلى يومنا هذا علاقة الود قائمة بينى وبين الكثير من زميلاتى ونتواصل معًا فى الكثير من المواقف التى نمر بها فى حياتنا الشخصية».