الأربعاء 14 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أوراق زوجة الفنان الكبير

أوراق زوجة الفنان الكبير
أوراق زوجة الفنان الكبير


هذه الرواية تستحق أن تبحث عنها وتقرأها، ولن تندم عنوانها «رمال ناعمة» وكاتبتها هى درية الكردانى وستعرف فى آخر هذا الحديث، لماذا جعلت عنوانها «رمال ناعمة»ولعل هذه الرواية هى عملها الأدبى الأول والوحيد، الذى تتقدم به للحياة الأدبية والعامة فى سن ليست صغيرة.
 
 
هو عملها الأول ولكنه يأتى ناضجا ممتلئا بالحيوية معبرا عن مسئولية الإنسان عن اختياره وبحثه الباسل عن الحب والسعادة والمشاركة.
وإذا كان هذا العمل هو رواية بكل المعانى المتعارف عليها لأركان العمل الروائى فإن جوهره ومنبعه الرئيس، تجربة شخصية ولا يخفى هذا على اللبيب وغير اللبيب، ولا تهتم هى بإخفائه.
 
ولست ناقدا محترفا أو غير محترف حين أشير عليك بقراءة هذه الرواية حتى لا تطالبنى بتقديم تحليل لبنيتها وتقييم يضىء جوانبها.
فإنى سأتوقف عند التجربة الشخصية، التى جعلتها تمسك بالقلم وتكتب بكل هذه الحرارة والانفعال.
سأفتش عن ملامح التجربة الشخصية، وسط تضاعيف الرواية وأدير حولها هذا الحديث.
 
 إذن فهو حديث من وحى الرواية وأصداء تجربتها وليس عرضا لها كعمل أدبى..ولابد أن المؤلفة لا تحب لأحد أن يقرأ عملها كتجربة شخصية أو قريبة من السيرة الذاتية، لأنها بذلت جهدا حقيقيا، لتقدم رواية ترتكز على أصول هذا الفن الجميل.
ولكننى رأيت التجربة الشخصية التى ألهمتها مهمة فى حد ذاتها وتستحق أن تشغل القارئ بذاتها وتدفعه إلى تأملها على ضوء واقعنا الثقافى والنفسى.
فهى تكشف عن جانب مشترك نعايشه جميعا.
 
ولا أرى بأسا ــ أو ثقل ظل ــ فى الإشارة إلى عناوين صاحبيها واسميهما، صاحبى التجربة، فالتجربة قصة زوجين، جمع بينهما طائر الحب، وسارت سفينة حياتهما فى بدايات الأيام، فى بحر بدا كأنه بحر من بحور الجنة، واكتشفت بل وتأكدت فى آخر الأمر أن البحر كان مليئا بالدوامات والعفاريت، منذ اللحظة الأولى وتحطمت السفينة وأعطى كل منهما ظهره للآخر.
وهى تروى هذه المسيرة الطويلة التى دامت عشرين عاما بلا ضغينة ولا يشوب حديثها مرارة أو انتقاص من قدر الآخر.
كأنها تفضى لنفسها وهى تستعيد وقائع تلك السنين، وهى لا تقصد غير الإفضاء ولا تهتم حتى باستخلاص الدروس.
فى نهاية عمر زواجهما رأت بداياته فى ضوءجديد، وكيف أن البدايات كانت تفضى إلى مثل هذه النهاية.
وأنها هى التى كانت تتعامى وترى الحلم كما آمنت به وسارت إلى عشه كأنه حقيقة واقعة.
 
كيف خلطت بين ما كانت تتمناه وبين الواقع الذى عاشته كل هذا الوقت «ثم أنك أنكرت حتى لنفسك أنك متألمة» كما يجىء بين سطور الرواية.
قوة الرواية فى التعبير الصادق عن هذا التناقض والتحكم فى النفس لقبول هذا الوهم والثقة فى إمكان تعديل مساره وإعادة البداية.
تجربة زواج بين فتاة ذكية جميلة متينة الخلق، بنت ناس، من الشريحة الأكثر احتراما فى الطبقة المتوسطة وتحمل كل بذور طموح ومواهب تلك الطبقة وبين فنان كبير من النخبة، على رأسه هالة مضيئة من التحقق والإنجاز وامتلاك ناصية كل ما يمكن تملكه من مهارات التفوق فيه.