السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بعد رحيل رائد ادب الاطفال محمود سالم: كتب الأطفال عندنا.. محلك سر!

بعد رحيل رائد ادب الاطفال محمود سالم: كتب الأطفال عندنا..     محلك سر!
بعد رحيل رائد ادب الاطفال محمود سالم: كتب الأطفال عندنا.. محلك سر!



 أثار رحيل الكاتب الكبير محمود سالم رائد الكتابة للأطفال والذى حفل تاريخه بسلاسل الكتب البوليسية والألغاز للأطفال والشباب أبرزها «المغامرون الخمسة»، و«الشياطين31» ذكريات الطفولة والمراهقة والشعور بمتعة قراءة رواية أو لغز بوليسى فمن منا لم تتأثر شخصيته بالقراءة وأبطال تلك الروايات؟ وكيف نستمتع للآن بالإمساك بكتاب فى يدنا وقراءته عند مطالعته على الإنترنت وهنا تظهر بعض التساؤلات المهمة «أدب الأطفال إلى أين»؟؟ وأين هم الجيل الثانى للكتاب القادرين على جذب الطفلوسط منافسة شرسة مع الكمبيوتر أو الآى باد أوالدردشة على الموبايل وهل الأهل مازالوا حريصين على زرع حب القراءة فى نفوس أولادهم أم أن التكنولوجيا قد أسرتهم هم أيضا فأنستهم الكتاب؟
 
أكدت دراسة علمية حديثة أن الإشارة إلى الكلمات والحروف أثناء قراءة الكتب والقصص لدى الأطفال الصغار الذين لا يستطيعون القراءة تساعدهم على تعلم القراءة مستقبلاً. وقال الباحثون إن الآباء الذين يشيرون إلى الكلمات والحروف أثناء القراءة لأطفالهم خاصة بصوت عالٍ تساعد على تنمية مهارات القراءة عند الأطفال، وهم صغار، حتى يصلوا للسن المناسبة للقراءة بمفردهم. كما أن عرض الحروف والأرقام وكيفية قراءتها من اليسار إلى اليمين ومن أعلى إلى أسفل الصفحة يحسّن هجاء الأطفال للكلمات والحروف وينمّى مهارات فهم اللغة بدرجة كبيرة، لافتين إلى أن الآباء حين يشرحون الكلمات والحروف ومعانيها ومرادفاتها للأطفال يساعدهم ذلك فى فك رموز اللغة واستيعابها بشكل بسيط، أى أن للأهل دوراً كبيراً فى زرع ثقافة القراءة فى نفوس أولادهم. السيدة ليلى أبولبن من عاشقى القراءة هى أم لطفلين فى المرحلة الابتدائية وتحكى عن القراءة فى حياة أولادها فتقول: «حرصت على تحبيب أولادى فى القراءة وشراء الكتب التى تناسب سنهم فى فترات مبكرة جدا من حياتهم اعتمدت فيها على الكتب المصورة لجذب انتباههم ولكن للأسف بمجرد دخولهم المدرسة اتجهوا للكمبيوتر وابتعدوا عن الكتاب بصورة كبيرة فأصبحوا يلعبون ويرسمون عليه وليس هناك وقت لأى اهتمام آخر ولكنى اشتركت فى مجلة شهرية للأطفال لهم وهى تجذبهم بشكل كبير لقراءتها وحل ألغازها ولكن بالمقارنة بالكمبيوتر فهو الرابح بلا شك.
 

المهندس باهر محمد أب لولدين فى المرحلتين الإعدادية والثانوية يقول: «القراءة هى ثقافة مجتمع فعندما كنت فى إحدى الدول الأوروبية كان الناس لا يفارقهم الكتاب فى وسائل المواصلات مثلا ولكن هذا لا يمنع أن هناك شريحة ليست بالقليلة تستمتع بالقراءة وبالكتاب فى حد ذاته وسط هذا الكم الهائل من وسائل الجذب فى التليفزيون وعلى الكمبيوترومنذ كان أولادى أطفالا كنت آخذهم لمعرض الكتاب ويختار كل منهم بعض الكتب وأكافئ من ينتهى من القراءة ومناقشة الكتب معىوهو ما حببهم فى القراءة ولكن بأسلوب مختلف عنى فأنا عن نفسى لا أستطيع قراءة كتاب مثلا على النت فيجب أن أطبعه لأمسكه فى يدى وأقرأه بعكس ابنى فى الإعدادية والآخر فى الصف الثانى فيقرءون على النت كتبا علمية وروايات بوليسية وعندما اشترى لهم كتبا يخبروننى أن كل شىء موجود ويمكن إنزاله من على الإنترنت.
 
الدكتورة وفاء مجدى محاولاتها لجذب أولادها للقراءة كلها باءت بالفشل وتقول: «كنت أتمنى أن يتربى أولادى على حب القراءة والموسيقى وكل ما يثقف النفس والروح والعقل وكنت أحرص على ذهابهم للمكتبة قبل سن المدرسة ليتعودوا على القراءة وسط أطفال فيحبون تلك العادة وأصطحبهم لشراءالكتب والقصصفأنا للآن أقرأ ميكى وتشاركت معهم وبالفعل كانوا يستمتعون بالقصص الملونة إلى أن كبروا قليلا وجذبهم لعب الالعاب على الاى باد والبلاى ستيشن وبدأوا برفض الجلوس للقراءة .
الكتاب اختفى ولكن
 

تشاركها الرأى السيدة ليلى البستانى فتقول بالفعل اختفى لحد كبير البحث عن الكتاب والجلوس لساعات لقراءته لدى الجيل الجديد ولكن ذلك لا يمنع أن هناك الكثير ممن يقرأون على النت فالآن الوصول لكتاب أسهل وتصفحه من على النت أوفر فى الوقت والمجهودوالمال لذا فأنا أرى أن القراءة «لم تختفى» والجيل الجديد فيه من يحرص على القراءة أيضا ولكن شكل القراءة التقليدى الذى تعودنا عليه هو ما اختفى ومع هذا فهناك أطفال أجدهم مثل جيلنا نحن يهتمون بإمساك الكتاب عند قراءته قبل النوم وهذا فى رأيى استعداد لدى الطفل.
 الأجيال الجديدة
ندى محمود 11 سنة تقول: «أستمتع كثيرا بالجلوس فى المكتبة بالمدرسة وقراءة روايات شكسبير وتشارلز ديكنز فى فترة الفسحة واحببتها لأنى درست منها فى حصة اللغة الإنجليزية وحببتنا المدرسة فيها وشجعتنى ماما على قراءتها، صحيح ليس هناك الكثير من أصدقائى يشاركوننى هذه الهواية ولكن القراءة موجودة».
يوسف صلاح 13 سنة يقول: «من صغرى تعودت أن تكون لى مكتبتى التى أجمع فيها الروايات البوليسية والألغاز واختبارات الذكاء، تراجع الوقت الذى أقضيه فى القراءة لأنى بصراحة أجلس أكثر على الفيسبوك وتويتر وتآكل الوقت والدردشة على البلاك بيرى أيضا تجعل الوقت يتبخر.
ياسمين رامى 14 سنة تقول: أحب قراءة الروايات الرومانسية ولكن من فترة لأخرى وليس دائما لأنى أحب أن ألعب على الفيسبوك المزرعة السعيدة وهى تستهلك وقتا كبيرا من الوقت مع المذاكرة فلا يكون هناك وقت للقراءة إلا فى الأجازة.
 

 
على محسن1221 سنة مغرم بالجغرافيا والفلك لذا هو لا يقرأ سوى فى هذا المجال ويقول:« هناك كتب كثيرة حول الدول والمدن ومعلومات عن الكوكب والمجرات أنا دائم البحث عن هذه الكتب عن طريق الإنترنت وأقرأها على النت عدا ذلك فلا أقرأ لأنه كفاية علينا كتب المدرسة.
 فرق كبير
يعلق أستاذ «يعقوب الشارونى» مؤلف أدب الأطفال الشهير قائلاً: هناك فرق كبير بين الاستخدام الخاطئ للإنترنت والاستخدام السليم.. معظم أولادنا يستخدمون الإنترنت إما للعب أو إرسال الإيميلات أو للدردشة فى حين أن الأطفال فى الخارج يجب أن يجيدوا الكتابة على الكمبيوتر فى سن صغيرة حيث إن إتقان الكتابة على الكمبيوتر يعد عنصرا أساسيا فى العالم وليس عندنا.. فنحن نسىء استخدام الكمبيوتر من خلال اللعب والدردشة وليس من أجل القراءة والكتابة كما هو المتبع.
الوسائل الرقمية كالإنترنت والكمبيوتر والتى من الممكن تحميل برامج عليها مثل القواميس والمعاجم أصبحت تسهل الوصول إلى المعلومة بشكل أسرع وأفضل فالعيب ليس فى الوسائل وإنما فينا نحن لأننا نسىء استخدامها .. كنا زمان نقرأ على الورق اليوم أصبحنا نقرأ على شاشات والقدماء كانوا ينقشون على الحجر.
 

 
كتب الأطفال فى العالم وقفت أمام قضية أن أهم ما فى الكمبيوتر هو التفاعل حيث إنى إذا نقرت على سطح الشاشة لأعرف معنى كلمة ستوصلنى إلى المزيد من الجمل التى قد تفسر لى معنى الكلمة وهكذا وهذا ما لا يفعله الكتاب.. فالكتب أصبحت تتوسع جدا فى استخدام ما يمكن أن تتعرف به على الحواس وبذلك أصبح 100% من أطفال الخارج يحبون الكتب ولا أقول يستفيدون منها وإنما يحبونها ولكن الكتب أضفت أيضا دورا إيجابيا فى التعامل معها مثلا يوجد كتاب مرسوم فى إحدى صفحاته صور لـ 4 حيوانات وفى الصفحة المقابلة يوجد آثار أرجل لأحد هذه الحيوانات وتطلب من الطفل أن يبحث فى ذاكرته عن أى من الحيوانات التى يعرف هى صاحبة هذه الآثار فلم يعط الكتاب المعلومة بصفة مباشرة وإنما يترك للطفل الفرصة للتفكير.. ويطلب الكتاب من الطفل أن يبحث فى الصفحة المختفية سيجد الإجابة عن هذا السؤال.. وبذلك تعطى الكتب للطفل دورا إيجابيا فى التعامل معها ولم تعط له المعلومة بصفة مباشرة وذلك حتى ينافس الكتاب الكمبيوتر عن طريق إلقاء أسئلة وعلى الطفل إيجاد حلها.. وعندما يكبر الطفل بعد 7 سنوات اكتشفوا فى الخارج أنه يكف عن القراءة بمجرد وصوله لهذه السن وقالوا إن الجيل الكبير تربى على الصورة مثل مجلات ميكى وسمير (فى مصر والعالم العربى) وهو أكثر شىء كان يحبه الطفل وهى المجلات على شكل الصور المسلسلةومازال حتى يومنا هذا كبار وشباب فى الجامعة يقرأون مجلة ميكى مرددين أنهم تعودوا عليها والحقيقة أنهم تعودوا أن يقرأوا بالكلمة والصورة.. والآن نحن فى عصر الصورة وجيلنا ربط الكلمة بالصورة وإذا قرأ كتابا بلا صور يبتعد عنه.
 
فكل التطويرات الهائلة فى عالم كتب الأطفال والحرافيك لاقت نجاحا كبيرا فى الخارج ولكنها لم تجدلها صدى جيداً فى العالم العربى والسبب أنه لا يوجد دور نشر متخصصة تقوم بنشر هذه الكتب التى حققت ثورة حقيقية لجذب صغار الأطفال بالكتب.. فالأسرة المصرية والعربية لم يصل إليها حتى الآن هذا التطور الكبير فى عالم الكتبوهناك نوع من التراجع فى الاهتمام بالكتاب فى المجتمع العربى وسببه أننا لا نستطيع التواصل مع التطورات الأساسية فيما يتعلق بالكتاب لكى ينافس شاشة الكمبيوتر.