ليلة القبض علــى عمدة الميدان
محمد عاشور وريشة عصام طه
قبل الطبع تم اخلاء سبيل الناشط حمادة المصرى بكفالة على ذمة القضية وكانت حالة من الغضب قد اجتاحت الأوساط السياسية بعد القبض على حمادة بدوى محمد أحمد، الشهير بحمادة المصرى، ذلك الشاب الثائر الذى حظى بحب ودعم كل من عرفوه، فهو لم يتقلد المناصب القيادية داخل الأحزاب، ولم يجلس على موائد المفاوضات، ولم يظهر فى الإعلام، ولكنه فقط كان ثائرا ضد الظلم، سعيًا لتحقيق العدالة، وهذا هو السر الحقيقى وراء حب الثوار له، ونفس السبب كان وراء تشكيل جبهة قوية من رجال القانون والمحاماة وحقوق الإنسان فى مصر للدفاع عنه، ولم يتوقف الأمر عند الدفاع عن المصرى فقط بل يخرج يوميًا العشرات والمئات فى وقفات احتجاجية لدعمه، والمطالبة بالإفراج عنه خاصة بعدما تم إحالته مؤخرا لمحكمة الجنايات بتهمة حيازة سلاح نارى.
ولنا أن نعلم أن من بين المدافعين عن «المصرى» الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون بجامعة عين شمس، والذى أكد أن ما حدث «للمصرى» هو تلفيق واضح للقضايا، حيث وضح أن المصرى ذهب لقسم بولاق للاطمئنان على مجموعة من الشباب الذين تم التعدى عليهم بداخل القسم، وأثناء تواجد المصرى بالمنطقة استعانت قوات الشرطة بمجموعة من البلطجية للقبض عليه، كما قاموا بتلفيق قضية السلاح له، كما أكد عيسى أن النيابة العامة تعرضت لضغوط لحبس المصرى حتى إنهم قدموا اعتذارًا عن القضية، وقالوا له بالنص: «كل هذه التهم ملفقة».
وكذلك سامح عاشور نقيب المحامين، الذى سعى جاهدا لمعرفة مكان احتجاز حمادة، ومكان العرض القانونى له بعدما كانت كل هذه الأمور مجهولة لأسرته التى لم تكن تعرف المكان المحجوز فيه، ولا أوقات عرضه على النيابة للتحقيق معه، وكذلك انسحاب أعضاء من النيابة العامة احتجاجًا على قرار النائب العام بحبس «المصرى وزميله أحمد أبو جبل»، فى أحداث بولاق دون سند قانونى، وإن كان «أحمد أبوجبل» قد تم الإفراج عنه، إلا أن المصرى مازال محبوسًا حتى وقت كتابة هذه السطور.
*مضايقات
قالت لنا نهى مجدى زوجة الناشط السياسى حمادة المصرى: إن زوجها تم حجزه بقسم بولاق أبوالعلا بعد القبض عليه بتهمة حيازة سلاح، مؤكدة أنه برىء من هذه التهمة تماماً، وأضافت: إنه تلقى العديد من التهديدات فى الفترة الأخيرة قبل أن يتم القبض عليه، وقالت: إنها تلقت اتصالاً صباح الخميس 41 فبراير، بعد القبض عليه بليلة واحدة من أحد الأشخاص ليخبرها أن زوجها موجود بقسم بولاق أبوالعلا بتهمة حيازة سلاح، وقالت وهى تبكى إن حمادة لم يحمل أى سلاح فى حياته، كما أكدت أن زوجها تم عرضه بشكل سرى على النيابة.
وأوضحت أنها وبعض أفراد أسرته «عمه، وشقيقه» عندما ذهبنا للسؤال عنه بعد إلقاء القبض عليه بقسم بولاق أنكروا وجوده، وأخبرونا أنه قد تم ترحيله إلى قسم طرة خوفا من الهجوم على القسم، وأضافت: فوجئنا بوجود عدة سيارات حراسة مشددة أمام القسم، عرفنا بعد ذلك أنها كانت مجهزة لترحيله إلى النيابة، وأشارت زوجة المصرى إلى أن زوجها قد حضر معه أثناء التحقيق عدد من الشخصيات السياسية المهمة منهم الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون، والدكتور أيمن نور المرشح الرئاسى السابق، ونقيب المحامين سامح عاشور، كما أشارت إلى أن وكيل النيابة الذى كان مكلفاً بالتحقيق مع حمادة المصرى زوجها أخبرهم أن الأوراق الموجودة فى القضية لا تستدعى اتهام حمادة، ولا حتى حجزه، لأنه لم يفعل شيئًا، كما أخبرهم بأن هناك قرارًا من النائب العام بضرورة حجزه، وأضافت: إن وكيل النيابة أكد لهم رفضه لتنفيذ أوامر النائب العام حتى لا يخالف ضميره، وتركنا دون البت فى القضية.
وأضافت نهى المصرى: إنها مُنعت من زيارة زوجها فى القسم، وعندما ذهبت إلى استقبال طرة وجدت تعسفًا ومضايقات لمنعها من الزيارة، وقالت: إنها تمكنت من زيارته بعد وقت طويل، وكانت حالته الصحية سيئة، حتى إن بعض الموجودين معه أخبروها بأن حالته كانت سيئة جداً نتيجة إضرابه عن الطعام، وإصاباته التى لم يعالج منها حتى وقت الزيارة.
واختتمت نهى مجدى زوجة حمادة المصرى حديثها بأن زوجها مصاب بعدة إصابات فى ظهره وساقه ولم يعالج منها حتى الآن، بل إنه ظل ينزف لمدة 4 ساعات فى القسم دون إسعاف، كما تم عرضه على النيابة المرة الأولى بدون محام، وتم تلفيق قضية جديدة له، حيث تم اتهامه بأنه عضو ينتمى إلى جماعة «البلاك بلوك»، وتساءلت ما ذنب زوجى ليفعلوا به ذلك، وقالت: زوجى شخص محترم وليس له علاقة بشىء.
* ناشط
أما محمد مصطفى صديق حمادة المصرى فيروى لنا ما حدث مع صديقه قائلاً: كنا على علم بأن حمادة مستهدف من الداخلية لأنه ناشط سياسى وصاحب دور فعال فى ميدان التحرير والثورة، وأضاف مصطفى أن إيمان حمادة بالثورة جعله قائدا للثوار، وعمدة بالميدان، موضحا أن وقائع القبض على حمادة بدأت يوم 31 فبراير، حيث اتصل أحد الضباط من القسم بحمادة على أساس أنه عمدة الميدان، وبالفعل قرر حمادة الذهاب إلى الضابط، ورغم أننا نصحناه بعدم الذهاب إلى القسم لإحساسنا بأن هذا الاتصال قد يكون كمينًا للقبض عليه أو الإيقاع به، إلا أنه قرر الذهاب، وقبل الوصول إلى باب القسم قام عدد من البلطجية بالهجوم عليه وطعنه فى قدمه وظهره ثلاث طعنات، وبعض أهالى المنطقة قالوا لنا إن القسم استدعى البلطجية ليكونوا أمام القسم ليقوموا بالقبض على كل من يأتى من حركة 6 إبريل، وبالفعل قام البلطجية بالقبض على حمادة وتسليمه للقسم، وبعد ذلك أخبرنا أحد المحامين من أصدقائنا فى قسم بولاق أبوالعلا أن التهم الموجهة لحمادة هى حيازة سلاح والانتماء لجماعة «البلاك بلوك».
ورفض مصطفى اتهام صديقه المصرى بالبلطجى، مؤكدا أنه من الثوار الحقيقيين الذين يهدفون إلى تحقيق أهداف الثورة، والوصول بها إلى بر آمن، وأضاف: إن الموجودين فى ميدان التحرير من أطفال وشباب ليسوا بلطجية، أو أطفال شوارع كما أطلق البعض عليهم، وقال تسمية الأطفال الموجودين فى ميدان التحرير بأطفال الشوارع شىء عبثى وخطير، مثلما قالوا عن الثوار فى بداية الثورة قلة مندسة، وقال: إنهم أطفال بلا مأوى يحلمون بتحقيق مطالب الثورة التى لم نر منها شيئًا حتى الآن.
*بدون ذنب
من جانبه يرى أحمد أبوجبل الناشط السياسى وأحد المقبوض عليهم مع حمادة المصرى ولكن تم الإفراج عنه عكس المصرى الذى لم يفرج عنه حتى الآن، أن حمادة المصرى ضحية مشكلة بين المحامين والضباط وليس له أى ذنب، كما أنه ليس طرفًا فى هذه المشاكل، وأضاف أنه شاهد حمادة فى قسم بولاق أبوالعلا وهو ينزف، مؤكدا أنه كان ملقى على الأرض، وحاول المصرى أن يتحدث إلى الضباط ليأتوا بالإسعاف، أو يقوموا بعمل إسعافات لحمادة، ولكن لم يحدث شىء من ذلك، وأضاف أبوجبل: بعدها بساعة قاموا بتنظيف الجرح فقط، وفوجئنا بعدها بنقلنا إلى محكمة باب الخلق، واستنكر أبو جبل فكرة التنكيل بالثوار التى تحدث حاليا وقال أبوجبل متحدثا عن نفسه: «تهمتى كانت حيازة شومة ونبلة داخل سيارتى»، ونفى أبو جبل هذه التهم الملفقة له وللثوار.
وأضاف أبو جبل: كنت واحدا من المقبوض عليهم والآن تم الإفراج عنى، ولكن جميع الثوار والنشطاء لن يهدأوا إلا بعد الإفراج عن المصرى وجميع المعتقلين فى السجون.
* من هو
ولكن بعد هذا التعاطف الكبير والمساندة الحقيقية من هو حمادة المصرى؟، هو خريج معهد خدمة اجتماعية 4991 وتم تعيينه بعدها بقسم العلاقات العامة بالنقابة العامة للاجتماعيين، ثم بدأ بعدها طريقه فى العمل الصحفى فى جريدة صغيرة، حتى حصل على عضوية النقابة العامة للعاملين بالطباعة والنشر، شعبة صحافة برقم قيد 9815 فى أغسطس 2008.؟