الإثنين 4 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

تأمين المدارس أم تأمين الوطن؟!

تأمين المدارس أم تأمين الوطن؟!
تأمين المدارس أم تأمين الوطن؟!


قبل بداية العام الدراسى رفعت وزارة التربية والتعليم شعار «إعادة الطلاب إلى المدارس»، بعد أن شهدت الأعوام الدراسية السابقة ظاهرة هجرة الطلاب لمقاعد الدراسة.
 
مرة بسبب أنفلونزا الطيور ومرة بسبب أنفلونزا الخنازير، وثالثة بسبب الغياب الأمنى بعد ثورة يناير.. لكن العام الدراسى شهد موجة أخرى من الهجرة، التى تحولت فى بعض المدارس إلى «تهجير»، إثر تعرض المدارس للسرقة وللتعدى، بل وللحريق والتدمير الكامل، لوقوعها فى مرمى الاشتباكات التى تحدث بين الحين والآخر بين الشرطة والمحتشدين الغاضبين، ليس فقط فى العاصمة، ولكن فى الكثير من المحافظات.
 
ومع بداية الفصل الدراسى الثانى، زادت الحاجة إلى تأمين المدارس، بعد زيادة حالات التعدى على المنشآت وعلى البشر فى وسائل المواصلات، وفى الشوارع.
 
وفى الوقت الذى اختار فيه بعض أولياء الأمور أن يحموا أبناءهم بعدم ذهابهم للمدرسة، بقى السؤال الذى يحير باقى أولياء الأمور والمعلمين ومديرى المدارس ومسئولى التعليم، كيف يمكن تأمين أكثر من 74 ألف مدرسة على مستوى الجمهورية.
 
هذا السؤال طرحته «صباح الخير» على كل الأطراف، بحثا عن إجابة.
 
فى محافظة مطروح وضعت مديرية أمن مطروح خطة لتأمين المدارس خلال الفصل الدراسى الثانى، تعتمد على الدفع بسيارات دفع رباعى مزودة بضابط شرطة وأفراد من الأمن، توزع على جميع مقار المدارس، بعد تقسيم المدينة إلى قطاعات، لاحتواء أى مشكلة أو حادثة، يتم الإبلاغ عنها من قبل أولياء الأمور أو المدرسين أو ناظر المدرسة.
 
كما تقوم المديرية بتقديم خدمة سرية، تعتمد على ضباط شرطة يرتدون الملابس المدنية، يراقبون تجمعات المدارس ومراكز الدروس الخصوصية، لحماية الطلاب والمدرسين.
 
وفى محافظة الشرقية أغلقت 17 مدرسة و10 إدارات تعليمية بالجنازير، بسبب إضراب المعلمين احتجاجا على قرار وزير المالية، بخصم نسب من الرواتب بأثر رجعى، خلال الأسبوع الأول من الفصل الدراسى الثانى.
 
وفى محافظة السويس استعانت قوات تأمين السويس التابعة للجيش الثالث الميدانى وأجهزة الشرطة، برابطة اللجان الشعبية، لتأمين المدارس مع بداية الفصل الدراسى الثانى، بالتنسيق مع مديرى المدارس، لربطهم بشبكة اتصالات، فى حالة تعرض أى مدرسة أو تلاميذها للخطر، كما أعلن صالح بيومى عضو الرابطة.
 
ومع بداية الفصل الدراسى الثانى، وعلى عكس انخفاض نسب حضور الطلاب فى المناطق المشتعلة فى القاهرة، شهدت مدارس محافظة السويس التى عانت من أحداث عنف واشتباكات خلال أيام اشتباكات الذكرى الثانية للثورة، والبالغ عددها 389 مدرسة، ارتفاعا فى نسب حضور الطلاب، ويعلق سعيد شومان مدير مديرية التعليم بالمحافظة، قائلا: إن نسب الحضور بلغت 99% فى مدارس الابتدائى، و98 % للإعدادى، و90% للثانوى، مرجعا السبب إلى طبيعة سكان المحافظة، الذين يرون الحق فى التعليم، أحد أهم الحقوق التى يجب أن يحصلوا عليها بذهابهم إلى المدرسة.
 
ويؤكد شومان أن مدارس المحافظة آمنة، بسبب تأمين الجيش الثالث الميدانى، لكل المدارس والمرافق العامة فى المحافظة، بالإضافة إلى دوريات الشرطة العسكرية والمدنية، التى تجوب أحياء المحافظة، مضيفا أنه نتيجة احتياج العديد من مدارس المحافظة لأفراد حراسة، فقد وافق اللواء سمير عجلان محافظ السويس، على تعيين 150 حارس أمن جديدا، لسد عجز الأمن فى مدارس حى الجناين.
 
؟ مدارس المناطق الملتهبة
 
وفى مدارس المنطقة الملتهبة بالأحداث فى وسط القاهرة، بمحيط وزارة الداخلية، التى تعرضت مدارسها للنهب والسرقة والحرق والتدمير، أكثر من مرة خلال هذا العام، والعام السابق، وقف محمد عطية مدير إدارة عابدين التعليمية، مؤكدا أن الإدارة وضعت خطة لتأمين المدارس، تنقسم إلى قسمين:
 
القسم الأول يختص بتأمين الطلاب، حيث منحت شاهيناز الدسوقى مديرة مديرية التعليم بالقاهرة، صلاحيات لكل مديرى الإدارات التعليمية والمسئولين فى المدارس، فى أن ينهوا اليوم الدراسى وفقا للحالة الأمنية.
 
والقسم الثانى يختص بتأمين المبنى، والذى يتطلب وجود مسئول عن الحراسة فى كل مدرسة، ولأن هذا غير متوفر الآن فى كل مدارس الإدارة، لذا تمت الاستعانة بعامل العهدة فى كل مدرسة، الذى كان يغادرها فى السابعة مساء، لكى يبيت ومعه بعض العمال، ليقوموا بدور الحراسة ليلا.
 
بالإضافة إلى تكوين مجموعات من مدرسى مدارس المنطقة المقيمين بنفس النطاق، لمتابعة أحوالها طوال اليوم، ليسرعوا بالإبلاغ عن أى حالة تعد أو هجوم عليها.
 
ويكمل عطية: طلبنا من هيئة الأبنية التعليمية أن تقوم بتعلية أسوار المدارس، سواء بالخرسانة أو بالطوب أو بالسلك الشائك، كما هو الحال مع المدرسة الألمانية، المجاورة للمدارس التى تم الاعتداء عليها، والتى لم تمس خلال الأحداث، لأنها مؤمنة بالأسلاك الشائكة، وأن تقوم بتصفيح أبواب المدارس، على غرار ما حدث مع باب مدرسة الليسيه، الذى قامت الداخلية بتصفيحه.
 
فى المقابل وصلت نسبة الحضور فى مدارس محيط وزارة الداخلية إلى أقل من 60% مع الأيام الأولى من بداية الفصل الدراسى الثانى، بحسب مختار حسن، وكيل مدرسة الحوياتى، التى تستضيفها مدرسة عابدين الثانوية، بعد احتراق الحوياتى بالكامل.
 
وتوقع مختار أن تنخفض نسبة الحضور إلى أدنى من ذلك، خلال الأيام القادمة، إذا ما استمرت حالة الاضطراب السياسى وغياب الأمن، الذى تشهده المنطقة، ومنها تعرض وسائل المواصلات للتعدى أيضا.
 
ويصف مختار الحال فى أحد الأيام الماضية، حين سمع عن مهاجمة ملثمين لمحطة مترو أنفاق السادات القريبة من المدرسة، فأمر بإنهاء اليوم الدراسى، بعد ساعة ونصف فقط من بدايته، تحسبا لتطور الأحداث.
 
؟ تأمين الوطن
 
ويرى عبدالحفيظ طايل مدير مركز الحق فى التعليم، أن الحاجة إلى تأمين المدارس يأتى ضمن ما يحتاجه الوطن كله من تأمين لمنشآته ومرافقه ومستشفياته، وحتى المواطنين، الجميع يريد أن يشعر بالأمن، ولن يتحقق ــ برأى طايل ــ بزيادة عدد أفراد الحراسة أمام كل مبنى أو منزل أو مدرسة، وإنما فى أن تجد السلطة الحاكمة حلا سياسيا، لإزالة أسباب الاحتقان السياسى فى المجتمع، وتحقيق مطالب الشعب فى العدالة الاجتماعية، وعندها سيشعر الجميع بالأمان.
 
يحذر طايل من انتقال ظاهرة العنف والاشتباكات من خارج المدرسة، إلى داخلها فى الأيام القادمة، إذا ما استمرت وزارة التربية فى تنفيذ ما يصفه بأخونة الوزارة، وتمكين الإخوان وتعيينهم فى الأماكن المهمة، فعندها سيكون العنف والاحتجاجات من قبل الطلبة وأولياء الأمور والمدرسين، فى مواجهة المدرس الإخوانى والمدير الإخوانى وحارس الأمن الإخوانى.
 
؟ شركات حراسة
 
أما عميد كلية التربية الأسبق د.محمد المفتى، فيرى أن مايحدث للعديد من المدارس الآن من سرقات واستخدامها كقلاع حربية، ترمى منها وعليها زجاجات المولوتوف التى تحدث بين المتظاهرين والشرطة، كل هذا يحدث أثرا سلبيا، على نفسية تلاميذ المدارس والمدرسين، كما أن أحد أهم شروط التعليم الجيد غير متوفر الآن، ألا وهو توفير البيئة الآمنة فى التعلم.
 
ولا يمانع المفتى من وجود شركات حراسة للمدارس كما هو متبع فى حراسة الفنادق والأماكن السياحية وغيرها، ولا يوافق على فكرة أن تكون اللجان الشعبية التى تتبع التيارات السياسية المختلفة هى التى تقوم بحماية المدارس.
 
ويقلل المهندس عدلى القزاز، مستشار وزير التربية والتعليم للتطوير الإدارى، من حجم المخاطر التى تحيق بالمدارس، قائلا: لدينا 47 ألف مدرسة، عانى منها 6 مدارس فقط، نتيجة وقوعها فى محيط وزارة الداخلية وقصر الاتحادية، مؤكدا أن العملية التعليمية، تجرى بانتظام فى المدارس، وأن هناك تعاونا بين الشرطة والمديريات للإبلاغ عن أى مدرسة تتعرض للمخاطر.
 
وأضاف: لن نعين حراسة أمن أو نضع لجانا شعبية تتبع أى تيار سياسى على أى مدرسة لحراستها، لأن هذا من شأنه زيادة الاحتقان والخصومة الموجودة فى الشارع، وعندما تتعرض أى مدرسة لخطر السرقة أو الحريق، المهم هو إخراج التلاميذ منها سالمين، وبعدها يتم إصلاح التلفيات وتعويض المسروقات.؟