الجمعة 5 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الموت في إنتظار سكان 2658 عقاراً بالإسكندرية

الموت في إنتظار سكان 2658 عقاراً بالإسكندرية
الموت في إنتظار سكان 2658 عقاراً بالإسكندرية


انهيار عمارة محرم بك على سكانها الأحد الماضى حلقة جديدة من مسلسل مستمر من الإهمال يودى بحياة المئات سنويا تحت أنقاض مبانٍ ترك المسئولون سكانها تحت رحمة تجار الموت من المقاولين، وأمام كل عقار متصدع يوشك على الانهيار تقف الحكومة عاجزة عن حل تلك المعضلة، حيث لا سلطة لرؤساء الأحياء، ولا تشريع صارم يحد من ظاهرة المبانى المخالفة، حيث كشفت آخر تقارير مخالفات للمبانى عن كارثة حقيقية، حيث احتلت الغربية المكانة الأولى بين المحافظات،وكان نصيب محافظة القاهرة من المخالفات 311 ألف عقار،
صباح الخير فتحت ملف العقارات المخالفة فى مصر، تحدثنا فيه مع المسئولين للبحث عن حلول وخطط للحد من هذه الكوارث، حيث زادت مؤخرا نسبة الانهيارات وأصبحنا نستقبل كارثة جديدة وضحايا جدد قبل أن تجف دماء الضحايا السابقة.
 
∎ قرارات مجمدة
 
فى البداية يقول رئيس حى جنوب الجيزة تيسير عبدالفتاح: إن نسبة مخالفات المبانى بمحافظة الجيزة وصلت 32495 للعقارات بدون ترخيص، أما عدد قرارات الإزالة الصادرة فوصل إلى (32966)، (وعدد قرارات الإزالة للعقارات المخالفة للترخيص وصلت إلى (381) قراراً، ومازالت المخالفات تتزايد يوما بعد الآخر دون وجود أى وسيلة لمنعها، فنحن كرؤساء أحياء ننفذ جميع الإجراءات القانونية التى يخولها لنا القانون ابتداء من المعاينة، ومرورا بمحاضر المخالفة وحتى قرار الإزالة، ولكن حينما نصل إلى هذه المرحلة من الإجراءات نتوقف بسبب عدة أمور منها فساد الذمم لبعض العاملين سواء من المقاولين والمحامين، أو قرارات النيابة بهدف وقف هذه القرارات وإفساد المحاضر، والتكلفة العالية وغياب قوات الأمن، فهناك مستفيدون من هذا الخلل الأمنى.
 
وبالتالى نحن نعانى من آلية التنفيذ ونتعرض للعديد من المخاطر، وتعرض المخالفون لنا بسبب عدم وجود قوات أمن خلال تنفيذ قرارات الإزالة، فالقرارات مجمدة منذ عامين ونطالب بتخصيص قوات أمنية خاصة بقرارات الإزالة لحماية أفراد الحى والحفاظ على أرواحهم، وأرى أن وقف النزيف الحالى وعودة الأمن مرة أخرى وهيبة الدولة هو الحل فى القضاء على كل هذه الأزمات.
 
∎ صلاحيات محدودة
 
أما عن عدد المخالفات التى وصلت إلى 1265 فقد تحدث اللواء عاطف عبدالمنعم رئيس حى الزيتون موضحا أن هناك نوعين من المقاولين منهم من يعمل من خلال القانون والرخصة، وآخرين يعملون من الباطن ويقومون بشراء أسطح العقارات بهدف البناء عليها، وتسببت هذه الظاهرة فى تفاقم الأزمة وخصوصا بعد الثورة، ويرجع هذا إلى غياب الأمن بالشارع المصرى، وعدم وعى بالخطورة التى ستقع على ساكنى العمارة، ولم تكن ظاهرة شراء الأسطح موجوده بهذا الشكل من قبل، ودور رئيس الحى هو رصد هذه المخالفة وتوقيع المحضرالذى يدين صاحب العقار والمقاول الذى اشترى السطح، ولكن هناك مشاكل عديدة تواجه رئيس الحى وهى آلية التنفيذ، فنحن لسنا مخولين بأى صلاحية لكى نكمل دورنا فى إزالة هذه المخالفات، لأننا فى حاجة إلى قوات من الداخلية لتأمين فريق العمل حتى لا يتعرض لهم أحد أثناء تنفيذ قرارات الإزالة، فدور رؤساء الأحياء يقتصر على رصد المخالفات وتحرير المحاضر فقط دون الإزالة، بالإضافة إلى طول الفترة الزمنية بين الدراسة الأمنية وإجراء المحاضر التى يقدمها الحى وبين تنفيذ قرار الإزالة الذى يتيح الفرصة أمام المخالف بالتلاعب واستكمال العقار وتسكينه، مما يجعل المشكلة أكثر تعقيدا، فرئيس الحى يقوم بجميع الإجراءات القانونية ولكن الإزالة تحتاج لقوات أمنية وهذا غير متوافر لدينا.


∎ غياب التشريعات
 
ومن جانبه أعلن المهندس عصام رضوان رئيس حى المنطقة الشمالية عن إجمالى المخالفات لديه التى وصلت «4924»، حيث بلغ عدد المخالفات بحى الزواية الحمراء 782 و 503 بحى الشرابية و58 بشبرا و1292 بحى الساحل الذى شهد انهيارا لعقار منذ أشهر قليلة و247 بالحدائق و 255 بحى روض الفرج، وطالب رضوان بالتنسيق مع قوات الشرطة لتشكيل قوى أمنية خاصة بالإزالات لأن مسئولى الأحياء وحدهم غير قادرين، نظرا للمشكلات التى تحدث أثناء تلقى القرارات وأن تنفيذ القرارات من قبل مسئولى الأحياء وحدهم يعد إهدارا لأرواحهم، ولا بد من تشريع قانون ملزم ورادع لأصحاب العقارات والمجردين من الذمة والشرف وتوقيع أقصى عقوبة للقضاء على الفساد.
 
ومن جانب آخر نفى المهندس كامل أبوزهرة رئيس حى الزهور بمحافظة بورسعيد وجود أى مخالفات فيما يخص العقارات، حيث إن الحى يعد أحدث وآخر حى تم إنشاؤه بمحافظة بورسعيد، وتم إنشاؤه وفقا لمعايير البناء الصحيحة وهو يمثل ثلث بورسعيد، أما عن حى المناخ الذى تولى رئاسته الفترة الماضية فكانت هناك بعض قرارات ازالة بخصوص 21عقارا وتم إزالتهما بالفعل وتوفير السكن المناسب للسكان ضد وقوع أى ضرر على أحدهم، ولم يحدث أى انهيارات حتى الآن، ومحافظ بورسعيد حاليا يعمل على توفير سكن بعض الأهالى لحى العرب لأنه ملىء بالعقارات القديمة وممكن أن يتسبب وجودها فى حدوث كارثة لا قدر الله.
 
وتحدث مدير مكتب محافظ القاهرة خالد مصطفى عن البيانات الأخيرة لمخالفات محافظة القاهرة والتى بلغت 311 ألف ونسبة العقارات المنشأة بدون ترخيص 17657 قائلا إنه فى الآونة الأخيرة توحشت وزادت عدد المخالفات بشكل مقلق، ويرجع ذلك إلى غياب الأمن الذى تعانى منه الدولة حاليا، فكانت المخالفات قبل الثورة تتم السيطرة عليها منذ بدايتها، حيث يتم اتخاذ جميع الإجراءات المعتادة فور رفض المخالفة بتحرير محضر لصاحب العقار، ثم إبلاغ الشرطة وهذه خطوات إدارية تنتهى بصدور قرار إزالة العقار المخالف، وإرسال هذه القرارات إلى الشرطة لكى تقوم بتنفيذ الإزالة، ولكن الشرطة كانت لها أولويات أخرى خلال الفترة الأخيرة لذلك تعطلت جميع القرارات، ولكن المخالفات التى تمت خلال العامين الماضيين مرصودة لدى المحافظة فلدينا على سبيل المثال 30 ألف قرار إزالة خلال العام الماضى فقط، وتم تنفيذ البعض منهما، ففى حالة تنفيذ قرار المخالفة منذ البداية يجعل الأمر أكثر سهولة فى السيطرة عليها وتزداد المشكلة سواء كلما ارتفعت الطوابق المخالفة وتم تسكينها، أما عن القرار الأخير الذى اتخذه المحافظ هو عدم دخول المرافق للعقارات المخالفة على عكس ما كان يحدث فى السنوات الماضية وهذا القرار مناسب للفترة الحالية، لأننا لا نمتلك الإمكانيات التى تساعدنا على تنفيذ قرارات الإزالة سواء قوات أمنية أو مادية، فعلى سبيل المثال كان هناك عقار مكون من 41 طابقا بدار السلام تمت إزالته بالكامل ولكن بتكلفة مرتفعة جدا لأن العقار كان يمثل خطرا واضحا على من يسكنه، ونحن جميعا نعلم أن المخالفات العقارية تعد خطرا جسيما وهى بمثابة قنبلة موقوتة ولا نغفل جميعا ما يحدث بمحافظة الإسكندرية، لذلك نحن جميعا نتخذ أقصى الاحتياطات الهندسية باستبعاد أى خطر على السكان، بالإضافة إلى قانون 2008 قانون الإسكان الجديد الذى يحظر علينا كجهة مسئولة التصالح مقابل غرامة يتحملها المخالف كما كان يحدث من قبل.، أما عن مشكلات المبانى القديمة والمتهالكة فهناك أحياء كاملة مثل مصر القديمة والدرب الأحمر التى تعانى من انهيارات على اعتبار أن الإيجارات منخفضة، وبالتالى لا تحدث صيانة وتنكيث، فتسوء حالة المبنى، وأحيانا يقوم بعض الملاك بتخريب المبنى بشكل متعمد، حتى ينهار العقار ويسفر ذلك عن ضحايا ليس لهم أى ذنب فى هذا.
 
∎ ليست طرفا
 
كما أكد الدكتور على عبدالرحمن محافظ الجيزة أن محافظة الجيزة تحظى بنسبة 10٪ من مخالفات الجمهورية وتتنوع ما بين اشتراطات بناء، أو بناء على أراضى زراعية وحاليا المحافظة تطبق قرارات الإزالة للعقارات المخالفة، وعدد قليل منها يخضع للتجاوز عن قانون البناء والتصالح بشأنه، وهى حالات محدودة جدا مثل زيادة فى الارتفاع الكلى للعمارة بنسبة لا تتجاوز 10 ٪ وبالمثل التجاوز فى مساحات المناور بنسبة لا تزيد على 10 ٪ وعدد هذه المخالفات محدود جدا وتتم معالجتها بدفع الغرامات.
 
أما عن زيادة ارتفاعات المبانى عن المرخص لها بطابق أو طابقين فتتم الإزالة لهذه الأدوار لأنها إزالة وجوبية، والمحافظة ليست طرفا فى هذه المشكلة بل دورها هو الاحتفاظ بقائمة المبانى المخالفة وتعلن عنها فى الأحياء المتاحة له وحاليا المحافظة تعلن من خلال البوابة الإلكترونية قائمة بالمبانى المخالفة، ولا بد من إعادة النظر فى التشريع الحالى لأن القانون الحالى يقر إزالة جميع المخالفات وهذا غير مناسب فى الوقت الحالى وعمليا غير ممكن فتكاليف إزالة العقار الواحد تصل إلى 20 ٪ من تكلفة الإنشاء.
ونحن نطالب مجلس الشعب القادم بوضع تشريع قانون مناسب من أجل التعامل مع المخالفات بالمصادرة، أو بمعنى أوضح مصادرة المبانى المخالفة وعرضها للبيع بالمزايدة لصالح الدولة ويسمح لصاحبها الدخول فى المزاد.
 
∎ جهاز بلا ميزانية
 
أما عن الكارثة التى أعلن عنها جهاز التفتيش الفنى والذى أكد أن المخالفات بجميع محافظات الجمهورية تزيد بمعدل يتراوح ما بين 10 -15 ٪ شهريا وهذا يعد بمثابه سرطان يتفشى فى المحافظات ويؤدى حتما إلى الهلاك، وأوضح حسن علام رئيس جهاز التفتيش الفنى أن الجهاز يتولى قضية التفاوض مع الجهات المسئولة خلال الفترة الحالية لتحديد ميزانية خاصة بالجهاز وهيكل تنظيمى قائم على مهندسين وإداريين، لأن الجهاز بلا ميزانية حتى الآن، بالإضافة إلى نشر فروع له على مستوى المحافظات، حتى يستطيع التصدى للمخالفات، وتدارك الأخطاء قبل وقوعها فكل من يعمل بالجهاز منتدب من الوزارة وليس لدى الجهاز سوى 17 مهندسا فقط يقوم بالمراقبة على جميع محافظات مصر، لذلك يعمل الجهاز فى حدود المتاح وللحد من الكوارث والانهيارات التى تحدث خلال هذه الفترة نقوم حاليا بتدريب مجموعة عمل من الإسكندرية والقاهرة تحديدا، ليقوموا بمسح كامل للعقارات التى يتوقع لها الانهيارات ليكون ذلك مشروعا نموذجيا يعمم فى جميع المحافظات، بالإضافة إلى أن الجهاز مقدم طلب لرئيس الوزراء حتى رئيس الجمهورية حتى يصدق على القرار ويرفع بعد ذلك إلى التنظيم والإدارة وبعد مراجعته يقدم إلى وزارة التخطيط، وبعد وضعه فى الخطة يعرض على وزارة المالية ومنها إلى وزارة الإسكان لكى يستقل الجهاز ويتخذ وضعه الطبيعى وأن يكون للجهاز الشخصية الاعتبارية كجهاز رقابى يوقف المخالفات التى ستؤدى إلى كارثة مؤكدة