الخميس 24 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الكفاءات تهجر الحكومة.. والصغار مازالوا رافضين!

الكفاءات تهجر الحكومة.. والصغار مازالوا رافضين!
الكفاءات تهجر الحكومة.. والصغار مازالوا رافضين!


حكومة عاجزة تتخذ قرارات بدون دراسة، فقد قدمت مشروعاً لمجلس الشورى تم إقراره لتحديد الحدين الأدنى والأقصى للأجور الذى لم يطبق إلا على القطاع العام فقط رغم أن الحكومة لم تدرس النتائج المترتبة على هذا القانون لم تعلن عن مصادر تمويل زيادة المرتبات فى عجز الموازنة الذى وصل إلى 150 مليار جنيه ولم تعلن عن خطة واضحة لمواجهة هروب القيادات المؤهلة والكفء من الحكومة بعد تحديد الحد الأقصى للأجور ولا كيفية سد الفراغ وراء رحيل هؤلاء الكفاءات.

التخبط والعشوائية مازال يحوم على قوانين مجلس الشورى المستوحاة من حكومة قنديل فقد وافقت اللجنة التشريعية بمجلس الشورى على دستورية قانون الحدين الأقصى والأدنى للأجور فى ظل الحالة الاقتصادية التى تمر بها مصر، ويبقى السؤال من أين تمول الحكومة هذه القوانين العشوائية فى ظل عجز الموازنة وانخفاض معدل الاحتياطى النقدى إلى 13 مليار دولار، بالإضافة إلى جميع القطاعات الاقتصادية التى تعانى من شلل تام.
وقد تضمن هذا القانون ألا يجوز أن يزيد مجموع الدخل ال
ذى يتقاضاه من المال العام سنوياً أى شخص من العاملين فى أجهزة الدولة من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء والمحافظين ونوابهم ومن فى حكمهم والخاضعين لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة بالقانون رقم 47 سنة 1978 أو المعاملين بقوانين خاصة أو من العاملين بالهيئات العامة الخدمية والاقتصادية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والكوادر الخاصة سواء كان شاغلاً لوظيفة دائمة أو مؤقتة أو وظيفة قيادية أو تكرارية أو مستشاراً أو خبيراً وطنياً أو بأى صفة أخرى على خمسة وثلاثين مثل الحد الأدنى لمجموع أقل دخل فى ذات الجهة التى يعمل بها لمن يشغل وظيفة من الدرجة الثالثة التخصصية أو ما يعادلها أو أدنى وظائف الجهات التى تنظم شئون أعضائها قوانين خاصة، وذلك سواء كان ما يتقاضاه بصفة مرتب أو مكافأة لأى سبب أو حافز أو أجر إضافى أو بدل أو مقابل حضور جلسات مجلس إدارة أو لجان فى جهة عمله أو أية جهة أخرى، كما تضمن القانون ألا يزيد الدخل على 50 ألف جنيه مصرى شهرياً، وذلك سواء ما كان يتقاضاه بصفة مرتب أو مكافأة لأى سبب أو حافز أو أجر إضافى، وألا يقل الحد الأدنى عن 1200 جنيه ابتداء من السنة المالية 2013 - 2014 ولا يسرى كل ذلك على بدلات السفر والانتقال، كما تضمنت المشروعات أن يعاد النظر فى الحد الأدنى بالزيادة كل سنة مالية، ويعاد النظر فى الحد الأقصى للأجور بالزيادة أو النقصان كل 3 سنوات.

 كارثة!

وفى هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادى أحمد جلال - مدير المنتدى الاقتصادى للبحوث الاقتصادية - أن تطبيق الحد الأدنى للأجور فى ظل انهيار الاقتصاد المصرى كارثة جديدة تخلق ثورة جياع أمام الحكومة، فموافقة مجلس الشورى جاءت بدون دراسات عن كيفية تطبيق هذا القانون فكيف تتحمل الحكومة هذه الزيادات بعد أن وصل عجز الموازنة إلى 150 مليار جنيه ووصل الاحتياطى النقدى إلى 13 مليار دولار، فضلا عن موت السياحة المصرية ومسلسل انهيار الجنيه أمام جنون الدولار فأمام كل هذه المشاكل الاقتصادية  كيف تحقق الحكومة هذه القوانين المتخبطة.
وأشار د.جلال إلى أن الحكومة عندما تقوم برفع الحد الأدنى للأجور إلى1200 جنيه على سبيل المثال فإن هذا يعنى أمرين أنه من المتوقع أن أصحاب الأعمال يقومون بالاستغناء عن قدر من العمالة لديهم لأنهم لن يستطيعوا دفع رواتبهم، كما أن رفع الحد الأدنى للأجور قد يدفع صاحب العمل إلى عدم تشغيل مجموعة جديدة من العمال، وبالتالى فإن زيادته تأتى على حساب الباقى المتعطلين أيضا لأنهم لن يجدوا وظيفة أو مكانا للعمل، وبالتالى فإن زيادة الحد الأدنى للأجر عن هذا الحد تكون ضد من يرغب فى البحث عن فرصة عمل، حيث إن زيادة المتوسط العام للأسعار بما لا يتناسب مع الدخول ومعدل الإنتاجية يتسبب فى إيجاد التضخم.
وأكد د.جلال أن زيادة الأجور أمر ضرورى ولكن لابد أولا أن تتفق هذه الزيادة مع متطلبات المعيشة، ولكن فى المقابل لابد من زيادة إنتاجية العامل ليصبح هناك توافق داخل دراسة جدوى المشروع أو المؤسسات المختلفة قالوا إن الحد الأدنى للأجور متدن ولكنه يتفق مع إنتاجية العامل العادى الأمر الذى يتطلب إعادة تأهيل العامل المصرى ورفع مهاراته حتى يمكن الارتفاع بمستوى الحد الادنى للأجور.

 
 خداع!

ومن جانبها أبدت الدكتورة هالة السعيد - عميد كلية اقتصاد وعلوم سياسية جامعة القاهرة - اعتراضها على استمرار خداع الحكومة للمواطن المطحون يوميا الذى يدفع حياته للحصول على لقمة العيش مدللة اعتراضها بأن الحكومة لن تستطيع تطبيق الحد الأدنى للأجور فى ظل الكوارث الاقتصادية التى تمر بها البلاد، بالإضافة إلى أن مصر أصبحت دولة عالية المخاطر وفقا لوكالة فتيش للتصنيف الائتمانى ومن هنا فإن الاستثمارات الأجنبية خرجت بلا رجعة.
وأشارت د.هالة إلى أن مجلس الشورى ينفذ شعارات الحكومة الرنانة التى تؤدى إلى الهلاك وانتقدت د.هالة الطريقة التى تتعامل بها الحكومة الحالية مع المشاكل الاقتصادية فى مصر، وتحديداً المتعلقة بسوق العمل، وأكدت أن هناك حالة من التسطيح فى التعامل مع الأزمة بما قد يفاقم فى السلبيات المترتبة عليها، بدلا من المساهمة فى حلها، فالاقتصاد المصرى يمر بمحنة مشيرة إلى أن مشاكل سوق العمل فى مصر تعود لأسباب هيكلية نتيجة الخلل الشديد الذى يعانى منه، حيث إن أكثر من ثلث القوى العاملة تتركز فى القطاع الحكومى، وهو فى حد ذاته عبء كبير على الدولة، فى حين أن الدول التى تشابهنا فى أوضاعنا الاقتصادية لا تتعدى الوظيفة الحكومية نسبة الـ10% من توزيع القوى العاملة بها، وبالتالى فإن الإعلان عن وظائف جديدة بالحكومة لاسترضاء الناس أمر كارثى لأنه سيزيد من الخلل الهيكلى فى سوق العمل ولن يحل أزمة البطالة.

وأكدت د.هالة أن الحكومة سوف تحل أزمتها من القروض لأنه لا توجد موارد جديدة لزيادة الإنتاج إنما يوجد عجز كبير بالموازنة يقدر بحوالى 25 % أكثر مما كان متوقعا، فبالتالى سيتم اللجوء إلى طرح «أذون خزانة» حيث تم اقتراض 136 مليار جنيه وهذا يزيد من الدين العام وعلينا سداد 150 مليار جنيه سنوياً لتسديد أقساط و فوائد الديون.
؟ الهروب!

ويشير الخبير المصرفى نبيل الحشاد رئيس المركز العربى للدراسات والاستشارات المالية والمصرفية إلى أن تطبيق الحد الأقصى للأجور سيضرب بقوة الكفاءات والخبرات المصرفية المتميزة فى البنوك الحكومية وسيدفعها إلى الهجرة من هذه البنوك واللجوء إلى البنوك الخاصة وفروع البنوك الأجنبية العاملة فى مصر بجانب الرحيل للعمل فى البنوك الخليجية، نظرا لأن تطبيق الحد الأقصى للأجور فى القطاع المصرفى سيؤدى إلى تراجع كبير فى معدلات دخول القيادات المصرفية العاملة فى البنوك الحكومية، وبالتالى ستبحث عن أماكن أخرى للعمل أملا فى الحصول على أجر أكبر خاصة أن بنوك القطاع الخاص وفروع البنوك الأجنبية لن تخضع للحد الأقصى للأجور، فضلا عن أن قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 88 لسنة 2003 واللائحة الداخلية المنظمة والخاصة بالمرتبات والأجور بالبنوك لا تنص على الالتزام بالحد الأقصى للأجور، بالبنوك العامة، ومتوسطات الأجور الموجودة بقطاعات الدولة الحكومية الأخرى، وهو ما يفسر عدم إمكانية خضوع البنوك العامة لقواعد الأجور المقترحة، بالإضافة إلى أن قانون البنك المركزى، ولائحته الداخلية، لا تشمل إقرار الحد الأقصى للأجور وربطه بالحد الأدنى، نظرا لأن اللائحة الداخلية الخاصة بكل بنك فى البنوك العامة، تضم حداً أدنى يختلف عن باقى مؤسسات الدولة، وهو ما يؤكد صعوبة تنفيذه دون تعديل تشريعى لقانون البنوك.؟