سطوة المال والسلطة.. مازالت تحكم مصر!! حسن مالك يقود المصالحة مع مبارك
نبيل صديق
حكومة.. «قليلة الحيلة» تقود مصر حاليا إلى المجهول حكومة تقود البلاد بلا رؤية حقيقية، حكومة ينقصها الخيال والقدرة على الإبداع، تحاول إدارة اقتصاد البلد بالفهلوة، رغم أن الاقتصاد علم له قواعده وأسسه، حكومة تشعر بالعجز، تحاول حل مشاكلها بحلول عفا عليها الزمن، لو طبقت ستكون لها عواقب وخيمة على المجتمع كله، حكومة تتخبط بعشوائية تارة تجرى وراء صندوق النقد الدولى من أجل الاستدانة!! وفشلت!! وتارة تتخذ قرارات عشوائية برفع الدعم عن الفقراء ورفع أسعار الوقود وفشلت أيضا!! وأخيرا قلدت التاجر المفلس بالبحث فى الدفاتر القديمة ووجدت ضالتها فى فتح ملف التصالح مع رموز النظام السابق بعد أن فشلت فى استرداد الأموال المهربة فى الخارج!!
هتنزل «المرة دى» هذا هو شعار الحكومة الحالية منذ أن تولت لغياب الرؤية والبرنامج المدروس علميا.. تتخذ القرارات وسرعان ما تتراجع عنها مع أول رفض شعبى لها، التصريحات دائما تسبق دراسة الأفكار، والإعلان عنها كقرارات يسبق تحديد الأسباب والمستفيدين والمتضررين من القرارات، التصريحات تملأ الصحف قبل دراسة ردود الأفعال عليها وكيفية التعامل معها وكيفية التعامل مع المتضررين وتعويضهم، والنتيجة الطبيعية هى غضب عارم من قرارات الحكومة من المواطنين والتجار والصناع، وقتها تقدم الحكومة أول خطوة للتنازل بتأجيل القرار لمدة أسبوع أو شهر تتزايد الضغوط من الجميع، ووقتها تجد الحكومة نفسها فى وضع محرج جدا ولا تجد مخرجا لها إلا تقليد الفنان المبدع «عبدالفتاح القصرى» وتستعين بعبارته المشهورة «خلاص هتنزل المرة دى.. أما المرة اللى جاية لا ممكن أبدا»، وتكرر الأمر كثيرا وآخر هذه القرارات غير المدروسة فتح التصالح مع رموز النظام السابق.
المغربى
∎ فشل !!
الحكومة فشلت فى استعادة الأموال المهربة للخارج والفشل يعود أن الحكومة لم تكن جادة فى استعادة هذه الأموال لم تتخذ القرارات التى يجب أن تتخذها فى الوقت المناسب، مما أعطى الفرصة لإخفاء هذه الأموال فى صناديق «أوف شور» وهى صناديق تستخدم فى إخفاء وغسيل الأموال المشبوهة، وأصبح من الصعب تتبعها الآن، وكانت سويسرا على وشك تسليم مصر جزء من هذه الأموال، ولكن المحكمة السويسرية العليا رفضت تسليم هذه الأموال بسبب حصار بعض عناصر التيارات الإسلامية المحكمة الدستورية المصرية ومنعها من أداء عملها وضاعت فرصة استعادة جزء من هذه الأموال، لهذا فتحت الحكومة ملف التصالح مع رموز النظام السابق ولم يتقدم إلا ثلاثة فقط من أجل التصالح حسين سالم، وبعده أحمد عز الذى عرض التنازل عن جزء بسيط من ثروته مقابل حريته، وأخيرا رشيد محمد رشيد الذى تقدم بطلب للتصالح مقابل 9 ملايين جنيه فقط!! ومنذ أيام أدلى حسن مالك رجل الأعمال الإخوانى بتصريحات صحفية تؤكد أن هناك أثنين من رجال الأعمال سيعودان قريبا للقاهرة من لندن بعد التصالح «إشارة لياسين منصور وحامد الشيتى» والسؤال هنا بأى صفة يدلى حسن مالك بهذه التصريحات فهو ليس مسئولا فى الحكومة ولا فى مؤسسة الرئاسة!! وبأى صفة يقود رجال الأعمال المصريين فى رحلات الرئيس فى الخارج كما حدث فى الصين وغيرها!! وأغلب رجال الأعمال تجاهلوا الدعوة على رأسهم المغربى وجرانة وغيرهما على أمل الحصول على البراءة!
والأكثر غرابة إعلان طارق عبدالعزيز محامى حسين سالم أنه عقد 3 لقاءات مع خيرت الشاطر وحسن مالك واتفقوا على تنازل حسين سالم عن نصف ثروته لإنهاء التسوية وتوقيع اتفاق مبدئى من الحكومة والسؤال ما هى الصفة الرسمية حتى يتفاوض خيرت ومالك مع سالم؟!!
الحكومة الحالية فى مأزق خطير بسبب تردى الأوضاع السياسية والاقتصادية تعيد إنتاج الماضى البغيض لأنها حكومة عاجزة تعيد إنتاج أفكار حكومة نظيف، الفارق الوحيد هو إحلال رجال أعمال مكتب الإرشاد بدلا من رجال أعمال أمانة السياسات!!! ورجال أعمال أمانة السياسات كان بعضهم رجال صناعة ونجحوا فى بعض الصناعات مثل الأسمنت والحديد والسيراميك والملابس، أما رجال العهد الجديد فهو تجار فقط أغلبهم يعمل فى المينى فاتورة ومحلات البقالة، ومصر لا تحتاج لتجار، تحتاج لصناع من أجل زيادة الإنتاج للخروج من المأزق.
حسن مالك
هل تنجح الحكومة فى التفاوض مع رموز النظام السابق أم ستتراجع زى كل مرة، مما يفاقم الأزمة؟!، قبل فتح ملف التفاوض مع النظام السابق أعلنت الحكومة عن بعض القرارات العشوائية وفشلت فى تطبيقها على سبيل المثال أعلنت عن بدء تطبيق توزيع البوتاجاز بالكوبونات وتم تأجيل القرار عدة مرات آخرها الإعلان عن بدء التطبيق فى أبريل القادم.. فهل ستنجح أم ستسقط تحت رحمة المافيا التى نجحت فى تأجيل تطبيق القرار عدة مرات.
وأيضا لجأت الحكومة لصندوق النكد الدولى للحصول على قرض قيمته 8,4 مليار دولار من أجل سد عجز الموازنة، وخضعت الحكومة لمطالب الصندوق وبدأت تنفذها وخرجت بتصريحات عن لسان رئيس الوزراء أن ما يحدث هو برنامج مصرى خالص من أجل الإصلاح وهذا غير حقيقى لأن الحكومة لا تملك أى برنامج، وإنما برنامج فرضه صندوق النكد الدولى حيث هدد الحكومة بالتنفيذ إلا!! ونفذت الحكومة شروطه كاملة خاصة الشروط الثلاثة خفض الإنفاق الحكومى وتحرير التجارة والخصخصة، وبالفعل قامت حكومة قنديل بإلغاء الدعم وبشكل فوري وبدون خطط بديلة وتعويض الفقراء من خفض دعم البوتاجاز والسولار والبنزين دفع ثمنها المواطن غاليا حيث ارتفعت أسعار المواصلات، وارتفاع أسعار السلع الضرورية التى تنقل عبر سيارات النقل والحكومة نفذت تعليمات الصندوق وحركت سعر صرف العملات حتى وصل سعر الدولار 5,7 جنيه فى السوق السوداء ونحن نستورد 60٪ من الطعام من الخارج بالعملة الأجنبية، مما يعنى أن طوفاناً رهيبا من الغلاء قادم والتجار لم ينتظروا ورفعوا الأسعار من الآن والمواطن أصبح يشترى السلعة بالأسعار العالمية، بينما أجره ملاليم.
رشيد
ورضخت الحكومة لمطالب الصندوق بالكامل وقامت بعمل نيولوك جديد للخصخصة تحت اسم «الصكوك» ووصل الرضوخ لمناطق كانت محظورة لم يجرؤ عليها نظام مبارك وتم ضمها للخصخصة أو الصكوك مثل شركات الكهرباء وقناة السويس والسكك الحديدية ومترو الأنفاق والطرق والكبارى.. وغيرها، مما يشير إلى عجز الحكومة عن تحريك عجلة الإنتاج، وبث الروح فى الاقتصاد من جديد، ولا تفكر إلا فى الاقتراض فقط، والاقتراض يعنى مزيدا من الأعباء على ميزانية الدولة، وسحلا للفقراء الذين يدفعون الثمن غاليا بعد أن وصل الدين الداخلى لأكثر من تريليون و003 مليار جنيه، ورغم كل هذا الخنوع للصندوق إلا أن الصندوق رفض منح الحكومة القرض متعللا بسوء الأوضاع السياسية فى مصر، رغم استجابة الحكومة للصندوق بفرض ضرائب جديدة على 0021 سلعة وخدمة للقضاء على الفقراء مرة واحدة، بدلا من الموت البطىء من أجل سد عجز الموازنة.
∎ رؤيــــــــة
غياب الرؤية.. وعدم وجود برنامج وراء العشوائية التى يدار بها الملف الاقتصادى، ووراء التدهور الكبير الذى أدى لتراجع التصنيف الائتمانى لمصر ثلاث أو أربع مرات خلال ستة أشهر وهذا الأمر ليس مصادفة، بل متوقع منذ انتخابات الرئاسة فى يونيو 2012، حتى كان مرشحو الرئاسة الـ 12 ومنهم الرئيس مرسى يتضمن أفكارا مهلهلة قابلة للتنفيذ وبدون مصادر للتمويل بها مشروعات بمئات المليارات فى بلد يعانى من نقص السيولة، وأفكار تقليدية للتنمية فى قناة السويس وسيناء والساحل الشمالى منها مشروعات طرحوها فى برامجهم رغم أنها قائمة منذ سنوات، والدكتور محمد مرسى لم يختلف برنامجه الاقتصادى عن الآخرين، كل البرامج كانت عبارة عن «سمك.. لبن.. تمر هندى»، فقبل الانتخابات بيومين أعلن الدكتور مرسي أن برنامجه ينقل مصر من صناعة اللبان والشيبسى إلى صناعة الصواريخ والطائرات، ولم يقل وقتها من أين سيأتى بالتكنولوجيا اللازمة لهذه الصناعات؟ ولا من سيمول هذه الصناعات؟! ولا فترة زمنية للتنفيذ، وتضمن برنامجه الاقتصادى مائة مشروع كل مشروع بتكلفة مليار دولار على الأقل، بإجمالى مليار دولار أى ما بين 600 و700 مليار جنيه مصرى، ولم يحدد مصادر تمويل هذه الأموال، ولا ماهية هذه المشروعات صناعية أم تجارية! ولا برنامج زمنى للتنفيذ، ومر أكثر من سبعة أشهر و لم نر أى بادرة لصناعة الصواريخ والطائرات، ولم نر المائة مشروع ولا المائة مليار دولار، والاقتصاد يسير من سيئ إلى أسوأ فى ظل غياب البرنامج أو رؤية، ومع حكومة لا تعرف إلا لغة الاقتراض وسحل الفقراء!
جرانة
∎ الأمــــل !
وكان الأمل فى الدستور الجديد لوضع رؤية جديدة للاقتصاد، ولكن الدستور الذى تم إقراره وسط سخط ورفض شعبى جاءت نصوصه عن الاقتصاد مخيبة للآمال، تضمن نصوصا مطاطة وغامضة، نصوصا تجاهلت أهم ثلاثة تحديات أمام الاقتصاد المصرى، وهى الهوية الاقتصادية لمصر التى تخدم قضية العدالة الاجتماعية، وأيضا الكيانات الاحتكارية التى تلتهم الأخضر واليابس، والفقر والفقراء وسوء توزيع الدخل، التحدى الأول وهو هوية الاقتصاد المصرى حيث تجاهلت نصوص الدستور تحديد الهوية الاقتصادية لمصر هل هى رأسمالية أم رأسمالية اجتماعية أم هى اشتراكية أم هى مهلبية؟! فالهوية الاقتصادية للدولة هى أهم التحديات أمام مسئولى الدولة حاليا بحثا عن العدالة الاجتماعية المفقودة منذ سنوات ماضية، وغيابها كان أكبر عوامل الاندفاع للشارع ضد مبارك ونظامه، فالعدالة الاجتماعية غابت بسبب سوء توزيع الدخل، حيث استحوذ 002 شخص يمثلون عدة عائلات شهيرة على عائد الاقتصاد المصرى كله، حتى الفتات لم يتركوها للمواطنين، مما أدى لتدهور مستوى المعيشة وصعوبة الحياة، وانحدار أبناء الطبقة الوسطى وهم «عماد التنمية فى أى مجتمع»، إلى قاع المجتمع، وأصبح التعليم عبئا كبيرا بلا عائد على الأسرة المصرية، بعدما كان فى فترة سابقة وسيلة للحراك الاجتماعى، والانتقال من طبقة إلى طبقة أعلى والآن تحول لعبء، مما أدى إلى شيوع حالة من التذمر بين المواطنين، والسبب فى كل هذا سيطرة نوعين من الرأسمالية فى مصر خلال العشرين عاما الأخيرة، الأولى رأسمالية النهب السريع وتهريب الأموال إلى الخارج، والثانية رأسمالية المحاسيب الذين يتكسبون من وراء فرص القرابة أو المصاهرة أو الصداقة فى دوائر الحكم والنوعان اعتمدا على الاقتراض المفرط من البنوك أو الاستحواذ على أراضى الدولة ببلاش أو دفع ملاليم كثمن لها، وافتقدت مصر طوال هذه السنوات للرأسمالية الوطنية التى تنهض بالمجتمع وتحقق تنمية اقتصادية حقيقية، افتقدت مصر نموذج طلعت حرب الذى يبنى رأسمالية وطنية واليوم لم يختلف الوضع رغم آلاف الشهداء فى شوارع مصر وعشرات الآلاف من المصابين منذ اندلاع ثورة 25يناير بحثا عن الحرية والعدالة الاجتماعية، الشىء الوحيد الذى تغير هو أن إحلال رجال أعمال مكتب الإرشاد محل رجال أعمال أمانة السياسات، فمازال التزاوج بين المال والسلطة مستمرا، الثروة والسلطة مستمران، مازال هذا التحالف يسيطر على كل نواحى الحياة فى مصر، ولم توضح لنا الحكومة حتى الآن كيف ستتعامل مع ملف الهوية الاقتصادية وكيف ستتعامل مع ملف المال والسلطة، هل يستمر توحش الثروة والنفوذ فى ظل هيمنة رجال أعمال بقيادة حسن مالك ويتكلم باسم الحكومة ويعلن عودة اثنين من رجال الأعمال من لندن للتصالح، ومصر ليست وحدها التى تبحث عن هويتها الاقتصادية، وإنما العالم كله يبحث عن هويته الاقتصادية بعد انهيار نظرية الليبرالية الجديدة التى قادت الاقتصاد العالمى للانهيار عام 2008، والتى عرفت باسم الأزمة المالية العالمية والتى أثبتت خطأ مقولة ممنوع تدخل الحكومات فى الاقتصاد، وأثبتت ضرورة تدخل الدولة لضبط السوق سواء فى البورصة أو الأسواق أو البنوك، ولو نظرنا لمصر نجد أننا اقتصاد ناشئ ويعانى من ركود منذ أربع سنوات، عامان بسبب الأزمة المالية العالمية وعامان بسبب ثورة 52 يناير والاضطراب السياسى والانفلات الأمنى والعالم كله يتجه لتطبيق الرأسمالية الاجتماعية التى تطبقها ألمانيا وأتت بثمار جيدة فى أعقاب الوحدة بين الألمانيتين الغربية والشرقية، والآن الرأسمالية الاجتماعية تغزو أوروبا منذ عام 2008، وعصفت باليونان وفى الطريق إيطاليا وإسبانيا والبرتغال وأيرلندا، وفوز الاشتراكيين بالبرلمان والرئاسة فى فرنسا، العالم كله يبحث عن توازن بين الرأسمالية والتنمية الحقيقية فى المجتمع ومن أجل إعادة توزيع الدخل وعائد الاقتصاد على جميع شرائح المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية المفقودة.
∎ تجاهل
وأيضا خلال سبعة أشهر تجاهلت الحكومة الحالية أخطر أمراض الاقتصاد هى الكيانات الاحتكارية التى تهيمن على الاقتصاد المصرى وعانوا فسادا فى السوق وسنوات أشاعوا الفوضى والعشوائية وسيطروا على الغذاء واللحوم والقمح والأسمنت والحديد ورفعوا الأسعار بشكل متواصل وجنونى ومازالوا، أهدروا القانون بتحالفهم مع البيروقراطية الحاكمة السابقة والحالية، أفسدوا الذمم وفرضوا إرادتهم على الجميع، تلاعبوا بمبدأ العرض والطلب فى الغرف المغلقة، وجنوا أرباحا طائلة بأى طريقة ولو على جثة الوطن وأصبح المواطن فريسة سهلة لمافيا الاحتكار وسيطرت العشوائية والفوضى فى ظل رقابة عاجزة وقانون مشوه وجهاز حماية مستهلك فاشل بليد، والمحصلة النهائية صفر، صفر يدعم مافيا الاحتكار فى حرمان نسبة كبيرة من جمهور المستهلكين من سلع ضرورية يحتاجونها بسبب الارتفاع غير المبرر فى الأسعار، فالأجور ارتفعت خلال السنوات الست الماضية بنسبة 521٪، بينما الأسعار ارتفعت ما بين 051 إلى 003٪، مما تسبب فى سوء توزيع الثروة على شريحة صغيرة جدا استولت على عائد التنمية طوال السنوات السابقة وباقى شرائح المجتمع «تأكل زلط»! ومازال هذا الوضع مستمرا حتى الآن تحت حماية ورعاية الحكومة، الحكومة لم تحاول السيطرة على الأوضاع المنفلتة فى السوق، أو تحاول تغيير القوانين الضعيفة الحاكمة للسوق، ومافيا الاحتكار تتحرك بحرية وثقة فى ظل طناش الحكومة وتجاهلها، مما يؤكد أن زواج السلطة والمال والثروة والسلطة مازال يحكم سوق مصر ولا عزاء للفقراء ووداعا لحلم العدالة الاجتماعية!