الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

توصية الرئيس بالمـرأة خـداع سياسـى وتأدية واجب

توصية الرئيس بالمـرأة خـداع سياسـى  وتأدية واجب
توصية الرئيس بالمـرأة خـداع سياسـى وتأدية واجب


خلال كلمته بالاحتفال بالمولد النبوى الشريف ليلة 25 يناير.. دعا الرئيس محمد مرسى الأحزاب المصرية، إلى إدراج المرأة فى مواقع متقدمة من القوائم الانتخابية.. الدعوة جاءت بعد أيام قليلة من رفض مجلس الشورى، اقتراح بند إدراج المرأة على الثلث الأول من قوائم الأحزاب السياسية الانتخابية خلال مناقشتهم لقانون الانتخابات.. مما دفع الكثيرين إلى التساؤل حول معنى أن يرفض مجلس الشورى، ذو الأغلبية من تيار الإسلام السياسى، التمييز الإيجابى للنساء، ثم يأتى رئيس الدولة ويرمى الكرة فى ملعب الأحزاب، ليضعوا المرأة فى المقدمة، دون إلزام قانونى؟!.. وما إذا كان الأمر يحمل تناقضا ما، أو أن هناك أهدافا أخرى من دعوة الرئيس.
 
بعد ثورة يناير فقدت المرأة المقاعد التى كانت قد خصصت لها «64 مقعدا» كتمييز إيجابى لمساعدتها على الوصول إلى مقاعد البرلمان، والتى طبقت لمرة واحدة فى مجلس 2010 الذى لم يستمر سوى أسابيع قليلة.
 
ولم تصل فى برلمان الثورة سوى 6 سيدات فقط من بين أكثر من 500 عضو من خلال انتخابات القائمة، ثم تم حل المجلس بقرار قضائى.
 
وقبل أيام رفض مجلس الشورى-الذى يقوم بمهمة التشريع الآن- إعطاء أى تمييز إيجابى للنساء فى الانتخابات البرلمانية، بما يمكنها من تمثيل جيد فى مقاعد البرلمان، واكتفى أعضاء المجلس بالنص على: «مع مراعاة حكم المادة السادسة عشرة من هذا القانون يجب أن يكون عدد المرشحين على أى من القوائم مساويا لثلثى عدد المقاعد المخصصة للدائرة على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويجب أن يلى واحد منهم على الأقل أى مرشح من غيرهم، وفى جميع الأحوال يجب أن تتضمن كل قائمة مرشحة واحدة على الأقل من النساء».
 
ثم جاءت دعوة الرئيس إلى إدراج المرأة فى مواقع متقدمة فى القوائم، قال إنها بهدف «تمكينها بما يليق بها وبدورها التاريخى الذى شاركت فيه مع الرجل بكل وعى وتفانٍ وقدمت أبناءها شهداء».
 
وترد د. هدى الصدة أستاذة اللغة الإنجليزية بآداب القاهرة وعضو جماعة 9 مارس، بأن التمييز الإيجابى للنساء، تنتهجه الكثير من الدول، بسبب الظلم التاريخى الذى وضع على النساء فى التمثيل البرلمانى.
 
ومن يقول إن هذا التمييز ضد تكافؤ الفرص، ليست لديه معرفة كافية، ويتعمد الترويج لسوء الفهم وخلط المفاهيم، معتمدا على سوء استخدام نظام الكوتة فى بعض الأحيان.
∎ كوتة غير رسمية
 
وتحمل الصدة أحزاب التيار المدنى مسئولية التأكيد على الأخذ بكوتة غير رسمية، لضمان تواجد مقبول للمرأة فى البرلمان القادم.
 
كما ترى أن على النساء القيام بمقابلات وحوارات مع الأطراف المختلفة، لتبنى وضع المرأة فى أماكن متقدمة من قوائم الانتخابات.
 
كما أن أمانات المرأة فى الأحزاب السياسية قد تقدمت للمسئولين فى الأحزاب، بقوائم لنساء كفء، حتى لا يقال إنه لا توجد كفاءات فى صفوف النساء، فى الوقت الذى لا يقولون فيه عن معايير اختيار النواب الرجال.
 
وتصف فاطمة خفاجى مديرة مركز شكاوى المرأة بالمجلس القومى للمرأة، قانون الانتخابات بأنه مخيب للآمال، فلم يلزم الأحزاب بوضع متقدم للمرأة، أو تخصيص كوتة للمرأة، على غرار المعمول به فى ليبيا وتونس والجزائر.
 
وقالت: حتى إنه فى حالة وضع حزب الحرية والعدالة لنسبة 25 ٪ من النساء على رءوس القوائم، فهؤلاء السيدات لن يخدمن قضايا المرأ ة، إذا وصلن إلى مقاعد البرلمان، لأنهن لا يؤمن بأى دور للمرأة إلا فى داخل البيت.
 
فى حين رأى حسين عبد الرازق القيادى فى حزب التجمع، أن حديث الرئيس عن المرأة، يأتى من باب الخداع، لأن من كان يريد أن ينصر المرأة، ويضمن تمثيلها فى البرلمان، كان أمامه أن يختار بين التمييز الإيجابى للمرأة، عن طريق تخصيص نسبة من المقاعد لها فى البرلمان، وهو ذات الأمر الذى تطبقه 85 دولة فى العالم.
 
فالفقه الدستورى يعرف التمييز الإيجابى للفئات الضعيفة، والفقه الدستورى المصرى انحاز له، عندما خصص 50٪ من مقاعد البرلمان للفلاحين والعمال، وكان بالإمكان تخصيص نسبة للنساء مثلا تصل إلى 30 ٪ .
 
وكان هناك اقتراح من حزب التجمع، ينص على أنه عند إعلان نتائج البرلمان يكون هناك ضمان، بحصول مقاعد لكل من الجنسين بنسبة 30٪، حتى لا يكون هناك إخلال بالمساواة، يدخلنا فى جدل فقه دستورى.
 
لكن رفضت هذه الاقتراحات من قبل جماعة الإخوان وحزبى الحرية والعدالة وحلفائهما، فلا يأتى رئيس هذا الاتجاه، بعد كل هذا، ويدعو الأحزاب لوضع المرأة فى المقدمة، لأن هذا يعتبر من قبيل الدجل السياسى، ومن أجل هذا حدثت المظاهرات التى اندلعت فى 25 يناير، لأن المستحوذين على السلطة دائما يقولون ويفعلون الشىء وعكسه!
 
∎ حديث للخارج
 
أما الناقد ووزير الثقافة الأسبق د. جابر عصفور، فيرى أن دعوة الرئيس عن المرأة ليس لها معنى، فهى لا تعدو كلاما مرسلا غامضا، إلا إذا كانت ستترجم إلى قوانين، مثلما قال أوصيكم خيرا بالأقباط، والأقباط يعانون الأمرين.
 
ويؤكد عصفور أن مستقبل المرأة مرهون بالمرأة نفسها، فإذا قبلت بانتقاص حقوقها فهى تستحق ذلك، وإذا ناضلت من أجل انتزاع حقوقها، فهى تستحق ذلك، فطوال تاريخ مصر الحديث لم تتوقف المرأة عن النضال، ففى عام 51 قامت درية شفيق ومجموعة من النساء بمحاصرة البرلمان، مطالبات بالحقوق السياسية للمرأة، التى ترجمت بعد ثورة يوليو بتعيين أول وزيرة فى تاريخ مصر الحديث.
 
ويضرب المثل بهدى شعراوى حين قادت مظاهرة فى ثورة ,1919 وقرب أحد العساكر الإنجليز بندقيته تجاهها، فقالت له: اقتلنى لأكون مثل مسسز كرافيلا، التى ماتت فى إنجلترا أثناء مطالبتها بحقوق النساء، فعندما عرف أنها تعى ذلك تركها وانصرف، حتى لا تنال شهرة كرافيلا.
 
بينما تترجم رئيسة مؤسسة المرأة العربية د. هدى بدران، دعوة الرئيس للأحزاب بشأن المرأة، على أنها حديث موجه لأمريكا وأوروبا، لأن هذه الدول تدرك أنه يتجاهل المرأة، وعندما يأتى إلى مصر ممثلون لهذه الدول ويسألوننا لماذا يتجاهل الرئيس المرأة، نقول لهم: اسألوه.
 
وتؤكد بدران أن اتحادات المرأة والحركات النسوية الشبابية تعد الآن أسماء نساء، تقدمها للأحزاب، لكى يختاروا منها لتوضع فى مقدمة القوائم.
 
أما رفعت السعيد رئيس حزب التجمع فيرى أن دعوة الرئيس، ليست إلا إبراء للذمة، بعد ارتكابه خطيئة إلغائه أى إمكانية عبر القانون لإنجاح أى امرأة فى الانتخابات، استجابة لمطالب السلفيين.
 
وهى محاولة من الرئيس لإرسال رسالة إلى الخارج، وعلى النساء أن يعاقبن الأحزاب التى تتجاهل النساء، بألا يعطينها أصواتهن فى الانتخابات.
 
وقالت المستشارة تهانى الجبالى إن مرسى وجماعته هم الذين عصفوا بحقوق المرأة، واستكثروا عليها حقها بالحصول على نسبة من مقاعد البرلمان، فدعوته تفتقد المصداقية، وللأسف هذا يتنافى مع حجم المرأة فى الكتلة الانتخابية فى مصر التى تصل إلى 57 ٪، وهى دعوة من قبيل تأدية الواجب، فالإخوان حذفوا نصا من الدستور كان يمنع التمييز بين المواطنين على أساس العرق والجنس والدين والنوع، وينشئ آلية وطنية لمراقبة التمييز بين المواطنين والمواطنات، ويحاسب على ارتكابه، وكان النص بمثابة تطور لحقوق المرأة فى الدساتير. ونحن نأسف أن يكون هذا هو حصيلة ثورة عظيمة مثل ثورة 25 يناير!