«حفلـة» أحمـد عـز على «جثة» أحمد حلمى

جيهان الجوهري
لايختلف أحد على موهبة أحمد حلمى واحترامه لفنه ولجمهوره، ونستطيع القول بضمير مرتاح أنه أهم نجم كوميدى بعد عادل إمام، فهو منذ بداياته فى عالم البطولة المطلقة بأفلامه وهو متصدر للإيرادات بأفلامه الكوميدية وظل الجمهور مرتبطا بهذه النوعية التى يقدمها له . ولأنه ممثل من العيار الثقيل فمن حقه اختيار موضوعات تبرز إمكانياته التمثيلية، ولأنه ذكى فنيا أيضا فهو دائما مايغلف الموضوعات الدسمة لأفلامه بمسحة كوميدية لإرضاء جمهوره، و هذا ماتكرر فى فيلمه «على جثتى» لمحمد بكير فى أولى تجاربه السينمائية الذى يعرض حاليا، فهو ينتمى لنوعية فيلم «ألف مبروك» مع اختلاف الموضوعات بالطبع .
طبعا لاخلاف على أداء أحمد حلمى الرائع لشخصية « رؤوف» رجل الأعمال الذى يمارس الديكتاتورية فى عمله مع موظفى معرض الأثاث الذى يمتلكه ومع زوجته «غادة عادل» وطفله الوحيد الذى يعامله كشاب ناضج. اختار المؤلف تامر إبراهيم موقفاً ضعيفاً للغاية لينطلق إلى صلب موضوعه ليدخل البطل فى غيبوبة و نراه يتأرجح بين الموت والحياة - من خلال روحه فقط.
المواقف الكوميدية بالفيلم ليست صاخبة والمؤكد أنها لن ترضى تلك الفئة الباحثة عن أكبر كمية من الضحك فأنت أمام مواقف من عينة أن البطل أحمد حلمى يتخيل أشياء لاعلاقة لها بالحقيقة، فالموظف إدوارد الذى يريد علاوة فهو إذا يريد شراء سيارة، والموظفة «آيتن عامر» التى تريد إحضار ابنها لمقر عملها إذن لديها نية فى قلب معرض الأثاث الذى يمتلكه البطل لحضانة، وزوجته المخلصة غادة عادل «سحر» لد يها دائما مشروع خيانة مع آخرين لذلك هو شديد الغيرة عليها ويؤنبها لأنها ذهبت مدرسة ابنه بدون علمه هذا بخلاف أنه يتخيل أن لديها مطامع مادية لرغبتها فى عمل مشروع خاص بها . ومع ابنه نراه يؤنبه لأنه لم يحصل على الدرجات النهائية والعقاب حرمانه من الذهاب للأوبرا وعدم قراءة الكتب الدسمة التى لاتتلاءم مع المرحلة العمرية التى يمر بها . ومن أسخف المواقف ذلك المشهد الذى فى بداية الفيلم والحوار الدائر بينة وبين شرطى المرور.
خلال مرحلة الغيبوبة سنجد إيحاءات لها علاقة بالسلطة والسياسة يسلطها المؤلف على الأحداث منها ديكتاتورية النظام الحاكم ومايطرأ على كل مسئول بعد جلوسه على كرسى الحكم، والإخوان المسلمون المسيطرون على مجلس الشعب ويصاحبه فى هذه الرحلة حسن حسنى والمفروض أنه أيضا دخل فى غيبوبة قبله. و يساعده على اكتشاف حقيقة توجساته المرضية التى تدفعه دائما للشك فى المحيطين به فى العمل والمنزل لتتغير سلوكياته مع المحيطين به، ومابين هذا كله ستجد فلسفة روحانية اثقلت الفيلم متمثلة فى الحوار الدائر بين روح أحمد حلمى وروح حسن حسنى
«على جثتى» فيلم قد يرضى جمهور أحمد حلمى، لكن للأسف لايرضى فئة من الجمهور الذى لاهدف له من دخول السينما سوى الحصول على جرعات مكثفة من الضحك مهما كانت الطبقة الاجتماعية التى ينتمى لها.وسواء كان غفيراً أو وزيراً. وبالطبع فإن نسبة الضحك فى فيلم أحمد حلمى لم تكن على المستوى الذى تنتظره هذة النوعية من الجمهور.
أعلم أن المغامرة مطلوبة لدى أى ممثل سواء فى اختياراته لموضوعات أفلامه أو فريق العمل، لكن فى ذات الوقت المغامرة لابد أن تكون محسوبة خاصة مع نجم بحجم أحمد حلمى يترقب الجمهور أحدث أفلامه «على جثتى» فيلم أفسده السيناريو والإخراج والإنتاج.
وكان يجب التعامل مع الفكرة سواء كانت ملطوشة من فيلم أجنبى أو مستوحاة منه بشكل أكثر عمقا لأن طبيعة الموضوع تفرض المغامرة بحساب ورغم ذلك فأنت لاتستطيع رفض فيلم حلمى حتى إذا كان أقل من توقعاتك بفضل الكاريزما التى يتمتع بها، وأيضاً لاتستطيع القول إن «على جثتى» هو أفضل أفلامه فأنت مع فيلمه تقف فى المنتصف. وأعتقد أن أحمد حلمى يدرك أسباب ذلك جيدا.
إذاحسبنا المكسب والخسارة سنجد أن أحمد حلمى هو الخاسر الوحيد.
وأخيرا لا أفهم ماذا يعنى وجود أحمد السقا كضيف شرف بالفيلم ليلعب شخصيته الحقيقية من خلال مشهدين ليؤكد أنه هو الذى يقوم بالقفز والغطس وكل ماله علاقه بالأكشن فى أفلامه ألا تتفق معى أن هذا قد يكون ضده وليس معه خاصة أن المشهد يتحدث عن الكذب والصدق.؟
∎ « حفلة عز»
أحمد عز بعد فيلميه «المصلحة » و«حلم عزيز» شىء وماقبل هذين الفيلمين شىء آخر، لذلك من الطبيعى أننا نترقب عرض فيلمه الجديد «الحفلة» لأنه وصل لدرجة من الألق الفنى فى أفلامه الأخيرة تجعلنا نتساءل بشغف ماذا سيقدم؟ خاصة بعد خروجه من دائرة نمطية الأدوار مثل «الفتى الوسيم » الذى عادة يقع ضحية لإحدى العصابات أو ابن الذوات الذى تتهافت علية الفتيات.
فى فيلم «الحفلة» لأحمد عز نراه يعود لمنطقة أفلام التشويق والأكشن التى يهوى اللعب بها واختار شخصية على النقيض تماما عن التى قدمها فى فيلم «ملاكى إسكندرية» لـ«ساندرا نشات» و«غادة عادل» و«مسجون ترانزيت»، ففى فيلمه الجديد يجسد دور الزوج الناجح فى عمله الذى يكتشف خطف زوجته «روبى» أثناء تواجدها بأحد المولات الشهيرة وتحوم الشبهات حوله وحول جيرانه، أولهم جومانا مراد المطلقة الثرية التى أقامت حفلة لجيرانها قبل حادث الاختطاف مباشرة، وأيضا حامت الشبهات حول تامر هجرس خطيب الضحية السابق، وفى الثلث الأخير من الفيلم نرى مشهد ماستر سين يقلب الأمور «رأسا على عقب» .
أحمد عز لعب دوره بطريقة أداء هادئة وبلا افتعال وساعده فى ذلك المخرج أحمد علاء وسيناريو وائل عبد الله.
أحمد عز ومؤلف فيلمه وائل عبد الله كانا على درجة من الذكاء جعلتهما يختاران موضوع فيلمهما بما يتماشى مع الوضع الراهن فأولا اختارا فيلما بوليسيا به تشويق وإثارة تجعل المتفرج فى حالة لهث وراء الأحداث ليحل اللغز- بالمناسبة أحمد عز كان بطل أنجح عمل بوليسى على مستوى الإيرادات وهو فيلم «ملاكى إسكندرية» ووائل عبد الله كان شريكا فى إنتاجه مع شركتى «أوسكار والماسة»، وشارك أيضا فى هذا الفيلم محمد رجب وهو فى ذات الوقت يلعب دور الضابط فى فيلم «الحفلة» - وطبعا هذه النوعية من الأعمال إذا لم يتم تنفيذها بإتقان وحرفية تكون النتيجة ضد صناع الفيلم، وإذا حدث العكس يحقق الفيلم دعاية سمعية جيدة تجعل مرتادى السنيمات يفضلون مشاهدة فيلم به إثارة وتشويق على مشاهدة فيلم كوميدى لايحقق طموحاتهم فى الضحك مهما كانت قوة هذا النجم. . ذكاء صناع فيلم «الحفلة» لم يكن فقط فى اختيارهم لنوعية فيلمهم بل اختاروا قضية تثير جدلا دائما وهى «الاختطاف» وطلب فدية . ولاننكر أنها قضية موجودة فى كل زمان ومكان لكننا لاننكر انتشارها منذ اندلاع ثورة 52 يناير .
فى فيلم «الحفلة» أحرز أحمد عز هدفا لابأس بة وسيضمه لقائمه افلامة الناجحة. أما الموهوب محمد رجب فهو مفاجأة الفيلم فقد استطاع تجسيد شخصية ضابط المباحث بشكل مختلف عن الذى قدمه فى فيلم ''كى جى تو، لكريم عبد العزيز .تألق محمد رجب فى الشخصية الموازية لأحمد عز أكد أنه ليس بالبطولات المطلقة ينجح الممثل وليته لايهتم بحكاية البطولات المطلقة إياها. مادام يستطيع تحقيق درجة من التألق الفنى بمنطقة أخرى.
أريد فقط التوقف عند روبى الدور الذى لعبته ماهو إلا ضيف شرف كان من الممكن أن تقوم به أى وجه جديد تلعبه وربما فكر صناع الفيلم فى ضمها ليستفيدوا من اسمها للعمل وفى حين تألقت جومانا مراد وتامر هجرس ومها أبوعوف وتميم عبده وسارة شاهين التى لعبت دور سكرتيرة والد الضحية ودينا الشربينى.