الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اتجوز سورية بخمسة آلاف جنيه يا بلاش!

اتجوز سورية بخمسة آلاف جنيه يا بلاش!
اتجوز سورية بخمسة آلاف جنيه يا بلاش!




هذا هو قدر مصر، أن تكون هى الملجأ للعرب وقت أزماتهم حتى وإن لم تكن هذه الأزمات أزمات لبلد مجاور أو يشترك فى الحدود معها فالشعب المصرى الأصيل يستطيع أن يستوعب أى عدد من العرب الفارين من بلدانهم يحتضنهم ويعطيهم الأمان حتى لو كانوا ألوفا مؤلفة،وهو ما ينطبق اليوم  على اللاجئين السوريين فى مصر والذين بالمناسبة يسكنون فى جميع المحافظات المصرية بل لعل وجودهم فى محافظات الشرقية والصعيد ربما يكون أكثر من تواجدهم فى القاهرة بزحامها وغلاء أسعارها إلا أنى عندما سألت عن عدد السوريين فى مصر لم يستطع أى شخص تحديد عددهم بشكل دقيق والسبب الرئيسى أن السوريين فى مصر لا تنطبق عليهم كلمة لاجئ حسب التعريف الدولى لهذه الكلمة وأن السواد الأعظم منهم هم زائرون يأتون ويذهبون دخلوا إلى الأراضى المصرية قادمين من دول الجوار مع سوريا ولبنان وتركيا والأردن لذا هم فى الأساس لا تنطبق عليهم شروط اللجوء ولا يخضع غالبيتهم للمساعدات من قبل المفوضية السامية للاجئين .وعندما تسأل السوريين أنفسهم عن عددهم،
يجيبون بأنهم تجاوزوا (500 ألف) خمسمائة ألف سورى فى مصر جاءوا من جميع  الربوع السورية خاصة تلك التى تدار فيها المعارك بين الجيش النظامى والجيش الحر إلا أن المفارقة العجيبة أن السواد الأعظم من السوريين يرفضون أن يُطلق  عليهم كلمة (لاجئ) ويصرون على أنهم زائرون فقط، حتى عندما سألت (أحمد أبو غزالة) (مساعد مدير العلاقات  بالمفوضية السامية لشئون  اللاجئين بالأمم المتحدة) عن عدد اللاجئين فى مصر وهل سيتم مساعدتهم ، وما  أشكال هذا الدعم فأكد لى أن عدد اللاجئين السوريين فى مصر بلغ (أربعة عشر ألف لاجئ) فقط وهم الذين جاءوا إلى المفوضية ، وتم تسجيلهم فيها إلا أنه يكمل قائلا : هناك حساسية بالغة لدى السوريين من كلمة لاجئ لذا هم يفضلون كلمة زائر على كلمة (لاجئ)، والحقيقة طالب مؤخرا مكتب المفوضية فى القاهرة مبلغ تسعة ملايين دولار وستة من عشرة (6,9 مليون دولار) من الأمم المتحدة لإغاثة السوريين اللاجئين فى مصر والذين حصلوا على كارت أصفر (طلب لجوء) وبعده يحصل على الإقامة الشرعية فى مصر وحاليا نقوم بعمل دراسات لتقييم الاحتياجات الخاصة بالسوريين فى مصر حتى من لم يسجلوا أنفسهم فى المفوضية يحصلون على خدمات طواعية منا ، وأذكر أن بعض السوريين طلبوا منا التدخل لدى السلطات المصرية لتسهيل إقامتهم حتى دخولهم ، وبالفعل تدخلنا رغم أنهم لم يتم تسجيلهم لاجئين لدى المفوضية واليوم توسعنا فى الخدمات التى نقدمها.


 إلا أن (أحمد بدوى) (رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية لحقوق اللاجئين) ينفى تماما أن يتم اعتبار مصر إحدى الدول التى بها لاجئون سوريون ويقول إنه لا ينطبق عليها ما يحدث فى الأردن وتركيا ولبنان من لجوء سورى هذا لأنه ببساطة لا تتكفل الحكومة المصرية بهؤلاء اللاجئين وأن الدولة فتحت أبوابها لهم كما تفتح أبوابها أمام أى شعب نتيجة الكوارث فى بلده ويكمل: إذا أردنا أن نعرف عدد السوريين فى مصر ده صعب جدا لأن بعضهم دخل عن طريق المطار والبعض الآخر جاء عن طريق ليبيا وبعضهم  دخل بالهوية السورية وليس بجواز السفر، الحكومة المصرية لا تتكفل بهم ومن يقدم المساعدات جمعيات أهلية خيرية أحيانا  بالتعاون مع الأزهر أو جمعيات أهلية إسلامية أو حتى أفراد مصريين يقومون بتقديم المساعدات لهم .

الأمر الآخر هناك حرج كبير لدى السوريين بأن يتم إطلاق لاجئ عليهم فى مصر خاصة أنه كان هناك وحدة ما بين مصر وسوريا فى وقت من الأوقات.

أما الناشط السياسى (محمد الرقاد) فيؤكد أن مصر تحفظت على بنود  فى اتفاقية اللائجين 1951 لذا السوريون فى مصر يأتون كزائريين فكل سورى يوفر مسكنه ومورده المادى بعيدا عن الدولة لذا من الخطأ أن نقول إن السوريين فى مصر هم لائجون !
عندما ذهبت إلى مدينة ستة أكتوبر أكبر تجمع للسوريين  فى مصر وجدت هناك (عمارات كاملة) لا يقطنها سواهم، كل شقة بها على الأقل عشرة أشخاص أما الأثاث فحدث ولا حرج لأن كل الأثاث يتلخص فى مراتب صغيرة تفترش الأرض  وتليفزيون ودش وبعض الكراسى وتحدثت مع أحد السوريين هناك بعد مناقشات ، ومداولات كثيرة حيث يرفض الكثير من السوريين  الحديث فى وسائل الإعلام خوفا على أقربائهم فى سوريا الذين لم  يخرجوا بعد إلا أن (محمد السورى) كما أراد أن أذكر اسمه وافق على الحديث معى حيث بدأ الحديث شاكرا لمصر وأكد أن المصريين من أهل الخير هم الذين يقدمون لهم المساعدات وأكمل: كنت أعمل فى مزرعة للدواجن فى حلب وأتيت إلى مصر منذ سبعة أشهر فى البداية كانت هناك جمعية خيرية إسلامية تقدم لنا المساعدات المادية لدفع إيجار الشقة والمأكل والمشرب إلا أنهم سرعان ما توقفوا عن مساعدتنا بالمال وبدأنا ندبر أنفسنا بأنفسنا كل شهر

خرجت من عند عم (محمد السورى) لأجلس مع ميساء السورية والتى تبلغ من العمر (27 سنة) وكان لها محل للملابس فى سوريا إلا أنها تعمل فى صالون للتجميل فى مصر، جارته  فى الشقة الأخرى فى نفس البناية وسألتها  ما هى حكاية الشائعات حول زواج السوريات من مصريين فقالت والله الحكاية مش هيك كل الموضوع أن بعض السوريات  الأرامل قررن الزواج من مصريين طلبا للاستقرار وإن فيه حدا يعيل أولادهم  ودى حالة أو اتنين مش كل السوريات يبحثون عن عرسان من مصر !

 أما (سلمى الجزايرلى) فسيدة مجتمع سورية تعيش فى مصر منذ عشرين سنة وتزوجت من مصرى تؤكد  لى أن زواج السوريات من مصريين أمر  انتشر مؤخرا نتيجة استغلال بعض الجمعيات الأهلية الخيرية الإسلامية  لظروفهن الصعبة  فيعرضن عليهن الزواج لقاء خمسة آلاف جنيه وتكمل قائلة: الستات السوريات خرجن من سوريا فيهن أرامل أو حتى بنات لم يسبق لهن الزواج  وإحنا معروفين بجمالنا وبأننا ممكن نتزوج من كل الرجال العرب ما فيه مشكلة لكن المشكلة  أن يتم  استغلال السيدات السوريات  واستغلال أحوالهن  والتضييق عليهن فى المعيشة حتى يشعرن أن مع هذا الزواج يكون الحل والمخرج.

والغريب فى الأمر أن هذا الشىء يأتى من جمعيات إسلامية يرعاها شيوخ.. فى البداية يقومون بتوفير المساعدات للسيدات السوريات وبعدين يضيقوا الخناق عليهن ويعطونهن سكنا فى أماكن بعيدة ومتطرفة لا يوجد بها أمان لذا عندما يعرضون عليهن الزواج نجد الستات والبنات السوريات يوافقن طلبا للأمان والحياة الكريمة خاصة أن الوضع فى سوريا من الممكن أن يطول ولا يوجد حل سريع فى الأفق .

وسألت سلمى عن الرجال المصريين الذين يرغبون فى الزواج بسوريات هل ينتمون إلى تيار بعينه فقالت: أغلبهم من الشيوخ أو حتى من يشرف على هذا الزواج شيوخ وبيعطوا مبرر إسلامى هو تكريم المرأة السورية وحمايتها بالزواج منها وهم كما ذكرت يديرون جمعيات إسلامية ولديهم تمويل كبير وعن طريق المساعدات بيضغطوا على أب مثلا حتى يقوم بتزويج بناته لرجال عن طريقهم وهذه الجمعيات هى اللى بتوفر المسكن الخاص بالزوجية وتتكفل بكل شىء!!

التقيت (بعزام) القادم من بابا عمرو يعمل مديرا لدى أحد المطاعم السورية والذى أخذ يحدثنى عن الأعمال المختلفة التى يعمل بها السوريون منذ نزوحهم إلى مصر من بداية الأزمة السورية.

وعندما سألته عن السوريات اللاتى يتزوجن من مصريين رفض فى البداية تعميم الظاهرة  وبعدين ضحك وقال: طبعا الرجال المصريون يحبون أن  يتجوزوا سوريات وفيه رجالة مصريين سألونى عن سوريات عاوزين يتجوزوا من مصريين لكن الموضوع أن بعض الحالات من الزواج حدثت بالفعل لكن ده مش معناتو أن كل السوريات أو بناتنا جايين مصر عشان يتزوجوا لأن كلنا عندنا أمل نرجع لسورية مرة تانية وواثقين أن المستقبل بتاعنا مش تبع النظام السورى!!