الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الحوار الوطنى .. حوار الطرشان

الحوار الوطنى .. حوار الطرشان
الحوار الوطنى .. حوار الطرشان


مما لاشك فيه أن القوى الليبرالية والثورية وجبهة الإنقاذ كانت لديها كل الحق فى مقاطعة الحوار الوطنى الذى دعت إليه مؤسسة الرئاسة تحت رعاية الرئيس وإشراف نائب الرئيس السابق المستشار محمود مكى، الذى تمت الدعوة إليه فى محاولة لرأب الصدع بين التيار والسلطة الحاكمة فى مصر وبين قوى المعارضة للوصول إلى وفاق وطنى حول نقاط الخلاف فى مواد الدستور الجديد التى رأت قوى المعارضة أنها تهدد الحريات ومدنية الدولة.. وعملية تداول السلطة والديمقراطية فى مصر فى المرحلة المقبلة.. وكانت وجهة نظر جبهة الإنقاذ أن التيار الحاكم لايلتزم بوعوده.. وليست له كلمة ولا عهد.. ولذلك فهو يبحث عن مصلحته السياسية ومكاسبه دون تحقيق مصالح ومكاسب الآخرين.. وأيضا المصلحة العليا للوطن.
والغريب أن تخوفات قوى المعارضة وجبهة الإنقاذ من أن الحوار الوطنى هو عبارة عن حوار طرشان.. فقد تحققت بالفعل هذه التخوفات فى أول اختبار للتيار الحاكم وعلى رأسه مؤسسة الرئاسة.. فرغم أن الحوار بدأ قبل استفتاء 51 ديسمبر.. وشاركت فيه مجموعة من الأحزاب الورقية والكارتونية.. والقوى السياسية الهشة.. ورغم أنها خرجت فى النهاية بمجموعة من النتائج فيما يتعلق بالمواد الخلافية فى الدستور.. وكذلك مطالب ومطالبات فى قانون الانتخابات وقانون مباشرة الحقوق السياسية... إلا أن هذه المطالب سقطت ورفضت بالثلاثة من مجلس الشورى الذى منح صلاحيات تشريعية لتمرير بعض القوانين العاجلة.. وخرج قانون الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية خاليا تماما من تحقيق مطالب الحوار الوطنى والتى أقرتها مؤسسة الرئاسة.. وصرح د.عصام العريان رئيس الكتلة البرلمانية للحرية والعدالة أنه إذا حدث خلاف بين الدستور ومطالب الحوار الوطنى.. سننحاز للدستور.. أى أن كل الكلام الذى قيل عن الحوار الوطنى ومحاولة لم الشمل.. والوفاق الوطنى كله كلام طلع فشنك.. وطق حنك.. وكلام لايزيد على أن يكون حبرا على ورق.. وأقر مجلس الشورى قانون الانتخابات مخرجا لسانه لأطراف الحوار الوطنى الذين صدقوا أن هناك حوارا وطنيا حقيقيا.. ورغبة فعلية فى الوفاق.
والغريب والأغرب أن مؤسسة الرئاسة نفضت يدها.. وغسلتها من دم هذا الحوار معلنة أنها غير مسئولة على الإطلاق عما حدث فى مجلس الشورى وأن الرئاسة لاتتدخل فى عمل المجلس التشريعى لأن الأخير يتمتع باستقلالية تامة.. فلماذا إذن تمت الدعوة إلى حوار وطنى ومحاولة وفاق ولم للشمل إذا لم تكن مؤسسة الرئاسة قادرة على تنفيذ وعودها.. وما حدث إذن يؤكد أن حكاية المواد الخلافية فى الدستور الجديد وإمكانية تعديلها بعد انتخاب مجلس شعب جديد ما هى إلا تمثيلية ومسرحية هزلية فى فصول اللعبة السياسية يمارسها الإخوان المسلمون بذراعيها الرئاسة والبرلمان لأنه بهذا المنطق عندما تعرض التعديلات الدستورية المطلوبة على مجلس الشعب المنتخب القادم ويرفضها المجلس بما له من أغلبية إخوانية متوقعة.. ستخرج مؤسسة الرئاسة أيضا لتقول لنا أنها غير مسئولة عما يحدث فى مجلس الشعب لأن مجلس الشعب له استقلالية وأن الرئيس لا يتدخل فى عمل البرلمان.. والسؤال الذى أوجهه للإخوان: هو انتوا بتضحكوا على مين؟ وإذا كان الرئيس ومؤسسة الرئاسة لا يملكان الالتزام بما تم الاتفاق عليه مع أطراف الحوار الوطنى فلماذا تمت الدعوة إليه أصلا؟. وما الضمانات القادمة أساسا لتنفيذ أى اتفاق بين التيار الحاكم.. وقوى المعارضة، ثم السؤال المهم والأهم الذى يطرح نفسه بشدة. وهو من الذى يحكم مصر الآن - وبجد.. احنا محتارين- هل الرئيس هو الذى يحكم فعلا.. أم مكتب الإرشاد والمرشد؟ والذى يلزم ذراعيه السياسيتين بتنفيذ هذه التعليمات.. والذراعان بالطبع هما الرئيس، رئيس السلطة التنفيذية.. والحزب والبرلمان اللذان يشكلان السلطة التشريعية وهما فى النهاية شىء واحد.. فالاثنان الرئاسة والبرلمان هما الذراعان السياسيتان لجماعة الإخوان المسلمين.. وحزب الحرية والعدالة.

إن أبسط وأبلغ رد فعل من القوى الوطنية والليبرالية والأحزاب الثورية الأخرى وعلى رأس كل هؤلاء جبهة الإنقاذ هو مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة، مقاطعة تامة ونهائية وعدم المشاركة فيها من الألف للياء، لأنهم جربوا المشاركة فى استفتاء الدستور وصحيح أن هناك 43٪ قالوا لا.. لكن فى النهاية الدستور تم تمريره.. وبذا سيجد التيار الدينى والإخوان وحدهم فى الانتخابات البرلمانية وعليه أن يشيل الشيلة كلها بالاستحواذ الكامل على البرلمان كما استحوذ من قبل على الشورى وعلى الرئاسة وعلى الحكومة.. ولتكون سبة ووصمة عار فى جبين الإخوان والنظام السياسى الحاكم الآن.. ونحن جميعا فى انتظار الخير الذى يحملونه لمصر.. وفى انتظار النهضة التى وعد بها الرئيس ولم يحقق واحد فى المليار منها حتى الآن.
والحقيقة أنه للذكرى وللتاريخ وللأسف الشديد فإن أسلوب الإخوان فى الاستحواذ على مؤسسات الدولة بكاملها والتمكين السياسى للجماعة فى كل المجالات وكل المؤسسات هو بالضبط نفس أسلوب مبارك فى نهاية سنوات عصره وبالتحديد فى انتخابات 0102، والتى أسقطته وأسقطت نظامه السياسى بالكامل.. الفارق أن مبارك كان يزيد فى الاستحواذ والسيطرة والتمكين وإقصاء المعارضة، عن طريق تزوير صندوق الانتخابات.. أما الإخوان فهم يسلكون نفس السلوك لكن عن طريق تزوير إرادة الشعب بالدستور المشبوه والمشوه وكذلك القوانين التى تدعم هذا التمكين.. والمشكلة أن الإخوان سيجىء عليهم يوم يجدون أنفسهم وحدهم فى الميدان وسوف يبحثون عمن يقف بجانبهم فيجدون أن الجميع انفضوا من حولهم لايصدقونهم ولايشاركونهم فى تحمل مسئولية هذا البلد الجسيمة، والتى لا يستطيع فصيل سياسى واحد أو تيار واحد أن يتحمل هذه المسئولية بمفرده لأنهم فضلوا أن يكونوا وحدهم بعد عزل وإقصاء كل التيارات الأخرى، وبالتالى فى هذا الوقت سيجدون أنه لا مناص أن يواجهوا مصيرهم وحدهم أمام غضبة الشعب إذا ما فشلوا فى حل مشاكله  وفى هذه الحالة ستكون المواجهة أصعب.. ولن تكون ثورة تسقط نظاما فحسب.. ولكن ستكون ثورة جياع ستأتى على الأخضر واليابس.. احذروا القادم.. واحذروا غضبة الشعب.
 
 إلى حكومة د.هشام قنديل هل تذكر أنك أصدرت عدة قرارات بقوانين تغلق المحال فى العاشرة مساء.. وتوقع غرامات على الباعة الجائلين فى حدود 4 آلاف جنيه.. وغيرها.. وغيرها.. القرارات كانت ستنفذ من أول ديسمبر.. لكنك لم تذكر سنة كام.. إن كنت ناسى أفكرك فالفوضى مازالت قانون الشارع.. وهيبة الدولة وهيمنتها ضاعت.. وكل قرارات وإنت طيب.