السبت 6 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

معاناة المصريين بالخـارج طالت البسطـاء ولم يسلم منها السفـراء

معاناة المصريين بالخـارج طالت البسطـاء ولم يسلم منها السفـراء
معاناة المصريين بالخـارج طالت البسطـاء ولم يسلم منها السفـراء


 إن الذى حفَّظنى القرآن مصرى، وإمام المسجد الذى أصلى فيه مصرى والذين أشرفوا على رسالتى للماجستير والدكتوراه مصريون، ونهضة الدول العربية قامت على أكتاف المصريين، هذه العبارات هى جزء من كلام الداعية السعودى د. محمد العريفى فعلى مدار عامين هما عمرالثورة المصرية التى من المفترض أنها قامت من أجل الحفاظ على كرامة المصرى فى الداخل والخارج فإننا نجد أن مايحدث خلاف ذلك، وإذا كنا نقف جميعا فى وجه الانتهاكات التى تحدث داخل الأقسام والسجون المصرية للمعتقلين بداخلها فإننا من المفترض أن نقف وبشكل أكثر حزما أمام ما يتعرض له المصرى خارج حدود بلده من انتهاكات والتى للأسف قد طالت السفير كما طالت العامل البسيط، وما نطمح إليه كمصريين أن يلقى أخوتنا فى الغربة الحد الأدنى من الحقوق الآدمية والكرامة الإنسانية.
لماذا تصمت الدولة بأجهزتها ومؤسساتها عن مأساة الآلاف من المصريين فى الخارج بداية من إنهاء عقود البعض منهم فقط لمطالبتهم بحقوقهم، وصولا إلى السجن والجلد وتلفيق التهم لبعضهم، فالأسماء التى برزت مؤخرا فى الإعلام ماهى إلا مثل لواقع مرير حتى فى ظل تصريحات مساعد رئيس الجمهورية، الدكتور عصام الحداد،الذى قال «إن العمل تجاه ملف المصريين بالخارج هو عمل مؤسسى متكامل بين مؤسسات الدولة المعنية، تدعمه دائما القيادة المصرية من خلال استثمار علاقاتها المتميزة ورصيدها الطيب لدى العديد من الزعامات لتحريك هذه الملفات سريعا لما فيه صالح المواطن المصرى، وبرغم ما أثاره فى النفوس التحرك الفورى والمباشر بزيارة الوفد المصرى رفيع المستوى لدولة الإمارات والذى ضم مستشار رئيس الجمهورية ومدير المخابرات سعياً لحل مشكلة الأحد عشر مصريا الذين تم إلقاء القبض عليهم من قبل السلطات الإماراتية والمنتمين إلى جمعية الإصلاح الإسلامية المحظورة القريبة من فكر الإخوان المسلمين إلا إنه ومع الأسف فقد فشلت أيضا مباحثات هذا الوفد وعاد صفر اليدين، فهل أوضاعنا الداخلية أثرت على صورتنا بالخارج؟، وهل مؤسسة بحجم وزارة الخارجية يقوى دورها تبعا لشخص الوزير وعلاقاته أم أنه كيان يعمل وفق آليات محددة بغض النظر عن الأشخاص؟، هذا ما نحاول الإجابة عنه فى السطور التالية.
تعرضت السفيرة المصرية منحة باخوم منذ حوالى أسبوعين إلى معاملة خشنة من قبل أمن أحد المطارات بقبرص، فبينما كانت تؤكد أنها تشغل منصب السفيرة مصرية وأن تفتيشها بهذا الشكل المهين وطلب خلع حذائها لايتناسب مع الحصانة الدبلوماسية التى يمنحها إياها منصبها قامت إحدى الشرطيات بالتهكم عليها مما أثار غضبها فصفعت الشرطية على وجهها، ورغم قيام الخارجية القبرصية بتقديم اعتذار رسمى للسفيرة المصرية إلا أن تلك الواقعة هى سابقة مخزية فى عالم الدبلوماسية المصرية، ولم تكن تلك الواقعة هى الأولى بعد الثورة فى انتهاك حقوق المصريين فى أوروبا، حيث سبقها بأكثر من عام وبالتحديد فى 24أغسطس 2011 حادثة مقتل دكتور كريم أسعد طبيب التخدير المصرى، أثناء مناوبته فى مستشفى «برنسيس أوف ويلز» بإنجلترا، والذى كشفت الأيام عن أنه قد وصل من خلال أبحاثه إلى عقار جديد بديل عن «المورفين» المستخدم فى عمليات التخدير، بعد أن أثبت أن للمورفين أضرارًا كبيرة، وكانت إسرائيل كانت قد طلبت منه مناقشة هذا البحث فيها إلا أنه رفض فى الوقت الذى اكتشف فيه قيام المستشفى الذى يعمل به بسرقة أعضاء بعض المتوفين، مما أدى إلى قتله.

 نماذج لواقع مرير

وفى الدول العربية وعلى غير المفترض فالوضع أكثر سوءًا، معتقلون مصريون كثر بسبب شكاوى كيدية من أصحاب البلد، أو وشاية من أميرة صاحبة سلطة ونفوذ، أو تسلط من كفيل قرر التخلص من مكفوله وعدم إعطائه حقوقه وذلك بتلفيق التهم له والنتيجة مئات من الضحايا الأبرياء وأكثر شىء مؤلم كشفته قضايا مثل قضية نجلاء وفا وأحمد الجيزاوى بالسعودية، وحسام عامر بالسودان، وغيرهم الكثير هو عدم وجود فى أى من سفارات مصر اعتمادات مالية لتوكيل محامين للدفاع عن المعتقلين أو المسجونين المصريين بالخارج.

 مساعدات قنصلية

وفى هذا الإطار توجهنا إلى السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق والقنصل السابق بالولايات المتحدة الذى يرى أن ارتفاع عدد المصريين المغتربين بالخارج بالمقارنة مع عدد الدبلوماسيين المتواجدين فى سفارات وقنصليات مصر فى دول العالم قد يكون من أهم أسباب تدهور حال المصريين فى تلك الدول، لافتا النظر إلى أن معظم مشاكل المصريين تتركز فى دول الخليج، وعن مايتعين على السفارة، تقديمه للمصرى خارج حدود وطنه يقول: يجب أن يحصل على المساعدات القنصلية فى إطار القانون الدولى وخاصة إذا كان محتجزا لأى سبب فى تلك الدول وتتمثل تلك المساعدات فى أن يتم التأكد من أنه يتم استجوابه وفقا للقواعد القانونية المنصوص عليها، وأن يتمكن من الحصول على حقه فى الدفاع عن نفسه، وأخيرا أن تكون ظروف معيشته فى الاعتقال تتناسب مع القواعد المتعارف عليها عالميا، مع التأكيد على أنه ليس من واجب الدولة ممثلة فى سفاراتها وقنصلياتها التدخل فى إجراءات سير العدالة بأى شكل كان مع العلم أنه فى حالة إدانة المصرى فى أى قضية يتعين على السفارة أن تساعده ليستأنف الحكم، وبمواجهته ببعض الحالات لمصريين من الخارج تم احتجازهم ولم تستطع السفارة توكيل محامين للدفاع عنهم بحجة عدم وجود اعتمادات مالية، يقول من المؤسف أن تفتقر ميزانيات البعثات الدبلوماسية لمثل تلك البنود، وأقترح أن يتم تعديل القوانين المصرية وأن يقوم المشرع بتخصيص جزء من ميزانية وزارة الخارجية كل عام لمساعدة المصريين فى الخارج لاسيما المعرضون للاعتقال والحبس، على أن يتم توزيعه على السفارات والقنصليات لاستخدامها فى ضوء ضوابط معينة بشرط أن يقوم المواطن بسدادها لخزينة الدولة بعد عودته إلى أرض الوطن، وعن تقييمه لما حدث للسفيرة المصرية بقبرص منحة باخوم وعن مدلولات ذلك يقول إن الحصانة الدبلوماسية لاتنسحب على الإجراءات الأمنية إلا على رئيس الجمهورية، لذا فإن من وجهة نظره أنه كان ينبغى على السفيرة أن تمتثل للإجراءات الأمنية خاصة أنها كانت فى وداع أقرباء لها ولم تكن فى مهمة عمل رسمية وبسؤاله ما إذا كانت وزارة الخارجية يقوى دورها تبعا لشخص الوزير وعلاقاته أم أنها كيان يعمل وفق آليات محددة بغض النظر عن الأشخاص؟ يقول بالطبع لا علاقة بشخص الوزير بمدى فاعلية دور الوزارة، ويؤسفنى أن أقر أن الصورة الآن ليست بجيدة، مع التأكيد على أن وضع مصر فى الخارج قد وصل للذروة فى الفترة مابين 28 يناير إلى 11 فبراير 2011 حيث انعكست كل القيم النبيلة فى تلك الثورة السلمية، لكن وللأسف مابعد تلك الفترة بدء التدهور يظهر بشكل ملحوظ.


 رعب من انتقال الحرية

من جانبها ترى د. فادية مغيث الباحثة فى علم الاجتماع السياسى ان السلطة السياسية الآن غير منتبهة إلى أن العالم قد أصبح قرية صغيرة وأن الفضائيات جعلتنا نشاهد كيف يتمتع المواطن فى أمريكا مثلا بالحرية ويعيشها فبالتالى نعامله بذات الطريقة عندما يأتى إلينا، وبما أن الصورة التى تنقل عنا فى الخارج هى القمع والاستبداد فمن الطبيعى أن يتجه منحنى تقدير المصرى فى الخارج إلى الهبوط، مشيرة إلى أن اللافت للنظر من بعد الثورة تحديدا هو الاستبداد والقسوة فى معاملة المصريين فى السجون العربية، ولا أستثنى المدان منهم لأنه توجد أعراف ومواثيق لا يمكن تخطيها، لكنه الرعب من عدوى انتقال الحرية إلى باقى الشعوب تترجم فى شكل انتهاك لحقوق المصريين وكأن هتاف ارفع راسك فوق انت مصرى لايروق للبعض، مشيرة إلى أن الكرامة لازالت تصدر من مصر لكل العرب كما صدرت من قبل ضد الاستعمار، لكن للأسف هان على سلطاتنا هان على الناس فى الخارج، وتشدد د/ فادية على أن الأدوات الدبلوماسية للدولة ممثلة فى السفارات والقنصليات تظل «قليلة الحيلة» أمام كل هذه الانتهاكات، فالسلطة السياسية هى المسئولة عن كرامة مواطنيها فى الداخل والخارج، مشيرة إلى أنه فى عهد الزعيم جمال عبدالناصر لم يكن يجرؤ أى إنسان على أن يمس مصرى بسوء