الأربعاء 7 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

العريان يضرب عصفورين بحجر يهودى!

العريان يضرب عصفورين بحجر يهودى!
العريان يضرب عصفورين بحجر يهودى!


فجر القيادى الإخوانى عصام العريان بتصريحاته الأخيرة عن حق عودة اليهود المصريين إلى وطنهم الأول مصر وحقهم فى عودة ممتلكاتهم وتعويضاتهم، بابا للجدل والشك، بل اليقين لدى الكثيرين بأن هناك اتفاقا على طريقة «هات وخد» بين الإخوان وأصدقائهم الأمريكان وأتباعهم.

كما أثار تساؤلا عما إن كانت هذه التصريحات نوعا من أنواع تأنيب الضمير للإخوان فهم كانوا من أهم الأسباب التى عكرت صفو حياة اليهود المصريين فى مصر خلال الثلاثينيات!
وقد ضرب الإخوان عصفورين بحجر واحد، العصفور الأول هو كسب ود الأمريكان وأتباعهم، والعصفور الثانى هو تشويه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مستغلين أننا شعب لا يقرأ التاريخ جيدا.. ولا يستلهم مواقفه السابقة.. وهو ما ليس صحيحا، فالتاريخ موجود والواقع مرصود والمواقف واضحة!

ولهذا نفتح الملف.. ونستعرض تاريخ اليهود فى مصر الحديثة إلى خروجهم منها. بداية اليهود فى مصر

فى عهد محمد على لم يتجاوز عدد يهود مصر الذين ينتمون بأصولهم لفترات سابقة سبعة آلاف أغلبهم من الطبقات الوسطى والدنيا، لكن مع محمد على والانفتاح على العالم الخارجى بدأت أعداد من اليهود تتوافد على مصر.

ثم ازدادت الأعداد فى عصر إسماعيل، وهذا مع دخول الأجانب بجنسياتهم المختلفة فى محاولة لتحديث مصر ودخولهم للاستثمار والتجارة خاصة بعد فتح قناة السويس.

الطبقة الوسطى من اليهود مقسمة لشريحتين.. الشريحة العليا التى أرادت تقليد الرأسمالية فى حياتها، ولم تعد لغة أهل البلد العربية تعنى لديهم شيئا فاللغة الفرنسية هى السائدة، وهؤلاء كانوا يعملون فى البنوك والشركات اليهودية والتى كانت منتشرة بكثرة حتى إنهم سيطروا على بنوك التسليف العقارى وبنوك ومصانع وشركات حاربت الاقتصاد الوطنى الناشئ فى هذا الوقت.. حتى إن طلعت حرب أشار فى كتابه «علاج مصر الاقتصادى» إلى مدى تغلغل النفوذ اليهودى لدرجة أنه لم يستطع إلا إشراكهم فى بنك مصر إلى أن استطاعوا بعد ذلك استبعاده من رئاسة مجلس إدارته.

ثم حضر زعماء الصهيونية أيضا لمصر وساهمت الجالية اليهودية فى إنشاء مستعمرات وشراء أراض فى فلسطين، ولم تتخذ الحكومة المصرية موقفا من تلك المؤسسات إلا فى فترة متأخرة من الأربعينيات من القرن الماضى، حيث قام الموساد والمؤسسات التابعة له بنشاط ملحوظ فى مصر لتشجيع اليهود    على الهجرة لفلسطين، وقد شهد عملاء الموساد العاملون فى مصر خلال تلك الفترة بأنهم كانوا يمارسون نشاطهم بمساعدة عناصر من يهود مصر.. وأن هناك مكاتب وسفريات وسياحة تخصصت فى عملية ترحيلهم وسفرهم أولا إلى أوروبا وخاصة ميناء جنوة الإيطالى ثم منها إلى إسرائيل، وكان هذا بعلم الحكومة المصرية التى لم تتخذ إجراء ضدها إلا مع نذر حرب 8491.

ثم رفضت حكومة النقراشى الاعتراف برابطة مكافحة الصهيونية التى كونها عدد من اليهود كمارسيل شيرازى وشحاتة هارون وعزرا هرارى، البعض يرى أنه لم يكن هناك فهم لخطر الصهيونية إلا فى فترة متأخرة فى الأربعينيات، إلا أن الحقيقة أن هناك مقالات نشرت فى الأهرام عام 3191 تحذر من خطر الصهيونية، والرابطة العربية التى ظهرت على أيدى الشوام فى مصر فى بدايات القرن العشرين التى تؤكد وثائق «الجنيزة» أنه كانت هناك هجرة فعلية آنذاك وإن لم تكن على نطاق كبير.

كثير من الروايات ترجع الهجرة الثانية أو «الخروج الثانى» كما يسمونه إلى الموقف العدائى الذى اتخذه الإخوان من اليهود فى مصر!

أى أننا نفهم من ذلك أن الإخوان الآن يحاولون إصلاح خطأهم، لكن بخطأ أكبر منه!
وقد ذكر جاك حاسون عن صلتهم بمصر «أنها تمازج وليس اندماجا»، وذكر  اليهود المصريون فى أكثر من صحيفة يهودية أنهم ضيوف، وفى مولد أبوحصيرة قام كبار رجال الطائفة من اليهود «ليون كاسترو» داعية صهيونى وجه شكرا للمصريين على ضيافتهم!

القومية اليهودية

ففكرة القومية اليهودية منعت اليهودى المصرى من اعتبار مصر هى وطنه الحقيقى، وإلا فلا داعى للسعى وراء أرض الميلاد!

ومع أن الأمور تحسنت بالنسبة ليهود مصر عام 8491، إلا أن أعدادا كبيرة بالفعل قد هاجرت، وحدث شرخ فى العلاقة على المستوى الشعبى بينهم وبين الأغلبية من الشعب.. إلا أن الثورة لم تتخذ موقفا معاديا لليهود، بل زار «محمد نجيب» المعبد الرئيسى «عدلى» كما كتبت فى «الكليم» عدد من قيادات الثورة مقالات عن إيمانهم بالتعددية الدينية وتم علاج الحاخام «ناحوم أفندى» على نفقة الدولة، ووجه الشكر لجمال عبدالناصر إلا أن عددا كبيرا من اليهود فى منتصف الخمسينيات قاموا بتصفية أعمالهم وبيع ممتلكاتهم والهجرة، وقد هاجر الأثرياء لأوروبا وأمريكا، حيث استثمروا أموالهم، والطبقة الوسطى والدنيا هاجروا لإسرائيل .

فلا مجال أن نشك فى أنهم خرجوا من مصر دون أن يأخذوا حقوقهم وتعويضات عن ممتلكاتهم.
فعندما جاءت حرب 65 ثم التأميم تم تعويض اليهود الأجانب من الفرنسيين والإنجليز، وعدد من الجنسيات عن أموالهم التي وضعت تحت الحراسة فى عام 6591، والتأميم سنة 1691 لم يشمل إلا أعدادا محدودة، فكانت الأغلبية أصولها قد بيعت وصفيت من قبل على أيدى أصحابها! أى أن التعويضات التى يتحدثون عنها ليست من حقهم ولا حتى فى الأحلام!

وبالمناسبة لم تكن هذه المرة الأولى التى يطالبون بمسألة التعويضات، فقد كانت هناك مطالبات بتعويضات وتراث مصر فى المعابد!

وقد صرحت كارمن رئيسة الطائفة اليهودية الآن فى مصر أن المعابد ليست ملكا لأفراد ما يربط بعضهم بمصر مجرد حنين لأماكن حياتهم الأولى، وقد طالبت منظمة التحرير أيام السادات بفتح الباب أمام العودة إلى مواطنهم الأولى، وقد عاد إلى المغرب يهود المغرب، أما مصر فلم يعد لها أحد فهم مرتبطون بإسرائيل، كما أن الجيل الذى هاجر قارب على الانقراض بحكم السن.. والأجيال الحالية «التالية» لا تعرف عن مصر إلا ذكريات أجدادهم.

هذا كله لا ينفى أن هناك عددا من اليهود ارتبطوا بمصر وأحبوها وطنا ورفضوا الصهيونية مثل يوسف درويش وشحاتة هارون وريمون دويك.

هذا كان باختصار حال اليهود فى مصر، وحال انتمائهم لها، وإذا أبحرنا فى التفكير فى سبب الفرحة العارمة بتصريحات عصام العريان والهتاف باسمه فى كل شوارع تل أبيب الآن، وتصويره فى الجرائد العبرية كمعاريف وهاآرتس على أنه بطل قومى وأنه رجل ليس معاديا للسامية كباقى أفراد وطنه، نعرف أن السبب الوحيد هو أنهم يطمعون فى المال من التعويضات التى فتح عصام العريان الباب لها بعد أن كانوا قد فقدوا الأمل فيها.
حقيقة تصريحات العريان

أما إذا تساءلنا عن السبب الحقيقى وراء مطالبات العريان لعودة يهود مصر وفتح ذراعيه للصهاينة للدخول بين أحضانه، فقد وجدت الإجابة بين صفحات كتاب الدكتور ثروت الخرباوى «سر المعبد» التى تتحدث عن أدق أسرار جماعة الإخوان.

حيث وقع بين يدى الدكتور ثروت خطابا قد نشر صورته أيضا فى آخر كتابه، من أحد أعضاء الإخوان المقيمين فى أمريكا والذى كان همزة الوصل وقتها يقول فيه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحياتى لجميع الإخوة.. أما بعد،

كانت للجهود التى بذلها د. برونلى أثر طيب فى تقريب وجهات النظر إلى حد كبير، إلا أنه مازالت بعض الاختلافات فى وجهات النظر، وقد ظهر لى أن مستر إيرلى متعنت إلا أننى أوضحت للأصدقاء الآتى:

1- لن نغير خريطة المنطقة السياسية.

2- نتعهد بالحفاظ على كل المعاهدات والاتفاقيات «أبدى الأصدقاء سعادتهم بتصريحات المرشد عن إسرائيل وقالوا عنه «رجل محترم» He is arespectable man...

3- نقبل وجود إسرائيل بالمنطقة «وقالوا إنه ينبغى ألا ننظر إلى إسرائيل كما تنظر الحكومة إلينا فلا هى محظورة ولا نحن محظورون»!

4- أوضحت لهم إصرارنا على أن تقوم الإدارة الأمريكية بدعم التحول الديمقراطى بالمنطقة!
وقد ظهر لهم من نتائج المرحلة الأولى أننا أصحاب الرصيد الجماهيرى.

وقد أوضح الأصدقاء:

1- سعادتهم فى جرأتنا لتناول قضية الحوار مع أمريكا وأن التناول كان واقعيا، إلا أنهم أبدوا استياءهم من مسألة أن الحوار ينبغى أن يتم عبر وزارة الخارجية المصرية!

وقالوا إننا يجب أن نتخلص من هذه النغمة.

2- أوصوا بطرح مسألة الحوار مع أمريكا على أوسع نطاق، حتى تصبح أمرا واقعيا، وقتها لن يبحث الناس عن شرعية الحوار، ولكنهم سيبحثون عن نتائج الحوار.

3- يجب أن يقدم الإخوان الحزب وأن يكون هذا فى خلال عام وسيمارس الأصدقاء ضغوطا على الحكومة للموافقة عليه.

4- تدعيم الحوار مع الحزب الوطنى والتنسيق معه فى القضايا الكلية ولا مانع من الاختلاف فى الفرعيات.

5- ضرورة الحفاظ على الكيان الحاكم وعدم خلخلته دستوريا أو شعبيا وعدم المساعدة فى أى تجمع يسعى إلى إحداث خلخلة للنظام.

وينتظر الأصدقاء سفر الدكتور العريان لبيروت فى النصف الأول من ديسمبر لإكمال الحوار، وإن لم يتم سيحضر لكم صحفى أمريكى وسيقدم نفسه تحت اسم «جون تراوتر» وكالة «S.O.N» وسيجلس مع الشاطر وعزت.

حامل الخطاب الأخ حسان من السودان.

أرجو عدم الثقة بأى شخص من «Cter».

أخوكم H. A

ثم يستطرد الدكتور الخرباوى بعد ذلك أنه تعجب من صلة الإخوان بأمريكا بهذا الشكل وهذه الشروط.. إلا أنه دائما كان يسمع منهم بأنهم سيستعينون بالكفار للوصول للحكم.
الآن نعلم أن كل واحد يبحث عن مصلحته، الإسرائيليون يبحثون عن المال والتعويض والأمان وعدم التهديد وهذه كانت شروطهم للموافقة على تمكين الإسلاميين من الحكم، والأمريكان همزة الوصل، والإخوان ينفذون لينالوا الرضا والمباركة من الاثنين.. ومصر والشعب سيدفع الثمن ويظن أنه فى طريقه للجنة!