الإثنين 5 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

تخويـن المدرسيـــن وإحـراج الموجــهين

تخويـن المدرسيـــن وإحـراج الموجــهين
تخويـن المدرسيـــن وإحـراج الموجــهين




حالة من الجدل والترقب تسود بين أوساط المعلمين الآن، بعد أن أصدر وزير التربية والتعليم قراراً بتكليف الموجهين لأول مرة هذا العام بوضع امتحانات نصف العام الدراسى لسنوات النقل، التى تبدأ هذا الأسبوع.

ففى حين أعلنت الوزارة أن تكليف الموجهين بدلا من المدرسين الأوائل فى كل مدرسة هو لضمان حيدة ونزاهة الامتحانات، وتحقيق تكافؤ الفرص بين الطلاب، اعتبر المدرسون أن القرار استمرار لحالة فقدان الثقة فى المعلمين، وشككوا بدورهم فى قدرة الموجهين على وضع الامتحانات لمناهج ابتعدوا عن تدريسها لسنوات طويلة.

لكن تفاصيل الطريقة التى وضعت بها الامتحانات، وتجربة الموجهين الأولى لتولى هذه المسئولية، كشفت عن أشياء أخرى فيما يجرى أثناء وضع الامتحانات، وأثناء تصحيحها أيضا.



فى البداية يرى أيمن البيلى وكيل نقابة المعلمين المستقلة أن القرار يعمق من الشعور السائد بين أولياء الأمور بفقدان الثقة فى المعلمين المكلفين بوضع الامتحانات، وهو الشعور الذى تحاول الوزارة نفسها نفيه عن المعلمين، حين تتحدث عن مكانة المعلم.

ويرى البيلى أن المعلمين هم الأقدر على وضع الامتحانات، أكثر من الموجهين الذين لا يدرسون المناهج للطلاب، ولا يعرفون ما يتم تدريسه بالفعل داخل الفصول، والذى يختلف من مدرسة لأخرى، حسب ظروف كل مدرسة، مؤكدا أن تكليف الموجهين بوضع الامتحانات إقحام للتعليم فى السياسة، دون اهتمام بأن تكون الامتحانات مطابقة للمواصفات، أو بتدريب الموجهين على وضع الامتحانات التى تبين الفروق الفردية بين الطلاب.

على الجانب الآخر يؤيد ناصر على مدرس التاريخ بمدرسة طبرى روكسى قرار وزير التربية والتعليم، على اعتبار أن وضع الموجهين للامتحانات سيزيل الحرج عن المعلمين، خاصة فى ظل أن بعض المعلمين الأوائل يعطون بالفعل دروسا خصوصية، ويمكن أن يساهموا فى تسريب بعض الأسئلة  لبعض الطلاب دون غيرهم.

ويؤكد ناصر أن إبعاد المدرسين عن وضع الأسئلة سيقلل من المشكلات التى كانت تنشب بين المعلمين وبعضهم البعض بسبب تسرب بعض الأسئلة لبعض الطلاب، وإظهار بعض المعلمين على أنهم أقل قدرة من غيرهم، على مساعدة الطلاب على جمع درجات الامتحان.

∎ الخوف من الاضطهاد

أما الموجهون المكلفون بوضع الامتحانات فكانت لهم آراء أخرى، بعضها مؤيد للقرار، والبعض الآخر يعارضها انطلاقا من ممارسة واقعية.

وتقول موجهة الفلسفة بإدارة مصر القديمة التعليمية أمينة الشبراوى إنها سبق أن تقدمت باقتراح للموجه العام بالمديرية بتكليف الموجهين بوضع الامتحانات، إشفاقا على المدرسين الأوائل، المتعبين بالحصص الكثيرة، بسبب العجز فى مدرسى الفلسفة على مستوى الإدارة.

بالاضافة إلى ما يوفره ذلك من تأمين امتحانات نصف العام الدراسى، حتى لا يكون المدرس الذى يدرس فى الفصل هو نفسه واضع الامتحان، مثل تأمين امتحانات الثانوية العامة.

لكنها أشارت إلى أن هذا ليس معناه الشك فى المعلمين لأننا نستأمنهم على درجات أعمال السنة، ونتابع أى تجاوز قد يحدث فى هذه الدرجات من شهر لآخر.

أما موجه عام اللغة العربية بإدارة الهرم التعليمية عبدالله عيسى، فيؤكد أن قرار تكليف الموجهين بوضع الامتحانات غير مناسب رغم أنه جاء لضمان السرية وتجنبا لشكاوى أولياء الأمور، لأن الموجهين بعيدون عن تدريس المادة، وهم أيضا يعطون دروسا خصوصية، وإن كان يستبعد أن يضحى الموجه بسمعته، ويسرب امتحانه لطلابه، لأنه فى نهاية عمره الوظيفى، علاوة على أن الطلاب يأتونه برغبتهم، لأنه لا يدرسهم فى الفصل، فموقفه مختلف عن مدرس الفصل، بحسب رأيه.

وكشف عبد الله عيســـى عـــن أنه طلــــب من كل اثنين من الموجهـــين أن يشــتركا فى وضع امتحان موحد لكل مدارس الإدارة تجنبـــا للشكـــوى من اضطهــــاد مـدرســـــة دون أخـــرى بامتحـــان صعـــب، بالإضافــــة إلى أخذ إقرارات من المدارس بانتهائها من تدريس جميع أجزاء المنهج.

أما المدارس الخاصة فهى حرة بحكم القرار الوزارى فى أن تكلف من تشاء بوضع امتحاناتها، كما يؤكد عيسى.

«باحسب ألف حساب وحساب قبل ما أحط الامتحان»، قالها موجه الكيمياء بإدارة السيدة زينب التعليمية السيد محمد عبد الفتاح، متوقعا أن تحدث مشكلات بين الموجهين والمدرسين فى المدارس، إذا أظهرت نتيجة الامتحان الذى وضعه الموجه أن مستوى الطلاب فى إحدى المدارس أو فى جميعها أقل من المتوسط، وعليه فى هذه الحالة أن يضع امتحانا دون المواصفات حتى لا يقال عنه إنه يريد أن يحرج المدرسين، وستكون النتيجة هى تشكيل لجان لتقييم الامتحان من قبل المديرية، للحكم على الامتحان.

∎ امتحانات موحدة

وداخل مكاتب الإدارات التعليمية التى يكلف مديروها الموجهين بوضع الامتحانات، كانت هناك تفاصيل أخرى.

ففى البداية يرفض محمد عطية مدير إدارة عابدين التعليمية مبدأ تخوين المدرسين الأوائل، ويؤكد أن قرار تكليف الموجهين بوضع الامتحانات قرار غير مدروس، لأن المدرس الأول فى كل مدرسة أكثر دراية بما تم تدريسه بالفعل داخل الفصول، وبإمكانيات المدرسة فى التدريس.
ويتعجب عطية من عدم تدريب الموجهين على طريقة وضع الامتحانات المطابقة لمواصفات الورقة الامتحانية، فى الوقت الذى يتم تكليفهم فيه بوضع الامتحانات، والكثير منهم ليست لديه فكرة عن طريقة وضع الامتحانات، لافتا إلى أن القرار أخذ دون تخطيط مسبق، وأنه يتنافى مع مبدأ اللامركزية.

وتتفق معه فى الرأى بثينة عبدالله مدير إدارة مصر القديمة التعليمية مؤكدة أن بعض الموجهين وصلوا إلى هذا المنصب بالأقدمية وليس بالكفاءة.
 
وتشير بثينة إلى أنها طلبت من كل موجه وضع امتحان موحد لخمس مدارس، وأن يختار مدرسة واحدة يطبع فيها الامتحان، ليكون تسرب الامتحان مسئولية الموجه ومدير هذه المدرسة، ومع هذا ليست مقتنعة بالإجراء، لأن كل مدرسة لها مستوى مختلف وتوحيد الامتحان ردة إلى المركزية، هذا غير صعوبة معرفة المسئول عن تسرب الامتحان فى حالة الخمس مدارس.

وتكمل بثينة: اعترف لى موجهون بالإدارة أنهم لا يعرفون كيف يضعون الامتحان، وتحايلت على الأمر بأن طلبنا من المدرسين الأوائل فى المدارس الخمس وضع خمسة امتحانات، على أن يقوم الموجه باختيار بعض الأسئلة من كل امتحان منها، ليضع امتحانا موحدا للمدارس الخمس.
أما فى إدارة منشأة ناصر التعليمية، فيؤيد مديرها هانى الألفى القرار باعتبار أن الامتحانات من المفيد أن يتم العودة فيها إلى المركزية لنعرف المستوى العام للطلاب، بالإضافة إلى إبعاد المدرسين عن وضع امتحانات مدارسهم تجنبا للمشاكل.

وتؤيد مديرة مديرية التعليم بالقاهرة شاهيناز الدسوقى القرار لأنه ستكون هناك امتحانات شبه موحدة على مستوى الإدارات التعليمية، وستظهر المستوى الحقيقى للطلاب فى كل مدرسة حتى لا تتكرر ظاهرة الطلاب الذين ينجحون من عام لآخر دون أن يعرفوا القراءة والكتابة!

ويوضح وكيل وزارة التربية والتعليم د.رضا مسعد أن وضع الموجهين لامتحانات نصف العام الدراسى، جزء من مهامهم الوظيفية، لم يكن يطبق من قبل لأنها جزء من مهمة تقييم العمل التى يجب أن يقوم بها الموجه، بعد وضع خطة التعليم، ومتابعة تنفيذها، خاصة أن جزءا من هذه الخطة هو ضمان سرية الامتحان، وتحجيم ظاهرة الدروس الخصوصية.

ويشير مسعد إلى أن تكليف الموجهين بوضع الأسئلة يسد الثغرات الموجودة لتسريب الامتحانات، وهذا ليس معناه انفراد الموجهين بوضع الامتحانات وحدهم، بل إن يعاونهم المعلمون الذين يدرسون داخل الفصول فى وضع فى النهاية تكسب اقتراحات متعددة بالأسئلة، لكن مسئوليتهم عن الاختيار من بين هذه الأسئلة، الامتحانات الجدية المطلوبة، وبأهمية كل سنوات الدراسة، وليس الشهادات العامة فقط.

∎الرقابة الشعبية

ويرى الدكتور هانى درويش الأستاذ بالمركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى، أنها خطوة تتناقض مع تطبيق اللامركزية ومع تطبيق التقويم الأصيل، فهى لا تتيح لكل مدرسة، إدارة امتحاناتها بحسب ظروفها وطبيعتها.

فيما رأت الأستاذة بقسم بحوث التعليم بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية عفاف إبراهيم أنه لا فرق بين أن يكون من يضع الامتحان المدرس الأول أو الموجه، معتبرة أن المهم هو التأكد من أن الامتحانات تجرى وفق ضوابط محددة، لا تسمح بتسرب الامتحانات أو التلاعب فيها.

فيما رأى على الجمل عميد تربية عين شمس أن المهم هو أن يتأكد المسئولون من أن القائمين على الامتحانات قادرون على وضعها وإجرائها بشفافية، وذلك بتدريبهم على وضع الامتحانات السليمة وسد ثغرات التلاعب، وأن يكون هناك دور للرقابة الشعبية على الامتحانات من خلال مجالس الأمناء فى المدارس والإدارات التى يجب أن يكون لها سلطات فى الرقابة على الامتحانات.