الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لندن عاصمة الكوكايين فى أوروبا!

لندن عاصمة الكوكايين فى أوروبا!
لندن عاصمة الكوكايين فى أوروبا!


لولا أن مصدر هذه المعلومة هو جامعة بريطانية مرموقة مقرها قلب العاصمة البريطانية لندن، لما كان ممكنًا أن تكون محل اعتبار وتصديق، وطبعاً انزعاج واندهاش وقلق من جانب السلطات المعنية وعلى رأسها عمدة لندن نفسه. المعلومة الموجعة توصلت إليها فرقة البحث المتخصصة فى جامعة «كينجز كوليج» الشهيرة بعد تحريات ودراسة على الطبيعة واستقصاء بيانات، وهى أن: لندن أصبحت عاصمة الكوكايين فى أوروبا!


فسكانها يستهلكون سنويًا ما مقداره أكثر من ثمانية أطنان من هذا المخدر، بما يساوى أكثر من مليار جنيه استرلينى، أى ما يعادل أكثر من 20 مليار جنيه مصرى!
 وهذا معناه أن اللندنيين ينفقون يوميًا حوالى 3 ملايين جنيه على الكوكايين، وبينت الدراسة الأكاديمية أن سوق هذا المخدر فى لندن اتسعت ليصل إلى ضعف استهلاك أى عاصمة أوروبية أخرى.. وقال الدكتور«ليون بارون» المشرف على البحث: إن الكوكايين أصبح المخدر اليومى فى لندن بينما يستعمل فى بلدان أوروبا الأخرى مرة كل أسبوع فى عطلة نهاية الأسبوع «الويك إند».
كما أن مجموع الاستهلاك اليومى لهذا المخدر فى لندن يقدر بـ 23 كيلو جرامًا يفوق مجمل الكمية التى تستهلك فى المدن الأوروبية الثلاث التالية لها فى الترتيب، مجتمعة، وهى برشلونة التى تستهلك 74, 12 كيلوجرام وأمستردام وبرلين وكلتاهما تستهلك 4,62 كيلو جرام.
وهنا تتساءل القناة التليفزيونية الخاصة «سكاى» خلال تحقيقها حول ظاهرة تحول لندن إلى أكبر مستهلك للكوكايين فى أوروبا:
لماذا هذا الإقبال الشديد ؟!
يجيب على السؤال «تونى ساجرز» مدير مكتب المخدرات السابق فى الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة قائلًا: إن انخفاض سعر الكوكايين بسبب تنافس العصابات الدولية، مع ارتفاع مستوى نقاء المخدر، جعله فى متناول الناس مع سهولة الحصول عليه دون متاعب.. فزاد الطلب عليه لدرجة أن لندن وصلت حاليًا لحال التشبع بحيث أصبح المروجون ينشطون فى مدن أخرى لزيادة مواردهم.. وكشف أحد تجار الكوكايين خلال تحقيق تليفزيونى (متخفيًا تحت اسم مستعار) أنه يروج لبضاعته ويقوم بعملياته كلها عبر الإنترنت وهذا يسهل مهمة الشارى حيث لا يضطر إلى الظهور مع أحد مروجى المخدرات فى الشارع، كما أنه يضمن الحصول على نوعية جيدة من الكوكايين، كما كشف أن ارتفاع درجة نقاء المخدر واحتفاظ أسعاره بدرجة كبيرة من الثبات، ساعدا على تزايد عدد المدمنين!
وعندما سئل عن نسبة الربح التى يحققها من فارق سعر الشراء بالجملة وسعر البيع قال ببساطة: 1000 %!
ومن أين يأتى الكوكايين إلى لندن؟
يأتى من خلال عمليات التهريب المنتظمة التى لا يمكن السيطرة عليها تمامًا ضمن شحنات الموز والأناناس من كولومبيا، ويكفى أن نعلم أن بريطانيا أكبر مستورد ومستهلك للموز والأناناس فى أوروبا كلها.
ولماذا كل هذا الإقبال؟
هنا تأتى الإجابة من كاتبة صحفية تخلصت من إدمان الكوكايين بعد أن اعترفت علنًا بوقوعها فريسة له.. اسمها «بريونى جوردون» وكتبت عن إدمانها واعتمادها على المخدر قبل أن تتمكن من التخلص منه، تقول: المشكلة هى أن الكوكايين ينظر إليه باعتباره «تسلية فى الحفلات» وأنه ليس فى خطورة المخدرات الأخرى، والبعض يتعامل معه كمساعد على تحسين الحالة المزاجية. وأعتقد أن هناك تأثيرًا للنجوم والمشاهير فى عالم الرياضة والسياسة الذين يتعاطونه، وأيضًا صحفيين من الطبقة الوسطى مثلى. ولا أدرى هل ينظر إلى ذلك كسلوك عادى، أم على أنه «ليس مشكلة»؟.. مع أنه يدمر حياة المدمن عليه.. وتضيف: لكن لا أحد يريد أن يكون مدمنًا.. وأعتقد أننا يجب أن نبحث فى ما وراء التعاطى والإدمان، لنتعرف على الأسباب التى تدفع الفرد نحو الكوكايين.. التحقيق التليفزيونى تضمن زيارة لمصحة تابعة لجمعية خيرية تعالج المدمنين، حيث تقول واحدة منهم، أنها تعرفت على المخدر فى عمر 13 سنة عندما كانت تعمل فى محل «كوافير» وكان كل من يعمل هناك يتعاطى ويشم الكوكايين، فى نهاية يوم العمل الطويل يجتمع الكوافيرات حول الكوكايين فى المطبخ الملحق بالمحل وهو صالون كوافير محترم زبائنه من الطبقة الوسطى، وكنت صغيرة أراقب ما يحدث وأتطلع إلى اليوم الذى أكون فيه ضمن هذا النظام.
وهكذا دخلت عالم الإدمان.
وتشكو صاحبة أحد البارات من تزايد المتعاطين والمشاكل التى يتسببون فيها معلنة أنها اضطرت لزيادة المبلغ الذى تخصصه لأعمال الحراسة ليصل إلى ألف جنيه كل أسبوع، وتقول بغضب: إنه فى كل مكان.. وعن سبب انتشار تعاطى الكوكايين تقول: أظن أنه يعود إلى أحوال التقشف التى فرضتها الحكومة وما ترتب عليها من قطع الخدمات العامة ما وضع الناس تحت ضغوط شديدة فلجأوا إلى هذا المخدر.
مأساة اجتماعية حقيقية
أحد أشهر خبراء الإدمان فى العالم هو الدكتور«جابور ماتى» وله مؤلفات فى هذا المجال، يشرح أسباب انتشار تعاطى الكوكايين قائلاً: إنه يتعلق بخبرات المراهقة مختلطة بسوء الأوضاع الاجتماعية التى تزداد سوءًا هنا فى بريطانيا على امتداد العقود الثلاثة الأخيرة التى شهدت تحطم شبكة الحياة الأسرية والعلاقات الاجتماعية عامة.. ويضيف: إن وباء إدمان الكوكايين الحالى فى البلاد هو مأساة اجتماعية حقيقية وذلك يرجع بالكامل إلى عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية أكبر.. عمدة لندن «صديق خان» أبدى انزعاجه من تفشى تعاطى المخدر وقال إن المخدرات هى أحد الأسباب الحقيقية لارتفاع موجة العنف والجريمة فى لندن، مضيفًا أن بوليس العاصمة أصدر أكثر من ألف أمر تفتيش متعلقة بالمخدرات منذ أبريل العام الماضى. وعلى أى شخص يشترى المخدر أن يعلم أنه يشارك فى جريمة مزدوجة.. بتشجيعه لمروجى المخدرات كما أنه يساعد على انتشار جرائم أخرى كثيرة سببها تعاطى الكوكايين.
وكانت هيئة الإحصاء البريطانية قد أعلنت الشهر الماضى أن تعاطى الكوكايين قتل 637 شخصًا فى العام الماضى بسبب الجرعات الزائدة وهو رقم كبير يشكل زيادة قدرها 158 % منذ عام 2014.. وقالت قائدة قوات البوليس فى لندن «كريسيدا دايك» إن اللوم فى انتشار تعاطى الكوكايين فى العاصمة يقع على الطبقة الوسطى التى تنتشر بينها «ثقافة الكوكايين» بما يغذى ويشجع تجارة المخدرات وتصاعد جرائم القتل العشوائى بالسكاكين فى لندن.