تتحدى كبار ماكيرات السينما بخامات بدائية
«كلنا نحب مشاهدة أفلام الرعب، خاصة الأجنبية، لمصداقيتها وقوة الأداء وإحساسنا بأن كل المشاهد حقيقية.. كلنا نصدق اللى رأسه اتقطعت واللى وشه اتشوه، ومشاهد كتير ممكن نحسها مثيرة للخوف ومقززة، لكنها فى الواقع مصنوعة بحرفية وإمكانيات عالية جدًا.. طب ليه فى مصر ماعندناش ده؟».
كان هذا هو هدف فتاة طنطا، صاحبة السبعة عشر عامًا، «نورى محمد»، التى تهوى أفلام الرعب منذ طفولتها، قادها مشهد وفيديو مدته دقائق معدودة، لاتخاذ قرار بالتجربة، وعاهدت نفسها أنه فى حال فشلها فى دقة الصناعة والتنفيذ ستتراجع عن ذلك القرار.
«شاهدت يومًا على اليوتيوب فيديوهات لأفلام وأشياء مختلفة، وفجأة ظهر أمامى فيديو لكيفية صناعة الماكياج السينمائى، حبيت اتفرج من باب الفضول، عجبنى الموضوع جدًا وحسيت إن فى حاجة بتشدنى أنى أجرب، وقولت هأجرب من غير ما أقول لحد، لو فشلت يبقى خلاص ومش هكمل».
تعود نورى لطفولتها وحب والدتها لأفلام الرعب مثلها هى وإخوتها: «ماكناش زى كل الأطفال اللى بتشوف أفلام الكرتون.. معظم الأفلام التى كنا نحبها كانت مشاهد دموية وقتلا ومفاجآت مرعبة، وأصبحت أفلام الرعب أكتر شىء يمتعنا ويستهلك وقتنا».
بدأت نورى تجربتها بخامات منزلية بسيطة للغاية، بصنع جرح خداعى فى يدها أظهرها كأنها مقطوعة من الداخل، وتظهر الطبقات التى تحتها، ثم قامت بتصوير يدها بعد انتهائها من ذلك وأرسلت الصورة إلى أخيها، الذى ما إن رأى الصورة حتى أصابه الفزع الشديد وظن بأن يد أخته قد جُرحت هذا الجرح الشنيع بالفعل، وظل يصرخ بها لمعرفة ما حدث، حتى فاجأته بأنها كانت أولى تجاربها فى الماكياج والخدع السينمائية، ثم قامت بنشر نفس الصورة على صفحتها الشخصية على الفيسبوك، ففوجئت بردود أفعال لم تكن تتوقعها، فالبعض قام بسبها والدعاء عليها ليطلق الجميع جملة واحدة «إيه القرف ده!»، والبعض الآخر فوجئ بأنه ليس جرحا حقيقيا بعدما انهالوا عليها بـ «ألف سلامة عليكى يا حبيبتى»، وتعددت التعليقات على تلك الصورة حتى قررت نورى عدم الرد نهائيًا.
بطلة البوستر
لم تعر نورى اهتماما للانتقادات التى وُجهت لها كونها صغيرة السن تقوم بفعل تلك الأشياء التى ينفر من رؤيتها الجميع، حتى والدتها لم تؤيدها فى البداية، وبالفعل قررت الفتاة الشابة البدء بشراء الخامات البسيطة، مثل الفازلين والجيلاتين والجلسرين والنشا والدقيق، والألوان الصناعية الحمراء وأكياس القطن وخامات أخرى لتبدأ فى تنفيذ ما تراه فى الفيديوهات التى بدأت تتابعها على اليوتيوب العربى منها والأجنبى.
تنفذ نورى تجاربها على يدها ووجهها هي، وفى كل مرة تبهر أسرتها بصنعها لشيء جديد ربما يثير الرعب فى قلوبهم برؤيته للوهلة الأولى، ثم الانبهار بدقة التنفيذ المطابق للواقع والمشاهد التى يرونها فى أفلام الرعب التى يحبونها.
وفى لحظة شعرت نورى أن ما تفعله أصبح مكررًا وهى تود أن تكون مميزة عن غيرها، ممن يقدمون تلك المشاهد على اليوتيوب، أرادت تطوير نفسها، فوجدت على الإنستجرام عالمًا واسعًا فى هذا المجال، ثم عادت تشاهد أفلام الرعب من جديد وتُدقق فى مشاهدها، حتى شاهدت الفيلم الأجنبى «The Nun»، وقررت أن تجسد البطلة بعد أن تحولت للشخصية التى شاهدناها، وبالفعل قامت بصنع الماكياج الخاص بذلك وصورت نفسها ونشرت الصورة على الفيسبوك حتى ظن الكثيرون أنه بوستر لفيلم سينمائى.
ماسكات رعب رخيصة
«بدهن وجهى كريم قبل ما أعمل أى ماسكات أو مواد عشان بشرتى ما تتأثرش، ومابستخدمش أى مواد مضرة للبشرة، كلها مواد نستخدمها فى الماسكات اللى بنعملها لبشرتنا فى البيت»، فبأبسط المواد تقوم نورى بصنع الماكياج السينمائى كبديل للمواد الحقيقية المستخدمة فى السينما، والتى ربما تصل تكلفتها فى الواقع إلى نصف مليون جنيه. وتضيف نورى أنها فى البداية كانت تفضل العمل بمفردها حتى لا ينظر إليها أحد ويصدر التعليقات التى تشتت انتباهها، والآن أصبحت على وعى كافٍ بكيفية صناعة مشاهد الرعب والجروح والدماء.
«نفسى أوصل للناس كلها أن البنات شاطرة فى كل حاجة، وتقدر تعمل أى حاجة ممكن الشباب يرفضوها.. احنا مش بس شاطرين فى الميكب العادى،لا كمان شاطرين فى صناعة الماكياج السينمائى والخدع، ومش بنخاف.. المصريين يقدروا يعملوا أى حاجة».
تطمح نورى فى دخول كلية الفنون الجميلة والتخصص فى فن النحت حتى تتمكن من صناعة الماسكات المستخدمة فى برامج المقالب المشهورة والمشاهد السينمائية أيضا، فهو المجال الذى أثار انتباهها منذ عام ولاتزال تبحث فى كيفية تطويره، وترغب فى اقتحامه حتى لا يقتصر مجال الـ«Sfx makeup أو Special effects makeup» على أشخاص معدودة فى مصر كما قالت نورى.