الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الملائكة قضية أمن قومى

الملائكة قضية أمن قومى
الملائكة قضية أمن قومى


أدمت حادثة العنف ضد الطفلة جنة قلوب الملايين.. وتحجّرت الدموع فى الأعين وهى تقرأ التفاصيل المذهلة للجريمة البشعة التى راحت ضحيتها طفلة بريئة لا حول لها ولا قوة.. لم تستطع العقول والقلوب استيعاب أن الجدة التى دائمًا ما تكون نبع الحنان
والصدر الذى يختبئ فيه الأحفاد هربًا من عقاب الآباء،
 هى نفسها تلك الجدة التى مارست أبشع أنواع العنف والشر ضد حفيدتها لتموت رعبًا و كمدًا و قهرًا دون أن تعرف أى ذنب ارتكبت حتى تستحق هذه النهاية المأساوية..
لقد أصبح العنف ظاهرة مجتمعية مخيفة تنتشر يومًا بعد يوم بسرعة النار فى الهشيم  تنخر فى جسد هذا المجتمع المسالم لتغير ملامحه الطيبة التى تميز بها فيما سبق لتتحول إلى ملامح قاسية جافة مخيفة.. ولو دققت فى ملامح البشر فى الشوارع ستلمح حتمًا وجوهًا متجهمة متحفزة تخرج عن شعورها لأتفه الأسباب.. أما السلوك المرورى فحدث ولا حرج فأنت وكأنك فى حلبة صراع البقاء فيها للأقوى للأعنف للأكثر مراوغة وللأقل أخلاقًا.... نعم لقد تحولت حياتنا إلى حلبة صراع نستخدم فيها كل الأسلحة اللفظية
والجسدية حتى نروى هذا العطش الداخلى بالسيطرة والقوى الزائفة.. فأذا ما فشلنا تحولنا إلى وحوش كاسرة نمارس العنف ضد الأضعف والأقل حيلة..وغالبًا ما يكون الأطفال و النساء هم الأضعف والأقل حيلة..
 لقد نشرت الدورية الأمريكية للطب النفسى "أميركان جورنال أوف سيكاتري"دراسة ترجح أن استمرار التعرض للعنف لمدة طويلة، فى أثناء فترة الطفولة، يُحدث خللا دائما فى الألياف العصبية بالمخ، التي تتشكل فى أثناء العقدين الأولين من حياة الإنسان، وهو ما يُحتمل أن يدفع الشخص إلى الانتحار.. عندما يمارس الكبار العنف ضد الأطفال فإنهم يعتقدون أنهم سينسون ما حدث لهم لأنهم صغار لكن أثر العنف على الأطفال قد يكون أكبر مما نتصور .. لقد صدر تقرير عن منظمة اليونسيف حول العنف ضد الأطفال فى مصر و أخطر ما جاء فيه أن الآباء الذين يمارسون العنف ضد أبنائهم لا يشعرون بتأنيب الضمير بل يعتبرونه حقًا أصيلًا من حقوقهم فى تربية الأطفال كما أن الأطفال فى أحيان كثيرة يتقبلون هذا العنف لكن النتيجة النهائية مفزعة يدفع ثمنها مجتمع بأكمله حيث يؤدى العنف فى الصغر إلى النتائج التالية:
للعنف تأثير مدمر على الأطفال يهدد وجودهم ونموهم، فهو قد يؤدى إلى إصابات مميتة أو غير مميتة والتى قد تؤدي إلى الإعاقة ومشاكل صحية بما فى ذلك تأخر فى النمو، وأمراض الرئة، والقلب، والكبد مما يؤدى إلى اختلال فى الأداء الدراسى فى المدرسة ويخلف آثارًا نفسية ووجدانية وشعورًا بالرفض، وعدم القدرة على الارتباط، والصدمة، والخوف، والقلق، وعدم الشعور بالأمان، وفقدان الثقة بالنفس واضطرابات فى الصحة العقلية وقلق، واكتئاب، وهلاوس، واضطرابات فى الذاكرة، ومحاولات انتحار وإتيان سلوكيات خطرة واستخدام المخدرات والانخراط مبكرًا فى ممارسات جنسية و الهروب من المدرسة، وسلوكيات معادية للمجتمع، ومدمرة، مما يؤدي إلى علاقات سيئة بآلاخرين، ومخالفة القانون.. نحن لا ننكر أن هناك قوانين رادعة لحماية الطفل لكن الأهم من القوانين هو تغيير ثقافة المجتمع ووعيه من خلال الإعلام والخطاب الدينى ووزارة التعليم والثقافة.. إننا نخلق دون أن ندرى وحوشًا كاسرة فى مجتمع يئن تحت وطأة ظروف مختلفة ويفرغ طاقة غضبه فى كائنات ضعيفة لا حول لها ولا قوة.. إن حماية الأطفال وتوعية المجتمع لهى قضية أمن قومى يجب أن تحتل الأولوية على طاولة الدولة...