الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

يا للهول:صحفى بريطانى شاب.. حَمَلَ وأنجب طفلًا؟!

يا للهول:صحفى بريطانى شاب.. حَمَلَ وأنجب طفلًا؟!
يا للهول:صحفى بريطانى شاب.. حَمَلَ وأنجب طفلًا؟!


ماذا تقول لوعلمت أن هناك رجلًا فى لندن، له شنب وذقن وأنه فى عمر الشباب 32 سنة، وأنه يعمل فى الصحافة، أنه ويا للهول حَمَلَ وأنجب ولدًا!
 هل نعيش فى عصر مجنون؟!
لا يمكن أن تصدق هذا بالطبع، لكنه حدث. وهناك أسباب وراء ذلك، فالرجُل الذى نقصدَه، لم يُولَد ذَكرًا، وُلِدَ كأنثى، وعاش حتى سن الـ 26 كأنثى، وكان يعانى من متاعب عدم التواؤم مع الجسد، إلى أن تم تعديل حالته وتحويله إلى رجُل. وتسجيله فى الأوراق الرسمية كرجُل اسمه «فريدى ماكونيل».

لكن عملية التحويل من أنثى إلى ذَكَر، والهورمونات التى تم حقنها بها لم تشمل الأعضاء التناسلية، الرحم والمبيض و... و..
لقد عاش لفترة طويلة كامرأة ثم بدأ عملية التحوُّل الجنسى سنة 2013 ، ومنها إعادة تشكيل الصدر، وهى عملية أجراها فى فلوريدا فى أمريكا، ولأنه كانت لديه رغبة قوية فى الإنجاب فقد بدأ فى سنة 2016 عملية التخصيب الصناعى، وهنا أوقف عمليات تبديل الهورمونات، فاستعاد بعض مقومات الأنوثة؛ خصوصًا مع احتفاظه طوال الوقت بكل أجهزة وأعضاء الحمل والولادة فى جسمه، رُغْمَ تسجيله رسميّا كرجُل. وخلال هذه المرحلة كان يعانى من متاعب عدم الاستقرار بين الرجولة والأنوثة فيما وصفه بـ«مرحلة فقدتُ فيها نفسى»!
وعندما استعاد قدراته النسائية على الحَمل استخدم حيوانات منوية من متبرع مجهول وأصبح حاملًا سنة 2017 وفى السنة التالية أنجب ابنه.
 فرس البحر
وأصبح «فريدى ماكونيل» أول رجُل فى بريطانيا وربما فى العالم كله، يَحمل ويُنجِب.      
ولأنه كان مُعجبًا بما أقدم عليه فقد رصد كل المراحل التى مرّ بها من التحوّل من أنثى إلى رجُل، وبعدها عملية التخصيب ثم الحَمل ثم الولادة، فى فيلم تسجيلى بعنوان «فرس البحر»، وفرس البحر هو الحيوان المائى الذى يجمع بين الذكورة والقدرة على الإنجاب، والفيلم أنتجته هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى».
ليس هذا فقط، بل إنه طلب من هيئة السجل المدنى التى تُصدر شهادات الميلاد أن تضع اسمه فى شهادة ميلاد الابن فى خانة «الأب»، لكن الموظف المختص رفض ذلك، لعلمه أن «فريدى» هو الذى حَمل الجنين وأنجبه، ولهذا فمكان اسمه الصحيح هو خانة «الأم»؛ لأن القانون يَعتبر من يحمل ويُنجب الوليد أمًّا.
«فريدى» وهو صحفى فى قسم وسائل الإعلام المتعددة «مالتيميديا» فى جريدة «الجارديان»، احتج على هذا وقرر رفع دعوى قضائية ضد الحكومة ممثلة فى هيئة السجل المدنى؛ لرفضها طلبه، مدعيًا أن ما أقدمت عليه بتسجيله فى خانة «الأم» هو اعتداء على حقوقه كإنسان متحوّل.
ورفع الأمر إلى المحكمة العليا، التى لم يسبق لها أن نظرت مثل هذه القضية العجيبة، وجرت المداولات، وفى البداية قررت المحكمة منع نشر اسم صاحب الدعوى، وأيضًا اسم الطفل الوليد؛ لحمايتهما، لكن وسائل الإعلام التى اهتمت بمتابعة القضية العجيبة تقدمت بمذكرة للمحكمة تطلب فيها السماح بنشر اسم الرجُل لأنه اسم معروف من خلال الفيلم التسجيلى «سى هورس».. ووافقت المحكمة على أن تنشر الصحف اسم «فريدى ماكونيل» مع استمرار حظر نشر اسم ابنه.
واستمع القاضى إلى دفوع وشهادات وأقوال محامين يمثلون المدعى ومحامين ومسئولين كبار يمثلون هيئة السجل المدنى ووزارة الصحة ووزارة الداخلية.
 شبكة قوانين مختلفة
وقد وضع طلب «فريدى» بأن يُسَجَّل كأب للطفل الذى أنجبه، أمام شبكة من القوانين المختلفة،  فعملية التخصيب التى خضع لها يحكمها قانون يصف الهدف منها بأنه «مساعدة النساء على الحمل»، لكنه عندما حمل وأنجب لم يكن ضمن فئة «النساء»!
أمّا تحوله من امرأة إلى رجُل فخضع لقانون آخر صدر سنة 2004، كما أنه سجل الولادة تحت قانون صدر سنة 1953 يسمح بالتسجيل كـ«أب» فى حال وجود امرأة مسجلة كـ«أم»..
وقالت الحكومة فى دفوعها، إن «فريدى» يجب أن يسجل فى خانة «الأم» رُغْمَ أنه مسجل فى الوثائق الرسمية كرجُل؛ لأن من حق الطفل أن يعرف من حَمَله وأنجبه وهى الأم، فالرجال لا يحملون ولايُنجبون.
ولأن «فريدى» انتمى الآن وبعد عملية تحويله من امرأة إلى رجُل، إلى فئة معينة فى المجتمع هى «المتحولون جنسيّا» فقد أصبح يلقى تأييد ومساندة هذه الفئة ونشطائها الذين ينادون بحقوق المتحولين ويطالبون المجتمع والسُّلطات المختلفة باحترام هذه الحقوق، ومنها حق تسجيل الأبناء الذين وُلِدُوا خلال أو قبل أو بعد عمليات التحويل، بأسماء والديهم.
 مَن يقوم بفعل الولادة يكون أمًّا
وفى اليوم المحدد لإعلان المحكمة العليا قرارها وحُكمها فى القضية تجمَّع عشرات من المتحولين والمتحولات أمام مبنى المحكمة، وجاء الحُكم الذى أعلنه فى بيان مكتوب القاضى السير«أندرو ماكفارلين» رئيس قطاع الأسرة فى المحكمة العليا، وهو رفض طلب «فريدى»..
فالقانون كما كتب القاضى يجب أن يعكس الشعورالمنطقى العام، والخبرات المتراكمة، والحقائق الأساسية للحياة، فالأمومة تأسست على فِعل الولادة الذى تقوم به المرأة بعد تخصيب البويضات والحمل ثم الإنجاب، فمن يقوم بذلك يكون أمًّا، وليس أبًا.
ولهذا فيجب أن يُسَجل «فريدى» فى خانة «الأم» بغض النظرعن وضعه الحالى كرجُل؛ لأنه هو الذى حمل وأنجب الطفل. وأعلن القاضى أن وصف «أم» لم يعد يخص المرأة فقط بسبب مثل هذه الحالة، ولم يعد صفة أنثوية، فها نحن أمام رجُل حمل وأنجب طفلًا.
وأضاف القاضى فى بيانه المكتوب: لقد أصبح الآن من الممكن قانونيّا وطبيّا لشخص مسجل رسميّا كرجُل، أن يحمل ويَلد.
ومن خلال مواقع السوشيال ميديا أعلن «فريدى» أنه يرفض هذا الحُكم وأنه سيرفع دعوى استئناف، قائلًا إنه حزين بسبب حُكم المحكمة التى لم تسمح لرجُل متحوّل بأن يسجل فى خانة «الأب» لابنه، وأخشى أن هذا الحُكم سيسبب المتاعب النفسية لعائلات كثيرة مماثلة.
أثارت هذه القضية من جهة أخرى سؤالًا حول قانونية ما قامت به عيادة التخصيب التى قدمت لـ «فريدى» وهو المُسَجل «رجُل».. خدمة لا تُقدَّم إلّا للنساء فقط. فقلبت الأحوال ومكنت رجُلًا من أن يَحمل ويَلد. 
 ويجب على الحكومة والبرلمان إعادة النظر فى قوانين التخصيب، بحيث لا يُسمح بتكرار هذه الحالة غير الطبيعية.. والغريب أن العيادة أجرت عملية التخصيب مع علمها بأن «فريدى» رجُل!
وهذا بالطبع خارج على مقاصد القانون من عمليات التخصيب.
ورَدّا على ادعاءات حرمان «فريدى» من حقوقه قال القاضى السير «أندرو ماكفارلين»: إن قرار تسجيل «فريدى» كأم، لم يَعتدِ على حرياته وحقوقه الشخصية ولم يَعتدِ على حقوق ابنه الذى من حقه أن يعرف مَن الذى حمله وأنجبه، كأم. وكل هذا تم وفق القانون.•