الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بنت اللواء أحمد منتصر

بنت اللواء أحمد منتصر
بنت اللواء أحمد منتصر


«أشعر بالفخر لأننى ابنة اللواء أحمد منتصر، أحد أبطال حرب أكتوبر، وأحد جنود سلاح الدفاع الجوى الذين هم حماة سماء مصر، أبى الذى عاش على الجبهة منذ عام 1967 وحتى العبور وتحرير الأرض» تتحدث الصيدلانية إيناس أحمد منتصر عن والدها بفخر وحماس.

«كنا نعيش فى الإسماعيلية، واضطر أبى أن ينقلنا إلى الإسكندرية بعد النكسة وتهجير سكان مدن القناة، أعود بذاكرتى لتلك الأيام وكنت طفلة ترى أباها مرة كل شهر ولمدة خمسة أيام. يغيب ويعود ، وكان أهم ما يشغله أن يعوضنا فى الأيام الخمسة عن أيام غيابه. يتابع دراستنا ويتابع أحوال البيت ، ويسعدنا بنزهات كانت هى أفراحنا التى ننتظرها طوال أيام غيابه».
  لم تشعرنا  أمى  بغياب أبى، فقد قامت معنا بدور الأم والأب ، كان أبى على الجبهة وهى معنا بكل عطاء وحسم وعن هذا الوضع تقول: «أحمد طول الوقت موجود معانا وفى غيابه أو وجوده مكانه موجود ومكانته محفوظة، والأولاد أتربوا على كده، صحيح غياب أحمد خلانى أحتك بالحياة أكتر، وحملنى مسئوليات كبيرة كتير عرفتها، واتعاملت معاها بسبب ظروف شغله. كان لازم أقوم بدورى بصفتى زوجة لزوج يعيش على خط النار ويقوم بحماية مصر وشعبها.  الوضع ده كان فى كل البيوت المصرية اللى كان فيها الأزواج فى القوات المسلحة ، الزوجات قمن بدور بطولى كبير، كن السند والعمود القوى للأزواج، وفرن لهم الهدوء والاطمئنان على الأولاد، وتحملن عنهم المسئولية بحب وعطاء الست المصرية».
  زوجة على خط النار
 وتعود إيناس للحديث: كنت طفلة ولكن هناك فى روحى إحساس لم تستطع سنوات طفولتى أن تفسره، وفسرته بعد أن كبرت وهو الإحساس بأننا حتما سنحارب، وحتما سننتصر ونسترد أرضنا. وكان السؤال الدائم من الأقارب والأصدقاء لأبى «هنحارب أمتى» تقول أمى أن أبى لم يكن يجيب عن هذا السؤال سوى بكلمة واحدة «إن شاء الله» حتى أنا فوجئت بالحرب، ولما كنت أسأله كانت إجابته لا تتغير: «أنا فى إجازة  والكلام فى الشغل مكانه الشغل».
 حتى جاء اليوم الذى انتظرته مصر كلها، يوم 6 أكتوبر تحكى أمى عن هذا اليوم ولم تنس لحظة من أحداثه: «كان أحمد فى الوقت ده عميد وطبعا فى يوم 6 أكتوبر كان على الجبهة، وكان بيان العبور مفاجأة لمصر كلها، مش قادرة أوصف إحساسى بالسعادة والفخر أن أنا حرم العميد أحمد منتصر، المقاتل البطل اللى حقق مع جيشنا النصر، وبمنتهى الصدق طغى شعورى بالفرح على شعورى الطبيعى والمقبول بالخوف على أحمد،  مرجعش غير بعد شهرين من الحرب، وكانت وسيلة الاطمئنان عليه اتصال تليفونى، طبعًا كان بالنسبة لى الحاجة الوحيدة اللى بنتظرها اتصال تليفون يطمنى عليه. وبعد شهرين فوجئت بعربية جيب واقفة قدام البيت ، محستش بنفسى غير وأنا بجرى عليه وبتعلق فى رقبته».
قامت الحرب وعبرنا وعشنا لحظة الفرح والكرامة كأننا فى حلم كبارا وصغارا، ومازلت أعيش تلك اللحظة، وكلما كبرت كان وعيى بها يكبر، وكلما تذكرت أبى أتذكرهم، أتذكر الذين عبروا ورفعوا العلم، الذين أصيبوا والذين استشهدوا فهم الآباء لكل الأبناء الذين ولدوا والذين لم يولدوا بعد، وهم أبناء كل الآباء والأمهات الذين انتظروا لحظة الأخذ بالثأر للذين روت دماؤهم أرض سيناء.
 كبرت ومازلت مسكونة بكل الفخر، كبرت وتدرجت فى السلم الوظيفى ووصلت لمنصب مدير إدارة الصيدلة فى أحد القطاعات، وكان أن توقف أمامى أحد المتعاملين مع مجال عملى وسألنى: «دكتورة حضرتك بنت اللواء أحمد منتصر» أجبت : «نعم أنا إيناس أحمد منتصر» فقال: «أنت ابنة أستاذى وقائدى أنت ابنة جندى عظيم».