الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

المراهقون يتزوجون فى سن 21

المراهقون يتزوجون فى سن 21
المراهقون يتزوجون فى سن 21


الملحوظة العامة التى تؤكدها إحصائيات رسمية هى أن الزواج لم يعد محل اهتمام من هم فى سن الزواج هنا فى بريطانيا، هبط الإقبال عليه بشكل واضح، لكن الملحوظة الأغرب هى الظاهرة الجديدة المثيرة: زواج المراهقين فى سن 21!

والإحصائيات الرسمية تشير إلى أن متوسط سن الزواج الآن هو أكبر من 37 سنة للرجل وأكبر من 35 سنة للمرأة، كما تعلن أن الزواج لم يعد يلقى الإقبال المعهود، وأن أكثر من نصف نساء بريطانيا اللاتى وصلن لسن الزواج لم يتزوجن، وهذه أعلى نسبة تراجع فى الإقبال على الزواج لأول مرة منذ عشر سنوات. وأن هناك ارتفاعا فى نسبة زواج من هم فوق السبعين.
 إلا أن إقبال المراهقين والمراهقات على الزواج يلفت الأنظار، وانشغلت محطات التليفزيون ومجلات المرأة والصحف اليومية بالظاهرة الجديدة للتعرف عليها وعلى أسبابها وكيف تحدث فى زمن ارتفعت فيه تكاليف الإقدام على مشروع الزواج.. وأيضا كيف ينظر علماء الاجتماع والنفس إلى زواج المراهقين.. هل هو موضة جديدة؟.. تقليعة لجأ إليها هذا الجيل ليتحدى التقاليد والمجتمع والناس؟.. أم ماذا؟
وكان لابد من التقاء الأزواج الجدد وسماع حكاياتهم وردودهم على من ينتقدون تسرعهم فى الإقدام على هذه الخطوة التى تحتاج إلى التروى والدراسة والاستعداد والإمكانيات..
الزفاف إلى حبيب الطفولة
تحكى «ميجان ويب» أنها فى العام الماضى احتفلت بزفافها إلى حبيبها منذ الطفولة «دان» فى فرح انجليزى تقليدى أقيم فى الريف، هى وهو كانا فى عمر الـ21 ومن تحويشة كل منهما استطاعا تأجير بيت ريفى جميل وشراء فستان الفرح الحرير، ودعوة 80 ضيفا وضيفة.وكان كل شئ تمام، لكن كيف تحدى العروسين التقاليد والثقافة الشائعة التى تقتضى أن يكون عمر العروس فوق الـ 25 سنة وعمر العريس أكثر من ذلك قليلا؟.
خصوصا وأن الزواج لم يكن إضطراريا وفق تقاليد أو اعتبارات دينية أو ظروف عائلية خاصة. فلماذا الاستعجال؟
تقول «ميجان» لقد فعلناها لأننا نريد ذلك، فنحن نعيش حالة حب، ونعرف أننا نريد أن نكون معا بقية العمر، وكان يمكن أن نبقى معا ونعيش معا بدون زواج، لكننا نريد أن نعلن التزامنا مدى الحياة، وارتباطنا بقوة، وأنا مؤمنة بالزواج طوال عمرى (عمرها الآن 22 سنة)!
لكن هذا الحماس لم يكن كافيا لوقف سلسلة الانتقادات والتساؤلات، ومنها «أنكما صغيران ولم تصلا لمرحلة النضج التى تحتاجها عملية الإقدام على بناء أسرة، أمامكما أمور كثيرة يلزمكما الاهتمام بها قبل الإسراع فى دخول عش الزوجية.. أنتما صغيران جدا. وكيف تأكد كل منكما من أن هذا هو الشخص المناسب لتمضية بقية العمر معه؟!».
هكذا ترددت كلمات وتساؤلات أفراد من عائلتى العروسين وأصدقائهما، وكان عنصر العمر هو محورها. وقال لهم البعض أن الاحصائيات تقول أن أعلى نسبة طلاق تقع بين من هم فى عمر أقل من 30 سنة، نتيجة التسرع والبدايات غير الموفقة وصغر السن.
وهناك من يرى أن ظاهرة زواج المراهقات والمراهقين تعود إلى رغبتهم فى إثارة الاهتمام، أو أقامة حفل باهر لاينسى. أو سيطرة أفكار وهمية رومانسية أو فانتازية عليهما، أو استغلال إمكانيات العائلتين المادية.
لكن «ميجان» تصر على أن كل ذلك لا علاقة له بحالتهما، وتقول: رأيت حبيبين ينتظران لعشر سنوات حتى يبلغا سن الثلاثين أو الأربعين ثم يتزوجا، لكن لا أحد منا يعرف ماذا يخبئ لها المستقبل، فلماذا هذا الانتظار بلا معنى؟..لماذا أبقى أنا و«دان» محرومين من الزواج لمدة 10 سنوات حتى نرضى التقاليد الشائعة فى المجتمع أو ونرضى الآخرين؟!
قابلته فى طابور الأتوبيس
حكاية أخرى: «إيزابيل جراهام» قابلت زوجها «ستيفن» فى الأسبوع الأول لهما فى الجامعة، وكانا فى سن 19 هو يدرس الفيزياء وهى تدرس العلاقات الدولية. وبعد تخرجهما بثلاثة أشهر، تزوجا وكانا فى عمر 22 سنة. هى التحقت بالعمل وهو واصل دراسات عليا فى تخصصه، وأقيم حفل الزفاف فى فندق ريفى فى سكوتلاندا، بحضور 70 ضيفا وضيفة. وكلفهما الحفل 8 آلاف جنيه دفعاها من جيبيهما، واشترت لها والدتها فستان الفرح بـ 1200 جنيه، أما بدلة العريس فاشتراها له والده.
وتحكى «إيزابيل»: لقد التقينا فى طابور انتظار الأتوبيس.. فى أول يوم لنا فى الجامعة وكانت بداية قصة حب طويلة، عندما دخلت الجامعة كنت أتطلع إلى الحرية وليس إلى «بوى فرند».. والحقيقة هى أنى عمرى ما فكرت أننى سأتزوج!.. لكن خلال أيام كنا فى حديث طويل «ستيفن» وأنا بعد سهرة وكنا نقول هازئين «لابد لنا من أن نتزوج»!
وهذا ما حدث، ورحبت عائلتينا بالفكرة ولم يقل لنا أحد أنتما مراهقان. وكانت عائلتى مندهشة من الأمر كله، لأننى لم يسبق لى أن عشت أى علاقة عاطفية من قبل، وكنت أنزعج من أى شاب يريد أن يمضى معى وقتا أطول من اللازم.
أما أصدقائنا فكانوا فى صدمة واضطراب لأننا «صغار جدا على الزواج» كما كانوا يرددون، وبعضهم قال اننا مجانين، وكان يجب أن ننتظر حتى نكون أكبر، لكن ذلك لم يزعجنا.
ماذا يقول الخبراء؟
والآن ماذا يقول الخبراء؟
«هارى بنسون» من «مؤسسة الزواج» وهو نفسه تزوج فى سن 25 يقول:
نحن كمجتمع أعطينا ظهرنا لفكرة الزواج، حتى نتمكن من تحقيق أنفسنا من خلال التعليم العالى والمهن المعتبرة والدخل الكبير، ثم يأتى مشروع الزواج بعد تحقيق كل ذلك، لكن هناك الكثير الذى يمكن أن يقال عن الزواج المبكر، انه نقطة البداية فى دخول مغامرة الحياة، وهو أيضا تعلم المشاركة فى تحمل المسئولية مبكرا ومعا.
«أندرو مارشال» معالج نفسى للعلاقات الزوجية يرحب بفكرة الزواج المبكر ويرى أن تأخير سن الزواج تترتب عليه متاعب فى علاقة الزوجين حيث تؤثر بقايا العلاقات السابقة لكليهما على مسار حياتهما الزوجية، وقد قابلت كثيرا من الحالات التى أضرت بها ذكريات وبقايا علاقات سابقة على الزواج، وكانت مهمتى هى مساعدة الزوجين على تجاوز هذه الآثار القديمة، والإنطلاق فى حياة جديدة معا. ويضيف: أما من يتزوجون فى العشرينيات من العمر فإن لديهم متسعا من الوقت لاكتساب خبرات تفيدهم فى إدارة مستقبل علاقاتهم الزوجية وهى خبرات سعيدة وأخرى حزينة لكنها فى كل الأحوال تجعلهما أقوياء فى مراحل متقدمة من علاقاتهما، حيث يمكنهما النظر إلى الخبرات السابقة والشعور بالفخر لنجاحهما وتجاوزهما العقبات معا..
 ويكون موقفهما بصفة عامة هو: لن نجعل هذه العقبة تهزمنا».
خبير ثالث هو «سايمون بوس» استشارى العلاقات الزوجية يقول:
لقد شهدت كثيرا من حالات الزواج بين من هم صغار السن جدا على الزواج، وكانت حالات ناجحة خاصة أذا كان العروسان ليسا فى عجلة من أمرهما فى مسألة الإنجاب مثل «ميجان» و«دان»ـ فهذا يمنحهما الوقت الكافى ليستمتعا بالحياة كزوجين، ولاحظت أن الأزواج الصغار يميلون لأن يتماسكوا ويتساندوا معا، ويهتمون بتقوية علاقتهما معا.