الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ناصر .. ونصف قرن من الشغف بالحقيقة والخيال

ناصر .. ونصف قرن من الشغف بالحقيقة والخيال
ناصر .. ونصف قرن من الشغف بالحقيقة والخيال


ونحن نقترب من مرور نصف قرن على رحيل عبدالناصر، لازلنا نحاور تجربته، ونتحرى صورته فى خطابه السياسى، وفى خطابه الثقافى بل ونبحث عن صورته فى الخطاب الروائى..هل لأننا وجدنا فيه أنفسنا؟
الذات العميقة التى كانت تتوق للثورة والتحرر، والعدالة الاجتماعية التى أنصف بها البسطاء، صوته الصدوق الذى كان ينبض بالوطنية، مشروعاته التى تحققت: السد العالى، مجانية التعليم، تأميم قناة السويس.

هل لأنه عبر عن فكرة من الأفكار المهمة والحيوية التى تجعل أصحابها يخلدون، ويدخلون التاريخ؟
نصف قرن من التأمل والشغف بالأسئلة
هل استطاع الذين اقتربوا منه، من المثقفين والسياسيين والمحاورين أن يصوروا لنا بعمق تلك الشخصية الفذة فى تاريخنا المعاصر، هل استطاعوا أن يرسموا لعبدالناصر صورة عن قرب، تفسر حقيقتها وظلالها، لحظات اتخاذ القرار، وما يؤثر فيه، وعلاقته بمثقفى عصره.
إنها صفحة مهمة من تاريخنا الوطنى، وهى أيضًا صفحة مهمة من تاريخ علاقة المثقف والسلطة.
وبعد قرابة نصف قرن من التأمل والشغف بالأسئلة حول عصره لا زلنا نسأل، ولا تزال أحداث الدراسات، والمحاورات تُجدد الأسئلة لترسم صورة ثقافية وإنسانية وسياسية لنتأملها من جديد.
صورة الزعيم المُخَلِّص
فى كتابه: «محمد حسنين هيكل يتذكر - عبدالناصر والمثقفين والثقافة» يقول الكاتب والروائى يوسف القعيد الذى أجرى محاورات طويلة مع هيكل حول عبدالناصر وعلاقته بالثقافة والمثقفين: «وصل صوت عبدالناصر إلى قريتى قبل أن تصل صورته بسنوات، استولى سلطان صوته على عرش الآذان، ووصول الصوت قبل الصورة، جعل الخيال الشعبى يرسم له صورة الزعيم والمخُلّص الذى لا نجده سوى فى الملاحم الشعبية» ص13
ويضيف «لولا ثورة يوليو 1952 ما كنت استطيع الشعور بآدميتى وكرامتى، لم يكن فى قريتى إقطاع بمعناه المعروف، ولكن حتى الأعيان الذين كانوا فيها، كانوا قد قسموا الناس إلى نوعين، نوع له حقوق فقط، ونوع آخر، ونحن من هذا النوع، عليه واجبات فقط، أقصد واجبات قهرية قائمة على فكرة القهر، وليس ذلك الواجب الذى يقوم به الإنسان كنوع من الالتزام الداخلى، أما جمال عبدالناصر فهو الإنسان الذى لولاه ما تعلمت، فلولا مجانية التعليم، ولولا أننا أصبحنا من الناس الذين لهم حقوق ما دخلت المدرسة، كما أن هذه المدرسة لم يكن لها وجود فى قريتى، ولم تعرفها بلدتى إلا بعد يوليو، وما جرى معى وحدث لى جرى مع الملايين من أطفال مصر فى ذلك الوقت العصيب». ص17
السياسى المثقف
وفى حوارات القعيد مع هيكل يتحدثان حول المثقف، والسياسى المثقف فيقول هيكل: «السياسى الذى يبقى فى التاريخ  - فى اعتقادى - هو السياسى المستعد لأن يكون أيضًا مثقفًا، هو المستعد لأن يكون مُسْتَقْبِل ثقافة، ومستوعب ثقافة، إن كل الذين بقوا فى التاريخ جميعهم هم القادة الذين استطاعوا أن يستوعبوا أفكارًا، وأن يحولوا هذه الأفكار إلى مشروعات كبرى، سواء أكانت مشروعات سياسية حضارية أو مشروعات بناء وتعمير، وتوقف أمام من تشاء فى التاريخ ابتداءً من الإسكندر الأكبر هذا الفاتح الكبير، وتعال لنرى كم إسكندرية بناها فى العالم كله؟، فراعنة مصر كانت عندهم نزعة أخرى، كانت قضية البقاء والخلود ومكافحة الفناء، قضية مواجهة لغز الموت غير القابل للحل، ولذلك كان مارلو يقول دائمًا وأبدًا: إن مصر هى التى اخترعت الأبدية».
ومن هنا يخلص هيكل إلى أن عبدالناصر هو السياسى الذى كان مستعدًا لتلقى الرموز، وتحويلها إلى مشروعات حضارية أو مشروعات تعمير، كان جاهزًا للتلقى وكان جاهزًا للاستجابة، لم يكتف بتلقى الرموز، ولكنه جرب أن يكتب هذه الرموز، جَرَّب استعمال الرمز فى حياته». ص 51
صورة من قريب
ويمهد هيكل لرؤيته لعلاقة عبدالناصر والمثقفين بقوله: «لقد حدث بمحض الصدفة أننى كنت قريبا أو بجوار جمال عبدالناصر، وبالتالى رأيت الصورة من الداخل، وشاهدت التفاصيل، وعاصرت البدايات الأولى، إن الكلام سيدخل إلى علاقته بتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، وعبدالرحمن الشرقاوى، ونزار قبانى، ويوسف إدريس، وإحسان عبدالقدوس، إن الأمر يدور حول علاقته بكل المثقفين». ص 8
 اهتمامات ثقافية مبكرة
ويصف هيكل ثقافة عبدالناصر التى شملت قراءة الأدب العربى، والأدب الإنجليزى، والأدب الفرنسى «مترجمًا»، وكان عبدالناصر قد تأثر برواية «عودة الروح» لتوفيق الحكيم، كما أقبل على قراءة الروايات والمؤلفات المترجمة، وكان فى مصر حينذاك مترجمون  يقومون بجهد حقيقى من أجل دقة وجمال الترجمة، مثل: على أدهم، ومحمود محمود، وعمر عبدالعزيز أمين.
كما كان عبدالناصر مهتمًا بفن السينما، وكان يحرص على مشاهدة الأفلام السينمائية، ومنها فيلم «حياة عجيبة» لفرانك كابرا، وموضوع الفلم عن رجل استطاع أن يغير الحياة فى قرية واحدة لأنه آمن بفكرة مقاومة كبار الملاك الفاسدين، واستطاع مواجهتهم وتغيير الحياة فى القرية انطلاقاً من هذه الفكرة،  ويذكر هيكل من خلال حوار القعيد معه: «إن عبدالناصر شاهد هذا الفيلم بمفرده حوالى أربع مرات، وقد شاهدته معه فيما بعد، وكان ذلك بعد الثورة».
إذن فلقد كانت الرموز تتشكل، والأفكار تتأكد، وتثمر، وتتحول  إلى بناء فكرى ثورى، والانطلاق كان من فكرة، فكان عبدالناصر هو الرجل التاريخى القادر على تنفيذ الحلم، ونقله إلى أرض الواقع، ويستطيع تلقى الرموز، ويستجيب لها، ويجيب عنها، محاولاً تحقيقها باستمرار كما يقول هيكل، ولكن كيف سارت الأمور، وماذا عن علاقة الثورة بالمثقفين؟
صراع مع المثقفين
يتحدث هيكل لمحاوره فى هذا الشأن فيقول: «كان لابد وأن صراع السلطة سينتج عنه صراع مع المثقفين لأن المثقفين الموجودين فى مصر حينذاك، إما كانوا طبقيين وهم الذين أخذوا أوضاعهم الطبقية بالاستحقاق أيام الملك أو المثقفين الذين كانوا ينتمون لتيارات سياسية ابتداء من أبناء الليبرالية أو الإسلاميين أو الشيوعيين».
ويشير هيكل إلى أن هذا الصراع على السلطة كان بسبب- تصور- كان موجودًا بدرجة ما عند بعض الضباط الأحرار أنفسهم- أن الثورة هى فترة تغيير السلطة التى كانت قائمة ثم ينتهى الموضوع، ويعود الجيش إلى ثكناته، وكان بعض الضباط يريدون تسليم السلطة للوفد، كان هذا هو السائد إلى أن اتضحت صورة الواقع الاجتماعى والاقتصادى فى مصر، ولهذا عندما طُرحت قضية ضرورة عمل انتخابات فورًا، كان الرد قد أصبح جاهزًا: إن إجراء انتخابات أصبح من الأمور الصعبة لأنه من الصعب تغيير أوضاع الملكية السائدة فى مصر وتغيير السلم الطبقى،ولهذا إن أجريت أى انتخابات سيأتى نفس الناس القدامى من جديد، كان هناك صراع على السلطة، ونتيجة لهذا الصراع اتخذ جميع المثقفين- على مختلف اتجاهاتهم- مواقف، سواء المثقفين الذين كانوا ينتمون طبقيًا أو المثقفين الذين كانوا منتمين حزبيًا وبالذات الإسلاميين والشيوعيين منهم، وحتى الليبراليين الذين كانوا من أنصار الوفد، وكثير منهم فى المهن المختلفة. ص192.
المثقف والسياسي
إن المناخ الذى أحاط بالضباط الأحرار وبالثورة أثر على صورة المثقف أمام السياسى فيذكر هيكل: «أن مجلس الدولة فى الخمسينيات كان يريد فرض الوصاية على مجلس قيادة الثورة، ومجلس الوزراء كان يريد الاستيلاء على مجلس قيادة الثورة أيضًا وفى الوقت نفسه، ولهذا بدأ الضباط الأحرار يشاهدون صراعًا بين مجلس الوزراء ومجلس الدولة، بين رئيس الوزراء على ماهر ورئيس مجلس الدولة السنهورى باشا، وتأتى أزمة مارس 1954 والتى كانت خلافًا بين مجلس قيادة الثورة وبين محمد نجيب- وهذا الخلاف حسب هيكل- كان متعلقًا بمن يكون صاحب القرار الأخير، ثم احتدم الصراع فأخرج مجلس الثورة محمد نجيب ثم اضطر إلى إعادته، ومحمد نجيب الذى أعيد مرة أخرى كان سعيدًا لأنه عاد، وكان مطمئنًا إلى أن هناك تأييدًا له من جانب بعض القوى،وعندما كان محمد نجيب على وشك الخروج من السلطة يقول هيكل ردًا على سؤال القعيد «ما هى حكاية عرض جمال عبدالناصر رئاسة مصر على لطفى السيد من خلالك؟».
فيقول هيكل: «كان الهدف النهائى هو الديمقراطية ولهذا كان البحث موجهًا إلى رمز لها يطمئن له الجميع»، أنا ذهبت إلى لطفى السيد فى بيته فى أواخر عام 1954 وأوائل 1955 لكن لطفى السيد كان رده فوريًا: كل واحد يتصدى لعمل عام ينبغى أن يبقى لتحمل مسئوليته، أنا رجل فى نهاية عمرى، ليست عندى الصحة للدخول فى عمل جديد وتجربة جديدة تبدأ الآن بالكاد».
وأبدى نصيحة مهمة نقلها هيكل لعبدالناصر وهى أن العصر يحتاج إلى تجديد وإلى شباب والناس ستمشى معه بمقدار ما يستطيع أن يطرح لهم من تصورات ومن رؤى،وألا يقلق من سنه، وأن يظهر ظهورًا علنيا ويتحمل مسئوليته».
وكان جمال مثقفًا، ومن مزاياه الجوهرية أنه يقدر المثقفين الذين عاصرهم، فقد عاصر أحداث عام 1935، وسمع عن فتحى رضوان، ونور الدين طراف، وكل الذين جاءوا فى وزارته الأولى كانوا نجوم 1935، كان الشاب فى خياله هم الشباب المثقف، شباب الجامعات الذين خرجوا وفعلوا شيئًا مهمًا فى 1935، وهى التى أرغمت كل زعماء مصر أن يتجمعوا- وإن كانت نتيجة هذا التجمع قد جاءت خطأ لأنها انتهت إلى توقيع معاهدة 1936 - ومن هنا كانت علاقة عبدالناصر القوية بالمثقفين، وفى عهده عبر الكتاب بصراحة عن نقد المشروع الثقافى لثورة يوليو فيقول هيكل:
«إن كل الكتابات والأدبيات المعارضة قد نُشرت فى «الأهرام» فى زمن عبدالناصر، لويس عوض فى معارضته للسياسة الثقافية التى كان يقوم على تنفيذها عبدالقادر حاتم حيث كان يعتمد على سياسة الإغراق، أو إصدار مطبوعات كثيرة وسريعة تصل إلى الناس على شكل حالة من الإغراق، وقد اختلفنا مع هذا الاتجاه.
توفيق الحكيم كتب أهم أعماله «السلطان الحائر»، و«بنك القلق» فى «الأهرام»، وحتى عندما اعترض عبدالحكيم عامر، وصلاح نصر على نشر «بنك القلق» للحكيم، وكان رأى جمال عبدالناصر أن تُنشر كاملة دون حذف قائلاً: «إذا كان توفيق الحكيم قد نشر «يوميات نائب فى الأرياف» وقت الملكية ألا يستطيع نشر «بنك القلق» فى وقت «الجمهورية»، هذا رأيه ومن حقه أن يقوله»: ص307  - ص311.
ويذكر القعيد فى كتابه: أن مشروع نجيب محفوظ الروائى قد تكون وعبرَّ عن نفسه ووصل إلى ذروة ازدهاره فى زمن عبدالناصر، وفى سنوات حكمه، فثلاثية بين القصرين وقصر الشوق والسكرية منشورة فى الخمسينيات، و«أولاد حارتنا» مكتوبة ومنشورة مسلسلة فى جريدة الأهرام بصفة يومية قبل أن ينتبه الأزهر إليها فى نهاية الخمسينيات.
بل أعمال محفوظ التى انتقد فيها تجربة يوليو وحكم عبدالناصر كلها منشورة فى زمن عبدالناصر، فقرأ الناس لنجيب محفوظ: «دنيا الله»، و«تحت المظلة»، و«المرايا» و«اللص والكلاب»، و«ثرثرة فوق النيل»، و«السمان والخريف»، و«الشحاذ» فى ظل حكم عبدالناصر.
وتحويل أعماله الأدبية إلى السينما والمسرح والإذاعة والتليفزيون، كان عصرها الذهبى فى زمن عبدالناصر، بل إن رواية «أولاد حارتنا» تحولت إلى مسلسل إذاعى فى إذاعة صوت العرب فى الستينيات.
ويؤكد د.شحاتة محمد الحو فى دراسته: «صورة جمال عبدالناصر فى الخطاب الروائى» ما ذهب إليه القعيد، وهو أن نصوص نجيب محفوظ الروائية كان لها قصب السبق فى نقد النظام الناصرى على الرغم من أن هذه النصوص نُشرت فى عهد عبدالناصر، ومنها «ثرثرة فوق النيل» التى نشرت عام 1966.
ووقع اختيار د. شحـاتة على النصوص الروائية التى ظهرت فى الفترة من 1975 - 2010م بحيث يكون النص الروائى قد كتب بعد رحيل عبدالناصر بفترة زمنية تسمح للروائى بتأمل المرحلة الناصرية بعمق، وتصوير وقائعها بحرية وجرأة دون اللجوء إلى القناع أو المراوغة التى قد تجعل قصدية المؤلف هائمة فى تعدد التأويل- حسب قوله- ويخلص الباحث إلى أن صورة عبدالناصر الثقافية ليست نهائية وثابتة، لكنها قابلة للتغيير سواء بالنقد المنصف أو التجميل أو التشويه! وفقًا لما يطرأ على الواقع السياسي/ الاجتماعى من قضايا داخلية أو إقليمية أو دولية، وما يستجد من أحداث سياسية، وما ينكشف من وثائق، ولعل هذا يفسر تغير موقف بعض المثقفين، والمبدعين من التحفظ على بعض سياسات عبدالناصر أثناء حكمه إلى تأييد قراراته بعد رحيله، وشهودهم سياسة أخرى مغايرة لتوجهات عبدالناصر.
ومن ذلك ما ذكره القعيد فى كتابه «من أوراق النيل» عن عبدالناصر بعد أن تعرض لبعض القضايا والمشكلات التى طرأت على مصر فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى يقول: «إن كل ما يجرى لنا يجعلنا نرى اختيار عبدالناصر كان هو الاختيار الأقرب للصواب، إن لم يكن هو الصواب نفسه، وأخطاء من جاءوا بعده هى التى جعلتنا ندرك أنه كان الصواب يمشى على قدميه، الصواب الوطنى أولاً وأخيرًا».
ويؤكد شحاتة الحو فى كتابه: «أن هناك تصورات شائعة عن عبدالناصر فى المحيط الثقافى متنوعة الروافد، متباينة الأحكام، متباعدة الملامح إلى درجة التنافر، ذلك لأن أغلب هذه التصورات مستمدة من مذكرات وكتابات بعض السياسيين والصحفيين، ما بين من اختلف منهم مع عبدالناصر، وقاسى مرارة سجنه، ومن اقترب منهم من عبدالناصر، وكان جزءًا من نظامه السياسى،ومن ثم فما تقدمه هذه المذكرات من حكم على شخصية عبدالناصر ليس محايدًا تمامًا لأنه يأتى غالبًا مصبوغًا بموقف صاحبه الشخصى المُعادى لعبدالناصر أو الموالى له على السواء» ص25.
لأسباب سياسية أخري!
ويؤكد المدافعون عن عبدالناصر أنه لم يكن يُضير أصحاب الرأى من الكتاب والمبدعين، وأن اختلافه مع بعضهم لم يكن بسبب كتاباتهم أو آرائهم الفكرية المعارضة لسياسته وإنما لأسباب سياسية أخرى يراها رجاء النقاش متمثلة فى انخراط هؤلاء الكتاب والمثقفين فى حركات سياسية سرية مناهضة للنظام الناصرى، فلم يصطدم بهم عبدالناصر كمثقفين أصحاب رأى،وإنما اصطدم بهم كعناصر سياسية فى حركة من حركات المعارضة فى صفوف الشيوعيين أو فى صفوف الإخوان أو فى صفوف القوى السياسية الأخرى،ويذهب محمد حسنين هيكل إلى أن عبدالناصر قد أمر بسجن البعض لاعتبارات أمنية لا بسبب المعارضة السياسية، ويدلل على ذلك بأنه قد استشاط غضبًا حين علم بتعذيبهم داخل السجون، فحين وصله نبأ مقتل السياسى الشيوعى شهدى عطية الشافعى داخل السجن اتصل بوزير الداخلية وقال له: «إذا كان ذلك يمكن أن يحدث فى عهد الثورة فالأشرف والله أن «نفضها»، ونعود إلى بيوتنا، والله يصبح عهد فاروق أحسن ومن ثم فإن العديد من هؤلاء المثقفين يذهب إلى تبرئة عبدالناصر من جرائم التعذيب التى وقعت فى عهده لأنه لم يأمر بها، واعتبار هذه الجرائم من صنع الأجهزة الأمنية».
«شحاتة محمد الحو: 2018، «صورة جمال عبدالناصر فى الخطاب الروائى»، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص27.
شهادة نجيب محفوظ
بل يذكر رجاء النقاش أن نجيب محفوظ قال: «كل الروايات أو الأعمال الأدبية التى أثارت أزمات، وعُرضت على عبدالناصر لكى يفصل فيها، جاء رأيه بشأنها إيجابيًا، حيث انحاز إلى حرية التعبير، جرى هذا لروايتى «ثرثرة فوق النيل»، ورواية ثروت أباظة «شيء من الخوف».