الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نيتفلكس وأخواتها

نيتفلكس وأخواتها
نيتفلكس وأخواتها


لم يترك هذا العصر شيئًا ملكًا للإنسان، حتى إن وقت فراغه أصبح ميدانًا لصراعات شركات البيزنس الكبيرة فى العالم، فحسب جاك ما - مؤسس شركة على بابا الصينية، سيعمل الناس ثلاثة أيام فى الأسبوع وأربع ساعات فى اليوم مع سيطرة التكنولوجيا.
ولذلك سيتوفر لنا كثير من الوقت فالوظائف طبيعتها ستتغير وتكون إبداعية، هذا ما اكتشفه مبكرًا جدًا صناع الترفيه الرقمى، فهذه الصناعة هى صناعة الحاضر والمستقبل القريب جدًا، وهو ما جعلهم يربحون فى معركة منافسة السينما والقنوات التليفزيونية والكتب والألعاب التقليدية.
وصناعة الترفيه التى تقوم على توفير خدمات التسلية لا يمكن الاستهانة بها، فحسب مؤسسة «برايس ووتر كوبرز» البحثية الأمريكية، يقدر حجمها فى العالم بأكثر من 2 تريليون دولار، وتشكل 6 % من مجمل الدخل القومى للولايات المتحدة، ويعمل بها 2.5 مليون شخص.
ومع انتشار الإنترنت الهائل، تحولت الدفة من الأنشطة الترفيهية التقليدية إلى الأشكال الإلكترونية، والتى تفوقت بشكل ومعدل مرعب لتشكل خطرًا كبيرًا وصل إلى حد القلق بشأن مصير الوسائل القديمة.
العالم الافتراضى الجديد أحدث انقلابًا وصور لك أنك السيد والمتحكم الوحيد فى وقت فراغك، فيمكنك الآن اختيار الزمان والمكان لمشاهدة أى فيديو أو فيلم أو مباراة رياضية أو مسرحية أو الاستمتاع بلعبة، لكن الحقيقة ليست كذلك فنحن أصبحنا نعانى من إدمان المشاهدة.
تجلس لتشاهد حلقة من مسلسلك المفضل لتجد نفسك منجذبًا لتستكمل حلقات أخرى، وذلك فى جلسة واحدة قد تمتد لساعات دون أن تشعر، وهو أمر منتشر فى العالم كله، وبدأ التليفزيون وسيلتنا المحببة والأساسية للترفيه فى الانحسار والتراجع فى مواجهة مع منصات البث الشبكي.
وفى الوقت ذاته، شهدت صناعة أجهزة التليفزيونات مؤخرًا تطورًا ضخمًا وظهرت الأنواع الذكية جدا، إلا أنها لم تستطع مقاومة التيار الجارف للمنصات أو «الأبليكشن»، وتحولت إلى وسيلة لا أكثر لمشاهدة المواد التى تبث على الإنترنت. ومع ازدياد ملكية الهواتف الذكية فى العالم والتى تقدر بحوالى 4.6 مليار،توقعت شركة «آريكسون» أن تصل نسبة مشاهدى التليفزيون العادى إلى 10 % فقط، وخاصة مع إطلاق تكنولوجيا الجيل الخامس،والتى سترفع سرعات الإنترنت بشكل رهيب.
انطلقت مسيرة منصات البث بسرعة مهولة فهى أسهل فى الإجراءات وأرخص ويمكن تسويقها بسهولة، وأشهر هذه المنصات المنافسة للتليفزيون هى اليوتيوب ونيتفلكس، والأولى انطلقت عام 2005 ومثَّلت نقلة نوعية فى نشر مقاطع الفيديو والأفلام والمسلسلات والبرامج، وكانت السبب الرئيسى فى نشر مفهوم المشاهدة من خلال الإنترنت.
جعل اليوتيوب القنوات الفضائية تقوم بنشر محتواها عبر الإنترنت لجذب مزيد من المشاهدين، وهو ما كان دليلًا على قوة المنصة وارتفاع سيطرتها مع مرور السنوات، فالقنوات تعلم أن ذلك يقلل من نسبة متابعة برامجها لكن فى الوقت نفسه عدم امتلاكها حسابًا على المنصة يؤثر على سعمتها وانتشارها.
المنصة الثانية نيتفلكس - عملاقة البث الأمريكى وهى التى تعتبر الغول والخطر الأكبر، ونشأت منذ 22 عامًا فى كاليفورنيا بعدد 30 موظفًا فقط، لذلك فقصتها نموذج للنجاح، بعد أن استمرت فى توسيع خدماتها تدريجيًا حتى انتشرت فى 190 دولة فى العالم، لتدعم 18 لغة ويصل حجم مشتركوها إلى 154 مليون مستخدم.
أما أخوات نيتفلكس فهى «أمازون» و«هولو»، وعربيًا «شاهد وشاهد بلس» التابعة لمجموعة إم بى سي، و«وافو» المقدمة من أوه إس إن، و«أوان» التابعة لمؤسسة دبى للإعلام، و«وتش ات» المصرية وغيرها،والتى يتوقع أن تصل عائداتها إلى 70 مليار دولار بحلول عام 2021.
وهذه الساحة يومًا بعد يوم من الممكن أن تضم لاعبين جددًا فالسوق مفتوحة، والكل يتسابق لتقديم خدمات وخيارات أفضل لمتابعيه ومحتوى حصرى ممتع، لكن هناك كثير من المعوقات التى تواجه هذه الصناعة الرقمية الجديدة.
فمن المعروف أنه لا يوجد وسيلة تلغى أى وسيلة إعلامية أخرى مثلما حدث بالنسبة للصحافة المطبوعة والإلكترونية، إلا أنه وبنهاية شهر يوليو الماضى، شهدت أسهم نيتفلكس تراجعًا بأكثر من 20 % لمدة تسعة أيام متتالية،وكان ذلك بسبب رفع اشتراكها الشهرى وهو ما أدى الى تراجع فى عدد المشتركين.
هذا ما يدق جرس إنذار أمام هذه المنصات بخصوص سياسة التسعير، بالإضافة إلى ضرورة أن تنجح فى الوصول لفئة كبار السن فالمعروف أن الأكثر استخدامًا لها هم الشباب المرتبطون بشبكات التواصل الاجتماعي، وأخيرًا فتسلل الإعلانات إليها وازديادها قد يتسبب فى فقدانها لإحدى ميزاتها الأساسية.