الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مغامرة الدراسة فى كلية جديدة

مغامرة الدراسة فى كلية جديدة
مغامرة الدراسة فى كلية جديدة


 أن تجتاز الثانوية العامة ليس معناه أن الرحلة انتهت، بعد مرحلة عنق الزجاجة يدخل الطالب فى «الشاليموه» بالفعل انتهت الثانوية لا دروس ولا مذاكرة ولا بوكليت بعد اليوم لكن وتبقى «لكن» تهدم ما جاء قبلها ينتظر الطلاب وعائلاتهم مرحلة التنسيق، بين مطرقة سوق العمل وسندان المجموع تبدأ الرحلة نحو المجهول، لا يدرى الطالب ما ينتظره فى تلك الكلية أو غيرها ولا يدرى أساسًا إلى أين ستلقى رياح مكتب التنسيق بمراكب مستقبله.


 يبدأ التوتر بعد ظهور النتيجة وتبدأ الأسرة بأكملها فى متابعة كل الأخبار عن مجموع كل كلية، يلهثون من جريدة لمجلة لبوابة لموقع حتى منشورات الفيس بوك ربما يجدون فيها ما يروى ظمأهم، ويبدأ الطالب فى تخيل حلم الطبيب أو المهندس أو الإعلامى وربما تتحطم أحلامه على صخرة المجموع فلا يهمه سوى البحث عن بديل لكل تلك الأحلام التى أمضى عامًا بأسره متمسكًا بها.
 بعض الطلاب يفوض أمره إلى «خالقه» فما يهمه أن ينجح حتى بـ50 % وهو الطالب الذى هيأ نفسه على جملة «محدش بيشتغل بشهادته»، البعض الآخر لا يكترث لأى شىء فالجامعات الخاصة تنتظره ووالده سدّاد.
خبير فى علوم الإعاقة
من خضم المعركة السابقة خرجت إسراء هانى تبحث عن كلية تناسب مجموعها الذى حصلت عليه 95.9 % بعد أن كانت تضع كلية الألسن أمام ناظريها منذ بداية العام، لكن تغير رأيها بعد ما سمعته وتحكيه لنا إسراء: كنت سألتحق بكلية الألسن لكن ترامى إلى مسامعى أن كليات مثل ألسن وآثار وغيرهما، لم يعد لهما مستقبل والعمل بالواسطة، كما رأيت العديد من خريجى آثار وسياسة واقتصاد لا يجدون فرص عمل أو يعملون فى مجالات بعيدة عن تخصصهم، وفى نفس الوقت تحدثت مع صديقة رشحت لى كلية أخرى.
 بحثت إسراء عن البديل ووجدته فى إحدى الكليات الجديدة التى أقرتها وزارة التعليم العالى عام 2017 وهى كلية علوم الإعاقة جامعة الزقازيق، والتى فتحت أبوابها هذا العام للطلاب الحاصلين على مجموع 93.7 % من القسم العلمى و94.5 % من القسم الأدبى.
 رغم أن أولى دفعات الكلية التى التحقت بها فى العام الدراسى 2017/2018 لم تتخرج بعد، أى أنه لا يمكن التيقن من كل ما يروج عن حاجة سوق العمل لخريجين فى هذا التخصص أو حقيقة ما يشاع عن أن فرص السفر للخارج متاحة فى المجال، لكن إسراء كغيرها من الطلاب الذين تقدموا للكلية فضلوا البحث عن مفر من شبح البطالة وآثروا تصديق ما سمعوه.
 دوافع إسراء لدخول هذه الكلية تحكيها لـ«صباح الخير» بروح يبدو عليها المثابرة وتسعى للتعلق بالأمل: «تحدثت مع صديقة من أول دفعة دخلت الكلية لم تتخرج بعد لكنها أخبرتنى أنها كلية جميلة ومستقبلها واعد كما أن هذا المجال مطلوب داخل مصر وخارجها، وزاد الاهتمام به فى الفترة الأخيرة. ولعدم رغبتى فى دخول كلية التربية قررت التقديم فى كلية علوم ذوى الإعاقة».
حلم  لقب دكتور
سألنا إسراء إن كانت مستعدة لرسم مستقبلها بناءً على أقاويل الناس؟! فليس أكيدًا أن دخول كلية الألسن معناه حكمًا بالبطالة ولا أحد يعلم إن كان خريجى أى كلية أخرى سيوفقون فى الحصول على وظيفة فأجابت: «أنا أسكن بالمنوفية لذا اختيارى لكلية بعيدة عنى بالزقازيق ليس أمرًا سهلًا خاصةً مع قلق عائلتى بسبب المشوار، اختيارى لهذه الكلية جاء أيضًا بعد أن تحدثت مع إخصائى إعاقة وأكد لى أن المجال شيق وله أرض واسعة فى سوق العمل.
 كان حلمى الالتحاق بكلية الألسن والآن أصبح إخصائية إعاقة، داخل الكلية قسمان قسم التربوى وقسم الإخصائى ولتحديد الالتحاق بأحد القسمين يوجد تنسيق آخر داخل الكلية يتحدد وفقًا للإقبال.
 فى قسم التربوى حسب معرفتى سنتخرج كمعلمين مؤهلين للتعامل مع ذوى الإعاقة، أما قسم الإخصائى سنتخصص فى تأهيلهم ونساعدهم على التكيف مع الآخرين. علمت أيضًا أنه غالبًا ما يكون الإقبال أعلى على قسم الإخصائى لأن الجميع يسعى وراء لقب دكتور لكن خريجى هذا القسم سيصبحون إخصائيين لا أطباء».
 محمد ع. الطالب بالفرقة الثالثة كلية علوم ذوى الاحتياجات الخاصة جامعة بنى سويف التى لا تختلف عن نظيرتها بجامعة الزقازيق سوى من ناحية دمج التخصص التربوى والإخصائى معًا يؤكد لنا أن عددا من الملتحقين بالكلية يسعون وراء لقب دكتور أو دخلوا بسبب التنسيق، لكن الحقيقة أن خريجى الكلية ليس لهم صلاحية التدخل الطبى فى أى حالة إعاقة يتعاملون معها فهم متخصصون فى التأهيل والتعليم فقط.  الطبيب فقط هو من يمكنه أن يشخص الحالة ويحدد العلاج الطبى.
سوق العمل لعلوم الإعاقة التى تُخَرِج أول دفعة العام القادم
كلتا الكليتين متخصصتان فى علوم الإعاقة لكن الفارق أن التابعة لجامعة الزقازيق يتم التخصص فيها من الفرقة الأولى بين الإخصائى والتربوى أما التابعة لجامعة بنى سويف يمارس المتخرج منها كلا التخصصين.
يطلعنا محمد على تجربته فى التدريب فى أحد مراكز تأهيل ذوى الاحتياجات الخاصة بالمنوفية: «جربت سوق العمل لأول مرة فى مركز بالمنوفية لتأهيل ذوى الاحتياجات الخاصة، الخبرة العملية لم تتوفر لى من قبل أثناء الدراسة كحال أغلب الكليات، أنا متخصص فى قسم التخاطب، بالطبع الجزء النظرى الذى أتاحته لى الكلية أفادنى فى المجال، لكن الخبرة العملية تأتى من العمل فى المركز فقط، حتى التدريب الميدانى التابع للكلية الذى ندفع له مقابلا ماديا وهو إجبارى لا يكون مفيدا، هذا من الجهة التربوية أما التدريب للجانب الإخصائى من المفترض أنه سيبدأ لدفعة الفرقة الرابعة هذا العام لكن ليست لدينا كطلاب أى فكرة عنه».
يسرد لنا محمد الحياة العملية الخاصة بتخصصه فى التخاطب قائلًا: «سأتخرج فى الكلية لأصبح إخصائى تخاطب أو معالجا لغويا وهو مسمى شاع استخدامه حديثًا، الوظائف لخريجى الكلية متوفرة رغم مزاحمة خريجى تربية لنا فى المراكز. فى قسم الإخصائى نتعلم تأهيل المصابين بقصور فى النطق لتصحيح مخارج حروفهم. نتعامل مع الأطفال غالبًا فى هذا التخصص وأرى بعض الإخصائيين يتعاملون مع الأطفال بأسلوب تعنيفى غير تربوى وغير أخلاقى، ولا رقابة على طريقة التأهيل فى المراكز كما أن معظمها غير مطور». يضيف محمد عن سبب اختياره للكلية قائلًا: «دخلت الكلية بعدما رشحها لى زميل فى الدفعة الأولى بالكلية كما شجعتنى والدتى على الدخول فى المجال، بالفعل وجدته مجالا شيقا وممتعا خاصة لرغبتى السابقة فى دخول كلية الطب. ومهنة إخصائى الإعاقة هى مهنة أخلاقية من الدرجة فهو يساعد على تحسين المجتمع رغم كونها مرهقة جدًا».
دمج التخصصات
قد يكون دمج التخصص التربوى والإخصائى يحتاج إلى مجهود إضافى ومعناه أن يدرس طالب بنى سويف ضعف ما يدرسه طالب الزقازيق، لكنه فى النهاية يتخرج بمهارتين التعليم والتخصص فى إحدى الإعاقات، عن هذه النقطة يضيف محمد: «موضوع أننا ندرس التخصصين فى جامعة بنى سويف صعب مثلًا هذا العام درست 18 مادة، بالطبع نقطة إجادتى للمهارتين جيدة لكنها تحتاج إلى مجهود وصبر، لكن فى النهاية سأعمل فى مجال واحد». نظام الامتحانات فى الكلية الجديدة لا يختلف عن سابقاتها كما أوضح محمد: «الامتحانات فى العام الماضى كانت مقالية واختيارات وتصحيحاً أما هذا العام كان نظام جديد يعتمد على الأسئلة الاختيارية فقط ويتم تصحيحه بالكمبيوتر، نظام الامتحان الجديد يعتمد على الفهم وهو مريح أكثر».
تغيير مفاجئ فى لائحة الكلية
كأى كلية أخرى قد يواجه الطلاب بعض المشاكل أو يوجهون الشكاوى، يطلعنا محمد على مشاكله فى الكلية فيقول: «حدث تغيير فى لائحة الكلية هذا العام ينص على عدم السماح لخريجى الكلية بفتح مراكز تأهيل قبل الحصول على دبلومة، وهو ما أثار استياء الطلاب، الغريب فى كليتنا تغيير عميدين خلال 3 سنوات فقط أى منذ افتتاحها ولا نعلم السبب، نحن مشغولون بدراستنا المتكدسة.
إحدى المشاكل أو جوانب القصور التى واجهتنى هذه العام هو تأخر النتيجة لمدة طويلة تصل لشهر، النتيجة فى جامعتنا نطلع عليها بالخدمة الصوتية أى بالاتصال الهاتفى بكود معين سعر الدقيقة فى المكالمة جنيه ونصف، كنت أتصل وأدفع ثمن مكالمة طويلة دقيقتها أضعاف سعر الدقيقة العادية، وأجد أن النتيجة لم تظهر بعد فى نهاية المكالمة.
 مشكلتان أكبر تواجهانا الأولى هى أن المناهج بحاجة للاهتمام أكثر بالتكنولوجيا وتدريبنا لاستخدام وسائل أحدث فى التأهيل، والثانية تتمثل فى عدم وجود نقابة لنا، فنحن لسنا تابعين لنقابة المعلمين رغم حصولنا على رخصة التعليم وليست لنا نقابة معنية بنا».