الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

صحة ست البيت.. صحة لكل البيت

صحة ست البيت.. صحة لكل البيت
صحة ست البيت.. صحة لكل البيت


بعد أن وصلت مركز قليوب بمحافظة القليوبية وسط العوادم ورائحة الترعة الغريبة وروائح السوق على الطريق، وعلى الجانب الآخر من ترعة الإبراهيمية بعد المزلقان بمسافة ليست بالطويلة، أصل إلى وحدة صحة الأسرة بـ «ميت نما»، التى تقدم خدمات مبادرة صحة المرأة التابعة لحملة 100 مليون صحة والتى تستهدف ملايين النساء فى أرجاء مصر، والتى بدأت أولى مراحلها فى الأول من يوليو وتستمر شهرين.
 البناء المتواضع يليق بالبيئة القروية التى تحيط به لكن داخله يوحى بما هو أكبرمن إمكاناته، آمال وعمل وسعى ومثابرة وطاقم طبيبات وممرضات وحتى موظفات يسعين للأفضل لأنفسهن ولغيرهن أيضًا.
سرطان الثدى لم يكن يومًا منتشرًا إلى هذا الحد ولأنه أحد أنواع السرطانات يُمكن أن يهدم أسرة ويشلها كان لا بد من التدخل.
كيف ستبدو الحياة بدون أمك، أختك أو ابنتك؟! ولذلك كانت جولتنا مع مبادرة صحة المرأة، التى أطلِقَت فى مرحلتها الأولى بتسع محافظات -جنوب سيناء، دمياط، بورسعيد، الإسكندرية، مطروح، البحيرة، الفيوم، أسيوط، القليوبية-، هكذا كنَّ وسيبقينَّ دائمًا الدفء الذى إن لم نحافظ عليه سنتجمد حتى الموت.
 الكشف المبكر يرفع نسبة الشفاء إلى %95
مرضٌ تصاب به مليونا سيدة سنويًا حول العالم وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية ومن المتوقع زيادة معدلات الإصابة به 4 أضعاف فى الشرق الأوسط خلال الـ 20 سنة القادمة، ليس من الغريب أن تخشاه كل تاء مربوطة وكل أسرة خاصة بعد ارتفاع عدد الوفيات بسببه إلى ما يقارب النصف مليون حالة سنويًا. فى بلد يحوى 47.5 مليون أنثى لا بد أن يكون أكثر أنواع السرطان انتشارًا بينهن على خارطة الأولويات.. بجانب الطابور الطويل فى الدور الثانى وعلى بلاط الوحدة الصحية تجلس سيدة وفى أحضانها رضيع، تخبرنا أنها من  المشاركات فى مبادرة صحة المرأة، اللاتى اصطففن أمام حجرة الكشف الإكلينيكى،  لكنها سمعت أن الفحص لا فائدة مؤكدة منه، لأن الطبيبة تفحص يدويًا، وليس بجهاز أشعة مثلا.
وتعلق على كلام السيدة، رئيسة التمريض بالوحدة أنصاف فهمى: «رغم أن أغلب السيدات هنا غير متعلمات، لكن لديهن وعى بأهمية الفحص ويعلمن خطورة سرطان الثدى وأنه مرض يؤدى للوفاة؛ ما إن يتم الإعلان عن مبادرة أو حملة يقبلن بشكلٍ كبير ويبلغن كل من يعرفنه ليأتين، ومن تظن أن الفحص الإكلينيكى غير مجدٍ،  لا تعلم أنه لا بد أن نقوم بفرز لمن يحتمل إصابته بالمرض حتى لا نرسل السيدات إلى المستشفيات ومراكز الأورام البعيدة ونثير الذعر فى نفوسهن بلا سبب يُذكَر، ولا تعلم الكثيرات أنها عاجلًا أو آجلًا ستخضع للفحص لأن احتمال الإصابة يزيد بعد سن الـ 35 ، كما أنه لدينا طبيبتان على قدر كبير من الخبرة».
سمعت من التليفزيون وجئت لأطمئن
شاشات  التليفزيون هى الوسيلة التى علم منها أغلب المقبلات على المبادرة بوجودها تقول  جهاد حسين البالغة من العمر 34 عامًا: «سمعت بأن المبادرة انطلقت فى محافظتى وللاستفادة منها يمكننى التوجه إلى أقرب وحدة صحة.
الزحام بسبب نقص الطواقم الطبية
شاركت جهاد من قبل فى حملة فيروس سى لكنها لم تشتك هذه المرة سوى من الزحام الذى جعلها تنتظر مدة أطول، ليست جهاد فقط؛ بل حتى الممرضات والموظفات بالمكان يشتكين من الزحام والتكدس الذى سببه نقص الطواقم الطبية.
 وحدة صحة الأسرة بميت نما تشهد إقبالًا كثيفًا منذ بداية الحملة التى انطلقت فى الأول من يوليو، الفرقة الطبية الوحيدة المشاركة فى الحملة داخل الوحدة تعمل على أكثر من 60 حالة يوميًا. طبيبتان فقط تقتسمان العمل بين الوحدة والمبادرة.
 تخبرنا د. هدى عن ما يمكن أن يجعل المبادرة أكثر فاعلية فى وحدتها الصغيرة قائلةً: «المستلزمات التى نحتاجها للفحوصات متواجدة بالنسبة لأننا رعاية أولية، لا يوجد فى الوحدة سوى طبيبة  أخرى ننسق معًا تقسيم العمل فنتبادل يوما لعمل الوحدة ويوما للمبادرة وهو ما يسبب ضغطًا كبيرًا فى العمل، لا يوجد سوى فريق طبى واحد لكل تلك الحالات لكننا نعمل بكل طاقتنا من التاسعة صباحًا وحتى الساعة الثالثة عصرًا، ربما سيمدون فترة العمل بالمبادرة كما حدث مع مبادرة فيروس سى من قبل. على الرغم من أى صعوبة لكننى رغبت بالمشاركة فى المبادرة لإعجابى الشديد بالفكرة وأتمنى أن تكون كل أماكن الفحص والوحدات المشاركة على نفس القدر من الاهتمام بالمبادرة لأنها ستكون مفيدة جدًا».
بين الفحص الإكلينيكى والفحص بالأجهزة
الكشف بالمبادرة مجانى بالكامل ليس فقط عن سرطان الثدى؛ بل عن الأمراض غير السارية فقط مطلوب بطاقة الرقم القومى.
 وبعد المرور بأسئلة من نوعية السن والمؤهل والوظيفة والحالة الاجتماعية وعدد الأبناء وطريقة ولادتهم طبيعية أم قيصرية، واستخدام أى نوع من وسائل منع الحمل والتاريخ المرضى فى الأسرة وغيرها من الأسئلة التى لها علاقة برفع معدلات الإصابة، يحدد الكمبيوتر ما إن كان الكشف ضروريًا أم لا.. إن أظهرت نتائج الأسئلة الحاجة إلى الفحص تخبرنا -رئيس التمريض- عن الخطوة التالية: «بعد إدخال البيانات على التطبيق لتحدد إن كانت تستدعى التحويل لمستشفى أورام للتأكد من أى عرض ظهر أثناء الفحص، كما نجرى اختبارات الضغط والسكر والوزن، أما إن كانت غير مستهدفة لا ينتهى الأمر هنا بل ندعوها للمشاركة فى ندوة التوعية التى تلقيها إحدى الممرضات ذوات الخبرة عليهن فى غرفة خاصة»..  وتكمل: نحدد لهن موعدًا بعد سنة أو أكثر عند بلوغ السن التى يمكن أن تتعرض فيها لسرطان الثدى،  لتخضع لكشف مجانى أيضًا كما ننبهن إلى ضرورة المجيء إن ظهر أى عَرَض قبل الموعد. المستشفيات التى نحولهن لها يحددها البرنامج المتصل بالمبادرة وغالبًا ما يتم التحويل إلى مستشفيين هما السلام أو المنيل، أحيانًا بعض المحوَلات يخبروننا بأنهن خضعن للفحص فى المستشفى الذى حولِنَّ إليه وجاءت النتيجة سلبية ويكون مجرد شك، أما من تظهرنتيجتها بالإيجاب تُكمل رحلتها العلاجية مع المستشفى وتتابع هنا فى الوحدة».
أعراض تستدعى القلق
وعن الأعراض التى تستدعى الانتقال إلى الفحوصات الأكثر شمولًا تقول د. هدى: «بعد الخضوع لأسئلة البرنامج وإدخال البيانات على الحاسوب المتصل مباشرة بالمبادرة تخضع المستهدفات إلى الفحص الإكلينيكى وهو يدوى،  كما لدينا أجهزة قياس الضغط والسكر والوزن التابعة لمستلزمات الحملة، تسجل الممرضة كل تلك البيانات على برنامج المبادرة بإدخال الرقم القومى. إذا لاحظنا وجود تكتلات تحت الإبط أو فى منطقة الثدى أو إذا لاحظنا أى شيء غريب مع وجود تاريخ مرضى فى الأسرة أو استخدام الحالة لوسائل منع الحمل الهرمونية نحول الحالة إلى أماكن معينة يحددها لنا البرنامج على الحاسوب لتخضعن للفحوصات اللازمة، ربما تكون مجرد شكوك لا أكثر لكن الأفضل هو الاطمئنان إلى عدم وجود أى أورام».
ندوات التوعية وسيلة فعالة
شاشة عرض للتوضيح وممرضة مخضرمة طليقة اللسان، تلقى على مسامعهن محاضرة تتطرق المحاضِرة إلى العديد من الموضوعات المتصلة بالأمراض غير السارية وسوء التغذية لتوعى الحاضرات من عادات يومية قد تقضى على صحتهن وصحة أسرهن مثل شراء الأطعمة الجاهزة أو المقلية التى لا يضمنَّ مدى نظافة زيوتها أو مصدرها.
العلاج بعد التحويل لمستشفى متخصص بالمجان
سلوى سالم مفتش التمريض بالحملة وبالوحدة تقوم بالتفتيش يوميًا على المستلزمات الطبية التى تحتاجها الحملة لترى إن كانت متوفرة أم لا، كما تمرعلى الممرضات لتتأكد من وجودهن وطريقة عملهن على نظام المبادرة والأهم التأكد من اتباع وسائل صحيحة لمكافحة العدوى وسط كل المشاركات فى المبادرة.. تمنحنا «سالم» صورة شاملة عن رحلة ما بعد التحويل إلى مستشفى الأورام: «البيانات التى ندخلها فى البرنامج تساعد المستشفى التى نحولهن إليه فلا يحتاجون إلى القيام بفحوصات جديدة بل يعتمدون على ما سجلناه، يتم استخدام الرقم القومى للاطلاع على بيانات الحالة. على كارت الحملة يوجد جدول للفحص الذاتى الذى يتعلمن كيفية إجرائه فى الندوة ليسجلن فيه ملاحظتهن، إن لاحظن أى علامة خطورة كما تعلمن فى الندوة يأتين إلى الوحدة لندخل المستجدات على الجهاز ثم تخضعن لفحص مع الطبيبة. إن حولنا إحداهن إلى مستشفى أورام ستظل تتابع معنا فى الوحدة لنرى التحاليل والأشعة التى طلبت منها ونسجلها وكلها مجانية». 
من حملة فيروس سى إلى مبادرة صحة المرأة
 هويدا الموظفة بالأعمال الكتابية بالوحدة كانت مشاركة فى حملة فيروس سى السابقة، إلا أن المبادرة هذه المرة لم يتم السماح فيها بتطوع موظفات على الرغم من الحاجة إلى عدد أكبر لتغطية الإقبال، تطلعنا هويدا عن تفاصيل تخص هذه النقطة قائلة: «فى حملة فيروس سى كانوا يستعينون بنا فى الحملة لإدخال البيانات والقيام بالأعمال الورقية أما فى مبادرة صحة المرأة، استعانت إدارة شبرا الخيمة بالممرضات وهو ما سبب قصورًا فى عدد الطاقم الذى يخدم المبادرة لا أعلم إن كان القرار على مستوى الجمهورية أم لا، لم نكن نمانع المشاركة فى المبادرة وإن كانوا قد اختصموا من مستحقاتنا المالية فى الحملة السابقة نسبة %45 ضرائب ولا سبيل أمامنا إلى الاعتراض».
مساندة نفسية
عندما تكشتف وجود مثل هذا المرض أو حتى احتمالية لوجوده تبدو النهاية أقرب مما نتخيل فمازال السرطان من الأمراض المخيفة التى ربما يصبح علاجها فيما بعد أشبه بعلاج الأنفلونزا، هكذا تساعد الموظفات فى الوحدة على تخفيف وطأة الصدمة عن المصابات بالمرض تحكى لنا  هويدا عن سيدة فى الخمسينيات تبين إصابتها بسرطان الثدى: «اكتشفت تلك السيدة وجود المرض بعد فحص الطبيبة فانهمكت فى البكاء، حاولت تهدئتها وإخبارها أنها على كل حال أفضل من غيرها مازلتِ تستطيعين السير والجلوس وتناول الطعام فلم البكاء ومن الجيد أن المرض لم ينتشر فى الأعضاء الداخلية أو يسبب ضررًا. لا بد أن نساند المريضات ونخفف من حالتهن وأحيانًا تأتى سيدات أُصبن من قبل بالمرض واستأصلن أحد الثديين وتكتشف وجوده فى الآخر».