الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«حنّانة» شاطئ سان ستيفانو

«حنّانة» شاطئ سان ستيفانو
«حنّانة» شاطئ سان ستيفانو


«بدأتُ رسم الحنة من 15 سنة وكنتُ بعمل الرسمة الواحدة بـ2 جنيه ونص فى الوقت اللى كانت كل الكوافيرات اللى أعرفهم بيرسموا الحنة بـ15 و20 جنيها، كنت أجد طوابير على الكوافير لدى والسبب. رسومات حلوة ومهارة وسعر زهيد».
بتلك الكلمات بدأت «أمل الحنّانة» كما يطلقون عليها فى شاطئ سان ستيفانو، قصتها وهى ترسم تلك القلوب الصغيرة الدقيقة.
«أمل» التى غيرت الأيام حالها من خريجة فنون جميلة تبحث عن وظيفة تناسبها، إلى كوافيرة صاحبة محل بالقاهرة، تتهافت عليها عاشقات رسوم الحناء.
بشاطئ 26يوليو القريب من سان ستيفانو بالإسكندرية، وفى تمام الخامسة والنصف عصرًا، وأمواج البحر تداعب صخور الشواطئ،  تجلس أمل بملابسها الملونة المزرقشة وربطة عنقها المميزة التى لا تختلف فى لونها كثيرا عن ملابسها، باعثة البهجة والمرح، تداعب من يطلبها لرسم الحنة، «رسمة الحنة بـ10.. حد عايز يرسم حنة»، هكذا تسير يوميّا ولمدة تزيد على اثنتى عشرة ساعة سعيًا وراء رزقها، هى الحَنّانة «أمل حسين» أو كما تحب أن يناديها الزبائن «أمّ محمد الحنانة».
وجدت «أمل» نفسها قد تعدت الـثلاثين، ولاتزال  تبحث عن وظيفة تناسب تخصصها، فكانت تعتقد أن المدارس ستتهافت لطلبها كمدرسة رسم لموهبتها الواضحة، وظلت تتنقل بين وظيفة وأخرى لأكثر من 7 سنوات، حتى شعرت أنها تهدر وقتها ومجهودها من أجل من لا يقدرونه، فقررت أن تأخذ قسطا من الراحة لتفكر فى أمرها، وبعد فترة ليست بالقليلة، قررت «أمل» أن تفتح محل كوافير، وكانت قد تزوجت وأنجبت ابنها الأول.
وقالت لنا
«مرت 15 سنة منذ أن فتحت محل الكوافير فى القاهرة، كان زباينى كتير بسبب رسم الحنة أكتر من تسريحات الشعر والماكياج، واتعرفت بحنّانة العرائس، لكن كنت محتاجة أتخصص فى حاجة واحدة وماشتتش نفسى بين شغل الكوافير وتركتة لزوجى يديره وقررت البحث عن رزقى».
منذ عامين كان لأم محمد انطلاقة جديدة بدأتها من الإسكندرية، مسقط رأس زوجها، فساعدها فى معرفة أكثر المناطق التى تطلب فتياتها رسومات الحنة، أو كما  تسميهن «هوانم إسكندرية»، وبالفعل بدأت تنزل بشاطئ 26يوليو وصنعت علاقات جيدة مع أصحاب الشاطئ والمشرفين عليه، واتفقت معهم على مبلغ سنوى،  يُدفع فى أشهر الصيف لهم مقابل عملها على الشاطئ وجذب زبائنها من مصيفى المنطقة وسكانها.
«بيكون معايا كتاب فيه رسومات كتير مختلفة واللى تنادينى أجعلها تختار من الكتاب الرسمة اللى تعجبها وعايزة ترسمها فين، رسمة الإيد بـ 10 جنيهات والقدَم بـ 15 جنيهاً».
أكثر طلبات السيدات والفتيات هى رسومات الفراشات والتيجان وفروع الشجر والقلوب، تجلس هى أمامهن وفى يدها ورقة صغيرة بَرَمَتها على هيئة قُمع صغير، فى نهاية طرفه فتحة صغيرة، تخرج منها الحنّة وتبدأ أمل فى تشكيل الرسمة المطلوبة على يد أو قدم الزبونة.
 صنعة إيدى
«الناس بتتفاجئ بأسعارى بالمقارنة بحنّانات كتير فى القاهرة والإسكندرية ومحافظات تانية، والسبب أنى استخدم بودرة الحنة المتحونه بنفسى وأخلطها وأعمل العجينة، لكن معظم الحنانات تحضرها جاهزة من الصيدليات ولذلك تكون غالية، وبالتالى يصل سعر الرسمة الواحدة لـ 35 جنيهاً».
لم تتوقف أم محمد الحنّانة عند عمل الحنة فقط، لكنها تعلمت دق التاتوه بالإبر، فوجدت الكثير يطلبونه فى تحديد الحواجب والتلوين الشفاه، ولكن له حالات محددة ويطلب للضرورة، لارتفاع تكلفته وآلام المصاحب له مما تتطلب وضع بينج قبل دق التاتوه.
 تعلمت «أمل» دق التاتوه بماكينات محددة على يد شخص بمنطقة رمسيس بوسط القاهرة، بسعر مائة جنيه للحصة الواحدة، واشترت ماكينة خاصة بها لتتعلم ذاتيّا بالمنزل حتى توسع من رزقها ومن الحِرفة التى أتقنتها والتى لا تبعد كثيرًا عمّا تعلمته، فمنذ صغرها وهى تهوى الرسم وتتقنه واشتهرت بدقة حركة يديها فيه.
هذا الصيف جاءت «أمل» للإسكندرية مطمئة على رزقها، فقد اكتسبت زبائن من العالم الماضى، ولا تعلم إن كانت ستكمل عملها بنفس المستوى الصيف المقبل أمْ أنها ستبحث عن منطقة ساحلية جديدة!!