الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الأفلام المنِتجة فى تونس تجاوزت 17 فيلمًا روائيّا و51 فيلمًا قصيرًا عام 2018

الأفلام المنِتجة فى تونس تجاوزت 17 فيلمًا روائيّا و51 فيلمًا قصيرًا عام 2018
الأفلام المنِتجة فى تونس تجاوزت 17 فيلمًا روائيّا و51 فيلمًا قصيرًا عام 2018


ما بين أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وتحديدًا عام 1905 كانت تونس على موعد مع ميلاد أول قاعة سينما فى تونس العاصمة، ثم توالى ظهور العديد من المقاهى والنوادى، التى كانت تشهد أيضًا نخبة من العروض السينمائية.

عاشت تونس فى الماضى أيامًا وليالى تحت الحماية الفرنسية، ما كان له أثره على جميع جوانب الحياة ولاسيما «السينما»، وكان العرض السينمائى فى تونس لا يفصل بينه وبين موعد العرض العالمى لأى عمل سينمائى سوى ثلاثة أشهر على الأكثر.
كلاكيت أول مرّة..
بحسه الشغوف بصناعة الآلات، وغرامه الشديد بعالم السينما قام المهندس المعمارى التونسى «البير شيكلى»- أول مراسل للإخوة لوميير فى تونس- بتصوير العديد من اللقطات السينمائية وإرسالها إلى فرنسا.
 فى فترة العشرينيات، وتقريبًا فى عام 1924 شهدت السينما التونسية إنتاج أول فيلم روائى تونسى بعنوان «عين الغزال»، لتتوالى عقب ذلك العديد من الأفلام القصيرة.
انطلقت السينما التونسية قبل ظهور صناعة السينما بشكل عام، عن طريق انتشار نوادى السينما منذ عام 1949؛ حيث تم إنشاء الجامعة التونسية لنوادى السينما، وفى فترة السبعينيات وصل عدد هذه النوادى إلى أكثر من ستين ناديًا، وفى عام 1976 تجاوزعدد التذاكر المباعة خلال تلك النوادى نحو السبعة ملايين تذكرة سنويّا.
الجمهور التونسى..
الجميل فى السينما التونسية هو ميلاد  جمهورها قبل ميلادها، ففى عام 1960 كان ميلاد أول شريط سينمائى تونسى «الفجر» لعمار الخليفى، والطريف هو حضور جمهوره، الذى كان ينتظر فيلمه على أحر من الجمر..
وفى بداية الستينيات وتحديدًا فى عام 1962 تم إنشاء إدارة للسينما وترأسها فى ذلك الوقت «الطاهر شريعة» (أبو السينما التونسية والإفريقية)، فقد اشتهر بحرصه الشديد على إرسال مئات الشباب التوانسة إلى جميع أنحاء العالم لتعلم فنون السينما، سواء إلى فرنسا، إيطاليا، بلجيكا، روسيا، رومانيا، بالإضافة إلى بِلدان عربية كمصر والعراق.
وبالفعل عادوا جميعًا وأثمروا حركة السينما التونسية لتشهد نقلة حقيقية؛ حيث توالى إنتاج الأفلام الوثائقية والروائية؛ لتكون البداية الحقيقية فى الستينيات، أعوامًا مثمرة ومزدهرة؛ حيث شهدت إنشاء الشركة التونسية للإنتاج والتنمية السينمائية، وأيضًا تأسيس مهرجان قرطاج وانطلاق التليفزيون التونسى.. بإيجاز فقد شهدت حركة متكاملة لانطلاق السينما التونسية على قاعدة راسخة وصحيحة، ومنذ عام 1966 أصبح كل عام لدينا فيلم روائى طويل، بالإضافة إلى الأفلام القصيرة والوثائقية.
رُوّاد..
تزخر السينما التونسية بالكثير من الأسماء، التى تظل بصماتها محفورة فى تاريخ السينما التونسية، أسماء لها باع وإضافة، الطاهر شريعة، أول مدير لإدارة السينما وأيضًا مهرجان قرطاج، ساهم فى خَلق الجامعة الإفريقية للسينمائيين والعديد من المهرجانات الإفريقية، وحمودة بن حليمة من أبرز المُخرجين، الذين اشتهروا ببصمتهم الخاصة فى عالم الإخراج.. بصمة كبيرة لكل من: رضا باهى، محمود المحمود، نورى بوزيد؛ حيث العديد من الجوائز العالمية، وأيضًا سلمى بكار، بالإضافة إلى بعض الشباب أمثال كوثرهنية وأمين بوخريص ومحمد بن عطية.
ومن المنتجين، الذين حفروا بصمة مهمة فى السينما التونسية والعالمية أحمد بهاء الدين عطية، ودرة بوشوشة، التى لاتزال فاعلة وحاضرة.
كلمة..
 وأود أن أبعث برسالة شُكر وامتنان لمدير التصوير « يوسف بن يوسف» أحد الرواد، بما ساهم به فى تاريخ الأفلام العربية، فهو مشهود له بعطائه الكبير.
سينما المغرب العربى..
تنتمى السينما التونسية جغرافيًّا وسينمائيّا للمغرب العربى، فى فترة الستينيات والسبعينيات كانت السينما الجزائرية حافلة بالأفلام الجديدة، التى نجحت فى تحقيق أشهر الجوائز وتحقيق حضور عالمى لا مَثيل له، فقد كانت تلك الفترة هى الفترة الذهبية، أمّا تونس فقد جاء دورها عقب ذلك، فقد كانت سبّاقة بإنتاجها لأشهر الأفلام فى الفترة ما بين الثمانينيات والتسعينيات؛ حيث شهدت زخمًا سينمائيّا كبيرًا، وخَلق حالة جديدة فى السينما التونسية، حتى جاءت الألفينيات لتشهد ازدهار السينما المغربية وخروج عدد كبير من الأفلام، وحضورًا عالميّا على مستوى التوزيع أو المهرجانات، أمّا اليوم فتعود تونس لتتألق سينمائيّا وتحديدًا عقب 2013؛ لتصبح رائدة سينما المغرب العربى، وحضورًا عالميّا فى أشهر المهرجانات العالمية، أيضًا توزيعًا سينمائيّا فعليّا  فى أوروبا  وأمريكا وآسيا والهند وكوريا والصين.
وعقب ثورة 2011 أصبح جميع الفنانين ينعمون بحُرية التعبير، فقد كانت تونس على موعد مع طفرة كبيرة، سواء من حيث الموضوعات التى أصبحت تمس بشكل أعمق المجتمع التونسى، أو فيما يخص الخطاب الذى أصبح أكثر جودة على المستوى الفنى والفكرى والتحليلى. واليوم نفخر بالسينما التونسية، فقد استطاعت أن تغوص فى أعماق المجتمع التونسى لتشهد إنتاج عدد أكبر من الأفلام، لذلك ينبغى علينا أن نفتخر بالسينما التونسية.
 ومن خلال موقعى كمدير عام لأيام قرطاج السينمائية، فقد أتيحت لى الفرصة للاطلاع وتقييم الأفلام، ففى عام واحد عرض علينا نحو 37 فيلمًا روائيّا طويلًا و41 فيلمًا قصيرًا، وفى عام 2018 تجاوز عدد الأفلام الروائية الطويلة 17 و51 فيلمًا قصيرًا، أمّا فى عام 2019 فمن المتوقع الحصول على 25 فيلمًا طويلًا و40 فيلمًا قصيرًا، فالجدير بالذِّكر أن السينما التونسية هى سينما مدعمة من وزارة الثقافة، ولكن اليوم هناك 50 % من الأفلام المنتجة، منجزة من قِبَل منتجين مستقلين، أفلام غير مدعمة؛ حيث إنه لم يَعد هناك خوف من الإنتاج، بل أصبحت هناك مغامرات إنتاجية ضخمة.
أيام قرطاج السينمائية..
واحد من أعرق وأقدم المهرجانات العربية والإفريقية . منذ عام 1966 وقد أصبح منصة لإطلاق العديد من الإنتاجات السينمائية والتعريف بها وبأبرز صانعيها، وكان فى بادئ الأمر ينجز كل عامين دورة من دورات المهرجان، ولكن عقب عام 2015 أصبح مهرجانًا سنويّا، وفى عام 2017 توليت مهمة المدير التنفيذى للمهرجان لتكون أمامى مهمة ليست بالسهلة على الإطلاق؛ خصوصًا عقب ما شهده المهرجان من ابتعاد عن أهدافه الأساسية التى من أجلها خُلق، ولكن للأسف لم يَعد يحققها، وعقب تفكير قررتُ الرجوع إلى الثوابت؛ حيث الأهداف الأربعة الرئيسية لأيام قرطاج السينمائية، أولًا باعتباره مهرجانًا عربيّا إفريقيًّا فى الأساس لتشجيع السينما العربية والإفريقية، ثانيًا باعتباره مهرجانًا ذا بُعد ثلاثى القارات، أو نافذة سينمائية ثلاثية الأبعاد، ثالثًا باعتباره مهرجانًا ذا مزحة نضالية، سواء للسينما العربية أو الإفريقية، وهو منصة للأفلام والسينما ولأهل الخبرة والمهنة، وفرصة تمنح لهم للتعريف بهم وللتقريب فيما بينهم فنانين ومعنيين ومهتمين وصناعًا؛ لتحقيق دفعة كبيرة للإنتاج المشترك وتقريب وجهات النظر واكتمال الأفلام وإقامة العديد من الندوات والحوارات من خلال مناقشة العديد من الموضوعات السينمائية بين أهل الخبرة والشباب للتقريب بين القدماء والجدد.