الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ليلة اختفاء القمر

ليلة اختفاء القمر
ليلة اختفاء القمر


عندما طلبته خطيبته فى مكتبه صباحًا وسألته أن يقابلها فى المساء وقع نظره بالمصادفة على النتيجة أمامه فوجد تاريخ الشهر العربى يشير إلى اليوم الخامس عشر ارتبك وحاول أن يعتذر لها، أن يؤجل لقاءهما إلى اليوم التالى لكنها أصرت بكل دلال وحزم أنثوى أن تقابله فى المساء لأمر مهم.. حاول أن يعرف عن هذا الأمر المهم لم تخبره، وضع سماعة التليفون وهو يهز رأسه متسائلاً ومتشائمًا فهذه ليلة اكتمال القمر..

لقد قرر منذ شهور ألا يقابلها فى هذه الليلة لأنه لاحظ أن كل مشاجراتها معه فى هذه الليلة وقد قرأ يومًا أن ذروة استدارة القمر تؤثر نفسيًا أو بيولوجيًا على بعض الناس وهى منهم، قرر أن يسأل طبيبًا نفسيًا أو يبحث فى كتب علم النفس لكن لم يجد فرصة للبحث فعمله يشغله وينسيه.. لقد كانا منذ تعارفهما أن يلتقيا فى ليلة اكتمال القمر؛ خصوصًا فى الصيف ويذهبا إلى مكان مكشوف لينعما بضوئه ويعيشا فى لحظات رومانسية.. لكن لاحظ أنها تكون مكتئبة وتتشاجر معه على أتفه الأسباب فى مثل هذه الليلة.. لم يلاحظ هذا فى أول مشاجرة لها.. لكن عندما تكررت المشاجرات فى ضوء القمر المكتمل قرر ألا يقابلها فى ليل القمر المكتمل.
انهمك فى عمله ونسى تاريخ اليوم العربى والأمر المهم الذى تريد أن تخبره به خطيبته.. عاد إلى منزله ليتناول غذاءه.. ويرتاح قليلاً ثم يحدثها أو يذهب إلى منزلها مع أهلها كعادته منذ خطوبتهما، وهو يقرأ فى الجريدة وقع نظره على تاريخ الشهر العربى وتذكر أنها تريده فى أمر مهم.. وتشاءم.
وقت الغروب ذهب إلى منزل خطيبته.. قرر أن يكون مستمعًا أكثر من متحدث حتى لا يخطئ فى تعبير أو كلمة ويحدث سوء تفاهم وتتشاجر معه.. قرر ألا يخرجان فى نزهة ويجلسا بين أهلها ليتحاشى أى حديث خاص معها فى ليلة اكتئابها.. توقع أن تقابله بهذه النظرة الحائرة والابتسامة المجاملة، هذه العلامات التى يلاحظها عليها ليلة اكتمال القمر.. لكنها قابلته بابتسامة مرحة ونظرة مستبشرة!
وجدها مرتدية ملابسها استعدادًا للخروج، حاول أن يثنيها عن عزمها، سألته إذا كانت سيارته معطلة، قال إنها معه، إذًا لأى سبب بمكثان فى البيت فى ليلة صيفية جميلة؟! فى سيارته اقترح الذهاب إلى مكان مغلق مكيف الهواء فاعترضت لماذا ونسمات الليل منعشة والقمر مكتمل.. استعاذ بالله من الشيطان واستسلم لقرارها.
ذهبا إلى مكان مكشوف أضواؤه خافتة والقمر فى ذروة استدارته يطل عليهما.. جلس صامتًا.. تحدثت عن أخبارها فى العمل.. تعجب من نفسه فهل أصبح هو الذى يكتئب فى ليلة اكتمال القمر وشفيت هى؟! سألته لماذا لا يتحدث.. قال إنه شاهد فيلمًا فى التليفزيون بالأمس فهل شاهدته؟! ولما نفت بدأ يحكى قصته وهى تنصت ومن حين لآخر تنظر إلى القمر.. ثم قالت.. البدر أصبح هلالاً.. لاحظت أنه لا ينظر إلى القمر، قالت إن الليلة سيحدث خسوف كلّى للقمر، هكذا قرأت الخبر فى جريدة صباحية وأرادت أن تشاهد هذه الظاهرة معه لأول مرة فى حياتها.
لاحظ الموجودون فى المكان تطلع هذين الاثنين إلى السماء ولانشغالهم بأحاديثهم لم يلاحظوا الحدث.. إلى أن صرخت واحدة «اختفى القمر».. فنظروا إلى السماء، أما هو فقط نظر إلى خطيبته، حبيبته وعادت إليه بهجته وضغط على يدها.. وقال: وهل يختفى القمر؟!