الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مولانا.. مقهي وفنون

مولانا.. مقهي وفنون
مولانا.. مقهي وفنون


كتب: إسراء أبوبكر
فى دائرته المغلقة يدور بلا توقف بملابسه البيضاء كبياض الكفن، ربما يرتدى فوقها رداءً أسود مُذكرًا بنعيم الحياة الزائل، يحمل على رأسه قبعة بنية طويلة شاهدًا لقبر الزاهد المكفن.

 تمتزج دوائر الدرويش بدائرةٍ أخرى لا تراها لكن يستسيغها أنفك، قهوة عربية أصيلة، ضوء خافت كأضواء تكايا الصالحين يؤجج اشتياق الأعين إلى نور الشمس. يتمايل الدرويش ومعه سَكرات الحياة لا الموت وسط أعين أخذ الانبهار بعضها والبعض الآخر أخذته التساؤلات.. مَن أحيا مولانا جلال الدين الرومى فى نفوس رواد «مولانا» وأتى به من قونية إلى قاهرة المعز!
من إسبانيا إلى وسط البلد
أن يضم المقهى ركنًا لمشاهدة المباريات أو لعب الورق ليس بالأمر الجديد؛ خصوصًا فى أكثر أحياء مصر اكتظاظًا بالمقاهى ورُوّادها، لكن أن نرى مقهى يضم مدرسة للفنون الشرقية أو العكس مدرسة فنون تضم مقهى أمرًا جديدًا يتعذر شرحه، لذا تتحدث «صباح الخير» مع الفنان الفولكلورى محمد السيد، صاحب فكرة «مولانا» وهو راقص فولكلورى يعيش بإسبانيا من سن الـ14 ويتردد على مصر وهناك تعلم على يد الراقص الفولكلورى شكرى محمد من أوائل مُدرسى الفولكلور فى إسبانيا.
 عن الفكرة والهدف من إنشاء «مولانا» يقول محمد: «وزارة الثقافة  لم تَقُم بالدور، فاكتشفت أنه يجب أن تبدأ بنفسك الأول، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء مولانا، مكان لا يضم فقط الرقص الفولكلورى لأنى راقص فولكلور، لكن يضم كل الفنون: مسرح، غناء، شعر، أدب، كوميديا..إلخ. عندنا فى مصر عنصر بشرى هائل، لكن كان لازم حد يتدخل ويحط أول بذرة لإنشاء مكان مفتوح لكل الناس».
أضاف محمد: المكان مفتوح لكل الفئات من شباب، مبدعين، صحفيين، شعراء، مغنين، ومحبى الثقافة، هذا التنوع الثقافى يَخلق جوّا من الألفة بين الناس ويزيح مفهوم التصعب، بل ويشجع على تقبل الاختلاف، وهو ماعبر عنه بقوله: «حتى مجال الرقص بتاعى مجال منغلق وعشان كدة فكرت فى مكان تقدر الناس تتجمع فيه من دون انغلاق».
التنورة مصدر رزق.. أو فِكر
محمد راقص تنورة أو مولوية نسبة إلى مخترع الرقصة وأحد كبار المتصوفة مولانا جلال الدين، ورُغم كون مجال رقص التنورة فى مصر مصدر رزق للكثيرين، فإنه يحتل مكانة كبيرة فى الاحتفالات الشعبية، وهو بالنسبة لمحمد كان فكرًا دفعه إلى القراءة حول الموضوع والاقتراب منه ليستطيع تكوين رأى وفِكر حول الصوفية.
 بدأت مدرسة رقص ثم أصبحت صالونًا ثقافيّا
يصل «مولانا» إلى مكان يتم تنظيم ندوات وأمسيات شعرية وحفلات غناء تراثى صغيرة به مر بعدة مراحل يسردها محمد: «بدأنا فى 2011 بمدرسة رقص فولكلورى ثم رقص مختلف، وبعدين فكرنا نخليه مكان بيجمع ناس مختلفة فكان مولانا - مركز الفن الفولكلورى- هو الفكرة الأقرب، بنّظم هنا ندوات وحفلات منتظمة وارتجالية؛ لأن دايمًا فى موهوبين المكان مفتوح ليهم». يتابع محمد قائلًا إنه لا يفكر فى المكان كتجارة لكن الجزء الربحى فيه بسيط ويضمن استمراره ويغطى نفقاته. محمد صاحب الفكرة لكن تلقى الدعم لتنفيذها من شريكه الشاعر ممدوح فوزى والبعيد عن مجال محمد -الرقص الفولكلورى- وهو ما أشار إلى أنه ساعد فى تجميع الثقافات والأذواق المختلفة فى مولانا.
على مولانا..
يتردد على المكان العديد من الأسماء المعروفة مثل الشاعر أحمد بخيت الحاصل على المركز الثالث بمسابقة أمير الشعراء لعام 2008، فقد سبق له عقد ندوة بالمكان. ومن مقيمى الحفلات على الهلباوى- منشد-، فرقة الحضرة الصوفية، محمود التهامى -منشد-، بلاك تيما، فرقة نغم مصرى ومعظم فرق الاندر جراوند.
تابع محمد: «نعلن عن النشاطات على صفحة الفيس بوك الخاصة بنا، وكل شخصية تزورنا تترك تذكارًا مكتوبًا بخط اليد معروضًا بالمكان».
ميكرو آرت - الفن المصغر
فى ختام حواره مع «صباح الخير» أفاد محمد بأنهم بصدد الإعلان عن نشاط وفكرة جديدة وهى الـ«ميكرو آرت» يشرحه: «هو تخصيص أمسية لإتاحة الفرصة لعرض العديد من الفنون فى مدة قصيرة لا تتعدى ربع ساعة؛ حيث يتم تقديم مسرحية أو إلقاء شِعر أو فقرة غنائية أو رقصة أو ستاند أب كوميدى، كل منها فى أمسية واحدة».
مارين أحد رواد ومطربى مولانا..
«مارين رفعت» أحد رواد مولانا يطلق العنان لموهبته فى الغناء وسط جمهور ليس بالعريض لكنه يحقق له الرضا والسعادة، مارين المتخرج حديثًا من تجارة إنجليزى- جامعة القاهرة- يقول: «عرفت المكان من أصحابى قالولى فى مكان رايق وهادى ممكن نذاكر فيه، وبقيت باجى كتيرمن حوالى سنتين ونص لدرجة بعتبره بيتى، وهو انطباع أى حد بييجى. أنا تقريبًا كل يوم هنا لكن فى فترات الشغل باجى بالليل».
ويتابع: «فى البداية كنت باجى أذاكر بحُكم إن مذاكرتى محتاجة مكان فيه هدوء ومع القعدة اتعرف إنى بغنى فغنيت. أنا أصلا بغنى وبحب الغناء جدّا وأى حد بيغنى إما يلاقى المكان اللى يغنى فيه هيتبسط بيه جدّا».
سألنا مارين عن سبب مجيئه إلى مولانا بالذات فأجاب: «لو قلت الديكور فى أماكن كتير ديكورها فولكلورى، ولو قلت القعدة فى البلكونة فى قعدات كتير كده ولو الجو الهادى فى أماكن كتير هاديه لكن مفيش مكان زى مولانا».