الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أقدم مهنة فى التاريخ

أقدم مهنة فى التاريخ
أقدم مهنة فى التاريخ


عرفت  مصر القديمة محلات «الكوافير» التى كانت تسمى «نشت» وكان بها نساء يقمن بإعداد التسريحات وتهذيب الشعر ونظافته، وتمتلئ معابد ومقابر ملوك وملكات ونبلاء مصر القديمة فى الأقصر بالكثير من النقوش واللوحات، التى تكشف عن كثير من «التسريحات» التى عرفتها المرأة الفرعونية وهى شبيهة بكثير من «التسريحات المعروفة اليوم باسم الكاريه والبانك والشعر المسدل والمجعد والمتدرج والقصير والجدائل».
حمام كريم.. فرعونى
عرفت النساء فى مصر القديمة استخدام الشعر المستعار بجميع أشكاله من الخصلات والحشو والباروكات، كما عرفت مثبتات متنوعة للشعر من المواد الراتنجية والدهون الحيوانية، والمثبتات المعدنية الجميلة ،كما عرفت تلوين الشعر وصبغته بألوان زاهية باستخدام الأعشاب الطبيعية.
وكانت فترات الأعياد والاحتفال بالمناسبات المختلفة تشهد نشاطا رائجا داخل «محلات التجميل» التى عرفتها مصر القديمة قبل آلاف السنين، كما كانت المرأة أكثر حرصًا على إظهار مفاتن جمالها فى الأعياد، حيث عرفت المرأة الفرعونية الكثير من فنون التجميل وامتلكت الكثير من أدواته عبر العصور، بل ونقل عنها العالم الحديث الكثير من تلك الفنون مثل «حمام الزيت» و«حمام الكريم» لتقوية الشعر، وطرق ووسائل تنعيم البشرة وهى الطرق التى عرفتها المرأة المصرية ربما قبل أكثر من خمسة آلاف عام.
تفرد المرأة المصرية القديمة
وأشارت خبيرة التجميل المصرية ميرفت عبد الفتاح إلى أن الفرعونيات كُنً يبدين اهتماما كبيرا بنعومة جسدهن باستخدام زيوت وعطور طبيعية بجانب استخدامهن الشفرات الحادة المصنوعة من المعادن أو الأحجار للتخلص من الشعر الزائد، وقد عثر فى بعض المقابر الفرعونية على شفرات ومكحلة ومرود وبعض الأدوات الدقيقة والأحجار الإسفنجية التى كانت تستخدم لتنعيم الكعبين وتنظيف وتهذيب الأظافر.
كما كُنً يضعن زينتهن على الوجه لإبراز حسنهن وخاصة فى الأعياد والاحتفالات التى كانت تشارك فيها النساء، بالرقص والعزف على آلة الهارب والإنشاد والغناء. والكثير من مراكز التجميل فى العالم تبحث اليوم عن أسرار جمال المرأة فى مصر القديمة، ومنها استخدامها الزيوت النباتية لترطيب بشرتها وتغذيتها كزيت البابونج الذى بدأت بيوت الجمال فى استخدامه الآن، كما الفرعونيات استخدمت زيت الخروع وزيت زهرة اللوتس، واللذين باتا يستخدمان فى العصر الحديث للعناية بالبشرة الدهنية وعسل النحل الذى يفيد البشرة كثيرًا، وقد أثبتت التجارب فاعلية زيت الحلبة فى مقاومة التجاعيد والقضاء على النمش وقد استخدمته المرأة الفرعونية، للعناية ببشرتها والحفاظ على شبابها. وتؤكد خبيرة التجميل أن المرأة الفرعونية كانت تحرص فى الأعياد على أن تلون وجنيتها بلون وردى تحصل عليه من أكاسيد الحديد الأحمر، أو ثمار الرمان الجافة، كما كانت تلون شفتيها بلون أحمر داكن باستخدام مزيج من الاكاسيد الطبيعية والدهون للمحافظة على ليونة الطلاء والشفاه معًا. كما استخدمت فرشاة خاصة لتحديد الشفاه قبل طلائها، وتوجد فى متحف تورينو بإيطاليا بردية عليها رسم لسيدة مصرية تمسك بيديها فرشاة لتحديد الشفاه قبل طلائها.
إيش تعمل الماشطة فى الوجه العكر؟
عرف العالم العربى تلك الوظيفة منذ زمان طويل، وكان يطلق على المشتغلة بها اسم الماشطة، أى التى تجمل النساء وتمشط وتغسل شعورهن بالطين الحار والطيب بعد الغسل حتى جاء مثل «إيش تعمل الماشطة فى الوجه العكر» تعبيرا وتلخيصا لهذا الوظيفة.. لنساء ذلك الزمان!
انتشرت هذه الحرفة فى أوساط العرب فى كل مكان، فقد ذكر ابن حزم الأندلسى فى كتابه «طوق الحمامة» أن نساء الأندلس عرفن هذه الحرفة ضمن حرف أخرى امتهنتها النساء، كالطبيبة والنائحة، والدلالة، والمغنية، والمعلمة، والماشطة. وحكى الذهبى فى كتابه «تاريخ الإسلام»،  والمقريزى فى كتابه «السلوك لمعرفة دول الملوك » ما يدل على انتشار هذه الحرفة بشكل واسع بين نساء مصر، وذلك مع سرده لقصة أشبه بقصة ريا وسكينة... لغازية معروفة بالخانقة التى كانت تصطاد الرجال بجمالها وحسنها، ثم تدعوهم إلى بيتها بالتعاون مع مجموعة رجال وعجوز، تقوم بخنقهم للاستيلاء على أموالهم، وقيل إنها تعرفت على ماشطة مشهورة جدا فى القاهرة، فدعتها لبيتها لتزيين ابنتها، وإصلاح شأنها».
وقد ذكر ابن عساكر الدمشقى فى كتابه «تاريخ دمشق»، وابن الجوزى فى كتابه «أخبار النساء» ما يؤيد انتشار حرفة التمشيط والتزيين على شكل مهنة تتدوالها النساء.
وأتى جمال الدين القاسمى فى كتابه «قاموس الصناعات الشامية» على ذكرها وربطها مع حِرفة القابلة - التى تولِد النساء - وما الترابط المهنى بين الحرفتين، مع الإشارة إلى أن القابلة  تقوم عند زواج البنات بتزيينهن بنفسها وتراعى شئونهن التجميلية. •