الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

جامع الناصر محمد

جامع الناصر محمد
جامع الناصر محمد


جامع الناصر محمد بن قلاوون يقع بداخل قلعة صلاح الدين. بناه الناصر محمد سنة 718هـ/1318م، وقد ورد فى شريط كتابى منقوش على المدخل الرئيسى فى الواجهة الغربية. تاريخ البناء فى سنة 718هـ/1318م، وفى 735هـ/1334م تم هدمه وإعادة بنائه.

وقد تولى الناصر السلطنة وعمره تسع سنوات وكان نائبًا عنه الأمير كتبغا المنصورى قلاوون، فى أول شوال سنة تسع وسبعمائة.
وكان الناصر مولعًا بالعمارة، فبنى بقلعة الجبل المبانى الكثيرة من القصور، منها القصر الأبلق وعمل بجانبه بستانًا، وصرف على ذلك خمسمائة ألف ألف درهم. وكانت العادة جلوس السلطان به للخدمة كل يوم، ما عدا يومى الاثنين والخميس، فإنه يجلس فى دار العدل..ويقع الجامع فى القسم الجنوبى من القلعة على يسار الداخل من البوابة الوسطى، ويعتبر من الآثار المهمة من عصر دولة المماليك، خاصة أسرة قلاوون. وهو يحتوى على الرخام الفاخر الملون فضلاً عن قبة جليلة بديعة الصنعة. وتخطيطه مربع الشكل يتكوّن من صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة، أكبرها رواق القبلة الذى يتكون من أربع بلاطات، والأروقة الأخرى يتكون كل منها من بلاطتين فقط.
ويتوسط جدار القبلة محراب كبير يكتنفه محرابان صغيران تكسوهما فسيفساء رخامية وصدفية.. وهذا الجامع وإن كانت تسوده البساطة من الخارج فلا مقرنصات ولا زخارف ولا كتابات، إلا أنه من الداخل كان غنيًا بشتى الصناعات، كما تدل على ذلك بقاياه، فقد كسيت الجدران إلى ارتفاع نحو خمسة أمتار بوزرة رخامية دقيقة طُعِّمت بالصدف، وكان محرابه مكسوًا بالرخام المحفور به زخارف دقيقة.. يحتوى الجامع على مئذنتين، تقع إحداهما فى الضلع الغربى الموازى لجدار القبلة، إذ هى تعلو المدخل الرئيسى الغربى، حيث تشغل قاعدتها المربعة جزءًا من أعلى المدخل.. أما المئذنة الثانية فتقع فى الركن الشمالى الشرقى وتبرز قاعدتها عن الواجهة الشمالية بمقدار 2.90 متر، ويبلغ طول ضلعها 7.80 متر، ويعلو هذه القاعدة المستطيلة شرفات تماثل شرفات سور المسجد الخارجى.. ومع الأسف ساءت حالة المسجد فى العصر العثمانى، فقد هدمت قبّته، وفقد منبره وأسىء استعماله وقضى على الجامع تمامًا فى عهد الاحتلال البريطانى 1882م، حيث تحول إلى مخازن للجيش وسجن للمتمردين، فأقيمت الحواجز الخشبية بين الأعمدة وبنيت الجدران..ومنذ أن نبه واستون (مهندس إنجليزى يتبع جيش الاحتلال) لأهمية هذا الجامع سنة 1886م، وبدأ بنفسه بالعمل على تنظيف الجامع، نظرًا إلى أهميته، جرت عدة محاولات من ديوان الأوقاف فى ذلك الوقت لاسترداد الجامع من قيادة الجيش البريطانى، كما قامت لجنة حفظ الآثار بمعاينة الجامع سنة 1890م، فوجدت أن الأعمدة الحاملة للبواكى بها ميل، وبالنظر إلى تهدم البواكى ترتب على ذلك عدم وجود توازن فى الضغط الواقع، وقد وجد أن بعض الأوتار الخشبية المعدة لربط تيجان الأعمدة مفقودة، ولهذا السبب فإنه يخشى من سقوط الأعمدة الخالية من الأوتار، ولذلك أوصت اللجنة بشد وصلب الأعمدة للطارات (العقود) فى مرازها، وتركيب الأوتار الخشبية بالجهات الناقصة.. وفى ديسمبر سنة 1901م تم استلام المسجد من الجيش البريطانى، وأصبح بذلك تابعًا لديوان الأوقاف، كما تم صرف مبلغ أربعة وثلاثين جنيهًا لجناب القومنان «كامبيل» تعويضًا لجيش الاحتلال نظير نقل أدوات الجيش المذكورة التى كانت مودعة بجامع محمد بن قلاوون بالقلعة.. وفى سنة 1914م تم هدم جميع المبانى الحديثة، التى ليست من أصل بناء الجامع وأمكن تنظيف الجامع من آثارها المتخلفة، وأجريت عملية شد وصلب بالجهة الغربية بالمسجد (بالأعمدة والعقود) كما سدت فتحات الشبابيك الحديد بالواجهة الغربية، وفتح الباب الغربى بالواجهة الغربية وهو الباب العمومى للجامع.. وفى سنة 1935م تم تجديد القبة فوق المحراب بإعادة بنائها بعد أن سقطت فى وقت غير معلوم، ولهذه القبة رقبة مربعة ومقرنصاتها خشبية من خمسة صفوف تم تجديد التالف منها.. وفى عام 1947م تبودلت الرسائل بين وزير المعارف ووزير المالية بشأن اعتماد مبلغ عشرين ألف جنيه بميزانية وزارة المعارف، لإدارة حفظ الآثار لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة تحقيقًا للرغبة الملكية السامية من خلال جلالة الملك فاروق لإكمال أعمال التجديد المادية بالجامع، ومنها استكمال تبليط أرضية المسجد، والمدخل وتكسو القبلة بالرخام، وجزء من الحوائط المجاورة.
لا تبدو الفروق حادة بين شكل جامع الناصر محمد أثناء الحملة الفرنسية وشكله حاليًا، باستثناء اختلاف طفيف فى المئذنة والمحيط العمرانى.