الجمعيـة التأسيسـية تجاهلـت حقوقنـا فـى الدسـتور
شاهندة الباجورى
[if gte mso 9]>
وأخيرا.. خرج الأقباط عن صمتهم وصدمتهم السياسية التى أصابتهم عقب الانتهاء من المسودة النهائية للدستور، أو بالمعنى الأدق دستور نصف الليل.
فمنذ اليوم الأول لانعقاد الجمعية التأسيسية استشعر المسيحيون أن الدستور الذى يكتب سيجعلهم أغرابا فى بلدهم، مما جعلهم ينسحبون ويرفضون الاستمرار فى الجمعية.
وبالرغم من ذلك استكمل الدستور من دون الأقباط، وعندما سئلت التأسيسية: كيف لها أن تخرج بدستور من دون الأقباط؛ خرج المتحدث الإعلامى لها ليعلن وسط استنكار شديد أنه ممثل للمسيحيين.
ومنذ ذلك الوقت والكنيسة فضلت الصمت حتى لا تتهم بالتسييس.. حتى جاءت اللحظة التى هب فيها الشعب كله مسلمين ومسيحيين للتنديد بما يحدث، والوقوف أمام من يظنون أنفسهم أرباب الوطن.
كانت صدمة كبيرة لهم مثلما كانت صدمة لكل الناس، حينما فوجئ الجميع بدستور مصر يمرر أمام أعينهم بدون مشاركتهم، وحقوقهم مهدرة فيه.
فكان أول ما فعلوه هو إعلان الصلاة من الآن، وحتى يوم الاستفتاء داعين الله أن ينقذهم وينقذ الوطن.
وبالنظر إلى مواد المسودة النهائية للدستور، وبسؤال الأقباط نجد أن المواد التى تثير حفيظتهم هى المادة الثانية التى ظلت كما هى فى دستور17.
وأيضا المادة 222 والتى تشرح معنى كلمة الشريعة، وذلك على حد قولهم.
لا للعصيان المدنى
وبالرغم من أن الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية وعضو الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور قد أكد أن ما تردد عن قيام الكنيسة بالتهديد بالانسحاب من الجمعية التأسيسية بسبب المادة 222 المفسرة لكلمة مبادئ الشريعة أمر يضر بالطوائف المسيحية نفسها،وأن هذا الأسلوب فى الضغط غير مقبول خاصة أن هيئة كبار العلماء بالأزهر هى من قامت بتفسير كلمة مبادئ الشريعة، كما أن هذا التفسير وقع عليه مندوب الكنيسة ولم تعترض عليه الكنيسة فى حينها، واتهمهم بالدعوة للعصيان المدنى.
لكن الكنيسة الأرثوذكسية أعلنت أن ذلك غير صحيح، فالبابا تواضروس لم يدع الأقباط للعصيان المدنى أو المشاركة فى المظاهرات المناهضة للإعلان الدستورى والجمعية التأسيسية للدستور ومسودته النهائية.
فى حين اتفقت الكنائس الثلاث على انضمامها لقرار القوى المدنية المنسحبة من الجمعية التأسيسية للدستور سواء بالمقاطعة أو المشاركة فى الاستفتاء عليه والتصويت بـلا. وفى الوقت ذاته لن تتدخل الكنيسة فى توجيه الأقباط إلى كيفية تعبيرهم عن كلمة لا.
وفى دراسة أجراها اتحاد المنظمات المسيحية لدراسة مسودة الدستور الجديد كشف أن المقترحات تعود بمصر سنوات طويلة إلى الخلف، وتهدر الحقوق والحريات العامة بدلا من أن تضمنها وتعززها.
كما أن المسودة تتسم بركاكة اللغة، وضعف الصياغة التى لا تنم عن معرفة بقواعد الكتابة العربية كما أن هناك مشاكل دستورية شديدة الأهمية أخرى.
وأوصى الاتحاد بضرورة إعادة الصياغة وإعادة النظر فى المقترحات.
فى حين أعلنت حركة أقباط من أجل مصر انضمامها للقوى الثورية المعتصمة بميدان التحرير وأنها لن تغادر الميدان حتى يتم العدول عن موعد الاستفتاء، وإلغاء هذا الدستور المسلوق.
المادة 40
التقينا بالمحامى رمسيس نجيب - المستشار القانونى للكنيسة، والذى قال لنا: أولا الأقباط هم مواطنون مصريون يبحثون عن دستور مصرى الهوية لا دينى الهوية.
ثانيا: لقد وردت فى باب الحريات مادة تنص على أن تكفل الدولة حرية الاعتقاد وهى المادة 40 وقد قدمت بنفسى عدة مذكرات للجمعية التأسيسية لمراجعة تلك المادة وتصحيح النص الذى لابد أن تكون:حرية العقيدة بدلا من الاعتقاد.
فالاعتقاد هو أن كل إنسان حر فى اعتقاد ما يعتقد دون أن تقر الدولة ما يعتقد فيه، فالدولة لم تقر للبهائيين ما يعتقدون، لكن فى العقيدة تكون الدولة ملزمة بحرية العقيدة التى ينتمى إليها الشخص نفسه.
كما قدمنا مذكرة معترضة وافية شارحة فى المادة 220 وعدلت لتكون 223وهى على مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها هى المفسرة للقوانين وللمواد الدستورية، وأن رأى جمهور الفقهاء يقر بشهادة المسلم على غير المسلم لكن لا يقر بالعكس.
وأيضا دم المسلم على المسلم حرام لكن دم غير المسلم على المسلم بنصف المسلم، مما لا يرضاه الأقباط، ولا يقبل المجتمع أن ينقسم لمواطنين درجة أولى ودرجة ثانية.
وعندما سألته عن نتيجة المذكرات التى قدمها للتأسيسية، أجابنى بأنه تم النظرفيها، ومناقشتها لكنها لم تقر فى المسودة، وتم تجاهلها بالرغم من أن مندوبى الكنيسة وافقوا عليها.
المادة 220
أما رامى كامل - الناشط القبطى وعضو اتحاد شباب ماسبيرو، فيعقب على مواد مسودة الدستور قائلا: ما حدث أمامنا جميعا فى مجلس الشورى من الجمعية التأسيسية لهو هزل واستخفاف بنا جميعا، والدستور كله مرفوض من الجميع كمصريين وطنهم واحد، ومصيرهم أوحد.
أما بالنسبة للأقباط فنحن نتحفظ على المادة الثانية من المسودة والتى مازالت تحتفظ بنفس الصياغة التى وردت بدستور 1917 وهى أن مبادئ الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع، إلا أن الجمعية التأسيسية لم تكتف بذلك مع الأسف الشديد، وإنما راحت بذاتها تحدد نطاق تطبيق النص فى مادة أخرى فى باب الأحكام الانتقالية الختامية بنص المادة222 التى توسع نطاق تطبيق المقصود بالمبادئ الكلية إلى القواعد الأصولية والفقهية، ومصادرها فى مذاهب أهل السنة والجماعة.
وذلك يمثل تهديدا للحريات الأساسية.
والحقيقة أن هذه المواد تؤكد أننا نمضى فى اتجاه الدولة الدينية،وليست المدنية.
لذلك نطالب بإلغاء الاستفتاء وإلغاء الإعلان الدستورى وتكوين جمعية تأسيسية جديدة لكتابة دستور تتكون من 05 فقيها دستوريا، و05 من مختلف التوجهات الفكرية والدينية والأيديولوجية المصرية كل منها يمثل بفرد واحد فقط ليس فيها أغلبية وأقلية.
حرب أهلية
أما الأنبا يوحنا قلتة، نائب بطريرك الأقباط الكاثوليك، ممثل الكنيسة الكاثوليكية المنسحب من الجمعية التأسيسية لوضع الدستورفقد أعلن قائلا: لقد أجرت الكنيسة الكثير من المباحثات بعد إعلان انسحابها للوصول إلى حل للأزمة، وأنه شخصيا كان ضد الانسحاب من البداية وكان يرى أن الحوار يجب أن يكون مبدأهم وليس الانسحاب، إلا أن الكنيسة لم تكن تستطيع الاستمرار مع شعورها بالتهميش وعدم سعى أعضاء الجمعية إلى إصدار دستور توافقى ديمقراطى يرعى حقوق الأقليات مثلما يرعى حقوق الأغلبية.
وهو يخشى قيام حرب أهلية بعد إصدار المسودة النهائية للدستور.
وأبدى قلتة استغرابه الشديد من تصريح محمد الصاوى، المتحدث باسم الجمعية التأسيسية للدستور، الأربعاء، بأنه ممثل عن الكنيسة فى ظل غيابها داخل الجمعية، وأنه سيقوم بالتصويت على المسودة بدلا منها.
وأضاف: لم تكلف الكنيسة أحدا للتحدث باسمها ولا أصدق ما قاله الصاوى إلا أن ذلك يعتبر تهميشا واضحا للكنيسة.
وأكد على أن أكثر ما كان يهم الكنيسة هو تحقيق العدالة الاجتماعية والتأكيد على كرامة الإنسان وحقوقه، إلا أنها للأسف لم تجد لهذه الحقوق أى صدى فى مسودة الدستور.∎